FINANCIAL TIMES

بورصة لندن 2019 .. الأسهم المحلية تتفوق على «المتعددة الجنسيات»

 بورصة لندن 2019 .. الأسهم المحلية تتفوق على «المتعددة الجنسيات»

ساد الأسواق شعور بالارتياح في أعقاب تطورات إيجابية حدثت أخيرا على جبهتي التجارة و"بريكست". لكن هناك تحديات تلوح في الأفق، خاصة العلاقات طويلة الأجل بين الولايات المتحدة والصين والعلاقات التي تربط المملكة المتحدة بالاتحاد الأوروبي.
ثمة شعور منذ الآن بأن المرحلة الأولى من صفقة التجارة بين واشنطن وبكين تمثل كل ما هو ممكن، بالنظر إلى التنافس والصراع المتأصل بينهما حول التكنولوجيا وحقوق الملكية الفكرية. الصفقة التجارية الأمريكية ـ الصينية "المحدودة" التي توفر هدنة مؤقتة بين أكبر قوتين لا تزال تترك الاقتصاد العالمي يبدو مزعزعا بعض الشيء، مع تحذير بشأن تقييمات الأسهم في وول ستريت. بعد تسجيل ذروات جديدة في نيويورك يوم الجمعة عقب كشف الصين عن تقدم في اتفاق تجاري مؤقت، تراجعت الأسهم الأمريكية.
هانا أندرسون، خبيرة الاستراتيجية العالمية في شركة جيه بي مورجان لإدارة الأصول، تقول: "كما ذكرنا في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر)، ربما أفضل ما يمكن أن ترجوه الأسواق هنا هو ما يشبه مرحلة أولى من الاتفاقية تحد من زيادات الرسوم الجمركية خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة قبل أن تتفاقم المفاوضات مرة أخرى بشأن جميع العناصر الأخرى التي قال المسؤولون الأمريكيون إنها المكونات الرئيسية لمرحلة أولى من الصفقة، ناهيك عن مرحلة ثانية وهلم جرا".
الخطر الإضافي الكبير الآخر الذي لطالما هيمن على توقعات المستثمرين هو المشكلات السياسية في المملكة المتحدة. على الرغم من كل الارتياح الناتج عن أن مسارا واضحا بشأن "بريكست" بدأ يلوح في الأفق بعد فوز حزب المحافظين بأغلبية ساحقة، إلا أن التفاوض على صفقة تجارية بين لندن وبروكسل في عام 2020 من شأنه اختبار معنويات السوق.
ديفيد أوين، من "جيفريز"، يذكرنا بأن "تدفقات الاستثمار والأسهم المباشرة من المرجح أن تدعم المملكة المتحدة كثيرا مع دخولنا في الربع الأول. كل شيء عقلاني للغاية، لكن لا يزال علينا التمييز بين انتعاش الطلب المكبوت وقيام الشركات بإعادة تقييم خططها الاستثمارية طويلة الأجل في ضوء الترتيبات التجارية الأخيرة للمملكة المتحدة مع الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وبقية العالم".
ارتفعت الأسهم في المملكة المتحدة بشكل حاد، ما ساعد على دفع مؤشر ستوكس يوروب 600 إلى تجاوز ذروته القياسية المسجلة في عام 2015. أن يأتي الأمر متأخرا أفضل من ألا يأتي أبدا، بالنظر إلى المدى الطويل الذي تجاوزت فيه وول ستريت ذلك الحاجز. بالنسبة للمملكة المتحدة، وسع مؤشر فاينانشيال تايمز 250 الذي يعكس بشكل رئيسي الشركات المحلية، الخطى هذا العام مقارنة بمؤشر فاينانشيال تايمز 100 للشركات الكبيرة. ويعزى كثير من الاختلاف بين المؤشرين إلى انتعاش الجنيه الاسترليني من أدنى مستوياته بالقرب من 1.20 دولار في آب (أغسطس). العملة الأقوى تؤثر في الشركات متعددة الجنسيات المدرجة في مؤشر فاينانشيال تايمز 100 التي تستمد الجزء الأكبر من إيراداتها من خارج المملكة المتحدة. النتيجة هي أن مؤشر فاينانشيال تايمز 250 حقق من المكاسب ضعف ما حققه مؤشر فاينانشيال تايمز 100 هذا العام واستقر في منطقة قياسية يوم الجمعة.
تراجع الجنيه من ذروته البالغة 1.3512 دولار (مباشرة بعد نشر استطلاعات ما بعد الاقتراع) لكنه يبقى مرتفعا فوق 1.33 دولار حيث عاد إلى مستويات شهدناها سابقا في أيار (مايو) من عام 2018. يبدو أن مستوى 1.35 هو السقف قريب الأجل. وبالنسبة للذين يخططون لعطلات شتوية في أوروبا، اليورو الذي يكلف نحو 83.5 بنس لا يزال أعلى قليلا من مستوى 70 بنسا الذي كان كافيا في عام 2015.
تجدر الإشارة إلى أن توقعات التضخم في المملكة المتحدة كانت منخفضة يوم الجمعة وبقي خطر انخفاض الجنيه بشكل حاد خارج النقاش في الوقت الحالي. تراجع خطر حدوث صدمة تضخم يجعل الحياة بالنسبة لبنك إنجلترا أسهل قليلا. من هنا، هناك إشارة لمنحنى السندات الحكومية الأكثر حدة، إذ من المتوقع أن تتجاوز عوائد السندات لأجل عشرة أعوام 1 في المائة بسبب ارتفاع إنفاق وايتهول على أمل أن يؤدي إلى تعزيز الاقتصاد. لكن ما يبرز حقا من رد فعل السوق المبتهج يوم الجمعة في المملكة المتحدة هو زوال "تهديد كوربين". في الأعوام الأخيرة، أي حوار مع المستثمرين، خاصة بين صفوف مديري الثروات في القطاع الخاص، كان يكشف عن إحباط ويأس من "بريكست" والعملية السياسية في المملكة المتحدة بشكل عام. لكن الخوف والاشمئزاز كان ينشأ عندما يتحول الموضوع إلى احتمال تشكيل حكومة من حزب العمال برئاسة جيريمي كوربين.
تمت إزالة هذا التهديد، ما فتح الطريق نحو تحسن كبير لأسهم المملكة المتحدة التي تخلفت عن منافساتها العالمية منذ استفتاء عام 2016. من بين الأسهم المتصدرة يوم الجمعة كان قطاع الخدمات الذي لم يعد يواجه خطر التأميم.
ستبقى أسعار الأصول البريطانية عرضة لمخاطر رئيسية في الوقت الذي تقضي فيه حكومة المحافظين برئاسة بوريس جونسون الأشهر المقبلة في التفاوض على صفقة تجارية مع الاتحاد الأوروبي. لكن احتمال التحفيز المالي سيكون قوة مقابلة، تدعم معنويات السوق وتشجع عودة المستثمرين العالميين.
ستيفن بيل، كبير الاقتصاديين في "بي إم أو جلوبال" لإدارة الأصول، يقول: "السؤال الكبير بالنسبة للمستثمرين الدوليين هو ما إذا كانوا سيقررون سد الفجوة في المراكز الضعيفة في المملكة المتحدة. أرى رياحا مواتية لهذه الخطوة، حيث تبدو الصفقة التجارية واعدة ومخاوف الركود تتراجع".
الأسهم البريطانية التي تبدو رخيصة مقارنة بغيرها من المنافسين العالميين تحظى أيضا بالدعم من العملة المستقرة. من المحتمل أن يكون تحقيق مزيد من المكاسب للجنيه أمرا صعبا، لكن انتقاد الناخبين المستمر لحزب العمال يقلل من خطر أن تعمل العملة على إضعاف السوق بشكل كبير. بالنسبة للمشترين الأجانب المحتملين للأصول البريطانية، هذا عامل مساعد.
تشير سو نوفكي، رئيسة الأسهم البريطانية في شركة شرودرز لإدارة الاستثمار، إلى أن الأسهم البريطانية تميل إلى التداول بأسعار أقل نحو 17 في المائة أقل مقارنة بالأسهم العالمية منذ أواخر الثمانينيات، قبل أن ترتفع النسبة إلى نحو 35 في المائة في الفترة التي سبقت الانتخابات، بناء على مجموعة من مقاييس التقييم.
تقول: "بالنظر إلى التقييم المتواضع للمملكة المتحدة مقارنة بالأسواق الأخرى، والاختلافات داخل السوق البريطانية، فإننا نرى فرص تقييم حقيقية للمستثمرين على المدى الطويل".
في النهاية، الأداء المستقبلي للأسهم البريطانية سيعكس شروط علاقة البلاد مع شريكها التجاري الأكبر، الاتحاد الأوروبي، وآفاق دورة الأعمال.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES