انهيار سوق الأسهم .. دروس من التاريخ

انهيار سوق الأسهم .. دروس من التاريخ
نايجل لوسون

كنت في المدرسة عندما انهار مؤشر فاينانشيال تايمز لعموم الأسهم العالمية في تشرين الأول (أكتوبر) 1987. كان ذلك الحادث مفاجئا مثل الوضع الحالي.
في 15 تشرين الأول (أكتوبر)، نشرت حكومة المملكة المتحدة تفاصيل بيع حصتها المتبقية في شركة بريتيش بتروليوم (كان من المقرر أن تكون هذه أكبر عملية إدراج للأسهم في العالم على الإطلاق). تم تحديد السعر عند 330 بنسا. لم يقلق أحد. بحلول يوم 20 من الشهر نفسه انخفض السعر إلى 286 بنسا وكان نايجل لوسون تحت الضغط لسحب الإدراج - باستخدام بند مراوغ قليلا اسمه "القوة القاهرة". رفض لوسون وأغلق السهم عند 85 بنسا في اليوم الأول من التعامل.
يوم 21 سأل مدرس الاقتصاد لدينا إن كان أي منا يعرف ما حدث. لم يكن هناك أحد. هذا ما ينبغي أن تكون عليه الأمور. ما أهمية مستوى سوق الأوراق المالية للمراهقين؟ إنه مجرد تذكرة بكيفية الاختلاف عن الأزمة الحالية. إنها قوة قاهرة حقيقية مفهومة للجميع وتؤثر في الجميع.
هل قاربت على النهاية ولو من بعيد؟ على الأغلب لا. لم يحدث هذا الانهيار بسبب الهشاشة في النظام، لكن من المؤكد أنه تفاقم بسببها. دخلنا فيها بأسعار أصول أعلى من قيمتها الحقيقية وبرفع مالي مفرط.
لتبرير مستويات السوق في كانون الثاني (يناير) 2020، كنا بحاجة إلى اقتصاد قوي وموسم أرباح رائع. بدلا من ذلك، سنحصل على ركود عالمي مفاجئ وسيئ بشكل غير عادي (ربما حتى كساد: انخفاض نسبة 10 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي)، إلى جانب تخفيضات الأرباح بلا هوادة (بالمناسبة، هذا واحد من الأمور اليقينية القليلة للغاية المتبقية في الحياة).
وكلما ساءت هذه الأمور، ازداد ارتباك المحاولات الرامية لتقييم السوق. لاحظ أيضا أنه على الرغم من كل الصدمة والألم، السوق الأمريكية (ومعظم الأسواق الأخرى) لا تزال عند المستوى، الذي كانت عليه قبل 15 شهرا، في كانون الأول (ديسمبر) 2018، عندما كان كل هذا لا يزال كابوسا بعيدا، على الرغم من حقيقة أن الاقتصاد العالمي بأكمله وصل فعليا الآن إلى توقف صعب إلى حد كبير.
هذه تذكرة بمدى حدة المسيرة الصاعدة في الأعوام القليلة الماضية - وكيف أنه من الممكن أن تكون هناك مسافة أخرى سنهبط معها إلى الأسفل. قد يكون هذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة للسوق الأمريكية التي لا تزال الوحيدة التي لا تتداول عند تقييمات أقل بكثير من المتوسط بحسب معظم المقاييس التقليدية.
إذن، ما الذي يمكن أن يقلب كل هذا نحو الأحسن؟ انخفاض آخر بنسبة 20 في المائة يجعل الأشياء رخيصة جدا بحيث يقبل الجميع على الشراء، أو لقاح، أو علاج فاعل، أو أن نستيقظ جميعا ونكتشف أنه كان مجرد حلم سيئ (مع أننا في العزل منذ أكثر من أسبوع – منذ الآن أنا أشاهد كثيرا فوق الحد من التلفزيون)، أو مزيد من اليقين فيما يتعلق بموعد انتهاء الركود، على نحو يتجاوز فكرة غامضة مفادها أن ذلك يتطلب ثلاثة أشهر. على الجانب الإيجابي، نحن نعرف مزيدا عن هذا الركود من حيث أسبابه ونهايته المحتملة مما تكون عليه الحال عادة.
لكني أعتقد أن الشيء الذي يجب الانتباه إليه هو أن يتخذ إجراء حكومي منسق ضخم للغاية في الواقع بحيث لا يمكن تجاهله. هناك كثير من ذلك منذ الآن. خفضت أسعار الفائدة في كل مكان وضخت السيولة في الأسواق.
الأسبوع الماضي تدخل البنك المركزي الأوروبي مرة أخرى. وهو يسعى إلى "توسيع ميزانيته العمومية" (هذه تورية: تعني النقود المطبوعة) بمبلغ 750 مليار يورو أخرى لشراء الأوراق المالية. في وقت لاحق أقدم بنك إنجلترا على محاولة أخرى: عزز التسهيل الكمي وخفض سعر الفائدة الرئيس من 0.15 في المائة إلى 0.1 في المائة.
قبل ثلاثة أشهر، كنت على يقين أن أسعار الفائدة في المملكة المتحدة لن تصبح سلبية أبدا (الجوانب السلبية واضحة للغاية). ليس بعد الآن. لكن الصفقة الحقيقية هنا لن تكون سياسة نقدية، كونها لن تكون كافية أبدا بمفردها. كل ما يمكن للبنوك المركزية فعله هو ضبط الأمور لكي تدخل الحكومات في حمى إنفاق من المالية العامة وهذه العملية جارية إلى حد كبير.
وعد وزير المالية البريطاني منذ الآن بما يعادل 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي نحو 330 مليار جنيه استرليني من ضمانات القروض للشركات وأكثر من ذلك إذا لزم الأمر (وسيلزم الأمر).
في فرنسا يفعل الرئيس ماكرون أكثر من ذلك. سينفق ما يكفي للتأكد من أنه "لن يسمح لأي شركة من أي حجم بالإفلاس".
جاءت الدنمارك بنظام لإقراض أموال مدعومة من الدولة لأي شركة تخسر أكثر من 50 في المائة من حجم مبيعاتها نتيجة لهذا الفيروس.
في الولايات المتحدة بدأوا منذ الآن في إجراء محادثات حول التخلي عن الشركات الوسيطة، وببساطة إرسال شيك لكل شخص بالغ. ربما حتى نرى قريبا شيئا تمت مناقشته في دوائر أكاديمية متخصصة لبعض الوقت، حفل ديون لمساعدة الجميع على الخروج من الطرف الآخر. ربما نضيف إلى كل حساب في المملكة المتحدة عشرة آلاف جنيه استرليني. إذا كان عليك دين، يجب أن يذهب المبلغ مباشرة لتغطيته. إذا لم يكن عليك دين، فأنت تحصل فقط على النقد لإنفاقه أو الادخار.
قد يتعين علينا تطبيق ذلك على الشركات أيضا - نسبة ديون الشركات الأمريكية إلى الناتج المحلي الإجمالي عند أعلى مستوى لها على الإطلاق. قد تسأل: من الذي سيسدد كل هذا؟ الجواب، ليس هناك شخص واضح. ستشرع البنوك المركزية ببساطة في طباعة النقود وتسليمها إلى الحكومات، التي ستسلمها إلى أي شخص تحبه (لنطلق عليها أموال طائرات الهليكوبتر، أو النظرية النقدية الحديثة، أو تحقيق الدخل، أو التسهيل الكمي للناس، أو أي شيء تريد - مهما كان نوع المصطلحات الفنية التي تستخدمها، فجميعها تعني الشيء نفسه).
محافظ بنك إنجلترا الجديد، أندرو بيلي، انضم جزئيا منذ الآن. قال إنه لا يرى بأسا في طباعة الأموال لتمويل مشاريع البنية التحتية الحكومية. إذا كان لا يرى بأسا في ذلك، فلماذا لا يرى بأسا في بقية الأمور؟ في النهاية، أن تكون هناك ملاءة لدى الشركات والأفراد هو جزء من بنيتنا التحتية الاقتصادية.
هذا يجب أن يكون سريعا. ليس هناك وقت للبروتوكولات، وتعبئة النماذج وإجراءات منع الاحتيال. سيكون هناك تسرب. سيكون الأمر باعثا على الجنون وسيقودنا إلى جميع أنواع المشكلات طويلة المدى. لكنه سيحدث. في بيئة يطلب فيها الجميع المساعدة، وحيث الألم حقيقي، والحكومات أنشأت إطارا أكاديميا (أو ورقة توت) لأموال المروحيات، فسيكون هناك مال جديد في كل جيب.
بينما نحن في وسط حالة الذعر، من الصعب تحويل هذا إلى نصيحة استثمارية مفيدة بخلاف الإشارة إلى حقيقة أن المدى القصير فظيع لا يعني أن المدى الطويل غير موجود.
ليس كل شيء يأتي بشكل جيد: يتم تداول بريتيش بتروليوم حاليا عند 240 بنسا! لكن هناك عدد متزايد من الأسهم المثيرة للاهتمام أصبح رخيصا الآن وسيتعافى معظمها في النهاية. في هذه الأثناء، الذين لا يمتلكون الذهب يجب عليهم في الواقع أن يحصلوا على شيء منه.
لا أحد قلق بشأن التضخم اليوم. يعتقدون أن قوى الانكماش الكامنة في الاقتصاد هي من النوع الذي لن يحدث أبدا. لكن اطبعوا وأنفقوا ما يكفي من المال، وسيحدث ذلك. كل أزمة تترك إرثا - وهذه الأزمة ستفعل أيضا

الأكثر قراءة