رفع معقول للفائدة الأوروبية خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها غير كافية
رفع معقول للفائدة الأوروبية خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها غير كافية
قالها جان كلود تريشيه رئيس البنك المركزي الأوروبي، بوضوح ومباشرة فبعد عامين ونصف العام الحفاظ على نسبة فائدة منخفضة في البنك المركزي الأوروبي أصبحت دوائر البنك "جاهزة الآن لاتخاذ قرار بشأن زيادة أسعار الفائدة بنسبة معقولة " حسب قوله وذلك خلال الاجتماع المقبل للبنك والمقرر اليوم في الأول من كانون الأول (ديسمبر) الحالي.
وقع خبر احتمال زيادة معدل الفائدة على المستمعين كالقنبلة لأنه من النادر الإعلان عن القيام بهذه الخطوة من قبل رئيس البنك ذاته وبهذا الشكل الواضح. وكلمة "نسبة معقولة " هي كلمة مهمة للغاية إذ إن تريشيه حدد مراده بدقة حيث تشير التوقعات إلى أن الزيادة ستكون ربع نقطة وليس نصف نقطة. وعلاوةً على ذلك، أشار تريشيه من خلال ملاحظته إلى أن البنك المركزي سوف يبدأ خطى الفائدة في غضون أسبوعين من بدء التأثير الموسّع لمعدّل الفائدة وذلك لتحقيق المزيد من الخطى في أثناء الأرباع المقبلة من السنة.
وبعد تصريحات تريشيه بدأت الأسواق في إدراك الأرضية التي تقف عليها وخرست الألسنة التي كانت تتهم تريشيه بالضبابية وعدم الوضوح. كما وضعت تصريحات تريشيه نهاية للشائعات حول وجود انشقاق في مجلس البنك المركزي الأوروبي واستوعبت أي احتمال لحدوث تذبذب في الأسواق.
والآن تحاول الأسواق أن تتنبأ بعدد المرات التي سيتم فيها رفع الفائدة عقب المرة الأولى في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، و حتى آذار (مارس) بدءا من مستوى ربع نقطة الذي تم الإعلان عنه. ويتوقع أغلب مراقبي السوق أن معدل رفع الفائدة لن يقل عن 2.75 أو قد يصل إلى 3 في المائة. ولكن كل هذا يبقى في حساب توقعات المستقبل.
كما يعني القرار أن رياح التوجهات العالمية نحو زيادة معدلات الفائدة قد وصلت إلى البنك المركزي الأوروبي، وأن مرحلة السياسة المالية الأوروبية الرخوة عقب معدلات ما يُسمى فقاعة dot.com قد انتهت . لقد قام البنك المركزي في بريطانيا بالفعل بزيادة سعر الفائدة خمس مرات متتالية كما رفع بنك الاحتياطي النقدي في الولايات المتحدة سعر الفائدة 12 مرة ومن المتوقع أن يتخذ المزيد من القرارات في نفس هذا الاتجاه. والآن انضم البنك المركزي الأوروبي إلى أنصار هذه السياسة، كما يبدو أن هناك تغيّراً مشابها سيحدث في سياسة البنك المركزي في اليابان أيضا.
ولكن هل جاء قرار رفع أسعار الفائدة متأخرا ؟ يتهم بعض المراقبين البنك المركزي الأوروبي بالانتظار طويلا قبل أن يتخذ هذا القرار حيث قام بتمويل الازدهار العقاري من خلال سياسته في الاتحاد النقدي على مدار فترة طويلة. وكان من الممكن أن يحقق البنك المركزي الأوروبي هذا النمو الاقتصادي المفاجئ في العملة الأوروبية الموحدة ( اليورو ) خلال الربع الثالث، وكذلك فإن عرض المال المرتفع نسبياً، والنمو الائتماني، تجاوز نسبة 2 في المائة. وارتفع خطر التضخم في الآونة الأخيرة نظراً للقيمة المنخفضة لليورو.
ولا يتوقع أحد توُجهاً سريع الخطى. وخلال الأسبوع الماضي وصل سعر الدولار في سوق الصرف إلى رقم قريب من 1.164 دولار مقابل اليورو، و119.57 في مقابل الين الياباني ، حيث تُعتبر هذه أعلى قيمة له منذ عام 2003. وحتى عندما يمر البنك المركزي الأوروبي بمرحلة رفع فائدة تدريجية، فإن ذلك لن يكفي لوقف توجه ارتفاع الدولار أمام اليورو.
ولا تزال الشركات الأمريكية المحققة للربح والمميزة ضريبياً تدعم الدولار. وهنالك مبالغ بالمليارات تتدفق علي الشركات الأمريكية داخل الولايات المتحدة من الخارج، حيث إن جزءاً منها على الأقل يُفترض أن يتم تحويلها من عملاتها الأجنبية إلى الدولار.
ومن المتوقع أن تستمر عمليات تدفق رأس المال هذه حتى منتصف العام المقبل. وعلاوةً على ذلك، سيتوسع الفرق بين عوائد أرباح استثمارات اليورو والدولار لصالح الدولار نظراً لرفع الفائدة الأمريكية. وتدعم أسعار النفط المرتفعة الدولار بقوة. ومن الممكن أن يتحقق التعديل المطلوب منذ فترة على الدولار في منتصف العام المقبل.
ويمكن أن تؤثر هذه الأوضاع سلبا في أسواق الأسهم الألمانية، التي قد تواجه صعوبات، فارتفاع معدلات الفائدة وارتفاع قيمة اليورو و تقديم المزيد من التسهيلات ليست هي بالعوامل المثالية لتحقيق مزيد من تحسن الأسعار في سوق الأسهم.