FINANCIAL TIMES

رجال أعمال إيرانيون: عزلونا عن العالم .. الفيروس أشد من عقوبات أمريكا

رجال أعمال إيرانيون: عزلونا عن العالم .. الفيروس أشد من عقوبات أمريكا

خلال أقل من أسبوعين ارتفع عدد الحالات المؤكدة إصابتها بفيروس كورونا في إيران من حالتين إلى أكثر من 2300 حالة، ما زعزع ثقة الإيرانيين بقدرة النظام على احتواء الفيروس وفاقم عزلة البلاد الاقتصادية.
بعد الادعاء أن الفيروس كان تحت السيطرة قبل أسبوع، تضاعف عدد الحالات التي تم الإبلاغ عنها رسميا بشكل يومي تقريبا وتوفي 77 شخصا على الأقل، وفقا لآخر الأرقام الرسمية.
وفي إشارة إلى أن الحكومة ستستجيب أخيرا، قال الحرس الثوري إنه سيكرس مستشفياته لاستقبال مرضى فيروس كورونا وإنهم مستعدون لإنشاء مرافق مؤقتة تضم ثمانية آلاف سرير. لكن الإخصائيين الطبيين يخشون أن الأوان قد فات وأن الاستجابة المتأخرة مكنت الفيروس بالفعل من الانتشار دون رادع.
"على مدى شهر لم يؤكد المسؤولون أن الفيروس قد وصل إلى إيران، ثم قللوا من شأن عواقبه من خلال إخبار الناس أنه يشبه الإنفلونزا"، حسبما قال طبيب في مقاطعة خوزستان يعالج مرضى فيروس كورونا ويتوقع زيادة هائلة في عدد الوفيات في المقاطعة في وقت لاحق هذا الأسبوع.
قال الطبيب: "كلما كان المسؤولون خائفون من تخويف الناس، زاد انتشار الفيروس وستصبح البلاد موبوءة أكثر".
تم تأكيد أول حالات الإصابة بالفيروس في مدينة قم التي يقطنها 1.2 مليون شخص، في 19 شباط (فبراير)، لكن بعد مرور أكثر من أسبوعين لا يزال النظام يرفض فرض الحجر الصحي على المدينة. بدلا من تجنب قم، واصل كثير من الزوار السفر إلى هناك. وشارك بعضهم مقاطع فيديو عبر الإنترنت عن زوار يلعقون نوافذ مطلية بالذهب تحيط بقبر في المدينة معتقدين أن ذلك سيعالج الفيروس بدلا من نقله إليهم.
في تدخل غير مسبوق، سعى المرشد الأعلى لإيران الأسبوع الماضي إلى التدخل، مشيرا إلى أن صلاة الجمعة في المدن الكبرى في إيران يمكن إلغاؤها للمرة الأولى منذ ثورة 1979.
قال آية الله أحمد مروي، المشرف على أحد الأضرحة في مدينة مشهد الشمالية الشرقية، إنه سيغلق المكان إذا طلبت طهران ذلك. وقد نصح كبار الملالي في قم أتباعهم بالاستماع إلى مسؤولي الصحة لكنهم لم يغلقوا ضريحهم بعد.
أوضح محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإيراني السابق، قائلا: "بعض الشخصيات المتشددة تعتقد أن هذا سيسجل في التاريخ (وصمة عار) إذا تخلوا عن أداء الواجبات الدينية بسبب تفشي أحد الأمراض". أضاف: "حتى أن هناك بعض المتدينين في أجزاء أخرى من البلاد يعتقدون أن هذا هو الوقت المناسب لإظهار ولائهم لقم عن طريق السفر إلى هناك في هذه الأيام الصعبة."
أدى التأخر في الاستجابة والارتفاع المفاجئ في عدد الحالات المؤكدة في الأسبوع الماضي إلى إثارة شكوك في أن المسؤولين الإيرانيين ربما أخفوا وجود الفيروس ومدى تفشيه خلال معظم شهر شباط (فبراير). واتهم ثلاثة برلمانيين على الأقل الحكومة بتقليل عدد الحالات الفعلي.
من جانبه، ينفي مسؤولو الصحة في إيران أي تستر لكن جوانب تفشي الفيروس في إيران غير عادية. بناء على الأرقام الرسمية، معدل الوفيات في إيران هو الأعلى في العالم، ما يشير إلى أنه إما أن هناك حالات أكثر بكثير مما يتم تسجيله حاليا، وإما أن الفيروس يثبت أنه مميت في إيران أكثر من أي مكان آخر في العالم.
تفاقم الذعر العام بعد تأكيد إصابة عدد من كبار المسؤولين السياسيين. ثبت أن ما لا يقل عن 20 من أعضاء البرلمان، ونائبة الرئيس لشؤون المرأة، ونائب وزير الصحة جميعهم أصيبوا بالفيروس في الأسبوع الماضي.
كان تأثير تفشي الفيروس مختلفا اجتماعيا. في حين أن الشوارع والمطاعم في المناطق الأكثر ثراء في العاصمة مهجورة، يقول الناس في المناطق الفقيرة إنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف الحجر الصحي.
"هل يمكنني البقاء في المنزل؟ من الذي سيدفع إيجار هذا المحل؟"، قال صاحب متجر خضراوات وسط طهران، لا يزال يحظى بالزبائن. "أنا في خطر، وأنا أعلم ذلك، لكن لا فرق بين الحياة والموت بالنسبة لي الآن".
في زابل، وهي بلدة على الحدود مع أفغانستان، قال أحد السكان يدعى ماهين إن الحياة لم تتغير على الإطلاق. "ليس لدى الناس أي فكرة عن مخاطر الفيروس، أو يقولون إن الطقس حار هنا لذلك لا يوجد خطر".
كثير من الإيرانيين يقولون إن القوات المسلحة بحاجة إلى التدخل بقوة أكبر لفرض قيود على السفر الداخلي.
إضافة إلى فتح مزيد من المستشفيات، قال أعضاء الجناح التطوعي في الحرس الثوري إنهم سينضمون إلى 300 ألف فريق طبي للسفر في جميع أنحاء البلاد وطرق أبواب الناس لتوعيتهم، في محاولة لمنع انتشار الفيروس.
في الوقت ذاته، يعاني الاقتصاد الإيراني. التجارة مع الدول المجاورة التي تعد حيوية مع وجود العقوبات الأمريكية المعرقلة، أصبحت مقيدة بشكل متزايد بعد إغلاق دول مثل أفغانستان والعراق وتركيا حدودها.
قال رجل أعمال إيراني: "من الناحية العملية، البلاد معزولة تماما ومقطوعة عن بقية العالم، حتى عن جيراننا. هذا يبدو وكأنه عقوبات شاملة مفروضة علينا، وهو أمر لم تستطع الولايات المتحدة فعله".
إنشرها

سمات

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES