جارهرد في صحاري السعودية

جارهرد في صحاري السعودية

في العام 1990 يجد أنتوني سوفرد (العمر 20 سنة)نفسه في مواجهة عدو جديد يهدد سنواته العشرين الأولى من حياته يحاصره بالموت في صحراء شاسعة واسعة وغريبة على أراضي المملكة العربية السعودية إنها قصة Jarhead جارهيد (أي جندي البحرية القوي والمثير)، ينفرسال بيكتشر تقدم حاليا، وفي نهاية عام 2005 تجربة سينمائية جديدة وجريئة تتناولنا بطريقة مباشرة في المملكة ومنطقة الخليج، نظراً لواقع الحدث الذي يدور في هذا الفيلم على أراضي الخليج العربي، وبالذات على أراضي المملكة إبان حرب الخليج الأولى التي وقعت من جراء احتلال العراق الكويت.
قصة هذا الشاب في البحرية الأمريكية التي نقلت إلى كتاب في عام 2003 قد حققت انتشاراً واسعاً وحطمت أرقام المبيع أسعارا خيالية ومرتفعة. هذا الكتاب الذي استمر تصدره لقائمة مبيعات الكتب على مدار ستة أسابيع، يطل هذا المرة بشكل جديد وبأسلوب جديد من خلال استعماله لوسيلة اتصالية جديدة أكثر تأثيراً وانتشاراً، إنه عالم السينما الذي يعرض القضايا بأسلوب أوضح ومباشر وينقل معه المشاهد إلى التجربة التي عاشها أو أبدعها الراعي بالصوت والصورة.
يبدو أن تجربة توني في حرب الخليج تعطيه منظوراً جديداً عن حالة وواقع الحروب، فهذه الحرب تحمل الكثير من الفكاهة والسخرية والبعد الحقيقي عن المعنى الواقعي للحرب الفعلية ومأساتها، وإن يكن هذا من الجانب الأمريكي يتحدث توني أن واقع هذه الحرب تعطيك الانطباع عن عدو يشكل مساحات محدودة وصواريخ صغيرة من الممكن نقلها بالوسائل التكنولوجية الحديثة الكفيلة بحسم الموقف قبل أن تبدأ المواجهة. إنها حرب مختلفة كلياً ولا تشبه بواقعها شيئا، إنها حرب الخليج.
سوفر وقصته تروي رواية الشاب الذي وصل أرض الخليج وصحرائه قبل يومين من تاريخ ميلاده ليحفر في صحراء الخليج سريعاً مواقعه استعداداً لبدء القتال والمواجهة، نظراً لاعتبار فرقته من الفرق الأول التي وصلت أرض الخليج.
مانديز مخرج الفيلم يتحدث عن عمله بأنه أراده متضمناً تلك الانطباعات والمشاعر التي تتكون لدى هذه الجنود عن تجربة جديدة عن معركة تفصيل الانطباعات التي مرت بها هذه الجنود في حرب مختلفة عما كان سائداً للأمريكيين في فيتنام، إنها حرب الفوز وليس الخسارة. يضيف المخرج مانديز أن "قصّتنا غير رومانسيةُ ولا سياسية. إنها قصة تدور حول الشبابِ الذين يَنضمّونَ إلى سلاح البحرية الأمريكية والذين يُحاولون إيجاد مكان لأنفسهم في هذه الحياةِ".
يضيف المخرج أن الفيلم يروي أيضاً السمة الأخرى للحياةِ العسكريةِ لجنود حرب الخليجِ الأوائلِ وكُلّ الجنود الذين خَدمَوا قبل تكاملِ جنس القوّات المُسَلَّحةِ، أي في الفترة التي كان فيها غياب للنساء (العسكريات) في وسطِهم.
من الجهة التقنية الإنتاجية للفيلم بدأ القيمون خطواتهم الأولى في هذا المجال وذلك في اختيار موقع التصوير الذي تم تنفيذه على قسمين الأول في استوديوهات يونفرسال العالمية، والثاني بعد خمسة أشهر بالتحديد في صحراء غلاميس كاليفورنيا، والمفارقة أن القصة الحقيقة للكتاب تروي حكاية خمسة أشهر من تجربة توني سوفر في البحرية الأمريكية في حرب الخليج، لقد بنى منتجو الفيلم قاعدة عسكرية سعوديةِ في موقع التصوير، إضافة إلى الطريقِ بين مدينة الكويت والبصرة، الطريق السريع الذي عرف بطريق الموت والذي سُمي أيضاً طريق العراقي المُحترَقِ، حيث كانت جثث المقاتلين والمدنيين التي مَلأتْ بقاياهم الطريقَ، حيث قامت قوات التحالف بإمطار هذا الطريق بقنابلها القاتلة.
في الإطار نفسه عانى طاقم التصوير والممثلون الكثير في هذا العمل الذي تم تصويره في أكثر الظروف المناخية الصحراوية قساوة، وذلك لنقل الواقع الفعلي لمواجهة الجنود الأمريكيين العواصف الصحراوية التي واجهتهم في هذه الحرب التي حتمت أيضاً على طاقم العمل الانتقال إلى الحدود الفاصلة بين كاليفورنيا والمكسيك، حيث أعطت الدولة المكسيكية الإذن بالتصوير لطاقم العمل الذي أراد نقل الواقع الفعلي لهذه التجربة العسكرية في منطقة الخليج. ساعة ونصف ساعة يومياً حتمت علينا التوغل في قلب المنطقة الفاصلة في الأراضي المكسيكية وذلك للوصول إلى بعد 270 ميلا من الأراضي الصحراوية اللامتناهية، التي حتمت على 375 شخصا التنقل اليومي لتنفيذ التصوير والعودة ليلاً للمبيت.
العنصر التقني الإنتاجي كان أيضاً له ثقله الكبير نظراً للظروف المناخية التي يتطلبها التصوير، إلا أن في واقع هذا العمل قسوة أكبر من طبيعة المكان، بل تتعداها إلى إصدار حكم واسع على تجربة عسكرية عاشها الجيش الأمريكي وبحريته في الصحراء العربية ودون فهم كبير لواقع العدو وطبيعة التكتيك العسكري الجديد الذي واجهوا من خلاله فقط قسوة الطبيعة الصحراوية وحسمت المعركة العسكرية تكنولوجياً. هذه الدراما العسكرية أعطت معنى جديدا للحرب يختلف عن مفهوم الحرب في فيتنام ويتعداه إلى تجربة مبهمة لدى العسكري الأمريكي عن نتيجة الحرب وغايتها ولزومها.
الفيلم من بطولة جاك غينهال الحاصل على الأوسكار عام 2004 جيمي فوكس، إضافة إلى نخبة من النجوم الشباب في هوليوود.
كثيرة هي الأفلام التي تتحدث عن الحروب في هوليوود، ولكننا اليوم أمام تجربة تجنبها الإنتاج السينمائي عن حروب خاضتها القوات الأمريكية منذ عام 1990 في منطقة الخليج، حساسية هذه البلدان أم فشل هذه الحروب أو نجاحها التكنولوجي الباهر كثيرة هي الأسباب التي دفعت منتجي هوليوود إلى تجنب هذه المواضيع إلى تاريخ 4/11/2005، تاريخ بدء عرض فيلم Jarhead الذي يسجل إلى الآن $59,420,000. (المدة الزمنية للفيلم 127 دقيقة).

الأكثر قراءة