الطاقة- النفط

محللون نفطيون لـ"الاقتصادية": انتشار فيروس كورونا يستدعي التحرك نحو تخفيضات أكثر عمقا

محللون نفطيون لـ"الاقتصادية": انتشار فيروس كورونا يستدعي التحرك نحو تخفيضات أكثر عمقا

استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تراجع جديد بسبب المخاوف المحيطة بالطلب العالمي على النفط الخام في ضوء الانتشار السريع لعدوى فيروس كورونا في الصين، فيما تهاوى الطلب على الوقود بشكل خاص مع تعطل حركة الطيران وإغلاق المطاعم والشركات لأبوابها.
وتستعد دول "أوبك" وحلفاؤها لمواجهة الأزمة من خلال خطة عمل طارئة وسط توقعات بعقد اجتماع وزاري استثنائي منتصف الشهر الجاري في ظل توقعات غالبة بتخفيض جديد في مستويات الإنتاج.
وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون، إن الاقتصاد العالمي بالفعل في حالة ارتباك شديدة بعد تفشي فيروس كورونا في الصين، الذي وجه ضربة موجعة وقاصمة إلى الطلب على الوقود بعدما قامت شركات الطيران بإلغاء آلاف الرحلات الجوية إلى الصين، كما أن السلطات الصينية لا تشجع السفر جوا أو برا إلى أو خارج المناطق الأكثر تضررا وفرضت حظرا على نحو 11 مليون شخص.
وأشاروا إلى دراسات أجرتها وكالة "بلاتس العالمية" تتوقع تآكل نمو الطلب بنحو 15 في المائة من النمو المتوقع الإجمالي للطلب على النفط هذا العام، مبينين أن استمرارية أزمة فيروس كورونا قد تقود لخسارة الطلب على النفط الخام بأكثر من 50 في المائة من تقديرات نمو الطلب لهذا العام.
وأكد روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن أزمة فيروس كورونا تتفاقم مع سرعة انتشار المرض وزيادة المخاوف من انتقاله من دولة إلى أخرى، لافتا إلى أن الطلب على وقود الطائرات والبنزين والديزل على الأرجح سيجتاز ظروفا صعبة في الأسابيع المقبلة، ما يعني مزيدا من المعاناة لمصافي الصين ولمصافي التكرير الآسيوية بشكل عام.
وذكر أن تحرك تحالف "أوبك+" نحو تدشين تخفيضات أكثر عمقا في مستويات الإنتاج قد يكون هو الحل الوحيد في ظروف السوق الراهنة وفي ظل الأعباء والضغوطات الواسعة على الأسعار بسبب وفرة العرض في مقابل ضعف الطلب، معتبرا أن لقاء وزراء "أوبك+" المحتمل في منتصف فبراير الجاري يعد استجابة سريعة وجيدة لتطورات السوق.
من جانبه، أوضح دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية، أن بداية الأسبوع لأسعار النفط جاءت ضعيفة في ضوء عدم وجود مؤشرات إيجابية عن جهود احتواء فيروس كورونا، بل على العكس هناك زيادة لافتة في أعداد الوفيات والإصابات في مدى زمني قصير، مشيرا إلى تفاقم التباطؤ في استهلاك الوقود في الصين بشكل مؤثر مع التوسع في إغلاق المكاتب والمتاجر والمطاعم.
وذكر أن الطلب الضعيف على الوقود في الصين مصدر قلق واسع في السوق ومن المحتمل أن تبطئ مصافي التكرير في الصين - وفي أماكن أخرى في آسيا - معدلات تشغيل المصافي وسط انخفاض الطلب ووجود فائض مستمر في الإمدادات، مبينا أن مخاطر تفشي الفيروس تؤلم بشدة الطلب على النفط الخام في آسيا، وهو الذي يعد المحرك الرئيس لنمو الطلب على النفط في العالم.
من ناحيته، قال لوكاس برتهرير المحلل في شركة "أو إم في" النمساوية للنفط والغاز، إن كل يوم تطول فيها أزمة الفيروس يمكن أن يكون له تأثير كبير في النمو الاقتصادي في الصين، الذي كان يعاني بالفعل قبل أزمة الفيروس، وذلك جراء الحرب التجارية، التي استمرت أكثر من 18 شهرا وما زالت مستمرة بصورة أو أخرى، معتبرا أن القيود على السفر وما شابهها تزيد الأوجاع على عاتق الاقتصاد الصيني.
وأكد أن العلاقة وثيقة للغاية وبأكثر ما يعرف كثيرون بين الطلب على النفط الخام في الصين وبين الطلب العالمي على النفط الخام، لافتا إلى أن انتعاش ونمو أي اقتصاد في العالم لا يمكن أن يتحقق في ظل هذه الأجواء المتوترة والمخاوف الغالبة على كل دول العالم، خاصة مع تعليق العمل في عديد من الشركات الدولية وإجلاء موظفيها من الصين.
بدورها، ذكرت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة "أجركرافت" الدولية، أن الصورة ليست سلبية أو قاتمة للغاية، حيث هناك مثلا منظمة الصحة العالمية لا ترى ضرورة في تعطيل السفر والتجارة وهو ما يمكن أن يحسن معنويات السوق تدريجيا ويوفر بعض القدرة للتغلب على الشعور العام في سوق النفط، الذي كان هبوطيا بشكل واسع للأسبوع الثاني على التوالي.
وأضافت "يجب أن ندرس وضع السوق جيدا ونرى الصورة كاملة فإذا كان الطلب يعاني، فإن العرض يعاني أيضا، وليس أدل على ذلك من الخسارة الهائلة لإمدادات النفط الخام من ليبيا واستمرار حالة عدم الاستقرار في العراق واتساع تأثير العقوبات في إنتاج كل من إيران وفنزويلا".
وفيما يخص الأسعار، تراجع خام برنت اليوم، إلى أقل مستوياته، فيما يزيد على عام نتيجة المخاوف من تراجع الطلب في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، في أعقاب تفشي فيروس كورونا هناك.
وبحسب "رويترز"، فهناك ثمة دلائل على أن الطلب على الوقود في الصين ينخفض مع إلغاء شركات الطيران رحلات لوقف انتشار الفيروس وتأجيل مقاطعات إعادة فتح مصانع عقب عطلة العام القمري الجديد.
وتعطلت سلاسل الإمدادات في ثاني أكبر اقتصاد ومستهلك للوقود في العالم، ما دفع "سينوبك"، أكبر شركة تكرير في الصين، لخفض الإنتاج نحو 12 في المائة الشهر الجاري.
وواصلت أسعار النفط الهبوط أثناء التعاملات اليوم، متأثرة بمخاوف بشأن الطلب على الخام في الصين بعد تفشي فيروس كورونا رغم أن احتمالات تخفيضات إنتاجية أكبر من منظمة أوبك وحلفائها قدمت بعض الدعم للسوق.
وهبطت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت دولارا إلى 55.62 دولار للبرميل بحلول الساعة 14:34 بتوقيت جرينتش، وهو أدنى مستوى لها منذ كانون الثاني (يناير) 2019.
وتراجع خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 58 سنتا إلى 50.98 دولار للبرميل بعد أن سجل في وقت سابق من الجلسة 50.42 دولار، وهو أيضا أدنى مستوى له منذ كانون الثاني (يناير) 2019.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 58.94 دولار للبرميل الجمعة مقابل 58.80 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، اليوم، إن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، كما أن السلة خسرت نحو أربعة دولارات، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 62.52 دولار للبرميل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط