الخنادق الرقمية المتسعة بين الدول النامية والمتقدمة مشكلة في عالم الإنترنت

الخنادق الرقمية المتسعة بين الدول النامية والمتقدمة مشكلة في عالم الإنترنت

لدى عرض فكرته بأنها تمكّن الطلاب في الدول الناشئة من الحصول على كمبيوتر محمول مقابل 100 دولار، لاقى الاستخفاف والسخرية من جانب الآخرين.
وفي قمة المعلوماتية للأمم المتحدة أظهر الحالم نيجروبونتي لناقديه مجدداً أن الكمبيوتر المحمول مقابل 100 دولار ليس أمراً خيالياً، بل أصبحت العملية تقريباً جاهزة.
وعلى ما يبدو، فإن التزويد عن طريق لف الفيلم فكرة مذهلة: "الإنترنت للجميع". وهذه هي تصوراته، وهي النقطة الأساسية التي تم طرحها كذلك في مؤتمر المعلوماتية في تونس، حيث من المفترض طمر الخنادق الرقمية بين الأثرياء والفقراء. ومن خلال تأمين مدخل أسرع للمعلومات، الحسابات الائتمانية، والأسواق الإلكترونية، من المفروض التقدّم في البناء والانتعاش في الدول النامية.
وفي البداية لم يكن المؤتمر ذا سخونة كبيرة، إلا أن دولاً مثل الصين وإيران، حرضت على طرح مناقشة في البداية حول الحكومة الدولية للإنترنت، إذ تريدان المزيد من التأثير والقوة، وهو الشيء الذي تجنبته أمريكا من خلال سياستها المعتادة. وهذا كان صحيحاً، فكلما زادت قوة وتأثير هذه الدول زاد حجم تضرر الإنترنت حسب رأي الأمريكيين. ولهذا لم تنم الشبكة خلال الفترة الأخيرة بسرعة وسلاسة، ويجب ألا يحكمها الساسة أو الأمم المتحدة، فمع الحكم الذاتي الذي ينظّم العناوين لملايين الكمبيوترات على الشبكة أصبحت الإنترنت واضحة وسهلة بطريقة رائعة.
وتسمح متطلبات الإدارة بوجود منظمة خاصة تُدعى آي كان Icann، حيث انطلقت هذه المنظمة مما هو أبعد من الصناعة. وحتى الآن، تتمكن منظمة Icann من القيام بعمل جيد، ولكن يكمن الشك في كونها منظمة غير ديمقراطية- أمريكية في الأساس. والحقيقة هي أن الأمريكيين هم الذين أسسوا منظمة Icann، ومقرها في كاليفورنيا، حيث تقوم بمعاونة وزارة التجارة الأمريكية رسمياً. ونظرياً يمكن للأمريكيين أن يعطّلوا فعالية جميع نظم الاتصالات والمعلومات لكل الدول، حيث تحجز الكمبيوترات كافة من خلال عناوين الدول المحددة، مثل عنوان ألمانيا: de نظرياً. ولكن عملياً، يبدو الخطر أكبر بكثير، وذلك لأن دولاً مثل الصين وإيران، تريدان فرض التأثير على منظمة Icann أو غيرها من المنظمات التابعة فيما يخص الرقابة المفروضة على الشبكة. وتتم في تلك الدول تصفية صفحات الإنترنت المهمة حكومياً، ويتم قطع اتصال الشبكة عنها، وذلك عندما تذكر أية أمور سياسية غير مرغوب فيها. وكذلك عندما يحتاج إلى الأمر قرارات مشتركة. ويمكن للإنترنت أن تعيش في الوقت الراهن مع عجز الديمقراطية الصغير بصورة أفضل مما هو مع المشكلة الكبرى للمراقبة السياسية.
وألقت القمة الضوء على المشكلة الحقيقية، وهي الخنادق الرقمية المتسعة بين الدول الصناعية والنامية، حيث إن دولاً معدودة في إفريقيا لها مداخل على شبكة الإنترنت، بينما أكثر من نصف سكّان الدول الصناعية يمكنهم استخدام الإنترنت. والشبكة عريضة الموجة الموثوقة، وهي المهمة للعلاقات التجارية الرقمية، يُعد وجودها في الدول الفقيرة أمراً استثنائياً.
وتفتقد الدول النامية البنية التحتية اللازمة للدخول إلى مواقع التعليم والمشاركة في التجارة الدولية. ومحركات بحث سوق العمل مثل إباي، Ebay التي حققت في ألمانيا وحدها أكثر من عشرة آلاف فرصة عمل لا يمكنها تحقيق مهمتها على الإنترنت في الدول الناشئة. وهنالك عملية الإدارة الإلكترونية، أو فرصة المتنزّه الضئيلة للمعلومات عن عروض الرحلات السياحية في الدول النامية، مما يعوق التقدم.
وتم بالفعل الحديث عن هذه المشكلة في قمة العالم للمعلوماتية الأولى في جنيف قبل عامين، حيث تريد الأمم المتحدة أن توفّر الإنترنت في كل قرية بحلول عام 2015. ولكن كالعادة فإن تمويل مثل هذا النوع من الأهداف لا يزال أمراً افتراضياً. ومن المفروض أن ينساب نحو 1 في المائة من حجم مهام تكنولوجيا المعلومات العامة كافة على أساس تطوعي في "الصناديق الرقمية"، وهو الشيء الذي لن يحقق الكثير. وكذلك فإن الخمسة ملايين فرنك سويسري التي كان من المفترض جمعها خلال القمة تبدو مضحكة أمام حجم الاستثمارات المطلوبة.
ونظراً لذلك، تبدو فكرة الكمبيوتر المحمول مقابل 100 دولار أكثر تبشيراً بالنجاح، حيث يريد المبادر نيجروبونتي أن يهدي نحو 200 مليون كمبيوتر محمول لأطفال الدول النامية. وتصبح هذه المبادرة أمراً لافتا للصناعة التي تعصف بأسواق المستقبل. وعلى الفور قامت الشركتان الأمريكيتان، مايكروسوفت، وأبل، بالعرض على نيجروبونتي أن تتيحا استخدام أنظمتهما للكمبيوتر المحمول التي سبق ذكرها. ولن يروق لشركة مايكروسوفت وجود هذا القدر من الكمبيوترات في الدول النامية التي لا تشغّل نظامها المسيطر على السوق، أو تتم العودة إلى برنامج لينوكس التشغيلي المجاني. وبالفعل، فإن كلتا المجموعتين فاوضتا حول عرض نيجروبونتي. فالعديد من الدول النامية ترغب في نظام لينوكس، وذلك لخفض تكاليف البرمجيات.
وبالفعل، فإن "مايكروسوفت" لم تسمح لنفسها بالفشل، حيث تنوي المجموعة حتى عام 2010 أن تعرّف نحو 250 مليون إنسان بعلوم الكمبيوتر. والمقصود بالتأكيد هو إطلاق نظامها التشغيلي، مايكروسوفت، إذ من الممكن أن يكون ذلك هو الطريق الأنسب لتحقيق قيم اقتصادية. ولم يعد بيل جيتس يرى أن فكرة الكمبيوتر المحمول مقابل 100 فكرة جيدة، ذلك لأن الجهاز الذي على المرء أن يُديره كالفيلم عشر دقائق حتى يتمكن من تشغيله، ليس جهازاً جيداً أو منطقياً.

الأكثر قراءة