أتوقع ارتفاع معدلات الاستثمار السعودي إلى 600 مليون دولار

أتوقع ارتفاع معدلات الاستثمار السعودي إلى 600 مليون دولار

قال لـ"لاقتصادية " عبد السلام الأثوري، الأمين العام للمجلس اليمني لرجال الأعمال والمستثمرين إن الاستثمارات السعودية في اليمن ليست بالمستوى المطلوب، مطالبا السعودية بمزيد من القروض الميسرة للمستثمرين في البلدين لتطوير الشراكة التي تجمعهم.
وتحدث الأثوري عن الكثير من القضايا الاقتصادية منها واقع الاقتصاد اليمني ومعوقات الاستثمار، وشراكة الحكومة مع القطاع الخاص.. مزيد من التفاصيل في الحوار التالي:

واقع الاقتصاد اليمني
ما تقييمكم عن واقع الاقتصاد اليمني وقناعة قطاع الأعمال عن الأداء الحكومي في تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية؟

واقع تكتنفه إشكاليات التناقض والفوضى وحالة الأمل في تجاوز تلك الإشكاليات المعيقة للتطور، فمردود الاقتصاد الوطني مازالت محدودة ومحكومة بالعائد الريعي المحدود للنفط يقابله ارتفاع معدلات الحاجة للموارد وارتفاع معدلات النمو الديمغرافي وارتفاع متطلبات الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعليمية والأمنية وبالتالي فإن النتائج التي تعكسها إدارة الدولة في رفع معدلات النمو الاقتصادي مازالت مخيبة للآمال مقابل الارتفاع المتزايد في معدلات الفقر والبطالة.. واليمن بلد غني بالفرص التي يمكن أن تنقله إلى مستوى أفضل إذا تم استغلالها مع وجود قدرات بشرية قادرة على استيعاب هذا الواقع إذا تم الاهتمام بها وبقدراتها، وهذا يتطلب إدارة رشيدة واعية ومستوعبة ومسؤولة توظف الإمكانيات المتاحة في جوانب التنمية وجوانب التطوير وتقلص الصرف والعبث في الجوانب غير المفيدة والتي ليس لها علاقة بحاجة  الدولة والمجتمع التنموي وتحارب الفساد المستنزف الأول للإمكانيات والفرص.
لكن هناك تفريطا كبيرا في الفرص التي تسمح بعملية التطور والتنمية واستغلال الموارد في تعزيز عملية الإصلاحات الاقتصادية والإدارية ورفع معدلات التنافسية للمناخ الاستثماري في البلاد وذلك بهدف تحقيق عملية الجذب لرؤوس الأموال المحلية والمغتربة والعربية المجاورة والأجنبية للاستثمار في بلادنا والتي يمكن من خلالها رفع معدل الناتج المحلي وتوفير فرص العمل للشباب الذين يجدون الواقع أمامهم مظلما وهم يفقدون الأمل في توفير فرص العمل التي سيعيشون من خلالها بكرامة ويتضاعف الإحباط في نفوسهم وهم يلمسون واقع التمايز بين قلة تزداد غنى وثراء وبين الغالبية التي يتضاعف فيها الفقر والبطالة والعوز.

الإصلاحات الاقتصادية

- الحكومة تكرر دائما أنها تقوم بالإصلاح الاقتصادي.. ما تعليقكم؟

الإصلاحات التي قامت بها الحكومة مهمة كونها كانت المخرج الأساسي لتجاوز إشكالية فترات السياسات التشطيرية ومضاعفات الصراعات والحرب ونجحت الحكومة في بعض تلك الإصلاحات لكنها لم تنجح في مجملها وتحقيق أبعادها الأساسية الهادفة لرفع معدلات النمو الاقتصادية نجحت في بعضها وخاصة أنها قلصت عملية الانهيار وأجلته من خلال تقليص التضخم والتحكم بالعجز إلى حد معقول ولكن من خلال سياسة انكماشية لم تساعد على نمو القطاعات الاقتصادية المنتجة المولدة للثروة والموفرة لفرص العمل وهذا يمكن قياسه من خلال حجم الموارد من الصادرات غير النفطية قياسا مع حاجة البلد إلى تلك الموارد لتحقيق الاستقرار الاقتصادي. هذه الإدارة القائمة لم تستطع أن تكمل منظومة الإصلاحات الاقتصادية مثل إيجاد وتنظيم سوق أوراق مالية تمكن الواقع الاقتصادي من توسيع قاعدة الملكية من خلال الشركات المساهمة وتوفير الضمانات لحماية حقوق المستثمرين والمساهمين، من هنا ندرك ضعف الأداء الحكومي الذي أصبح يولد حالة من الفوضى غير المقبولة ولا مساعدة للنمو الاقتصادي.

دور القطاع الخاص
- هل أعطت الحكومة القطاع الخاص دورا مهما في الشراكة معها في تبني سياسات الإصلاحات؟ وكيف تقيم هذا الدور؟

صحيح أن الحكومة تتعامل بنوع من الانفتاح إلى حد ما مع القطاع الخاص وبمستوى يتوافق مع طبيعة العلاقة بين الطرفين التي تقوم بالأساس على عدم الوضوح لكن يمكن القول إنها أفضل من المراحل الماضية وهذا الانفتاح جاء نتيجة للتوجه القائم على سياسة الانفتاح الاقتصادي والسياسي والتجاري ولكن المشكلة ليست محصورة في موقف الحكومة في موضوع الشراكة، موضوع القطاع الخاص أيضا من حيث إمكانياته وقدرته وطبيعته فواقع القطاع الخاص في اليمن مختلف عن طبيعة القطاع الخاص في الدول المجاورة مازالت طبيعته طبيعة تقليدية ومحدودية التأثير بحكم طبيعة النشاط الذي يتميز به من حيث الملكية والنشاط فالملكية مازالت متركزة في إطار الملكية الفردية والعائلية وتطغى عليها طبيعة النفوذ وبالتالي ليس هناك توسع للملكية الاقتصادية للمشاريع من خلال مشاريع المساهمة التي تمثل مرتكز النشاط الاقتصادي الحديث.

عوائق في وجه الاقتصاد
- إذاً أنت ترى أن هناك صعوبات يواجهها القطاع الخاص؟

الصعوبات كثيرة وأهمها غياب المعايير الواضحة لدور الدولة في إصلاح الاختلالات المؤثرة في نشاطات القطاع الخاص، وقطاعات الأعمال والاستثمار محكومة بطبيعة النشاط والملكية وطبيعة التطور الذي عرفه القطاع الخاص في بلادنا وهذا الواقع لن يتيح المجال لتطور القطاع الخاص بصورة طبيعية ولذلك يصبح المجال واسعا أمام نمو النشاطات الطفيلية والدخيلة من خلال أصحاب النفوذ في مجالات الأعمال ومنافسة القطاع الأساسي.

"التجارة العالمية"
- هناك تفاؤل حكومي بعملية الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية قريبا.. كيف ينظر القطاع الخاص إلى الانضمام في ظل هذه الظروف؟

الاعتقاد بالتفاؤل مشروط بطبيعة المكاسب التي يمكن أن نحصل عليها من خلال الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، فالحكومة لم تؤهل القطاع الخاص ولا العام ولا المختلط ليكون طرفا مستفيدا من عملية الانضمام إلى التجارة العالمية فالقطاع الخاص اليمني قطاع مسوق ووسيط للشركات الخارجية ومحدود النشاط في مجال النشاط الإنتاجي والخدمي الموجه للأسواق الخارجية، فاقتصادنا يقوم بالدرجة الأولى على النشاط المولد للثروة على النفط الذي يمثل 90 في المائة من حجم الصادرات المولدة للنقد الأجنبي وبقية النشاطات مازالت محدودة في علاقاتها بالأسواق الخارجية. وبالتالي لن تجد وضوحا لموقف القطاع الخاص لكونه وفق الواقع المحلي لا يمثل طرفا حقيقيا في تحديد طبيعة نوع الحوار والقضايا التي يخاف من تأثيرها في النشاطات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية بسبب محدودية النشاط ذات الميزة النسبية وذات القيمة المضافة التي يخاف أن تتأثر لكون الاقتصاد اليمني اقتصادا استهلاكيا مسنودا فقط في الأساس على موارد النفط الريعية.

الاستثمارات الأجنبية في اليمن

- معارض وزيارات كثيرة يقوم بها رجال أعمال من الخارج إلى اليمن.. ومع هذا لم نسمع عن استثمارات خارجية في اليمن؟

زيارات الوفود التجارية ووفود رجال الأعمال لليمن همها وهدفها الأول هو تسويق منتجاتهم في السوق اليمنية والتي أصبحت محل شهرة بأنها سوق للاستهلاك فقط، ولذلك تجد المعارض التي تقام في اليمن من قبل الدول الأخرى تستهدف تسويق منتجاتها الاستهلاكية وهي معارض للبيع المباشر وهذا وضع غريب لا وزارة الصناعة والتجارة ولا الغرف التجارية حددت هوية واضحة لطبيعة تلك المعارض فالمعارض إما تقام للبيع المباشر وذلك يعمل على إلحاق الخسائر والأضرار بتجار التجزئة في السوق وليس له علاقة بالانفتاح التجاري. أما موضوع قدوم تلك الوفود للاستثمار للأسف حتى اليوم لم تحقق في هذا الجانب أي شيء والسبب أننا لم نعمل طوال الفترات الماضية لجذب المستثمرين، وهذا الوضع غير متوافق مع ما يجب أن نعمل من أجله فهناك مشكلة كبيرة إذ لم يعد اليوم جلب الأموال للاستثمارات من قبل المستثمرين من خلال الترويج للقانون اليوم أصبح هناك مؤسسات تقوم بالدراسة والتخطيط لإقامة مشاريع استثمارية ذات مساهمة عامة ويمكن لأي مستثمر في أي مكان من العالم أن يشترك في تمويل هذا المشروع من خلال شراء الأسهم وهذا يتطلب وجود سوق للأوراق المالية توفر الضمان والثقة مع وجود التشريعات والنظم التي تحمي حقوق المساهمين ونظام للمحاسبة يفرض الشفافية والإفصاح لتولد الثقة.

العلاقة السعودية اليمنية

- في ظل هذا الواقع الاقتصادي لليمن كيف تقيمون العلاقات السعودية اليمنية في هذا المجال ؟
يمكن القول إن طبيعة العلاقة التجارية والاقتصادية بين البلدين تظل الأفضل بكل معايير القياس بالأطراف الأخرى في المنطقة والعالم، فاليمن والسعودية كمجتمع وسوق يرتبطان مباشرة في إطار جغرافي واحد وأسواقه متقاربة وهذا يعزز مبدأ الشراكة في الإطار الاستثماري والاقتصاد التجاري ومن هنا ستجد أن المصالح المشتركة بين قطاعي الأعمال في البلدين تأخذ طريقها نحو التطور والاتساع وخاصة أننا نرى أن الميزان التجاري يسير بشكل متطور من حيث ارتفاع معدل التبادل التجاري بين البلدين وقد يصل حجم الميزان التجاري فوق 700مليون دولار في السنة يمثل الجانب السعودي فيه 80 في المائة كما أن الصادرات اليمنية حقيقة تطور حجمها بشكل لافت إلى الأسواق السعودية.
ونتيجة هذا التطور اتجهت مؤسسات دعم الصادرات السعودية إلى إيجاد التسهيلات والتمويلات للمستوردين اليمنيين للمنتجات السعودية بائتمانات طويلة تصل إلى سنة وسنتين ومن خلال البنوك اليمنية وعلى رأسها البنك الوطني وبنك سبأ وارتفع حجم التسهيلات إلى 100مليون ريال سعودي، وهذه التسهيلات حقيقة لها فائدتها من حيث تخفيف الضغط على الطلب على النقد الأجنبي في الداخل بصورة مركزة وسريعة وثانيا أنه سهل شراء المستلزمات الإنتاجية ومواد الخام للعديد من النشاطات الإنتاجية في اليمن وبتسهيلات ائتمانية طويلة ساعد هذا على التخفيف على المنتجين من الحصول على المستلزمات المنتجة في السعودية وبدون ضغط التمويل المباشر والسريع.

الاستثمار السعودي اليمني

- كيف تقيمون الاستثمارات المشتركة بين السعودية واليمن ؟
كانت الاستثمارات اليمنية في السعودية هي الغالبة من حيث حجمها وقد وصلت الاستثمارات اليمنية سابقا إلى 770مليون ريال سعودي، بينما لم تصل الاستثمارات السعودية في الفترات السابقة إلى حدود 350 مليون ريال سعودي لكن خلال الفترة التي تلت اتفاقية جدة ارتفعت معدلات الاستثمارات السعودية بشكل لافت وخلال الفترة الأخيرة قدمت العديد من الاستثمارات السعودية إلى اليمن ولكنها مازالت في غير المستوى المطلوب، وربما تتجاوز 200 مليون دولار وهناك مشاريع جديدة في مجال الأسماك والأسمنت والسياحة والصحة تعطي مؤشرا مهما في ارتفاع معدلات الاستثمار السعودي في اليمن وقد تتجاوز 600 مليون دولار كتقدير وهو رقم متواضع مع مستوى حجم الاستثمارات السعودية في دول أخرى، وربما يكمن السبب في طبيعة حجم الاستثمارات الخارجية القادمة إلى اليمن بمستوى النظم القادرة على استجلاب الاستثمارات الخارجية للداخل وأعتقد عندما ننشئ سوق أوراق مالية وما يتطلب ذلك من نظم ومعايير تولد الثقة بجذب رؤوس الأموال لتمويل المشاريع الاستثمارية المتعددة سنجد رؤوس أموال مغتربة وأموال سعودية وخليجية وعربية وأجنبية تأتي، وهو ما يتطلب منا التحرك والعمل بجد وبسرعة بالاستثمار في جوانب البنية التحتية والخدمات المطلوبة للنشاط الاستثماري، وهناك أموال كبيرة في المنطقة يمكن أن نكون طرفا في استيعاب جزء منها في مجالات الاستثمار فالخليجيون خلال عامي 2005 - 2006 سيستثمرون 140مليار دولار لإقامة مشاريع استثمارية إقليمية المفروض أن نتساءل ما هي قدرتنا والمجالات والمشاريع التي نروج لها استثماريا؟ وما هي حصتنا من حجم هذه الأموال الموجهة للاستثمارات.

الأكثر قراءة