ثقافة وفنون

المتاحف في يومها العالمي .. جولات افتراضية أو الإغلاق التام

المتاحف في يومها العالمي .. جولات افتراضية أو الإغلاق التام

كحلٍ مؤقت لجأت متاحف في عواصم عالمية إلى تقنية الـ "360 درجة".

المتاحف في يومها العالمي .. جولات افتراضية أو الإغلاق التام

استعدادات لافتتاح تدريجي للذاكرة الإنسانية، التي عانت من إغلاق طويل.

بعد نحو شهرين من إغلاق أبوابها أمام الزوار، كأحد أبرز الإجراءات الاحترازية لمواجهة تبعات جائحة كورونا، تعاود المتاحف حول العالم هذه الأيام فتح أبوابها الموصدة، من خلال تقنية الجولات الافتراضية، التي جعلت من تحدي كورونا فرصة ثمينة لإحياء التاريخ، والتعرف على الحضارات والتراث والفنون والآثار، إلا أن ذلك - وفقا لزوار - أفقد المتاحف دهشتها.
هكذا يبدو المشهد في المتاحف العالمية اليوم، وفعاليات افتراضية وإلكترونية، واستعدادات لافتتاح تدريجي للذاكرة الإنسانية، التي عانت إغلاقا طويلا، عدّ الأطول عمرا في تاريخ المتاحف الحديث.
جولات متحفية افتراضية
كحل مؤقت، لجأت متاحف في عواصم عالمية إلى تقنية الـ"360 درجة"، التي تتيح للزوار التجول في جنباتها وأروقتها عبر منصة المتحف الإلكترونية، أو عرض صور قطعها الأثرية والفنية بدقة عالية، في مشهد يشبه معاينتها على أرض الواقع، لتواصل المتاحف دورها الإنساني في مد الجسور الحضارية، وحفظ التاريخ.
ففي مملكة البحرين، استثمرت هيئة البحرين للثقافة والآثار التقنية في ظل قواعد التباعد الاجتماعي التي فرضتها الأزمة الحالية، من أجل الانتقال بالمواقع والمتاحف إلى الفضاء الإلكتروني، حيث قدمت الهيئة جولات للزوار من خلال موقعها الإلكتروني لمتحف البحرين الوطني، متحف موقع قلعة البحرين، مركز زوار مسجد الخميس، قلعة الشيخ سلمان بن أحمد الفاتح، قلعة البحرين وباب البحرين، إلى جانب عدد من المعارض التي استضافتها المتاحف مثل سلسلة معرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية، معرض الأختام الدلمونية، معرض "تايلوس.. رحلة ما بعد الحياة" وغيرها.
فيما دعت المؤسسة الوطنية للمتاحف في مملكة المغرب الزوار إلى الاستمتاع بجولة افتراضية لمختلف المعارض البارزة التي تحتضنها المتاحف، معززة بدليل مصور وشروحات نصية حول مختلف الموضوعات ذات الصلة بالمعارض.
والأمر سيان في مصر، إذ أطلقت وزارة السياحة والآثار زيارة افتراضية لمتحف جاير آندرسون، أو ما يعرف ببيت الكريتلية، الذي يعكس طرز العمارة الإسلامية في العصر العثماني، وجولة أخرى داخل المتحف المصري الكبير الواقع قرب الأهرامات، للتعرف على معمل ترميم الأخشاب الملحق به، الذي يضم أعمال ترميم كنوز الملك توت عنخ آمون "أحد ملوك الأسرة الـ18"، في دولة أغلقت متاحفها منذ 19 مارس الماضي، مع وعود لوزير السياحة والآثار المصري بقرب إعادة فتح أبواب المتاحف واستقبال السياح من أنحاء العالم كافة.
أما متحف اللوفر في باريس، فقد سجل زيادة بمقدار عشرة أضعاف في تصفح موقعه الإلكتروني، ذلك من 40 ألفا إلى 400 ألف زائر يوميا، من أجل التجول افتراضيا، كما عززت متاحف أخرى من أنظمتها التقنية لاستقبال السياح الافتراضيين، ووقعت اتفاقيات مع موقع "جوجل" للثقافة والفنون لتصميم الجولة، مثل المتحف البريطاني، متحف بيرجامون الألماني، متحف ريكز في هولندا، متحف ديل برادو في مدريد، المتحف الوطني للأنثروبولوجيا في المكسيك، ومتحف جوجنهايم في نيويورك.
تحديات الجولة الافتراضية
بطبيعة الحال، لا تغني الصور والفيديوهات عن الجولة الميدانية، إلا أنها تعد حلا مؤقتا، وفقا لمحبي الترحال والسفر والجولات الثقافية، أو فرصة لمشاهدة الكنوز المنسية والتحف القابعة في المخازن.
ولأنها تقنية ذات حدين؛ فقد تؤدي الجولات الافتراضية في بعض الأحيان إلى نفور الزائر من المتحف، بدلا من تشجيعه على زيارته، خصوصا إذا لم يكن الموقع الإلكتروني قادرا على استيعاب أعداد كبيرة من الزوار، فتكثر أعطاله.
ومن التحديات التي تواجه زوار الجولات الافتراضية - بحسب مدونات ثقافية - عدم تحديث الصور والمحتوى المرئي للمتحف في المنصة الإلكترونية، كما هي الحال في متحف "هيرميتاج" في سانت بطرسبرج، إذ يشكو بعض من عدم جودة العرض الافتراضي، الذي بدا مشوشا.
وعلى العكس؛ يسمح متحف "بالاس" في بكين باستكشاف صالاته ومساكن المدينة المحرمة بدقة عالية، إلا أن الزائر يفاجأ بأن المعلومات حول التحف والمعروضات متاحة باللغة الصينية فقط.
استعدادات لفتح الأبواب
جاء اليوم العالمي للمتاحف، الذي يوافق 18 مايو من كل عام، مبشرا بإعادة فتح أبواب المتاحف واحتضان الزوار، إذ يستعد عدد من المتاحف العالمية لاستقبال السياح والزوار خلال الأيام المقبلة، بعد تطبيق إرشادات السلامة، ومن أبرز هذه الدول إيطاليا، التي عادت فيها المتاحف إلى نشاطها الطبيعي يوم الإثنين الماضي، باستثناء متحف أوفيزي الشهير عالميا في فلورنسا، الذي قد ينتظر أسبوعا آخر، لإصدار إرشادات السلامة، حيث من المتوقع أن يسمح لـ450 شخصا بالوجود فيه في وقت واحد، مقارنة بـ900 شخص قبل الأزمة الصحية العالمية، معلنا تكبده خسائر مالية خلال فترة الإغلاق بلغت نحو 11 مليون دولار، نتيجة نقص إيرادات مبيعات التذاكر، ومبيعات أعمال الدعاية والترويج والكتب في متاجر المتحف.
على نحو آخر، استبق متحف تاريخ المدينة في فيينا قرار فتح أبوابه بدعوة السكان إلى تقديم صور لأشياء تستخدم يوميا، لتوثيق جائحة كورونا للأجيال القادمة.
ولقيت المبادرة تجاوبا كبيرا حتى الآن، إذ تلقى نحو ألفي صورة لأقنعة ولافتات وغيرها، ونشر نحو 200 صورة على موقعه الإلكتروني، فيما بدأت متاحف أخرى في النمسا وألمانيا بمبادرات مماثلة في محاولة لتوثيق الأزمة.
الحاجة إلى الدهشة
في الوقت الذي تبدو فيه الجولات الافتراضية للمتاحف السعودية محدودة وغير مشجعة، تبرز الجولات الافتراضية التي أطلقتها الهيئة الملكية لمحافظة العلا لمشاهدة مملكة دادان ولحيان، التي كانت العلا عاصمتها خلال الفترة الممتدة من 900 قبل الميلاد حتى أواخر 200 قبل الميلاد، كما توفر جولة حول جبل أثلب، جبل البنات، الجبل الأحمر وجبل عكمة، في حين لم تنجح محاولات العثور على جولات افتراضية داخل متاحف فنية سعودية، التي تعد على أصابع اليد الواحدة.
وفي هذا الإطار، وفي مقالة منشورة قبل أيام في مدونة كلية لندن للأعمال حول جذب الحشود إلى المتاحف في السعودية، ذكرت الدكتورة مها السنان الحاجة إلى وجود متحف للفنون في العاصمة.
وقالت مستشارة وزارة الثقافة في مقالتها، التي ترجمتها «الاقتصادية»، "إن استبيانا طرح على عدد من الأفراد في السعودية خلال 2018، حول ما يفضلون مشاهدته في المتاحف والمعارض الفنية، وتبين أن إدراج الفنون ومصنوعات الحرف اليدوية من الأشياء الجاذبة للزوار"، حيث قال المستطلَعون، "إنهم يريدون أن يندهشوا عند زيارتهم المعرض أو المتحف".
كما أشارت نتائج الدراسة إلى أن أفراد المجتمع مهتمون بالفنون كوسيلة لإثراء أذواقهم، وبالتالي؛ فإن المعارض الفنية ستحتل المرتبة الأولى في قائمة المؤسسات الثقافية الأكثر زيارة، في حين أن المتحف لم يكن جذابا. ورغم ذلك، احتل المتحف الوطني في مدينة الرياض المرتبة الأولى عندما طُلب من أفراد العينة الاختيار من قائمة المتاحف وصالات العرض.
وبينت النتائج أن الأفراد يفضلون الدعوات الشخصية من أجل زيارة معرض فني، سواء في المعارض أو المتاحف، فيما اتفقت أغلبية العينة على ضرورة إنشاء متحف للفنون، والتركيز على جودة المعروضات في المتاحف والمعارض الفنية، إضافة إلى أهمية إقامة الدورات وورش العمل والعروض التفاعلية فيها، لنشر الثقافة الفنية بين جميع فئات المجتمع.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون