FINANCIAL TIMES

النفط والغاز .. الحوكمة المختلة تسمح بمكافآت مقابل الفشل

النفط والغاز .. الحوكمة المختلة تسمح بمكافآت مقابل الفشل

منصة تابعة لشركة وايتينج بتروليوم، أول ضحية كبيرة في قطاع النفط والغاز الأمريكي.

أدى انهيار أسعار النفط الخام هذا العام إلى تراجع نشاط منتجي النفط والغاز الأمريكيين، وترك أكثر من 100 ألف عامل عاطلين عن العمل. لكن بالنسبة لعدد قليل من الموظفين، لا تبدو الأمور سيئة للغاية.
مع اقتراب شركاتهم من الإفلاس، منح التنفيذيون في شركات إنتاج النفط والغاز مكافآت بعشرات الملايين من الدولارات. وحتى في صناعة معروفة بالإفراط، يشعر المستثمرون بأن الأمر تجاوز الحد.
شركة وايتينج بتروليوم، أول ضحية كبيرة في القطاع في أعقاب الانهيار، دفعت في نيسان (أبريل) 14.6 مليون دولار إلى خمسة من التنفيذيين في الوقت الذي قدمت فيه طلبا للحماية من الدائنين بموجب الفصل الحادي عشر (في القانون التجاري الأمريكي). أما شركة إكستراكشن أويل آند جاز، ثاني أكبر اسم يتعرض للانهيار، فقد أعطت 16 تنفيذيا مبلغ 6.7 مليون دولار هذا الشهر - قبل أسبوع من طلب الحماية من الدائنين.
ربما كان الأمر الأكثر فظاعة في شركة تيسابيكي إنيرجي، التي من المتوقع أن تنضم إلى قائمة الضحايا في القريب العاجل. في الشهر الماضي دفعت الشركة 25 مليون دولار إلى 21 تنفيذيا.
كذلك أقدمت شركة كاليفورنيا ريسورسز، التي هي أيضا على حافة الهاوية، على تعديل هيكل تعويضاتها في آذار (مارس) حتى يحصل رئيسها التنفيذي على حزمة خروج من العمل تساوي ضعف راتبه ومكافأته إذا تم فصله من دون سبب. وقد حصل على 10.5 مليون دولار العام الماضي. ولم ترد أي من هذه الشركات على طلبات تعليق.
شركات النفط ليست الوحيدة التي تدفع مكافآت ضخمة إلى التنفيذيين عندما تقترب من الإفلاس، فقد فعلت "جيه سي بيني" و"هيرتز" الشيء نفسه. تقول الحجة إن الخروج بنجاح من إعادة الهيكلة يحتم عليك إبقاء الأشخاص الذين يعرفون كيفية إدارة الشركة. من دون المكافآت، يمكن لأعضاء الإدارة مغادرة الشركة.
لكن المستثمرين يقولون إن الدفعات في صناعة الطاقة هي أعراض لمشكلات أوسع نطاقا في الحوكمة والرقابة في القطاع، حيث يراكم التنفيذيون حزم أجور كبيرة لأعوام، على الرغم من ضعف أداء سعر السهم بشكل عام.
قال بن ديل، الشريك المنتدب في "كيميريدج" Kimmeridge، شركة الأسهم الخاصة التي لديها أصول في النفط الصخري: "حوكمة الشركات في عالم (الاستكشاف والإنتاج) فظيعة من الناحية التاريخية ولا تزال فظيعة. هذا هو بالضبط تعريف فكرة ’أنا أفوز مهما كانت الظروف‘. تحصل الإدارة على أموال عندما يرتفع سعر السهم، وعندما ينخفض سعر السهم، وعندما تفلس الشركة".
وفقا لبحث أجرته شركة إيفركور، حصل الرؤساء التنفيذيون في شركات الإنتاج المستقلة الكبيرة على 138 في المائة من مكافآتهم المستهدفة على مدى الأعوام الثلاثة الماضية - ما يشير إلى أنهم تفوقوا على أهدافهم المتفق عليها. لكن خلال تلك الفترة انخفض إجمالي العائدات للمساهمين 55 في المائة.
شركات الطاقة تحكم إلى حد كبير على أدائهم مقابل حفنة من أقرانها في القطاع، ما يسمح لهم بالتفوق على الأهداف على أساس نسبي حتى مع انخفاض العوائد الإجمالية. ويقول محللون إن ذلك أثر سلبا في جاذبية الاستثمار في القطاع ككل.
حصل براد هولي، الرئيس التنفيذي لشركة وايتينج، مقرها دنفر، على مكافأة قدرها 6.4 مليون دولار - مليون دولار أكثر مما حصل عليه قبل عام واحد ـ في الوقت الذي تقدمت فيه الشركة بطلب لإشهار إفلاسها. وانخفض سعر سهم الشركة 97 في المائة خلال تلك الفترة.
قال بيل هربرت، وهو محلل في بنك سيمونز إنيرجي الاستثماري: "لقد سئم الناس. منذ 2016 كان أداء أسهم شركات الطاقة باستمرار دون أداء السوق الأوسع ودون سعر النفط. الأشخاص الوحيدون الذين كسبوا أموالا من أسهم شركات الطاقة هم التنفيذيون الذين يديرون هذه الشركات".
كان القطاع هو الأسوأ أداء على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 على مدى الفترات الماضية، التي يبلغ طولها عاما واحدا، وثلاثة أعوام، وخمسة أعوام، وعشرة أعوام، وفقا لإيفركور، في حين أن مديري الصناديق النشطين كانوا يبتعدون عن تلك الشركات بشكل متزايد.
تضاءلت تجاوزات الصناعة منذ أيام الطفرة، عندما حصل أوبري ماكليندون، رئيس شركة تشيسابيكي السابق، على أكثر من 100 مليون دولار في 2008. اتهمته وزارة العدل الأمريكية لاحقا بتزوير مزادات لحقوق الأرض.
مع ذلك، حصل خليفته، دوج لولر، على تعويض إجمالي بلغ 110 ملايين دولار على مدى الأعوام السبعة الماضية، وفقا لمرك سينتيو للأبحاث. خلال تلك الفترة تراجعت قيمة الأسهم في تشيسابيكي 99 في المائة.
يقول محللون إن هناك وعيا متزايدا في مجالس الإدارات بأن شركات الطاقة إذا أرادت جذب رؤوس أموال جديدة، فإنها تحتاج إلى مواءمة مكافآت التنفيذيين بشكل وثيق مع المساهمين.
قال روب ثوميل، مدير محافظ أعلى في شركة تورتويس كابيتال Tortoise Capital، مقرها في كانساس سيتي، التي تدير 11 مليار دولار من الأصول المتعلقة بالطاقة: "أعتقد أن العوائد كانت ضعيفة للغاية لفترة طويلة للغاية لدرجة أن مجالس الإدارات بدأت تنظر أخيرا في هذا وتقول: ’حسنا، علينا تغيير الطريقة التي ننظر بها إلى الأشياء‘".
لكن أعواما من الأداء الضعيف تخيف بالفعل كثيرا من المستثمرين. تراجعت حصة شركات الطاقة من حيث الرسملة السوقية في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 من 14 في المائة إلى 3 في المائة على مدى العقد الماضي، وفقا لإيفركور.
قال روب ثوميل، إلى أن يكون هناك دليل على توافق حقيقي، فإن الشركات ستجد صعوبة في استعادة المستثمرين إليها.
أضاف: "في الأعوام التي يكافأ فيها المساهمون، عندها تنبغي مكافأة الإدارة. لكن مكافأة فريق إدارة بعلاوة كبيرة في عام يخسر فيه المساهمون مبلغا كبيرا من المال يبدو أنه بعيد مسافة كبيرة للغاية عن التوافق في المصالح".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES