فاعلية الأجسام المضادة «جواز» العودة إلى المعتاد

فاعلية الأجسام المضادة «جواز» العودة إلى المعتاد
الأجسام المضادة حائط الصد الأول لهجمة الجائحة
فاعلية الأجسام المضادة «جواز» العودة إلى المعتاد
المعركة مستمرة ضد الفيروس في كل العالم
فاعلية الأجسام المضادة «جواز» العودة إلى المعتاد
أخذ عينات الدم سلاح مهم لمكافحة وباء العصر

مثل كثير من الآخرين، كنت مقتنعا أنني مصاب في الأصل بفيروس كورونا. سافرت كثيرا في بداية العام: رحلة شاقة ومتأخرة لمدة 30 ساعة إلى بريطانيا من أستراليا، حيث قضيت عطلة عيد الميلاد ورأس العام، ورحلة تزلج مع الأصدقاء في جبال الألب السويسرية، وأسبوعا في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، حيث صافحت مئات الأيدي في قاعات الاجتماعات المزدحمة في النهار، وفي حفلات مكتظة في الليل.
في شباط (فبراير) الماضي، أصابتني أسوأ عدوى صدرية في حياتي، واستمرت لدرجة أنني في إحدى الليالي في أحد المطاعم، اضطررت إلى الذهاب إلى المنزل تاركا الوجبة، لأنني لم أستطع التوقف عن السعال.
استبعدت أي دليل يتعارض مع فرضيتي: لم أصب في أي وقت بحمى ملحوظة، وشعوري بحاستي التذوق والشم بقي كما هو، ولم يكن هناك ما يبدو أنني نقلت المرض إلى العائلة أو الأصدقاء أو أي شخص في العمل.
عندما أصبح هناك اختبار يمكن على ما يبدو أن يثبت إصابتي بفيروس كورونا متاحا تجاريا، لأول مرة في نيويورك الشهر الماضي، طلبت من طبيبي أن يرسلني لسحب الدم.
بدلا من اختبار ما إذا كان الشخص مصابا بعدوى نشطة، تؤدي اختبارات علم الآثار البيولوجي، من خلال البحث عن بروتينات مقاومة للأمراض تعرف باسم الأجسام المضادة، إلى أن الشخص أصيب بالمرض في الماضي، وربما يكون قد طور مناعة كافية لصده في المستقبل.
قصة اختبار الأجسام المضادة حتى الآن صورة مصغرة للاستجابة الأوسع لفيروس كورونا نفسه: ثقة في غير مكانها ومبالغة متبوعة بالتشاؤم المبكر.
في آذار (مارس) الماضي، أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستجعل ملايين اختبارات الأجسام المضادة في المنزل، متاحة عبر تطبيقات شركة أمازون وفي الصيدليات.
الذين كانت نتيجتهم إيجابية سيتم منحهم "جوازات سفر مناعة" ما يمكنهم من الانضواء تحت القوة العاملة والحياة اليومية.
تبين أن اختبارات صينية الصنع - التي تم شراؤها بتكلفة 16 مليون جنيه - غير موثوقة للغاية، لدرجة أنها لم تصل قط إلى السوق.
في الولايات المتحدة، سمحت إدارة الغذاء والدواء ببيع أكثر من 100 اختبار مختلف، قبل أن تغير رأيها تماما وتحذر من أن بعض "الجهات الفاعلة عديمة الضمير" كانت تبيع مجموعات أدوات احتيالية.
الشهر الماضي، قالت منظمة الصحة العالمية التي شعرت بالتخوف إنه "لا يوجد دليل"، على أن مثل هذه الاختبارات يمكن أن "تظهر أن الفرد لديه مناعة أو أنه محمي من الإصابة مرة أخرى".
في وقت لاحق، تراجعت جزئيا عن تلك التعليقات مضيفة: "نتوقع أن معظم الأشخاص المصابين بفيروس كوفيد - 19، سيطورون استجابة أجسام مضادة ستوفر مستوى من الحماية".
جاذبية مثل هذا الاختبار واضحة: النتيجة الإيجابية قد تكون بمنزلة تذكرة في اتجاه واحد إلى المظهر الطبيعي.
ما كان يدعم الضجة الأولية أمل مضلل أن يكون جزء كبير من السكان قد أصيب بفيروس كورونا، لكنهم عانوا أعراضا خفيفة إلى معتدلة، أو لم يعانوا أي أعراض على الإطلاق.
إذا كانت هذه هي الحال، قد يكون المجتمع أقرب إلى "مناعة القطيع" التي تعني بشكل عام وجود إصابة مجتمعة، ومعدل تطعيم يرواح بين 60 و80 في المائة، والعودة إلى الحياة اليومية قد تكون قريبة جدا.
مثل هذا الواقع لم يتحقق. حتى في ولاية نيويورك، المركز العالمي للفيروس بحسب كثير من المقاييس، فليس هناك سوى 12.3 في المائة فقط من السكان طوروا أجساما مضادة محددة لفيروس كورونا أو سارز - كوف - 2، وذلك وفقا لدراسة حديثة أجريت على 15 ألف شخص.
يقول لويدمينور، عميد كلية الطب في جامعة ستانفورد: "كان الأمل أن نبدأ الاختبارات، ونعثر على كثير من الذين لديهم أجسام مضادة، ونستنتج أن كثيرا من الأشخاص لديهم مناعة، وأن بإمكاننا البدء في العودة إلى حياتنا العادية. بحسب مقياس أي شخص، نحن لسنا قريبين من ذلك ولو من بعيد". في حين أن المبالغة المبكرة كانت في غير محلها، إلا أن هناك خطرا بأن البندول سيتأرجح بعيدا جدا في الاتجاه الآخر.
زميلة لي خضعت أخيرا لاختبار الأجسام المضادة، لكن قال طبيبها إنه حتى النتيجة الإيجابية ليست لها فائدة تذكر. قيل لها إنها لا تزال معرضة لخطر الإصابة مرة أخرى، أو يمكن أن تلتقط طفرة فيروس كورونا.
مع ذلك، هناك عدد قليل جدا إن وجد، من الحالات الموثقة للإصابة مرة أخرى في الأدبيات الطبية؛ وفي حين أن فيروس كورونا يمر بطفرات بالتأكيد، إلا أن معظم العلماء يقولون إنه لا يفعل ذلك حتى الآن بوتيرة قد تعني أن البشر الذين لديهم المستوى المناسب من الأجسام المضادة، غير قادرين على صد الفيروس.
تم إجراء اختباري في مركز خاص في هارلم تديره شركة كويست دياجنستيكس، واحدة من أكبر مشغلي المختبرات في الولايات المتحدة. بعد ذلك نقلت عينة دم لمسافة 200 ميل إلى بالتمور، حيث تم فصل البلازما واختبارها على منصة طورتها مختبرات أبوت، وهي واحدة من أكبر شركات التشخيص في العالم.
في الولايات المتحدة، تمت الموافقة على 12 اختبارا مماثلا للاستخدام في الحالات الطارئة، بما في ذلك اختبار صنعته مجموعة أدوية سويسرية، فضلا عن شركات أقل شهرة ومستشفيات فردية.
اختبار الأجسام المضادة بناء بسيط جدا. في حالة فيروس كورونا، توضع عينة البلازما على طبق معروف باسم صفيحة مليئة بالحفر، تحتوي على جزيئات الفيروس أو "بروتينات سبايك" التي يستخدمها الفيروس كمفتاح لفتح الخلايا البشرية وإصابة الجسم.
إذا كانت عينة البلازما تحتوي على ما يكفي من الأجسام المضادة، فإنها سترتبط ببروتينات سبايك وبالتالي بالصفيحة وتكون بمنزلة نوع من القفل يمنع العدوى.
يتم اكتشاف هذا الارتباط بعد ذلك باستخدام شكل من أشكال المصابيح اليدوية الكيميائية. اختباري أعطى نتيجة سلبية. أخبرني طبيبي المتعاطف على الهاتف، "أنا آسف أنها ليست النتيجة التي أردتها".
أخبرني الدكتور جاي وولجموث، كبير الإداريين الطبيين في Quest Diagnostics، أنه "أثناء الوباء، عندما يعاني الشخص مرضا ما، يفترضون الأسوأ بطبيعة الحال. لكن لا يزال من الأرجح بكثير أن هذا الشخص يعاني أحد الفيروسات الأخرى التي تصيبنا بالسعال ونزلات البرد". لم أقم بتطوير الأجسام المضادة، ولم أصب قط بالفيروس. أغلقت القضية. حسنا، ليس تماما.
من الأفضل اعتبار جهاز المناعة على جزأين متميزين. يعرف الأول بالمناعة الفطرية، وهي استجابة شاملة يمكنها محاربة جميع أنواع الأمراض. الدكتور سكوت بويد، الأستاذ المساعد في علم الأمراض في جامعة ستانفورد، يصف هذا بأنه "جهاز داخلي" يمكنه "التعرف على الأنماط الجزيئية العامة التي يستخدمها كثير من مسببات الأمراض المختلفة" لمهاجمة الجسم.
في كثير من الحالات، لا يكون هذا النظام الفطري كافيا لمنع العدوى الفيروسية، وهنا تبدأ المرحلة الثانية من استجابة المناعة "التكيفية". في غضون بضعة أسابيع، ستكون خلايا B في الجسم قد بدأت في إنتاج جسم مضاد يدوم لفترة طويلة يسمى IgG، وهو ما تبحث عنه معظم الاختبارات. لا أحد يعرف حتى الآن مدى صلابة هذه الأجسام المضادة في حالة فيروس كورونا، لكن طالما أن الشخص ينتجها بكميات كافية، يتفق معظم إخصائيي المناعة على أن لديه درجة من الحماية ضد الإصابة مرة أخرى.
في نهاية المطاف، تتحول خلايا B إلى جهاز ذاكرة يمكنه بسرعة إعادة إنتاج الأجسام المضادة إذا تعرض الشخص للإصابة مرة أخرى. يقول براكاشناجاركاتي، الأستاذ في قسم علم الأمراض وعلم الأحياء الدقيقة وعلم المناعة في كلية الطب في جامعة ولاية كارولينا الجنوبية، "بمجرد أن يتعرف الجسم على التعرض للإصابة اللاحق، تقول خلايا الذاكرة، ’انتبهوا، لقد رأينا هذا الشخص من قبل وعلينا اتخاذ إجراء سريع‘".
الأشخاص الذين لا يمرضون كثيرا يتباهون في بعض الأحيان أن لديهم نظام مناعة "قويا"، على الرغم من أن هذا تسمية خاطئة بعض الشيء. معظم الأشخاص الذين يصابون بشدة بفيروس كورونا يطورون استجابة مناعية ضعيفة في البداية لكن بعد ذلك ينشط الجسم.
يقول ناجاركاتي، "يصبح الجسم محبطا للغاية لدرجة أنه يبدأ بتجميع استجابة مناعية مفرطة. الأمر مثل منطقة حرب تستخدم فيها قاذفات B-52 لإطلاق النار على قرية صغيرة يختبئ فيها 100 عدو فقط. أنت تستخدم هذه القنابل الضخمة وتتسبب في أضرار جانبية مدمرة".
من الممكن أنني أصبت بحالة خفيفة من فيروس كورونا تخلص منها جهاز المناعة الفطري الخاص بي قبل أن يضطر النظام التكيفي إلى الظهور. مع ذلك، هذا لا يطمئن كثيرا لأنني ما زلت لا أملك الأجسام المضادة لحمايتي من الإصابة في المستقبل.
هناك احتمال آخر هو أنني أصبت بالتأكيد بفيروس كورونا وطورت الأجسام المضادة IgG، لكن ليس بكميات كافية لاكتشافها خلال الاختبار. حتى الاختبارات التي يعتقد عموما أنها ذات جودة عالية، مثل تلك التي من شركة أبوت، تم تطويرها بسرعة وبطريقة تجعلها أكثر عرضة لتحقيق نتائج إيجابية في الأشخاص الذين جعلهم مرضهم مرضى بشكل لا يصدق.
تقول شركة أبوت إن اختبارها حساس بنسبة 100 في المائة، ما يعني أنه لن يعطيك نتيجة سلبية خاطئة. مع ذلك، لم يتم تقييم الاختبارات في تجارب سريرية كاملة، التي قد يستغرق إكمالها عدة أشهر. بدلا من ذلك، لتسريع عملية التطوير، سمحت هيئات التنظيم لشركة أبوت وأخرى بتقييم اختباراتها باستخدام عينات الدم من مرضى فيروس كورونا المؤكدين.
يقول جون هاكيت، المسؤول التنفيذي في شركة أبوت المسؤول عن تطوير اختبار شركته، "هذا كان أحد التحديات". نشأت هذه الصعوبة لأن الطريقة الرئيسة لتأكيد فيروس كورونا ليست اختبار دم لكنها اختبار تفاعل البلمرة المتسلسل (PCR) الذي يجرى باستخدام مسحة الأنف. يضيف هاكيت، "لذلك لم يتم قط سحب دم من كثير من المرضى إلا إذا تم إدخالهم إلى المستشفى".
تمكنت أبوت من تأمين العدد المطلوب من عينات الدم، ولكن تبقى حقيقة أن أغلبية العينات تأتي ليس من مرضى من دون أعراض أو أعراض خفيفة إلى معتدلة، وإنما من الذين أصبحوا ضعيفين لدرجة أنه انتهى بهم المطاف في مستشفى حيث كان الأطباء يأخذون دمهم.
يقول بويد: "تقريبا جميع الاختبارات الموجودة في السوق تبلغ عن الحساسية بناء على مجموعة من العينات من مرضى مصابين معروفين، ولكني أعتقد في كثير من الأحيان أن هناك تحيزا للأشخاص الذين بلغ منهم المرض مبلغا كبيرا بما يكفي ليكونوا في المستشفى".
ويضيف: "هذا يقودني إلى التفكير في أن هناك احتمالا كبيرا بأن عددا لا بأس به من الأشخاص الذين أصيبوا بالتأكيد بعدوى حقيقية، ولكن ربما لم ينتجوا استجابة من الأجسام المضادة، أو كانت لديهم استجابة أدنى من مستوى الكشف عن معظم الاختبارات الحالية".
بالنظر إلى عدم اليقين، ربما ليس من المستغرب أن يستقبل كثير من خبراء الصحة العامة وصول اختبارات الأجسام المضادة بارتياب. يخشى البعض من أن الأشخاص الذين لديهم نتائج إيجابية للأجسام المضادة سيبدأون في التصرف بشكل غير مسؤول ويتوقفون عن الالتزام بتدابير فجة لكنها فعالة مثل عمليات الإغلاق والتباعد الاجتماعي التي تمكنت من إبطاء انتشار المرض.
يقول الدكتور راجيف شاه، الذي كان يدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بين 2010 و 2015 قبل أن يصبح رئيسا لمؤسسة روكفلر: "إذا كان اختبار IgG إيجابيا، فلا أعتقد أن هناك أي علم يقول إنه ليس عليك اتباع القواعد. إذا بدأنا في استخدام النتائج بطريقة لا يدعمها العلم، فقد ينتهي الأمر بالناس إلى القيام ببعض الأشياء الخطرة. إنه ليس ترخيصا للقيام بأي شيء لا يسمح لك أصلا بفعله".
لا يعني أي من هذا أنه لا يجب فحص الناس بحثا عن أجسام مضادة. يتطور العلم بسرعة فائقة، وعلى الرغم من عدم وجود دليل ملموس، فإن كل عالم مناعة تحدثت معه يقول إن هناك سببا جيدا للاعتقاد بأن الأشخاص الذين لديهم فيروس كورونا وطوروا مستويات عالية من الأجسام المضادة IgG سيكونون بالتأكيد محميين من العدوى في المستقبل. يمكن لهؤلاء الأشخاص أيضا أن يقرروا التبرع بالبلازما لمرضى فيروس كورونا الأكثر تأثرا بالمرض حتى تتمكن الأجسام المضادة من تحييد مرض شخص آخر وحتى إنقاذ حياته.
إنها مسألة وقت فقط قبل وجود دليل لا يقبل الجدل بطريقة أو بأخرى. إذا تبين أن اختبارات الأجسام المضادة هي مقياس موثوق للمناعة، يمكن لأصحاب العمل البدء في تزويد مستودعاتهم ومصانعهم بالعاملين الذين ثبتت إصابتهم بالأجسام المضادة، أثناء تنفيذ مراقبة صارمة أو حتى اختبار PCR المنتظم للذين لم يفعلوا ذلك. لكن سيتعين عليهم السير بحذر لتجنب نتيجة "أورويلية"، حيث يتم فصل الموظفين إلى "الذين لديهم أجسام مضادة" و "الذين ليست لديهم أجسام مضادة"، ربما استنادا إلى ما إذا كانوا قادرين على الوصول إلى الاختبارات أو تحمل تكلفتها.
حتى النتيجة السلبية لها بعض الفائدة للمجتمع. نتيجتي، على سبيل المثال، سيتم تجريدها من أي بيانات شخصية واستخدامها من قبل الباحثين الذين يجرون دراسات في نيويورك وأماكن أخرى لبناء صورة تتطور باستمرار للمعدل الحقيقي للعدوى.
بالتالي بالنسبة للوقت الحاضر يمكنك أن تعد نتيجة اختبار الأجسام المضادة الإيجابية على أنها قطعة أثرية حديثة نسبيا. قد لا تكون قيمتها ضخمة اليوم، لكن قيمتها قد تزداد بشكل هائل بمرور الوقت. أتمنى بالتأكيد أن يكون لدي واحد في جيبي الخلفي.

الأكثر قراءة