مستشارو الضرائب الألمان: الكعكة صغيرة والأكلة كثيرون

مستشارو الضرائب الألمان: الكعكة صغيرة والأكلة كثيرون

يبدو أن وضع مستشاري الضرائب في ظل الركود الاقتصادي ما زال جيداً بالمقارنة بأداء الأعوام السابقة. وخلافاً للكثير من مكاتب المحاماة الصغيرة، فإن لا أحد حتى الآن يقوم بالدعاية لخدماته الاستشارية على نوافذ شبابيك عربة القطار. وبعكس الأطباء، فإن هؤلاء العاملين في مهن حرة يجب ألاّ يعيشوا فقط من تغطية 90 في المائة من مكافآت زبائنهم من خلال موازنة إجبارية مضغوطة. والحقيقة أن المساعدين الماليين العاملين بأعمال حرة نظموا على الأرجح مراكز تقديم خدماتهم بشكل مريح وهادئ بعيداً عن الأضواء.
إن إصلاحاً شاملاً لضريبة الدخل يقلّل من بلبلة البنود القانونية، ويخفف من مدى الاستثمارات السنوية لكل مواطن على وجه التقريب. حيث لابد من التحرك مرة أخرى لإنجاز شيء واقعي على الأرض. ولا غرابة في أن ثلاثة أرباع مكاتب مستشاري الضرائب ما زالت تدار من جانب شخص واحد. وعلى أية حال، فإن مؤتمر المستشارين في شؤون الضرائب الألماني الثامن والعشرين في ميونيخ لن يناقش القضايا المتخصصة فقط. فإلى جانب مناقشة القوانين والتعليمات الجديدة والإدارة المالية والمحاكم المالية فستسعى رابطة مستشاري الضرائب الألمانية إلى مناقشة وجهات نظر المهنة لأعضائها. وستكون إحدى المحاضرات تحت عنوان "مستشار الضريبة كمستشار للتصنيف". وفي أحد المؤتمرات الخاصة لجمعية مستشاري الضرائب كانت مصالح النشاطات العملية لمكاتب المستشارين تتصدّر القائمه أيضاًَ.
ومنذ سنوات قليلة تراجعت الأرباح في هذا الإطار، والسبب في ذلك هو أن أعضاء نقابة مستشاري الضرائب أصبحوا أكثر من الضِعف في السنوات الثلاثين الماضية. وفي هذه الأثناء انشغل نحو أكثر من 70 ألف عضو بالتفكير في استمارات الضريبة لموكليهم. كما اتسع تكوين الشبكات في سوق المحاماة. ومن الناحية الأخرى تضاءل الطلب رغم أن الشركات لا تستغني حقيقة عن خدمات الخبراء. ولكن التوفير الإجباري في التكاليف لأصحاب المهن والحرف يصيب المستشارين أيضاً.
ويؤدي الإفلاس كذلك إلى إلغاء المكافآت بالكامل. ولهذا الغرض، فإن العارضين الرخيصين للمحاسبة المالية ومحاسبة الأجور يضعون مستشاري الضريبة والعاملين في الحاسبات الإلكترونية التابعين لهم، تحت الضغط. ويرجع العاملون بالأعمال الحرة دائماً إلى برامج الكمبيوتر التي تلبي مطالب مستخدميها. وتدخل في حساب التكاليف السفرات الرسمية بالسيارة الخاصة، وغرفة العمل المنزلية. وعرف مستشارو الضرائب من خلال "التشكيل الاستشاري المتوارث" كما يسمى بلغة مصطلح عليها، أنه لن يتمكن أي منهم العيش منها ذلك، حيث إن كعكة الاستشارات المراد تقسيمها سوف تصبح أصغر حجماً، ولكن عدد الآكلين منها يزداد باستمرار. ولذلك فإن الآمال تتوجه من جديد إلى مجالات عمل جديدة. وفي قانون المهنة تسمى هذه "الأعمال المنتفعة" وعندما يعرف المستشار الضريبي ظروف موكله بشكل أحسن، حسب مفهوم الأعمال المنتفعة، ينبغي عليه أن يعمل أكثر وفقاً لهذه المعرفة ويقدم خدمات يتقاضى عليها أجوراً أكثر من إعطائه مجرد استشارة ضريبية فقط. ولذلك يتم تقديم وعرض استشارات مالية وتنفيذ خدمات للزبون.
وفي الكثير من الحالات يقدّم الأشخاص من الطبقة المتوسطة أنفسهم لمستشاري الضرائب كعباقرة عالميين في إدارة الأعمال، ويدّعون أن باستطاعتهم إنجاز كل النشاطات التنظيمية، ومن ضمنها إجراءات تسوية النزاعات. وتحاول مجموعات مهنية أخرى ذات العلاقة أيضاً بالحصول على جزء من كعكة الاستشارات الضريبية. ومنذ سنوات تكافح المنظمات المهنية ضد المطامع التي تسعى إلى توسيع الصلاحيات القانونية لجمعيات شؤون ضريبة الأجور، والمحاسبين، وخبراء الضرائب، بكل حرص وحذر.
وبالنظر إلى تطلعات المفوضية الأوروبية لتخفيف قيود ممارسة المهن، فإن ذلك يمكن أن يكون مجرد انسحاب تقهقري، خاصة وأن مهنة المستشار الضريبي الألمانية لم تنشأ في دول الاتحاد الأوروبي كافة. وبدلاً من عمل دعاية أكثر لها، تعمل نقابة المستشارين على إيجاد خلاف مصطنع وشاذ حالياً بخصوص إكمال تدريب أعضائها. وعملت رابطة مستشاري الضريبة الاتحادية في الفترة الأخيرة على تنفيذ برنامج يقضي باستمرار إلزام أعضائها المؤهلين في مجال تخصصهم بالتدريب والعمل على توحيده. وبدلاً من التعامل مع التدريب كفرصة، فإن رابطة مستشاري الضريبة تسير بعكس هذا التيار. وتشعر بأنها منقادة بشكل بيروقراطي من جانب رقابة الرابطة الاتحادية، وتعمل على منافسة كبيرة من أجل برامجها التدريبية والتأهيلية. أما الحاجة إلى الانتشار الواسع بمستويات عالية من النوعية، فلم يدركها أو يفهمها الكل لغاية الآن.

الأكثر قراءة