اتفاقنا مع "نادي الصافي" يهدف إلى الحفاظ على البيئة الخليجية ومعالجتها من الآثار السلبية
أكدت حبـيـبة المرعشـي رئيسة مجموعة الإمارات للبـيئة ـ منظمة بيئية تطوعية غير حكومية ـ أن أبرز مظاهر التلوث في دول الخليج هو تلوث الهواء الذي حدث نتيجة للزيادة الكبيرة في نسبة الانبعاثات الصادرة من الاستهلاك العالي للمنتجات النفطية، وتطور الحركة الصناعية في منطقة الخليج وما صاحبها في زيادة الطلب على الطاقة.
وقالت المرعشي في حوار لها مع "الاقتصادية" بمناسبة انطلاق حملة "نظفوا الإمارات"، التي تنطلق غدا وتشمل سبع إمارات متفرقة إن التلوث الظاهر للعيان والذي يجب التصدي له بشكل سريع هو التلوث الناتج عن النفايات التي أصبحت تشكل الهاجس الأكبر للحكومات المحلية والإقليمية، مشيرة إلى أن هذه المشكلة استعصى حلها على الرغم من الجهود التي تبذلها جميع المؤسسات والهيئات الحكومية في وضع الاستراتيجيات الوطنية لحلها.
لكن المرعشي أشارت في الوقت ذاته إلى أنه مازال أمامنا الكثير من العمل للوصول إلى حلول لمشكلة التلوث البيئي في المنطقة، وذكرت عدة خطوات للسيطرة على هذا الأمر، من بينها: سن القوانين والتشريعات للحد من هذا التدهور البيئي، وضع استراتيجية واضحة المعالم من أجل إيجاد حل لمشكلة النفايات، وإشراك المجتمع في عملية إدارة النفايات. إلى التفاصيل:
ـ ما مجموعة الإمارات للبيئة؟ وما أهدافها ؟
تعتبر مجموعة الإمارات للبيئة منظمة بيئية تطوعية غير حكومية، تأسست من أجل حماية البيئة عن طريق وسائل التعليم والبرامج الفعالة ومشاركة المجتمع، والعضوية فيها مفتوحة لجميع الجنسيات. تلقى المجموعة التشجيع الفعال من الهيئات المحلية والاتحادية المعنية بشؤون البيئة، وتعد مجموعة الإمارات للبيئة أول منظمة بيئية غير حكومية في العالم تحصل على شهادة ISO 14001 لتطبيقها نظام الإدارة البيئية، إضافة إلى أنها المنظمة غير الحكومية الوحيدة في الإمارات التي نالت اعتمادا من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وتم اعتمادها أخيرا من برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمجلس الحاكم للبرنامج.
وتتركز أهداف المجموعة على المساهمة في تعزيز التنمية المستدامة في الإمارات، من خلال جعل المجموعة نقطة ارتكاز لاستقطاب الناس من كل الجنسيات والمهتمين بالمحافظة على البيئة والعمليات الصحيحة للتخلص من النفايات، مساعدة السلطات المختصة ضمن إمكانات المجموعة في زيادة الوعي البيئي حول القضايا البيئية المحلية والعالمية بين جميع أفراد وشرائح المجتمع المدني في الإمارات، وتشجيع الأفراد على القيام بالعمل البيئي الإيجابي وذلك من خلال تشكيل مجموعات فرعية تعمل ضمن المجموعة الأساسية.
ومن أهداف المجموعة أيضا التنسيق مع أفراد المجتمع وخاصة طلاب المدارس لنشر الرسالة البيئية، الترويج لتقليل كمية النفايات وتشجيع إعادة الاستعمال والتدوير كوسيلة لحماية البيئة من مشكلة النفايات المتراكمة، وكأساس لرفع مستوى الوعي البيئي بين أفراد المجتمع، إلى جانب جمع وتهيئة المعلومات والبيانات البيئية ووضعها في متناول الأشخاص والمؤسسات والهيئات المختلفة للأغراض التربوية والتثقيفية.
ـ ما استراتيجية العمل المستقبلية للمجموعة؟
إن الاستراتيجية التي تتبعها المجموعة مبنية على مبدأ (فكر عالميا وطبق محليا)، وفي تحرك مدروس تعمل المجموعة على أن تنتقل بأنشطتها من مرحلة المحلية إلى الإقليمية ومن ثم إلى العالمية بإذن الله، وما تقوم به المجموعة ليس ضربا من خيال أو أضغاث أحلام بل رؤية واعية لمجريات الأحداث حيث نالت المجموعة اعتمادات عالمية من عدة منظمات لها مكانتها في خريطة العمل البيئي المدني على المستوى العالمي وعلى رأس هذه المنظمات هيئة الأمم المتحدة.
ـ كيف تم الاتفاق بين مجموعة الإمارات للبيئة ونادي الصافي لأصدقاء البيئة؟ وما المأمول من هذا التعاون؟
الاتفاق بين "نادي الصافي" ومجموعة الإمارات ما هو إلا تحقيق لرؤى المجموعة المستقبلية التي تؤمن بأن في الشراكات المتعددة الطريق الأمثل للوصول إلى التنمية المستدامة للدولة والمنطقة، وأن العمل البيئي لا تحده الحدود الجغرافية أو السياسية، فهي ساحة رحبة تتسع للجميع، فبدلا من أن يعمل كل فريق في اتجاه، لم لا تتكامل الجهود من أجل العمل على تحقيق هدف مشترك؟ ما المانع في أن تقام الشراكات بين مختلف القطاعات والمؤسسات المسؤولة بيئياً من أجل مصلحة المدينة والمنطقة والعالم أجمع؟ من هنا جاء اتفاقنا موطداً لهذه المبادئ السامية ومثالا حياً على التعاون بين أبناء المنطقة الواحدة من أجل حماية البيئة والمحافظة عليها وبالتالي المحافظة على أصولهم التراثية والثفافية والاجتماعية التي نشأوا عليها. ونأمل أن يكون تعاوننا مع نادي الصافي دانون فاتحة خير وبركة على المنطقة وأن ينمو هذا التعاون ويثمر ثماراً صالحة تتناولها شعوب المنطقة.
ـ ما أهداف هذه الحملة؟ وما دور "نادي الصافي" فيها؟
ستنطلق الحملة غدا وهي أكبر حملة تنظيف في الإمارات والخليج وتهدف إلى: خلق الوعي بين أفراد المجتمع حول القضايا البيئية المحلية مع التركيز على الإدارة المتكاملة للنفايات، رفع مستوى وعي المجتمع حول أهمية تقليل النفايات في كل أنحاء الدولة، التواصل مع الحركة البيئية العالمية بتعزيز مبدأ "فكر عالميا وطبق محليا"، غرس الإحساس بالمسؤولية تجاه حماية البيئة والمحافظة عليها داخل المجتمع وبخاصة قطاع الشباب، تحويل الحملة إلى مناسبة وطنية دائمة وسنوية تعمل على توفير الخبرة العملية اللازمة من أجل تنظيم الأنشطة البيئية المستدامة، إضافة إلى إشراك قطاعات المجتمع المختلفة من مؤسسات حكومية وخاصة محلية وإقليمية وهيئات أكاديمية في مبادرة بيئية وطنية موحدة.
وسيلعب نادي الصافي لأصدقاء البيئة في فعاليات هذه الحملة دورا كبيرا في تنفيذ هذه الحملة التي تعتبر من أكبر الحملات في المنطقة وتشكل مسرحاً لتبادل الخبرات بين نادي الصافي لأصدقاء البيئة والمجموعة وسيكون نادي الصافي الراعي الرئيسي لفعاليات حملة نظفوا الإمارات، هذه الرعاية الكريمة سوف تثبت وتبرهن أن التعاون الإقليمي بين منظمات المجتمع المختلف إحدى أهم دعائم التنمية المستدامة.
ـ ما مظاهر التلوث التي تشوب البيئة الخليجية، وكيف يمكن القضاء عليه؟ وما مدى تفاعل المجتمع الإماراتي مع جهود المجموعة في مجال المحافظة على البيئة؟
في السابق كانت البيئة الخليجية تعد مثالية من كل النواحي، وذلك نظرا لمحدودية عدد السكان في تلك الفترة من الزمان وانحصارهم في مناطق معينة نظراً لطبيعة المنطقة الجغرافية والبيئية حيث تمتاز بأنها منطقة ساحلية وصحراوية.
لكن نظراً للتغيرات التي صاحبت ظهور النفط في المنطقة والزيادة المطردة في عدد السكان والظروف السياسية التي مرت بها منطقة الخليج منذ أوائل الثمانينيات كلها تولدت عنها هذه الأشكال والصور المرئية للتلوث وتدهور الوضع البيئي في المنطقة.
ولعل أبرز مظاهر هذا التلوث هو تلوث الهواء الذي حدث نتيجة الزيادة الكبيرة في نسبة الانبعاثات الصادرة من الاستهلاك العالي للمحروقات النفطية، وتطور الحركة الصناعية في منطقة الخليج وما صاحبها من زيادة الطلب على الطاقة، إضافة إلى العديد من العوامل الأخرى.
أما التلوث الظاهر للعيان وهو التلوث الناتج عن النفايات التي تشكل الهاجس الأكبر للحكومات المحلية والإقليمية فمشكلة استعصى حلها على الرغم من الجهود التي تبذلها المؤسسات والهيئات الحكومية كافة في وضع الاستراتيجيات الوطنية لحلها.
مازال أمامنا الكثير من العمل للوصول إلى حلول لمشكلة التلوث البيئي في المنطقة، ويمكنني أن اذكر بعض هذه الخطوات التي تقوم بها الحكومات من أجل معالجة الوضع وتتمثل في: سن القوانين والتشريعات التي من شأنها الحد من هذا التدهور، وضع استراتيجية واضحة المعالم من أجل إيجاد حل لمشكلة النفايات، إشراك المجتمع في عملية إدارة النفايات، دعم جهود منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية من أجل تحريك المجتمع ورفع مستوى الوعي البيئي بين جميع شرائحه، تشجيع المبادرات التي تأتي من منظمات المجتمع المدني من أجل المساهمة في حل مشكلة النفايات، إضافة إلى الترويج وخلق الشراكات المتعددة بين مختلف القطاعات.
إن تفاعل المجتمع الإماراتي مع الجهود التي تبذلها المجموعة واضح للعيان حيث شهدت كل البرامج الشعبية والأنشطة المجتمعية التي تنفذها المجموعة إقبالاً جماهيريا واسعا ولقيت برامج المجموعة استحسان الجميع وذلك بدليل الزيادة التي تشهدها برامج المجموعة من ناحية المشاركة المجتمعية وكذلك النتائج الإيجابية المرجوة عاماً بعد عام.
وبلغ عدد المشاركين في الدورة الأولى لحملة "نظفوا الإمارات" نحو 4500 مشارك، ارتفع هذ العدد في الدورة الثانية إلى سبعة آلاف مشارك وفي الدورة الثالثة سجلت الحملة أكثر من 12 ألف مشارك من مختلف قطاعات المجتمع ونحن نتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 15 ألف مشارك في هذه الدورة.
ـ ما طرق الاستفادة من "نادي الصافي" في مجال التوعية والحفاظ على البيئة؟
إن مبدأ الشراكات المتعددة، الذي تبنته مجموعة الإمارات للبيئة أثبت جدواه وفاعليته في دعم برامج التوعية البيئية، التي تنظمها المجموعة على مستوى الإمارات والخليج، وقد اتخذت شراكتنا مع نادي الصافي بعداً إقليمياً من المؤكد أن الفائدة سوف تعم البلدين وسوف تركز على تبادل للخبرات، وإثراء للأفكار وتطوير مختلف البرامج برؤية إقليمية تمكن المجموعة من الانطلاق ببنات أفكارها ومشاريعها ومبادراتها إلى دول الجوار، واستنساخها وتنفيذها في هذه الدول، الأمر الذي يقوي من ويدفع مسيرة التنمية المستدامة في المنطقة ككل، ويساعد على المحافظة على بيئتها ويعمل على معالجتها من الآثار السلبية السائدة.
والحقيقة أن كل النواحي الإيجابية التي ذكرتها تعبر بقوة عن رفعة العلاقة بين نادي الصافي لأصدقاء البيئة وبين مجموعة الإمارات للبيئة وسوف تكون هذه الشراكة مثالا نثق في أنه يؤسس لمنهج أدبي جديد في فلسفة العمل الطوعي والشراكات المتعددة الأطراف.