احتدام المنافسة على المناصب العليا في المفوضية الأوروبية

احتدام المنافسة على المناصب العليا في المفوضية الأوروبية

بعد مرور نحو عام على بدء مباشرة عملها الرسمي أعلنت المفوضية الأوروبية الحالية، عن إجراء عمليات إحلال وتبديل في الهياكل الإدارية العليا تشمل ما يزيد على أكثر من ثلث الموظفين الذين يشغلون الوظائف العليا وعددهم 81 موظفاً . وتسبب هذا الإعلان في احتدام المناقشات لا في بروكسل وحدها حيث يقع مقر المفوضية بل امتد الجدل إلى قلب عواصم الدول الأوروبية ذاتها .
وفق التعديلات الإدارية التي أقرتها المفوضية في عام 1999، فإنه يتوجب على الموظف رفيع المستوى أن يغير موقعه كل خمس سنوات أو كل سبع سنوات على أكثر تقدير. وعلى الرغم من التصريحات الرسمية بأن القرارات الصادرة قبل فترة قصيرة نفذت بسهولة ودون عوائق فإن الصورة الحقيقية داخل أروقة المفوضية تبدو مختلفة . فعلى سبيل المثال لم يتم إطلاع مجموعة من المفوضين على قائمة الموظفين الجدد قبل ساعات من اتخاذ القرار وهذا يسري بشكل خاص على استدعاء الأيرلندية كاترين دي لتولي الأمانة العام للقسم التجاري والذي يعتبر أرفع منصب وظيفي في المفوضية وذلك خلفا للأيرلندي ديفيد أوسوليفان. وأثار ذلك إحساسا بوجود أجواء من الضبابية وعدم الشفافية ورغم هذا فلم يعترض أي من المفوضين علناً خلال الجلسة المقررة لذلك. ولم يتم تقديم طلب من أجل تأجيل تنفيذ القرارات.
و يبدو أن المفوضين متفقون فيما بينهم على وجوب شغل المناصب العليا الحساسة من جانب خبراء مناسبين في الاقتصاد والإدارة وتفويت الفرصة على تقديم أي طلب اعتراض من جانب الدول القديمة داخل الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا وفرنسا . وعلي سبيل المثال سيتم الإعلان عن 11 منصباً لمديرين عامين بما في ذلك منصب منسق السوق الداخلية، إضافة إلى المواصلات والطاقة. ومما أثار الاستغراب أن موظف الاتحاد الأوروبي الألماني ماتياس روتي تم ترشيحه بقرار داخلي في الهيئة كرئيس مقبل لقطاع المواصلات رغم أن تولي مناصب قيادية يستلزم نشر إعلان علني .
وتوجد إجراءات خاصة إضافية لتقديم الطلبات من جانب مواطني دول الاتحاد الأوروبي العشرة الجدد وهذا يفسر قلة الأعداد التي تم تعيينها من هذه الدول في المناصب العليا في المفوضية الأوروبية حتى الآن .
وبشكل عام فإنه سيتم تحويل 17 مديراً عاماً وممثليهم لشغل مناصب أخرى ومن بين هؤلاء النمساوي هاينز زوريك
وهو أعلى موظف سيشمله القرار ويتولى زوريك رئاسة قسم الشركات في المفوضية بشكل مؤقت منذ انتقال الألماني هورست رايثن باخ إلى بنك شرق أوروبا في الصيف الماضي .
و أعلنت المفوضية أن البند الخاص بالتوظيف لا يستند فقط إلى المؤهلات المتخصصة العلمية ، بل إن المفوضية تسعى أيضا إلى خلق نوع من المساواة بين الرجال والنساء في كوادرها العليا .و منذ بداية تولي رئيس المفوضية الحالي مانويل باروزو مهام منصبه لم يكن هناك سوى ثلاثة نساء فقط يشغلن مناصب عليا لكن المفوضية تخطط لزيادة عدد النساء اللائي يتولين المراكز القيادية والدرجات الوظيفية العالية فيها إلى سبع نساء في وقت قريب .
وكان من المفاجئ إعلان ً ترشيح الفرنسي جان لوك ديمارتيه لإدارة القسم الزراعي حيث كان يتولى الفرنسيون دائما إدارة هذا القسم بالتحديد وفي عام 1999 أعلنت المفوضية عن نهاية ذلك التوجه، غير أن الحكومة الفرنسية نجحت في الاحتفاظ لنفسها أيضا بالمنصب العالي للتجارة وهو ما اعتبر نقطة ضعف واضحة في تطبيق قرارات الاتحاد الأوروبي بهذا الخصوص كنقطة ضعف لدى المفوضية.
وأفضل مثال على التغييرات الجديدة هو الفرنسي فرانسوا لاموريكس الذي يشغل حتى الآن منصب المدير العام للمواصلات والطاقة لكن ستتم إحالته في المدى المتوسط إلى التقاعد المبكر.
وكان لاموريكس أحد معاوني رئيس المفوضية الأسبق جاك ديلور ويتم تصويره خلف يدٍ مرفوعة إلى الأعلى باستمرار، كإشارة إلى أنه غير مناسب لمسايرة العصر. وفي منصب آخر قالت المفوضية الأوروبية إن هناك تفاهماً على تعيين جانيز بوتونزك من سلوفانيا على رأس قسم الأبحاث.
وليس من المستغرب في خضم هذه التغييرات أن تصدر انتقادات متكررة من أوساط سياسية واقتصادية بتراجع نفوذ الموظفين الألمان والفرنسيين داخل مؤسسات المفوضية . وفي الواقع فإن الألمان يشغلون مناصب إدارية عالية داخل كوادر المفوضية أكثر من الفرنسيين أو البريطانيين أو الإيطاليين.إلا أن النقاد يقولون إن هذا العدد لا علاقة له بطبيعة المنصب ذاته . ويرى آخرون أن تقاعد رئيس قسم السوق الداخلية في المفوضية شاوب وهو ألماني الجنسية واحتمال رحيل مدير عام الاقتصاد والمالية كلاوس ريجلينج وهو أيضا ألماني الجنسية, يرون أن هذا يمثل تراجعا لنفوذ الألمان وتأثيرهم على شؤون الاتحاد الأوروبي.
ومن المقرر أن يتم إحلال الفرنسية فرانسواز لي بيل محل الألماني يوهانس لايتن بيرجر الذي كان يعمل من قبل مع فريق العاملين المقرب لرئيس المفوضية باروزو، وقبلها كان يعمل رئيسا لمكتب مفوضية التعليم.
وتثور توقعات بأن يقدم بيرجر وهو ينتمي لحزب الشعب المسيحي الديمقراطي صورة إيجابية عن باروزو وفريق عمله في وسائل الإعلام الألمانية والتي كثيرا ما تعرض تقارير تنتقد أداء باروزو.

الأكثر قراءة