الطاقة- النفط

تذبذب أسعار النفط مع ترقب تعميق خفض الإنتاج

تذبذب أسعار النفط مع ترقب تعميق خفض الإنتاج

واصلت أسعار النفط الخام مكاسبها السعرية قبل 48 ساعة فقط من انطلاق الاجتماع الوزاري لدول "أوبك"، يليه اجتماع وزاري آخر موسع مع دول خارج المنظمة لتقييم وضع السوق، وسط توقعات قوية بإقدام المنتجين على تعميق أو تمديد تخفيضات الإنتاج الحالية، لاستيعاب وفرة المعروض في الأسواق، خاصة في الربع الأول من العام المقبل.
وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون، إن حالة عدم اليقين ما زالت مسيطرة على السوق النفطية، حيث أدت إلى تذبذب مستمر في الأسعار، خاصة مع اتساع التحليلات التي تذهب في اتجاه إقدام "أوبك" على تعميق تخفيضات الإنتاج الحالية، وذلك بعد إعلان وزير النفط العراقي ثامر الغضبان أن المنتجين يدرسون بالفعل إجراء تخفيضات أكبر في الإنتاج مع احتمال التوافق على تخفيض إضافي يبلغ 400 ألف برميل يوميا، إذ يخضع بالفعل هذا الاقتراح للدراسات المتأنية من الوزراء بمعاونة الخبراء والفنيين.
وأكد سيفين شيميل مدير شركة "في. جي. إندستري" الألمانية، أن الاجتماع الوزاري لدول "أوبك" وخارجها خلال اليومين المقبلين يضع في حساباته بالأساس التوصل إلى آليات فاعلة تدعم استقرار السوق، وفي الوقت نفسه تؤمن الإمدادات النفطية، وتلبي حاجة الطلب وتستجيب إلى تطلعات المستهلكين.
وأوضح أن التخفيضات الإضافية تعد ورقة مهمة ورئيسة مطروحة على مائدة المفاوضات بين المنتجين، بعد أن استشعر الجميع وجود وفرة في المعروض خلال العام المقبل، في ضوء زيادات واسعة لإمدادات عدد من المنتجين المؤثرين، بما يطغى على تخفيضات "أوبك" الطوعية وغير الطوعية الناجمة عن العقوبات على بعض الدول مثل فنزويلا.
ولفت إلى استمرار الشكوك تجاه مستويات الطلب في العام المقبل، بسبب عدم حسم الحرب التجارية حتى الآن، أو تحقيق أي تقدم مؤثر يمكن أن يبدد المخاوف على النمو الاقتصادي العالمي.
من جانبه، أكد روبين نوبل، مدير شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، أن المنتجين في "أوبك" وخارجها ما زالوا يتدارسون أفضل السبل الداعمة لتوازن السوق في ظل الصعوبات القوية الراهنة والمتعددة التأثيرات، مشيرا إلى وجود خيارات تتعلق بتعميق خفض الإنتاج حتى حزيران (يونيو) المقبل، بينما يوجد خيار آخر وهو الإبقاء على مستويات الخفض الحالية مع تمديدها لتغطي كامل العام المقبل 2020.
وأوضح أن اجتماعات المنتجين الدورية في "أوبك" وخارجها غالبا ما تشهد توترات مسبقة وعوامل نفسية ومعنوية تهيمن على السوق، انتظارا لمدى النجاح في الحفاظ على وحدة المنتجين في ظل تباين وجهات النظر والصراعات الأخرى التي تبقى قائمة في الخلفيات، مشيرا إلى أن "أوبك" أكدت مرارا وتكرارا أنها تحاول عزل المنظمة عن منطقة الصراعات السياسية وتداعياتها.
من ناحيتها، قالت نايلا هنجستلر، مديرة إدارة الشرق الأوسط وإفريقيا في الغرفة الفيدرالية النمساوية، إن ملف زيادات الإنتاج من الملفات المهمة التي تطرح نفسها بقوة على اجتماع المنتجين المقبل، في ضوء ضعف التزام بعض الدول الأعضاء بحصص خفض الإنتاج، إضافة إلى حدوث وفرة ملحوظة لدول خارج إعلان التعاون، أبرزها بالطبع الولايات المتحدة التي يرجح أنها على أعتاب عام آخر من الزيادات الضخمة في الإنتاج، خاصة من النفط الصخري الزيتي على الرغم من تراجع الائتمان المتاح لأنشطة الحفر في مشاريع النفط الصخري التي باتت مثقلة بالديون.
وأشارت إلى أن المنتجين سواء في "أوبك" أو خارجها يكافحون لدعم الأسعار وتقليل الضغوط الهبوطية عليها، ولكن تبقى فرصة حدوث انتعاش في الأسعار محدودة في ظل وجود كثير من النفط في السوق واشتعال المنافسة بين كثير من المنتجين على زيادة الإمدادات والتوسع في الاستثمارات في مشاريع المنبع سواء البرية أو البحرية أو الصخرية.
بدورها، ذكرت مواهي كواسي، مدير شركة "أجركرافت" الدولية، أن الحفاظ على الإجماع والعمل المشترك، واستمرار الشراكة بين المنتجين بشكل فعال ومؤثر بالإيجاب وداعم للسوق، يبقى هو التحدي الأكبر والعقبة الأصعب التي تواجه اجتماعات "أوبك" وخارجها هذا الأسبوع، خاصة مع تباين مصالح وتوجهات المنتجين وزيادة ضغوط السوق ومشكلاتها المتلاحقة.
ولفتت إلى أن السوق تذهب إلى ترجيح احتمال توافق المنتجين على تمديد التخفيضات القائمة، مع حث المنتجين الآخرين، الذين خالفوا خطة خفض الإنتاج على العودة سريعا إلى صفوف العمل الجماعي، وتحقيق أفضل مستويات الالتزام والمطابقة والامتثال الكامل لجهود تقييد المعروض النفطي لعلاج الوفرة الواسعة المتوقعة في الإمدادات.
وأوضحت أن توافق المنتجين ليس بالمهمة اليسيرة في ضوء وضع السوق المعقد، كما أن عدم اتخاذ إجراء فعال من اجتماع المنتجين المقبل قد يقود إلى موجات هبوطية حادة للأسعار لا يمكن لأى منتج أن يتحمل تبعاتها الواسعة على موارد الدول المنتجة وعلى الاستثمارات وأداء الشركات وغيرها من المصالح المتشابكة في السوق النفطية وفي الصناعة.
وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط اليوم، مع تنامي الآمال بأن تتفق "أوبك" وحلفاؤها على تخفيضات أكبر للإنتاج في اجتماع الأسبوع الجاري رغم أن المكاسب كانت محدودة مع تشكيك بعض المحللين في تنفيذ تخفيضات أكبر.
وبحسب "رويترز"، زادت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 17 سنتا أو 0.3 في المائة إلى 61.09 دولار للبرميل بحلول الساعة 05:16 بتوقيت جرينتش بعد أن ارتفعت 0.7 في المائة اليوم الأول.
وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 25 سنتا أو 0.5 في المائة إلى 56.21 دولار للبرميل، وكان العقد ارتفع 1.4 في المائة اليوم الأول.
وأكد مصدران مطلعان أن منظمة "أوبك" وحلفاءها وهي المجموعة المعروفة باسم "أوبك+" تدرس خطة لزيادة تخفيضات الإمدادات الحالية البالغة 1.2 مليون برميل يوميا بواقع 400 ألف برميل يوميا وتمديد التخفيضات حتى حزيران (يونيو).
وقال "جولدمان ساكس" في مذكرة بحثية "نعتقد أن تحقيق التوازن بين العرض والطلب على النفط عالميا يتطلب تمديد تخفيضات (أوبك+)".
وعزا البنك السبب وراء تلك النظرة إلى زيادة كبيرة في الإنتاج، بسبب مشاريع من خارج "أوبك" وتوقعات غير مؤكدة لنمو الطلب.
وتوقع بنك الاستثمار أن يظل تداول برنت حول 60 دولارا للبرميل في 2020 "في غياب نمو جديد أو صدمات جيوسياسية".
ويجتمع وزراء "أوبك" في فيينا بعد غد ومجموعة "أوبك+" الأوسع بعد غد.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 62.50 دولار للبرميل اليوم الأول مقابل 63.83 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" اليوم، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثالث انخفاض له على التوالي، كما أن السلة خسرت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 64.21 دولار للبرميل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط