مؤشرات التنمية المستدامة بعد انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية

مؤشرات التنمية المستدامة بعد انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية

المملكة العربية السعودية وبعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية ستقوم بمنح شركائها في المنظمة تسهيلات تجارية عديدة بشأن دخول سوقها وتخفيضات جمركية وستقوم أيضا بدمج جميع قواعد المنظمة العالمية للتجارة في تشريعاتها التجارية. وكما هو معلوم أن المملكة تبنت في الآونة الأخيرة العديد من الأنظمة الحديثة في جميع المجالات الاستثمارية والتجارية والمالية والاقتصادية كان لها أبلغ الأثر في تسهيل مسيرة الانضمام.
معلوم أن قوانين منظمة التجارة العالمية تنص على تطبيق العديد من المبادئ المهمة التي تسهم بشكل كبير في تطوير مفهوم التنمية المستدامة لدول المنظمة ومن أهم تلك المبادئ هو مبدأ الدولة الأولى بالرعاية, الذي يلزم كل دولة عضو بمعاملة كل الشركاء التجاريين على قدم المساواة ودون تمييز سواء فيما يتعلق بالرسوم الجمركية عند الاستيراد والتصدير، وأيضا مبدأ تخفيض وربط الرسوم الجمركية الوطنية ويتجلى الهدف الأساسي من هذا المبدأ في تمكين الشركاء التجاريين من العمل في إطار من الوضوح والاستقرار وبالأخص القطاع الخاص ليتمكن من رسم استراتيجية طويلة الأمد في مجالي التصدير والاستيراد. أيضا تطبيق قاعدة المعاملة الوطنية التي تضمن للشركاء التجاريين الأجانب المعاملة نفسها التي تخصص للشركات الوطنية في السوق المحلية، بمعنى آخر ستتم معاملة السلع الأجنبية على قدم من المساواة مع السلع المحلية للدول المستوردة ودون تمييز سواء تعلق الأمر بالرسوم والضرائب المحلية والقوانين واللوائح المتعلقة بالبيع والشراء والنقل والتوزيع ، وأخيراً مبدأ منع فرض قيود كمية أو إجراءات أخرى غير جمركية وكفرض نظام للحصص على الصادرات والواردات أو تراخيص الاستيراد والتصدير. ولعل من أهم أهداف منظمة التجارة العالمية هو تحقيق أهداف التنمية المستدامة للدول الأعضاء عن طريق رفع مستوى المعيشة والدخل وضمان العمالة الكاملة وزيادة الإنتاج وتوسيع التجارة والاستخدام الأمثل للموارد. وقد قدمت المنظمة فكرة التنمية المستدامة للدول المنظمة لها والتي تتمثل في الاستخدام الأمثل للموارد والتنمية البشرية وكذلك الحاجة إلى حماية البيئة والحفاظ عليها بطريقة تتمشى مع مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصحية والإقليمية للدول الأعضاء .
هذا ومما لا شك فيه أن هذا الانضمام سيعمل على تسريع دخول جميع المنتجات الزراعية والصناعية والسلع والخدمات السعودية إلى الأسواق العالمية وسيكون له بالتالي تأثير إيجابي في مؤشرات التنمية المستدامة للسعودية. فالتنمية المستدامة التي تعتبر خليطا من المؤشرات التنموية مثل التنمية البشرية والتنمية الحضرية والتنمية الإقليمية والتنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية والتنمية الصحية وغيرها. ولذلك فإنها تتطلب سرعة الاندماج في النظام التجاري متعدد الأطراف الذي يرتبط بتحرير التجارة والاشتراك الفعال في منظمة التجارة العالمية لتحقيق مكاسب على المدى الطويل وتطوير أسواق تنافسية تنموية في بنية الاقتصاد والمجتمع والدولة والثقافة عندما يتحول الاقتصاد برمته إلى اقتصاد تكنولوجي متقدم. ولهذا فالفوائد التي من المتوقع أن تجنيها السعودية من خلال انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية ستكون من أهمها الارتقاء بالجودة والنوعية للصناعات والخدمات وتمكين السعودية من المشاركة في المحافل الدولية وانعكاس ذلك على مكانتها الدولية وتحسين القدرة في التفاوض على قدم المساواة مع الدول والتكتلات الاقتصادية، إضافة إلى تحفيز وتشجيع الاستثمارات الأجنبية داخل السعودية. فمن المتوقع أن يكون تأثير منظمة التجارة العالمية في التنمية المستدامة السعودية عن طريق إعادة الإجراءات الإدارية وتثقيف العاملين ونشر الوعي بينهم بمفاهيم واتفاقيات هذه المنظمة مستفيدين من الدعم الفني والمعرفي، بجانب تطبيق مفهوم الجودة الشاملة في الخدمات الحكومية، وتمكين خصخصة الوزارات الحكومية ، إضافة إلى تطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية .

وعلى هذا فيجب على السعودية الإسراع في تحرير جميع القطاعات الحيوية للدولة مثل قطاع الاتصالات وقطاع الصناعة والخدمات ورفع قدرتها التنافسية في ظل انفتاح الأسواق العالمية بعد أن باتت التطورات المتسارعة في مجال تحرير التجارة الدولية تلقي بظلالها على مختلف القطاعات الاقتصادية ومنها القطاع الصناعي الذي يجب أن ترتفع قيمته المضافة وقدرته على تنويع الصادرات ذات الميزة النسبية وزيادة تنافسها في الأسواق العالمية. ويجب الاهتمام باتفاقيات منظمة التجارة بشأن حقوق الملكية الفكرية، وبالتالي يشجع توسع علاقات التجارة واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تعتمد على توطين التكنولوجيا المتقدمة. ويستدعي ذلك تبني وتطوير التشريعات القانونية الحالية المتعلقة بهذه القضايا وإعداد دراسات مسبقة تعكس وجهات النظر الحكومية والقطاع الخاص. والاستفادة من مميزات اتفاقية تحرير الخدمات المالية التي يتوقع أن يكون لها تأثيرات إيجابية في النمو وتحسين فرص الاستثمار في السعودية والتفكير جديا بتحقيق الاندماج والشراكات الاستراتيجية مع النظراء المحليين أو الخارجيين ورفع كفاءة القطاع المصرفي في تنويع مستوى الخدمات المصرفية الحالية ورفعها إلى الأنظمة المصرفية الشاملة.
كما أن للتنمية المستدامة أهمية خاصة في التصدي للتحديات المستقبلية والمتمثلة في خمسة محاور رئيسية وهي المياه، الصحة، الزراعة، الفقر، والتنوع البيولوجي وضمان عدم التمييز في معاملة السلع المتبادلة فيما بين الدول الأعضاء في المنظمة، وتحسين نوعية الإنتاج الوطني وجودته وتطبيق مبدأ الشفافية الذي يعني أنه يجب على الدولة الإعلان عن جميع القوانين والأنظمة التي تحكم التجارة فيها بصفة عامة، وتوفيرها للمستثمرين والمصدرين والمستوردين، وذلك بإنشاء مراكز استعلام يمكن أن توفر الاستفسارات الضرورية التي يرغب فيها من يطلبها، وتزويد المنظمة بالسياسات الاقتصادية القائمة وإبلاغها بأي تعديل يطرأ على تلك السياسات والإجراءات, وإدخال تحسينات ملموسة في البنية التحتية والمؤسسية وإرساء شراكة حقيقية بين القطاعين الخاص والحكومي والحرص على الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية البيئية متعددة الأطراف بما يخدم مصالح السعودية، أيضا من المفترض أن يكون لانضمام السعودية دور حيوي في تحقيق هدف رئيسي للتنمية المستدامة وهو تطوير دور المرأة السعودية في المجتمعين المحلي والعالمي, فالمرأة السعودية سيكون لها دور إيجابي في بناء كيان اجتماعي اقتصادي قوي للمملكة, فمن المتوقع أن تشهد المرأة تطورا ملحوظا عند الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية من نواح عديدة من أهمها النواحي التعليمية والتدريبية والعملية ومشاركتها في الإدارات الحكومية.
ويمكن لنا تلخيص الفوائد التي ستجنيها السعودية في مجال التنمية المستدامة عند استكمال انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية فمن المفترض أن يضعها في مسار واضح لتحقيق تنمية مستدامة فعالة تهدف إلى مضاعفة مساهمة القطاع الصناعي في إجمالي الناتج المحلي والاستفادة من خدمات الحكومة الإلكترونية وبالتالي يمكن استكمال جميع الإجراءات للمستثمرين الصناعيين إلكترونيا, إضافة إلى التركيز على الجودة والإنتاجية والقدرة التنافسية والتكامل الصناعي. ولهذا فإن الانضمام إلى المنظمة سيسهم في رفع مؤشرات التنمية المستدامة في السعودية التي تشمل النواحي الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية والصحية والتعليمية والاقتصادية. ومن هذه الإنجازات ارتفاع مستوى دخل الفرد، وتحسين مستوى الخدمات الصحية والحضرية، وانخفاض مستوى الأمية وزيادة حصة المرأة السعودية في التعليم وفرص العمل، وانخفاض نسبي في معدل النمو السكاني وارتفاع متوسط عمر الفرد، وإنشاء وتطوير المؤسسات التنموية والبيئية والمحافظة على البيئة، وسن و تطوير التشريعات، وبناء القدرات والمساهمة الإيجابية في تنفيذ الاتفاقيات الإقليمية والدولية وتعزيز التعاون الإقليمي في مختلف المجالات، مثل الاقتصاد، والتخطيط، والزراعة والبيئة والصحة والإعلام والخدمات وغيرها.

الأكثر قراءة