عدم وضوح الضوابط الشرعية لا يزال يحير القائمين على "التأمين التكافلي"

عدم وضوح الضوابط الشرعية لا يزال يحير القائمين على "التأمين التكافلي"
عدم وضوح الضوابط الشرعية لا يزال يحير القائمين على "التأمين التكافلي"

حددت دراسة علمية في قطاع التأمين، أربعة تحديات أساسية تواجه صناعة التأمين التعاوني الإسلامي محليا ودوليا، ويعد أحد أهم هذه التحديات عدم وضوح الضوابط الشرعية المتعلقة بالتأمين التعاوني، فيما تندرج المعوقات الأخرى تحت الجوانب الثقافية، الفنية، التنظيمية والرقابية لسوق التأمين التعاوني.
وأوضحت الدراسة التي أعدها الدكتور فهد بن حمود العنزي عميد كلية الأنظمة والعلوم السياسية في جامعة الملك سعود في الرياض، أنه يلزم أن تكون ضوابط التأمين التعاوني مؤسسة على التخريجات الشرعية المقبولة والتي يمكن تطبيقها بشكل سلس وعملي في السوق السعودية للتأمين، مشيرة إلى أن هناك عدم اتفاق فيما يتعلق بالضوابط الشرعية للتأمين التعاوني بالنسبة للفتاوى التي صدرت من هيئة كبار العلماء وما رأته اللجنة الدائمة للإفتاء، وكذلك بعض الآراء التي تنسب لبعض العلماء الموثوق في علمهم الشرعي.
وبين العنزي خلال عرضه ورقته العلمية أمام تجمع عقد أخيرا لاستشراف مستقبل التأمين التعاوني في السعودية، أن هناك عدة نقاط مهمة لتفعيل المعوق الأول وهو: أن يقوم العلماء الشرعيون بإجراء دراسة كافية وافية عن منظومة صناعة التأمين والتعرف على الجوانب الفنية فيها كي يكون هناك تنظيم قانوني يستوعب المعايير والضوابط الشرعية المتعلقة بالتأمين التعاوني بعد الاتفاق عليها من علمائنا الشرعيين. وذلك كي تستوعب شركات التأمين العاملة في السوق الضوابط المتعلقة بنشاط التأمين التعاوني وإدراجها في النظام الأساسي للشركة، بحيث يكون ذلك مسوغاً لمنح الترخيص من قبل الجهات المخولة بذلك.
وقال: "إ ن تبني فكرة العمل على صناعة إعادة تأمين تعاوني إسلامي، وتشجيع شركات إعادة التأمين القائمة على تعديل أوضاعها لتتوافق مع متطلبات صناعة التأمين التعاوني الإسلامي، والاستفادة من التجارب المتميزة للدول الإسلامية في هذا المجال كماليزيا وغيرها، حيث يتطلب الأمر إنشاء كيانات ضخمة لشركات إعادة تأمين تعمل وفق أسلوب التأمين التعاوني الإسلامي، لتكون قادرة على استيعاب عمليات إعادة التأمين التي تطلبها شركات التأمين التعاوني الإسلامي، وقادرة في الوقت نفسه على منافسة شركات إعادة التأمين في الغرب فنياً وماليا"ً.
ولفتت الدراسة إلى أن ثقافة التأمين تُعد من الثقافات المتدنية جداً لدى المجتمع السعودي، فالتأمين يُنظر إليه باعتباره ممارسة مجهولة حتى عند قطاع عريض من فئة المتعلمين في المجتمع لدينا، وكان اهتمام أفراد المجتمع السعودي بجانب واحد من جوانب المعرفة التأمينية وهو الجانب الشرعي، ولم يكن هناك اهتمام مطلقاً بالجوانب الأخرى على الرغم من أهمية هذه الجوانب، مثل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وحتى الإنسانية للتأمين، وذلك لحداثة تجربة التأمين في المملكة وبالوضع الاقتصادي المتميز الذي عاشه المجتمع السعودي لفترة من الزمن، والدور التكافلي للمجتمع السعودي وللأسرة السعودية في السابق.

#2#

وأفادت الورقة العلمية أن عدم وجود نظام قضائي فاعل في السابق يحمي الحقوق ويردها لأصحابها عزز من عمليات التحايل المتبادلة ظاهرة في السوق السعودية للتأمين كالتأمين على الرخصة والتأمين الصحي، إلا أن صدور نظامي الضمان الصحي التعاوني ومراقبة شركات التأمين التعاوني خفف من حدة الاحتيال، لاسيما بعد إنشاء مجلس الضمان الصحي التعاوني الذي حاول جاهدا ضبط سوق التأمين الصحي ولا يزال المجلس يبذل مجهودات حثيثة للقضاء على التحايل وقد نجح المجلس في ذلك بنسبة كبيرة جداً، كما كانت مهمة إسناد الرقابة على سوق التأمين السعودية إلى مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) أثر واضح في ذلك.
أما فيما يتعلق بالمعوقات الفنية لصناعة التأمين فإنها مرتبطة بشكل كبير بنجاح مفهوم التأمين التعاوني الإسلامي فعدم معرفة الجوانب الفنية للتأمين يقود إلى صعوبة إعطاء الحكم الشرعي الصحيح لنوع التأمين الذي تمارسه الشركة، وكذلك فإن المشتغلين بفنيات التأمين أو ما يمكن تسميتهم بفنيّي التأمين يصعب عليهم فهم المسائل الشرعية المتعلقة بالتأمين طالما تم نقلها إليهم مجردة عن الوسائل الفنية التي يعملون وفقاً لها.
وتوصلت الدراسة إلى أن صناعة التأمين التعاوني تعتمد على منظومة فنية وتشريعية وقضائية متكاملة ومنسجمة فيما بينها للنهوض بصناعة التأمين التعاوني، مثل وجود نظام قضائي فاعل لحسم منازعات التأمين. كما أنه وعلى الرغم من فاعلية التنظيمات التي صدرت بشأن التأمين في المملكة إلا أنها ليست كافية بالشكل الذي يؤمله العاملون في قطاع التأمين والمهتمين به سواء بجوانبه الشرعية أو الفنية، فنظام الضمان الصحي التعاوني ولائحته التنفيذية في حاجة إلى إعادة صياغة لتتواكب مع المتغيرات والمستجدات الحاصلة في سوق التأمين الصحي التعاوني.
ومن ضمن التحديات التي تواجه صناعة التأمين التعاوني في المملكة وجود معوقات تنظيمية ورقابية لسوق التأمين التعاوني، حيث إن الرقابة على سوق التأمين السعودية تتقاسمها جهتان مهمتان هما مؤسسة النقد العربي السعودي والتي أنيط بها مهمة الرقابة على سوق التأمين السعودية بشكل عام، ومجلس الضمان الصحي التعاوني الذي أنيط به مهمة الرقابة على سوق التأمين الصحي فقط.
وهنا بين الدكتور العنزي في ورقته أن التأمين يُعد من النشاطات أو المهن المتميزة التي لها قواعدها الفنية وأسرارها العملية لذلك فإن هذا الجانب يعتمد على مسألتين مهمتين وهما: مسألة فنية ومسألة بشرية، وفن التأمين يعتمد في نشاطه على جانبين مهمين، الأول يعتمد على مدى إدارة العلاقة التعاقدية المتجسدة بوثيقة التأمين مع العميل، وحماية الشركة لنفسها من الخسارة عن طريق ما يعرف باتفاقيات إعادة التأمين.
وأضاف قائلا: "إن شركات التأمين تعاني نقصا حادا وكبيرا في الكادر البشري اللازم وجوده لشركة تأمين تعاوني، ولعل العوامل التي أدت إلى وجود مثل هذا النقص تتمثل في انعدام المخرجات التعليمية لتخصصات التأمين في الجامعات والمعاهد السعودية، وعزوف كثير من الشباب عن دراسة التأمين لأسباب دينية واجتماعية، وتعثر خطط سعودة القطاع بسبب عدم واقعية أو وضوح البرامج التي اعتمدتها الجهات المعنية بتنظيم السوق".

الأكثر قراءة