تحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية للاتجاه نحو المناطق الأقل نموا
أكد خالد القصيبي وزير الاقتصاد والتخطيط أن رفع مستوى معيشة المواطن وتحسين نوعية الحياة وتوفير فرص عمل للمواطنين من أولويات خطة التنمية الثامنة التي أقرها مجلس الوزراء منتصف الأسبوع الماضي.
وقال القصيبي في حوار موسع أجرته معه "الاقتصادية" لتسليط الضوء على خطة التنمية (2005 – 2009), إن الخطة ترمي إلى، التوسع الكمي والنوعي في الخدمات التعليمية والتدريبية والصحية والاجتماعية، وفي العلوم التطبيقية والتقنية، وتشجيع المبادرات والابتكار، ومواكبة التطورات الاقتصادية والتقنية العالمية السريعة، وتنويع القاعدة الاقتصادية وتحسين إنتاجية الاقتصاد الوطني.
ويضيف الوزير القصيبي أن الخطة تستهدف أيضا تعزيز قدراته التنافسية، والاهتمام بالمجالات الواعدة كالصناعات الاستراتيجية والتحويلية. وأشار في حديثه إلى ما أولته الخطة من اهتمام بمساهمة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبتطوير منظومة العلوم والتقنية والمعلوماتية، ودعم عمليات البحث والتطوير، وزيادة الإنتاج والإنتاجية، وتوسيع آفاق الاستثمار، والتوسع المستمر في التجهيزات الأساسية وصيانتها بما يتلاءم مع نمو الطلب عليها.
وتعطي خطة التنمية اهتماماً خاصاً بزيادة مشاركة المرأة في عملية التنمية، وتعضيد دور الأسرة في المجتمع من خلال تطوير قدرات المرأة السعودية وإزالة المعوقات أمام توسيع مشاركتها في النشاطات الاقتصادية والإنمائية. وأكد القصيبي اهتمام الخطة بمواصلة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، وتواصل دعم القطاع الخاص، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، والمالي، وإبقاء التضخم عند مستوياته المتدنية. إلى نص الحوار:
- من المتعارف عليه أن لكل خطة تنموية إطارا عاما لتوجهاتها تمليه عليها الظروف والمعطيات الداخلية والخارجية المحيطة، فما هي المعالم الأساسية للإطار العام لتوجهات خطة التنمية الثامنة؟
تعبر الخطة في مجملها عن أقصى ما يمكن تحقيقه من طموحات وآمال المجتمع في فترة زمنية متوسطة (خمس سنوات). وأبرزت توجهات الخطة ذلك بوضوح في إطارها العام الذي يعكس اهتمامات المملكة المرتبطة مباشرة بمصلحة المواطنين والارتقاء بمستوى معيشتهم، وتحقيق النهضة التنموية الشاملة مع التركيز على بعد التوازن الإقليمي بين مناطق المملكة في توزيع عوائد النمو والتنمية، وفي ذلك الإطار تحددت النقاط التالية التي تعد أهم المعالم الأساسية لتوجهات الخطة:
- مستوى المعيشة ونوعية الحياة: تضع خطة التنمية الثامنة قضية رفع مستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة للمواطنين في المرتبة الأولى على سلّم أولوياتها، وذلك انطلاقاً من القناعة بأن الإنسان السعودي هو وسيلة التنمية وغايتها. وتتلخص أهم التحديات المتعلقة بهذه القضية في تقليص ظاهرة البطالة، ومعالجة ظاهرة الفقر. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى معدل الزيادة السكانية المرتفع نسبياً، والذي يقدر بنحو 2.5 في المائة، مما يشكل ضغوطاً على الخدمات والمرافق العامة، ويتطلب ضرورة تكامل المبادرات الحكومية والخاصة لتوفير فرص العمل، سواء عن طريق إيجاد فرص عمل جديدة أو من خلال الإحلال محل العمالة الوافدة.
وفي إطار جهود تطوير الوضع المعيشي العام لجميع المواطنين في جميع مناطق المملكة تسعى خطة التنمية الثامنة إلى تحفيز الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية للاتجاه نحو المناطق الأقل نمواً في المملكة، وذلك تشجيعاً لزيادة النشاط الاقتصادي في تلك المناطق، وتقليص الهجرة منها إلى المناطق الحضرية الكبرى.
ونظراً لما لتأثير الأوضاع السكانية من أهمية على مستوى المعيشة ونوعية حياة المواطنين، تعمل هذه الوزارة على إعداد مشروع سياسة سكانية للمملكة تستند إلـى الرؤية الاستراتيجيـة طويلـة المدى للاقتصاد الوطني 1444/1445هـ (2024)، آخـذة في الحسبان الاستراتيجيـة السكانية لدول مجلـس التعاون لـدول الخليج العربيـة المعتمدة مـن قبـل المجلـس الأعلـى في دورته التاسعة عشرة التي عقدت في أبو ظبي خلال المدة 18-20/8/1419هـ (1999)، والأهداف الألفية للتنمية (Millennium Development Goals) التي صدرت عن منظمة الأمم المتحدة عام 1420/1421هـ (2000).
- ظاهرة الفقر: يُعد لجم الفقر تمهيداً لاستئصاله هدفاً محورياً لخطة التنمية الثامنة نص عليه صراحة أساسها الاستراتيجي الرابع. وإنفاذاً للأمر السامي الكريم القاضي بوضع استراتيجية وطنية شاملة لمعالجة الفقر، شاركت وزارة الاقتصاد والتخطيط مع فريق عمل الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر في وضع مشروع هذه الاستراتيجية استناداً إلى إطار علمي يراعي ظروف وإمكانيات المملكة، مع الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في مجال معالجة ظاهرة الفقر. وتنطوي الاستراتيجية على تكوين قاعدة بيانات مبنية على مسوحات متخصصة يمكن من خلالها قياس الفقر بمؤشراته المختلفة، ودراسة الأسباب التي تؤدي إليه، بهدف تنفيذ البرامج والسياسات المناسبة لمكافحته والتقليل من آثاره السلبية على البنية الاقتصادية والاجتماعية.
- التنمية المتوازنة بين المناطق: تؤكد توجهات الخطة أن تحقيق التنمية المتوازنة بين المناطق، لا يتطلب توفير التجهيزات الأساسية والخدمات المهمة فحسب، بل يحتاج أيضاً، وبشكل متزامن، إلى بناء قاعدة إنتاجية تستند بشكل أساسي إلى المعطيات الذاتية للمنطقة ومقوماتها التنموية، وإلى استراتيجية وطنية تهدف إلى تقليل التباين بين المناطق من خلال تحفيز الاستثمارات الخاصة على التوطن في المناطق الأقل نمواً.
وستشهد فترة الخطة استمرار توسعة الشبكة الوطنية للطاقة، غاز طبيعي، نفط، كهرباء، لتوفير الوقود واللقيم والطاقة الكهربائية لمحاور التنمية الجديدة. وكذلك توسعة شبكة الخطوط الحديدية التي ستتيح في المدى المتوسط ربط المناطق التعدينية في شمال البلاد في المنطقة الشرقية مروراً بوسط المملكة لنقل خامات المواد المستخرجة إلى مراكز المعالجة والتصنيع، إضافة إلى ربط شرق المملكة بغربها، وربط مكة المكرمة عن طريق جدة بالمدينة المنورة. كما سيتم البدء في تطوير المواقع السياحية التي حددتها الاستراتيجية بعيدة المدى للسياحة بما يزيد على عشرة آلاف موقع طبيعي أو تاريخي أو ثقافي.
وتولي الخطة أهمية خاصة للتنمية الحضرية، وتنمية المناطق، من خلال توجهاتها نحو مواجهة المشكلات التي يثيرها التوسع الحضري، والتركز في المدن الرئيسة، والتي تؤدي على المدى البعيد إلى تدهور البيئة الحضرية، وتزايد نزوح السكان من المناطق الأقل نمواً، وما ينطوي عليه ذلك من تكاليف اجتماعية وبشرية، وذلك بإنشاء محاور تنمية اقتصادية جديدة في مناطق المملكة، مع الاستفادة القصوى من ميزات الموقع المرتبطة بتنمية الخدمات اللوجستية، والصناعات التحويلية الموجهة نحو الأسواق المحلية والإقليمية فضلاً عن تنمية مواقع جذب سياحية.
وفي سياق تطبيق مزيد من اللامركزية الإدارية يتوقع أن تستمر خلال فترة الخطة عملية تفويض الصلاحيات للإدارات المحلية في المناطق، تمشياً مع التوجهات نحو تعزيز مشاركتها في العملية التنموية.
وثمة جانب مهم توليه خطة التنمية الثامنة اهتماماً خاصاً وهو المتعلق بمسألة توفير البيانات والمعلومات التفصيلية حول جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية في مناطق المملكة، نظراً لأهمية ذلك في إعداد الاستراتيجيات والخطط الملائمة لتنمية المناطق.
وسعياً إلى تقليل التباينات في مستويات المعيشة بين المناطق في المملكة، سيتم التركيز على تبني سياسات وبرامج ومشاريع تغطي جميع المناطق وتساعد على توفير فرص عمل للمواطنين على نطاق المملكة.
التنمية البشرية
تُعد تنمية الموارد البشرية من أهم توجهات خطة التنمية الثامنة، وقد ظلت تنمية الموارد البشرية تحتل موقع الصدارة في سلّم أولويات خطط التنمية المتعاقبة التي حرصت على الارتقاء المستمر بمهارات الكوادر البشرية وتنمية قدراتها من خلال التوسع الكمي والنوعي في التعليم والتدريب والتأهيل المهني. كما حرصت الخطط على معالجة القضايا ذات العلاقة بكفاءة سوق العمل وسياساته وتحسين بيئته في ضوء المتغيرات والمستجدات الداخلية والخارجية.
اتجاهات العولمة
وفي ظل الأوضاع العالمية الراهنة التي تتنامى فيها اتجاهات العولمة الاقتصادية، وتتسارع معدلات التطورات التقنية لتضفي بعداً جديداً لمفهوم الميزة النسبية للدول، أصبح تحسين نوعية القوى العاملة، ورفع كفاءتها الإنتاجية، وقدرتها على الإبداع والابتكار في المجالات التقنية الحديثة، الوسيلة الأساسية والحاسمة لاستيعاب الابتكارات العلمية والتقنيات المتطورة، وتعزيز قدرة الدولة للاندماج في الاقتصاد العالمي، كما أصبحت القدرة على اكتساب المعرفة وإنتاجها وتجسيدها في المنتجات والسلع هي العنصر الأهم في قياس تقدم الأمم وازدهارها.
وتدرك التوجهات العامة للخطة أن هدف تنمية الموارد البشرية تعترضه مجموعة من المعوقات والتحديات التي تواجه زيادة معدل مشاركة القوى العاملة الوطنية بصفة عامة، والإناث بصفة خاصة، في النشاط الاقتصادي. بالإضافة إلى الاختلالات الكلية والهيكلية في توازن سوق العمل من حيث الاعتماد على العمالة الوافدة، وبروز ظاهرة البطالة في أوساط الشباب حديثي التخرج.
وعلى الرغم من تزايد أهمية دور القطاع الخاص في التوظيف، إلا أن هناك حاجة إلى تعزيز آلية التنسيق معه في مجالات تخطيط القوى العاملة، والتعليم، ورسم سياسات سوق العمل، بما يضمن ملاءمة مواصفات عرض العمل لاحتياجات السوق.
ومن منطلق توجهات الخطة نحو زيادة استجابة القطاع الخاص للسياسات والقرارات الخاصة بتوطين الوظائف والحد من الاعتماد على العمالة الوافدة، كان اهتمام الخطة برفع مستوى التنسيق معه وتشجيعه للمزيد من المشاركة مع جهود القطاع العام.
- تنويع القاعدة الاقتصادية: لا شك أن النمو السريع من شأنه الإسهام في تعزيز عملية تنويع الاقتصاد الوطني التي حققت بالفعل تقدماً ملحوظاً خلال العقود الماضية ولا تزال تتمتع بأولوية كبيرة في خطة التنمية. ويستند تنويع القاعدة الاقتصادية إلى الميزة النسبية للمملكة، ودعم القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني الذي يمارس نشاطاته وفق مبادئ الاقتصاد الحر. ومن المتوقع أن يصبح الاقتصاد الوطني أكثر انفتاحاً بانضمام المملكة إلى عضوية منظمة التجارة العالمية، الذي سيصبح نافذاً بنهاية العام الحالي.
الأهداف في القطاع الصناعي
وفي إطار مواجهة تحديات تنويع القاعدة الاقتصادية تسعى خطة التنمية الثامنة لتسريع معدلات النمو بالقطاعات المؤهلة للإسهام بفاعلية في عملية التنويع، التي من أهمها:
- الصناعـات التي تعتمد على استغلال الميزات النسبية للاقتصاد الوطني وتحويلها إلى ميزات تنافسية، مثل: البتروكيماويات، وتلك المعتمدة عليها (Down Stream)، وصناعة تكرير النفط، والصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة.
- الصناعات كثيفة الاستثمارات، ومن أهمها: الغاز الطبيعي، والصناعات التعدينية، والدوائية، وقطاع الخدمات (وبصفة خاصة: السياحة والنقل والتأمين).
- صناعات السلع الرأسمالية مثل صناعة المنتجات المعدنية، والآلات والمعدات والأجهزة الكهربائية، لكونها من دعائم استدامة النمو، ومجال خصب لتطوير التقنيات الوطنية وتجسيدها في سلع إنتاجية.
- الصناعـات المؤهلة للإسهام بفاعلية في عمليات التحول المستهدفة نحو "اقتصاد المعرفة"، وهي الصناعات الكثيفة الاستخدام لكل من التقنية ورأس المال. وتتميز بالمقدرة علـى إعطاء "دفعة قوية" لصناعات أخرى عديدة، إضافة إلى إسهامها الفاعل في تحسيـن وتكوين الميزات التنافسية (Competitive Advantages)، التي أصبحت ذات أهمية على الصعيد العالمي تفـوق أهمية الميزات النسبية (Comparative Advantages)، ومن أهمها: صناعة تقنية المعلومات (وبصفة خاصة البرمجيات)، وصناعة السلع الرأسمالية.
المنشآت الصغيرة والمتوسطة لأهمية دورها وإسهاماتها في تنويع القاعدة الاقتصادية، وتوفير مزيد من فرص العمل.
- الصناعات التحويلية المتجهة للتصدير، خاصة تلك التي حققت نجاحات كبيرة مثل المنتجات الغذائية، ومواد البناء، والمنتجات البلاستيكية، وذلك في إطار استراتيجية بعيدة المدى لتنمية الصادرات غير النفطية، وتطوير برامج لترويج الصادرات وتنشيطها.
- صناعة السياحة لكونها تمثل فرصة واعدة تسهم بفعالية في التنويع الاقتصادي من خلال زيادة مصادر الدخل، وتوفير فرص وظيفية للعمالة الوطنية، وتحسين أوضاع ميزان الخدمات والتحويلات.
- قطاع الزراعة، بالتركيز على تشجيع المحاصيل ذات القيمة المضافة العالية، التي تستخدم تقنيات متقدمة لترشيد استخدام المياه، وتحسين كفاءة استخدام الموارد الطبيعية.
الاستقرار الاقتصادي
كيف تنظر خطة التنمية الثامنة إلى الاستقرار الاقتصادي باعتبارها إحدى ركائزها؟
ترى الخطة أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال:
- تكثيف السياسات المالية التي تستهدف تحقيق "الاستقرار المالي"، والحد من الانعكاسات السلبية للتقلبات الحادة في أوضاع الأسواق العالمية للنفط على النفقات والإيرادات العامة للدولة.
- تكثيف السياسات النقدية التي تستهدف تحقيق "الاستقرار النقدي"، والمحافظة على القوة الشرائية للعملة الوطنية.
- استمرار عملية التطوير الإداري لتحسين كفاءة أداء القطاع الحكومي.
وكما هو معلوم فإن الاستقرار الاقتصادي يعد شرطاً أساسياً لتهيئة المناخ الاستثماري الملائم لجذب الاستثمارات الخاصة (الوطنية والأجنبية)، كما يعد أيضاً من أهم مقومات تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لخطة التنمية، وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى وجود علاقة وثيقة من الارتباط والتأثير المتبادل بين توجهات خطة التنمية الثامنة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي من ناحية، وتوجهاتها نحو استمرارية تحسين كفاءة أداء الخدمات المالية من ناحية أخرى، وبصفة خاصة الخدمات المصرفية، والأسواق المالية، وأنشطة التأمين.
- الاستثمار المحلي والأجنبي: على الرغم من الجهود والإصلاحات التي اتخذت خلال الخطط الخمسية المتعاقبة بصفة عامة، وخطة التنمية السابعة بصفة خاصة، لتوفير المناخ الاستثماري المناسب، إلا أنه لا تزال هناك فرص واعدة لرفع معدلات النمو الاستثماري لضمان بناء تراكم رأسمالي متنام وقادر على تحقيق نقلة نوعية للاقتصاد الوطني، ويفتح المزيد من الآفاق لفرص وظيفية أكبر تساعد على استقطاب الطاقات البشرية المتاحة، والإسراع بخطى التنمية الشاملة وهذا ما تسعى خطة التنمية الثامنة لتحقيقه.
جوانب تتعلق بالإدارة
- التطوير المؤسسي والإداري: يشكل التطوير المؤسسي والإداري موضوعاً مهماً في إطار التحديات والفرص المتاحة للاقتصاد الوطني، وهو يشتمل على مجالات عديدة ومتنوعة، من أهمها تذليل معوقات الاستثمار، وتفعيل نظم الحوافز لجذب الاستثمارات الخاصة، وتطوير الأنظمة، وتحسين كفاءة أداء الأجهزة والجهات الحكومية. ولا شك أن التطورات الإيجابية التي تحققت في هذه المجالات، وما هو مأمول أن يتحقق سيساعد في تحسين الترتيب العالمي للمملكة من حيث تدفقات الاستثمارات الأجنبية والمقدرة التنافسية.
وثمة تحديات رئيسة أخرى تتعلق بالتطوير المؤسسي تركز عليها خطة التنمية الثامنة، يتمثل أولها في تسريع خطوات تنفيذ استراتيجية التخصيص. فعلى الرغم من أن الخصخصة تشكل عنصراً رئيساً في استراتيجية التنمية منذ الخطة الرابعة، إلا أن ثمة انطباعا عاما بأن التسريع في تنفيذ استراتيجية الخصخصة ما زال يشكل تحدياً. أما التحدي الثاني فيتعلق بتسريع تنفيذ قرارات إعادة الهيكلة المعلنة. ويرتبط التحدي الثالث بمسألة التصدي بفاعلية للتحديات الناتجة عن العولمة.
الجدير بالذكر في هذا السياق أنه ما زالت هناك حاجة لاتخاذ بعض الخطوات العاجلة لإيجاد جهات تتجاوب مع الاحتياجات المستجدة. فعلى سبيل المثال ينبغي أن يتم خلال خطة التنمية الثامنة إيجاد جهة فعّالة لتطوير منشآت الأعمال الصغيرة، مصممة على نمط إدارة منشآت الأعمال الصغيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، مثلاً.
وشهدت خطة التنمية السابعة خطوات مهمة على صعيد التطوير المؤسسي. ففي مجال تطوير البيئة الاستثمارية تم على سبيل المثال: اعتماد نظام الاستثمار الأجنبي الجديد، وإنشاء الهيئة العامة للاستثمار، وهيئة تنظيم الخدمات الكهربائية، وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، والهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية، واعتماد العديد من المناطق الصناعية الجديدة في مختلف مدن ومناطق المملكة، والترخيص لبنوك استثمار دولية للعمل في المملكة، وغيرها من خطوات أساسية تهدف إلى تطوير بيئة الأعمال، وتحفيز الاستثمارات الخاصة.
الإصلاح والتطوير
ما أهم الخطوات التي تتطلع خطة التنمية الثامنة إلى تحقيقها في مجال الإصلاح والتطوير خلال المرحلة المقبلة؟
هناك جملة من الخطوات يمكن حصرها فيما يلي:
- تسهيل عمليات التقاضي وفض المنازعات ورفع كفاءتها من خلال تطوير إمكانات المحاكم المختصة والنهوض بقدراتها، وسرعة تنفيذ الأحكام.
- تفعيل الأنظمة ذات العلاقة بالمنافسة ومناهضة الاحتكار ومكافحة الإغراق.
تطوير نظام عصري للإفلاس يشجع على المبادرة، ويحفز الرأسمال على المخاطر، ويحافظ على حقوق المستثمرين.
- تقليص حالات الازدواج الضريبي، والتوسع في عقد الاتفاقيات في هذا الخصوص مع المزيد من الدول.
- تفعيل سياسات وبرامج توطين الوظائف، وتنظيم عملية الاستقدام لضمان انسجامها مع حاجات الاقتصاد من المهن والتخصصات من جهة وما يتوافر منها بين القوى العاملة الوطنية، من جهة أخرى.
- تطوير بيانات ومعلومات بيئة الأعمال والاستثمار، وتوفيرها بأسلوب ميسر وعلى نطاق واسع.
- ميكنة جميع إجراءات الاستثمار، والإجراءات الأخرى ذات العلاقة بقطاع الأعمال.
- الاهتمام بتطبيق المواصفات والمقاييس.
- إعداد برنامج زمني لتنفيذ توجهات استراتيجية التخصيص.
التخصيص
كيف تتعامل خطة التنمية مع التخصيص؟
تؤكد الخطة أهمية تخصيص المزيد من النشاطات والمرافق والخدمات العامة، وترتكز الرؤية المستقبلية لأهداف التخصيص واستراتيجياته على رفع مستوى مشاركة القطاع الخاص في النشاطات الاقتصادية، لزيادة الكفاءة التشغيلية للاقتصاد الوطني، وإيجاد البيئة التنافسية. هذا مع ما تقتضيه الرؤية من إعادة النظر في دور الحكومة في النشاطات الاقتصادية، وحصره في أضيق الحدود للحد من التقلبات التي تصاحب ارتفاع أو انخفاض الإنفاق الحكومي.
ويتوقع أن تشهد خطة التنمية الثامنة تسريع وتيرة التخصيص، وتعزيز دور الهيئات التنظيمية لضمان قيامها بمهامها بصورة فعالة، لحماية مصالح جميع الأطراف ذات العلاقة. كما يتوقع أن تشهد المدة ذاتها بدء مرحلة مهمة في برنامج التخصيص تتمثل في وضع برنامج تنفيذي للتخصيص، يتم وفقاً له التعامل مع جميع المنشآت والمرافق المستهدفة بالتخصيص، كل منشأة حسب طبيعتها، ونوعية التخصيص المستهدف، والعقبات المطلوب تذليلها، ومدى الحاجة إلى الخبرة الاستشارية المحلية أو الدولية.
بقية معالم الخطة
- المالية العامة: تُعزى الصعوبات التي قد تواجه الاستقرار المالي إلى التقلبات الحادة التي قد تتعرض لها الإيرادات النفطية، وارتفاع نسبة النفقات المتكررة إلى الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بالنفقات الاستثمارية، مما يشكل تحدياً لتوجهات خطة التنمية الثامنة بشأن تسريع معدلات النمو على الصعيدين الكلي والقطاعي، لذا تتوجه خطة التنمية الثامنة إلى تحقيق التوازن بين المتطلبات المختلفة للجهات الحكومية، ولمناطق المملكة، من مشاريع وبرامج وقوى عاملة بما يحقق استمرار التنمية الشاملة.
- ترشيد استخدام المياه: يُعد تنامي الطلب على المياه من أهم التحديات التي تواجه خطط التنمية في المملكة، نظراً للزيادة المطردة في الطلب عليها نتيجة النمو السكاني المرتفع نسبياً، وللأغراض المنزلية والصناعية والزراعية، بما لا يتناسب مع الموارد المائية المحدودة وغير المتجددة.
وتتمثل أهم القضايا والتحديات التي تسعى خطة التنمية الثامنة للتعامل معها فيما يتعلق بمورد المياه، في إيجاد تسعير للمياه على أسس اقتصادية، وتطوير المواءمة بين طاقتي شبكة إمداد المياه وشبكة الصرف الصحي، وإعطاء مزيد من الاهتمام والتنسيق بين إقامة مرافق جديدة وصيانة القائم منها، ومحدودية الاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة، وتكثيف تطوير إجراءات المحافظة على المياه، وتعزيز قدرات المراقبة والمتابعة.
وترتكز استراتيجية التنمية لقطاع المياه خلال فترة الخطة على مجموعة من الأهداف الرئيسة أبرزها توفير المياه لجميع سكان المملكة بمستوى عالٍ من الجودة والاعتمادية وبأقل تكلفة ممكنة مع الأخذ في الحسبان القدرة الشرائية لذوي الدخل المنخفض، وتوفير المياه للأغراض الصناعية والزراعية في حدود ما تقتضيه استدامة موارد المياه والفاعلية الاقتصادية والاجتماعية، والمحافظة على موارد المياه وترشيد استخدامها، وتحقيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية.
- التقنية والمعلوماتية: تولي خطة التنمية الثامنة اهتماماً كبيراً لمسألة تطوير منظومة العلوم والتقنية، والاهتمام بالمعلوماتية، ودعم البحث العلمي وتشجيعه، ومواكبة التوجه نحو اقتصاد المعرفة، لكونها عوامل أساسية لتحقيق أهداف النمو الاقتصادي فضلاً عن دورها في تعزيز القدرات التنافسية الصناعية. وفي هذا الصدد، تتبنى الخطة سياسات وتطويرات مؤسسية تهدف إلى دعم العلوم والتقنية والأبحاث والتطوير وتحسين إدارتها. بالإضافة إلى اهتمامها بتعزيز التعاون في مجال تطوير التقنية بين الصناعة والجامعات ومؤسسات الأبحاث. ومن المؤمل أن تسهم هذه الجهود في تعزيز القدرات التقنية في كل من القطاعين العام والخاص.
- زيادة مشاركة المرأة وتعضيد دور الأسرة في المجتمع: لقد أولت الخطة اهتماماً خاصاً بموضوع زيادة مشاركة المرأة في النشاطات التنموية وتطوير قدراتها وإزالة المعوقات أمامها.
كيف ستتم زيادة مشاركة المرأة في الجانب الاقتصادي؟
في هذا السياق حددت الخطة الأهداف العامة التالية التي تسعى لتحقيقها في مجال الأسرة والمجتمع، وتفعيل مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي:
- توثيق أواصر الأسرة، والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية، ورعاية أفرادها، وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم.
- كفالة حق المواطن وأسرته في حالة الطوارئ، والمرض، والعجز، والشيخوخة.
ـ دعم نظام الضمان الاجتماعي وتشجيع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية.
ـ تمكين المرأة وزيادة مشاركتها في المجالات المختلفة، سواء كان في داخل الأسرة أو في موقع العمل، وإتاحة فرص أفضل لها في مواقع اتخاذ القرار، وتقديم المعالجات التي تؤدي إلى تمكنها تعليمياً وصحياً وتشغيلياً.
الثقافة والعولمة
قطعا سيكون هناك انعكاسات اقتصادية واجتماعية وثقافية على العولمة .. ما الأطر التي وضعتها الخطة لهذا الجانب؟
ستشهد الفترة القريبة المقبلة انضمام المملكة النهائي إلى منظمة التجارة العالمية، مما يترتب عليه بروز جانب مهم في مسار الإصلاح الاقتصادي يتعلق بكيفية التعامل بكفاءة ومرونة مع الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعولمة.
وتتمثل أهم التحديات الاقتصادية الناجمة عن ظاهرة "العولمة" في زيادة حدة المنافسة بين المنتجات الوطنية ومثيلاتها الأجنبية. مما قد يتطلب ضرورة اتخاذ تدابير وسياسات اقتصادية فاعلة لتحسين القدرات التنافسية للمنتجات الوطنية، وربما لا تشكل قضايا إزالة الحواجز الجمركية وتحرير التجارة والانفتاح على الاقتصاد العالمي تحديات كبيرة للاقتصاد الوطني، حيث تتركز التحديات الحقيقية في تنويع القاعدة الاقتصادية، وزيادة الإنتاج، وتحسين الإنتاجية والجودة، وتحقيق التطوير التقني، وتحويل الميزات النسبية إلى ميزات تنافسية، مما يتطلب تسريع معدلات النمو على الصعيدين الكلي والقطاعي، وتطوير نظم الحوافز لجذب الاستثمارات الخاصة (الوطنية والأجنبية)، وتحقيق "دفعة قوية" في مجالات تنمية الصادرات غير النفطية.
وتستهدف خطة التنمية الثامنة تقليص الانعكاسات السلبية للعولمة من خلال:
- التوسع في المعونات الفنية المقدمة للمشروعات الإنتاجية في مجالات البحوث والتطوير التقني والإرشاد.
- الاستمرار في تقديم المعونات للقطاع الخاص لتشجيعه على تنفيذ برامج السعودة من خلال صندوق تنمية الموارد البشرية.
- الاستمرار في إعطاء الأولوية للإنفاق على تنمية القوى البشرية بمفهومها الواسع، مع التركيز على تطوير برامج التعليم والتدريب والتأهيل لمواءمتها مع متطلبات سوق العمل، ومواصلة الجهود لتقليص ظاهرة البطالة.
- تعظيم الاستفادة من الجوانب الإيجابية للعولمة الثقافية والإفادة منها في تحديث وتطوير الثقافة الوطنية. وهو ما يتطلب التعامل بكفاءة ومرونة مع الانعكاسات الثقافية للعولمة من خلال تحقيق "نقلة نوعية" بشأن تطوير المناهج التعليمية بمستوياتها المختلفة، وتحديد رؤى واضحة ومتكاملة بشأن تعامل جميع الأجهزة المعنية بالشأن الثقافي لتحقيق التطوير والتحديث الثقافي في إطار ثقافتنا الإسلامية والعربية.
يعد الاستثمار أحد الركائز الأساسية للنمو، وقد واجه في الماضي العديد من المشاكل التي أعاقت دوره التنموي المأمول، هل لكم إلقاء الضوء بشكل مفصل على توجهات خطة التنمية الثامنة بهذا الشأن؟
يعد الاستثمار المحرك الرئيس لعملية النمو الاقتصادي، إذ يؤثر في النمو من جانبين: أولاً: كونه جزءًا أساسياً من الطلب الكلي، حيث يسهم مباشرة في تحفيز الإنتاج المحلي. ثانياً: وظيفته في تراكم الأصول المنتجة المطلوبة للحفاظ على الطاقة الإنتاجية للاقتصاد وتنميتها وزيادة قدرته التنافسية.
تستهدف خطة التنمية الثامنة مواصلة مواجهة العديد من التحديات والقضايا التي تعوق أو تبطئ عملية تطوير مناخ الاستثمار القائم، وتسعى في هذا الخصوص إلى تحقيق ما يلي:
- توفير المزيد من الفرص الاستثمارية المجزية تحقيقاً لتوجهات الخطة بشأن تسريع وتيرة النمو وتنويع القاعدة الاقتصادية، واستقطاب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية.
- إيجاد بيئة تشريعية وتنافسية مناسبة تتسم بالشفافية، وتوفير المواقع المناسبة والمجهزة لاستقبال الاستثمارات الجديدة، والقوى العاملة الوطنية الماهرة والمؤهلة لتلبية متطلبات سوق العمل.
ـ توفيـر إطار متكامل للحوافز أسوة بالعديد من الدول الجاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية.
- تكثيف دور سوق المال السعودية كأداة فاعلة في الاقتصاد الوطني يمتد تأثيرها إلى جوانب عديدة من النشاط الاقتصادي ومجالاته بصفتها قناة لتعبئة المدخرات وتوظيفها. هذا بالإضافة إلى دورها في دعم الاستقرار الاقتصادي وتوطيده، وزيادة مستويات الإنتاج من خلال تمويل الفرص الاستثمارية، ودورها البناء في الإسراع بعملية الخصخصة.
ويتضح من توجهات خطة التنمية الثامنة، المعالم العريضة للمناخ الاستثماري الذي يتميز بتنفيذ عدد معيَّن من المشاريع الاستثمارية والاستراتيجية الكبرى التي يمكن أن تُحدث "تأثيراً إيجابياً" على فرص الاستثمار في مجالات أخرى مستهدفة.
وتشمل المشاريع الاستثمارية المشار إليها مشروعات تم اعتمادها، وأخرى ما زالت قيد الدراسة. وفي حين أن بعضها سيتم الانتهاء من تنفيذه خلال فترة الخطة، فإن البعض الآخر قد تمتد مدة تنفيذه إلى ما بعد ذلك. وتضم هذه المشاريع:
الغاز، وتوسعة الطاقة الإنتاجية لشركة أرامكو السعودية، ورفع كفاءة المصافي وتوسعتها، والبتروكيماويات، والسكك الحديدية، والتعدين، والوسائط السريعة لنقل المعلومات، والمياه، تحلية المياه، الطاقة، توسعة شبكة الكهرباء الرئيسة، وشبكة الاتصالات، والصرف الصحي، وتوزيع المياه، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي.
تطوير المناخ الاستثماري
لا شك أن تطوير المناخ الاستثماري خلال فترة خطة التنمية الثامنة سيساعد على تحقيق الأهداف الاستثمارية للخطة التي تدور حول تحقيق معدل نمو سنوي متوسط قدره (10.7 في المائة) من الاستثمار ليصل حجم التراكم الرأسمالي إلى نحو (244) مليار ريال في نهاية الخطة. وليمثل في العام ذاته نحو (27.3 في المائة) من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لعام 1419/1420هـ (1999).
كيف تعاملت خطة التنمية الثامنة مع المشكلات الناجمة عن الطلب المتنامي على الخدمات البلدية؟
لقد كان ازدياد الطلب على الخدمات والتجهيزات والمرافق البلدية نتيجة طبيعية لزيادة عدد السكان ونمو المدن واتساعها، والتوسع الاقتصادي، وتتصاعد هذه الاحتياجات بشكل ملموس خاصة في المراكز الحضرية، مما يتطلب استمرار تعزيز الإمكانات للأجهزة البلدية لتتمكن من تغطية الطلب المتصاعد على خدماتها، وكذلك الإسراع في تنفيذ البدائل المناسبة لتمويل برامج القطاع المتعددة، مثل التوسع في مشاركة القطاع الخاص في توفير هذه الخدمات، وتكليف المستثمرين في الأراضي ذات المساحات الكبيرة بتوفير خدماتها، وإلزام منشئي المجمعات السكنية والتجارية بإنشاء مرافقها وخدماتها بالمواصفات والمقاييس المعتمدة تحت إشراف الأجهزة الحكومية المختصة، بالإضافة إلى زيادة الإيرادات البلدية من خلال إحكام عمليات التحصيل والمراجعة المستمرة لرسوم الخدمات البلدية، وصولاً إلى تحقيق نقطة التعادل بين تكاليف إنتاج هذه الخدمات وعائداتها. لذلك حرصت الخطة على ما يلي:
- تحديد الطلب على الخدمات البلدية وتوزيعه على مناطق المملكة وكذلك توزيع الأهداف المحددة على المناطق مع التركيز على المناطق الأكثر حاجة لتحقيق التنمية المتوازنة.
- التركيز على متابعة نشر الخدمات البلدية وتطويرها من خلال استحداث (40) مجمعاً قروياً، والاستمرار في إعادة هيكلية القطاع ورفع تصنيف البلديات والمجمعات القروية.
- رفع الكفاءة التشغيلية للمرافق والخدمات البلدية واستغلالها الاستغلال الأمثل مع تعزيز التحصيل ومراجعة الرسوم دورياً على الخدمات البلدية.
- زيادة كبيرة في أعداد المشاريع في خطة التنمية الثامنة مقارنة بخطة التنمية السابعة، حيث تم تخصيص نحو (3790) مشروعاً في الخطة الثامنة مقارنة بنحو (2400) مشروع بالخطة السابعة مما يعني أن القطاع البلدي قد حقق زيادة كبيرة في مشاريعه في الخطة الثامنة.
- تعزيز دور القطاع الخاص في مجال توفير المرافق والخدمات البلدية، وقد تضمنت الخطة قائمة بالمرافق والأنشطة والخدمات البلدية المزمع تخصيصها، ومنها المسالخ وأسواق النفع العام ومراكز البيع والحدائق والمتنزهات، وتشغيلها وصيانتها، وخدمات النظافة والتخلص من الفضلات، وهو ما سيؤدي إلى تخفيف الأعباء المالية على الحكومة ويسهم في مواجهة الطلب المتزايد على الخدمات والمرافق البلدية.
استحوذت قضية المياه والصرف الصحي على اهتمام ملحوظ في خطط التنمية السابقة .. فما هو الجديد الذي تحمله خطة التنمية الثامنة في هذا الخصوص؟
كما هو معلوم تم التركيز خلال خطط التنمية السابقة على توفير خدمات المياه والصرف للمدن والمحافظات بهدف وصول المياه النقية والمأمونة للمواطن في كافة مناطق المملكة وذلك من خلال إقامة الشبكات والتوصيلات المنزلية ومحطات المعالجة وغيرها، وقد أدى هذا إلى ارتفاع إجمالي أعداد التوصيلات المنزلية على مستوى المملكة إلى أكثر من مليون توصيلة مياه ونحو (36) ألف كيلومتر من الشبكات.
كما بلغ إجمالي توصيلات الصرف الصحي (665) ألف توصيلة صرف صحي، ونحو (13) ألف كيلومتر من شبكات الصرف الصحي.
وتضمنت الأهداف المحددة لخطة التنمية الثامنة تنفيذ نحو (350) ألف توصيلة مياه، و(11) ألف كيلو من شبكات التوزيع مما يرفع نسبة التغطية إلى نحو (80 في المائة)، وفي مجال خدمات الصرف الصحي تهدف الخطة إلى تنفيذ (600) ألف توصيلة صرف صحي، (14) ألف كيلومتر من شبكات الصرف الصحي. هذا بالإضافة إلى مشاريع المياه والصرف الصحي المرصود لها ما يزيد على (16) ألف مليون ريال من فائض ميزانيتي عام 1424/1425هـ (2004م) و1425/1426هـ (2005).
قطاع المياه
تشير الخطة إلى أن قطاع المياه مستهدف رئيس للتخصيص.. كيف سيتحقق ذلك؟
يأتي قطاع المياه على رأس القطاعات المستهدفة للتخصيص وللاستثمار المحلي والأجنبي المباشر. وهناك فرص عديدة للقطاع الخاص في مجالات المياه والصرف الصحي منها إنشاء مرافق الإنتاج والتنقية للمياه (بما في ذلك الآبار وخطوط الأنابيب)، ومرافق معالجة مياه الصرف الصحي، وشبكات التوزيع والتوصيلات، ومحطات التحلية، وخطوط الأنابيب.
وتتوافر لدى وزارة الاقتصاد والتخطيط رؤية مستقبلية واضحة لتنمية قطاع المياه في المملكة والتي جسدتها توصيات (ندوة الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي) المنعقدة عام 1422/1423هـ (2002م)، ومن أبرز ملامحها تنمية مصادر المياه المتجددة وغير التقليدية: لتكون متاحة للاستخدامات المختلفة، وتعزيز المحافظة على المياه وحماية المصادر المائية، إضافة إلى التطوير الإداري للقطاع باعتبار عملية التطوير جزءاً من إعادة تنظيم القطاع الحكومي.
وماذا بشأن الخدمة العلاجية، وخدمات الرعاية الصحية الأولية؟
استهدفت الخطة استكمال جميع المستشفيات الجاري تنفيذها، ومن ثم افتتاحها وتشغيلها وفقاً للجدول الزمني المحدد، كما تضمنت الخطة إنشاء عدد كبير من المستشفيات لمواجهة الزيادة السكانية والمحافظة على معدل الأسرة نسبة إلى عدد السكان.
وحرصت الخطة على أن يتم إنشاء وتجهيز عدد كبير من المراكز الصحية الأولية موزعة على كافة مناطق المملكة. كما سيتم خلال فترة الخطة افتتاح كثير من هذه المراكز في مختلف مناطق المملكة.
تجدر الإشارة هنا إلى صدور اللائحة التنفيذية لنظام الضمان الصحي التعاوني التي تقضي بتطبيق النظام على ثلاث مراحل خلال ثلاث سنوات يتم في المرحلة الأولى تطبيقه على الشركات والمؤسسات الفردية التي تزيد عمالتها الأجنبية على (500) عامل، وفي المرحلة الثانية على الشركات التي تزيد عمالتها الأجنبية على (100) عامل، وفي الثالثة يتم تعميم النظام ليشمل جميع أصحاب الأعمال والأفراد المشمولين به.
وتتوقع الخطة بنهاية مدتها أن تحقق المملكة من خلال المشاريع الصحية الطموحة التي سيتم تنفيذها نقلة نوعية في مجال الخدمات العلاجية والوقائية وستنعكس على كافة المؤشرات الصحية.
وماذا عن الثقافة والإعلام وما ملامح الرؤية المستقبلية للخطة بشأن الحفاظ على الهوية الثقافية الوطنية في ظل العولمة الثقافية والإعلامية التي نعيشها اليوم؟
اهتمت الخطة بالحفاظ على الهوية الثقافية الوطنية وتطويرها وتوسيع نشر نتاجها من خلال عدة محاور، أهمها العناية بالمتاحف والمكتبات، والمؤتمرات والندوات واللقاءات الثقافية، والكتب والصحف والمطبوعات، وترويج المقتنيات الفنية والمأثورات الشعبية، والأدوات والتحف وسائر مفردات التراث الشعبي الوطني، وإيجاد برامج البحوث والدراسات ونشرها، والتعريف بالإبداعات الفكرية والأدبية والفنية والجمالية ونشرها على أوسع نطاق. وفي إطار الترابط الموضوعي القائم بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة من جهة، وبين الثقافة والإعلام من جهة ثانية، فإن الرؤية المستقبلية للتطور الثقافي والإعلامي بمستوياته المختلفة، تتمحور في: توسيع مفهوم محو الأمية من القراءة والكتابة إلى محو الأمية الثقافية، وإنجازه على المستوى الوطني، ووضع خطة وطنية للثقافة تحدد مكوناتها وفقاً للاحتياجات والتطلعات ومستفيدة من تجارب الدول المتقدمة التي أنجزت مشاريع ثقافية كبرى، والعناية باستخدام اللغة العربية ونشرها في وسائل الاتصال عبر الشبكة الإلكترونية العالمية (الإنترنت) وذلك بتطوير برمجيات الترجمة الآنية من العربية إلى اللغات الأجنبية وبالعكس، واختراع برمجيات جديدة تستقطب اهتمام مستخدمي الإنترنت.
بشكل عام
بشكل عام فإن الأهداف العامة والمحددة لخطة التنمية الثامنة في مجال الثقافة والإعلام تتلخص في التأكيـد علـى الهويـة الحضاريـة العربية والإسلامية للثقافة الوطنية والسعي إلى إنمائها، وتطوير البنى الفكرية والثقافية لكونها ركناً أساسياً من أركان البناء الحضاري، ودعم حركة التأليف والترجمة والفعاليات الثقافية، وإنشاء خمس مكتبات عامة وافتتاحها، والتعامل بوعيٍ مع انعكاسات العولمة واستثمار إيجابياتها بما يعزز قدرات الثقافة الوطنية ويزيد من تماسكها ويوطد مكانتها في محيط الثقافة العالمية، وتطويـر أداء أجهـزة الإعـلام ورفع كفاءتها، وتعميق العلاقة بينها وبين مختلف الفعاليات في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والعلمية، والثقافية، والتربوية، والترويحية، وإنتاج برامج ومواد إعلامية قادرة على المنافسة والتأثير وجذب المشاهد إليها. وتشجيع القطاع الخاص للمشاركة في تقديم الخدمات الثقافية والإعلامية. وزيادة نسبة التغطية التلفازية على القناة الأولى إلى نحو (97 في المائة) من السكان، وزيادة نسبة التغطية التلفازية على القناة الثانية إلى نحو (80 في المائة) من السكان. والوصول بالتغطيـة الإذاعيـة نهاراً إلى (98 في المائة) من السكان، بالإضافة إلى زيادة كبيرة في التغطية الإذاعية على موجات (إف.إم) الإذاعية على الطرق السريعة بإنشاء (12) محطة جديدة.