رفع أسعار فائدة "المركزي الأوروبي" قضية تثير الجدل والانقسام

رفع أسعار فائدة "المركزي الأوروبي" قضية تثير الجدل والانقسام

أبدى خبراء اقتصاديون تعجبهم من التصريحات المثيرة التي أعلنها جان كلود تريشيه رئيس البنك المركزي الأوروبي أخيرا، بنفيه وجود أي خلافات حيال السياسة النقدية للبنك لكن الأمر لا يبدو كذلك بالنسبة للكثير من المشاركين في السوق ولاسيما في الأسابيع الأخيرة وذلك بحسب ما يؤكد توماس ماير رئيس قسم الشؤون الاقتصادية الأوروبية في البنك الألماني.
وقال تريشيه خلال مؤتمر صحافي أن أعضاء المجلس الاستشاري للبنك المركزي الأوروبي غير منقسمين إزاء سياسات البنك حول ضرورة رفع سعر الفائدة مضيفا أن الأعضاء لهم آراؤهم المختلفة وهذه إحدى سمات الحوار. وحاول تريشيه تقديم تفسير للانطباع السائد بالانقسام بقوله إن هناك صحافيين يتناولون تصريحات الأعضاء كل من جانبه وهو ما خلق الانطباع بوجود أعضاء يبدون أكثر تشددا من الآخرين في هذه القضية.
وبالفعل وافق كل أعضاء المجلس الاستشاري على إعلان أثينا في بداية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي كما أنهم يوافقون على السياسات الحالية للبنك.
ويعلق أولريش كاتر الخبير الاقتصادي في بنك ديكا على تصريحات تريشيه بقوله أن المظلة الأوروبية كبيرة تسعنا جميعا لنصطف تحتها وبالطبع هناك آراء أخرى مختلفة ومتباينة. فقد أشار أوتمار أيسينج الخبير الاقتصادي في البنك المركزي الأوروبي إلى مخاطر ارتفاع الأسعار، وهو يبدو أقرب إلى تأييد رفع أسعار الفائدة أكثر من تريشيه نفسه.
ويقول لورينزو كودوجنو من بنك أمريكا إن بعض أعضاء المجلس الاستشاري يعتبرون رفع سعر الفائدة أمرا لا بد منه، والبعض الآخر يربطون ذلك بتحقيق بعض الشروط. أما مايكل شوبيرت من البنك التجاري فيعترف بوجود تباين في وجهات النظر داخل المجلس الاستشاري للبنك المركزي وهو ما يظهر البعض داخل المجلس أكثر صرامة من الآخرين الذين يحرصون في تصريحاتهم على التأكيد على الأرضية المشتركة بين الأعضاء والابتعاد عن الكلمات المثيرة.
ولهذه الأسباب امتنع رئيس البنك الاتحادي الألماني أيكسل فيبير الذي يحسب على تيار المتشددين فيما يتعلق بقضية رفع أسعار الفائدة فقد امتنع منذ الخامس والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، عن الحديث عن "معدل فوائد ملائم".
وإلى جانب مثل هذا الجدل الحاد ظهرت خلال الأسابيع الماضية خلافات جوهرية مهمة. ومن بين هذه الاختلافات ما يدور حول ما إذا كان على البنك المركزي الأوروبي أن يؤجل رفع الفائدة حتى تنتهي تأثيرات الدورة الثانية، مثل ارتفاع الأجور بالمقارنة مع أسعار النفط المرتفعة، أو ما إذا كان لا بد أن يقف كحائل أمام رفع الفوائد. ويوضح لورينزو بيني سماجي وهو أحد أعضاء إدارة البنك المركزي الأوروبي قائلاً: " عندما تتجسّد المخاطر يختفي الحذر، وتبدأ المعالجة". ويبدو جوسي مانويل جونزاليز بارامو وهو أحد أعضاء الإدارة في البنك المركزي أكثر وضوحا حين يقول: "لا تزال السياسة المالية غير ملائمة، وعندما لا تحدث مخاطر التضخم التي حددناها، سيبقى الوضع دون تغيّر".
أما إيسنج الخبير الاقتصادي وفيبير رئيس البنك الاتحادي الألماني فيتخذان في المقابل موقفاً آخراً، حيث يعتبران أن الوقوف كحائل أمام رفع الفائدة يجب أن يكون أمراً إلزامياً.
ويقول إيسينج: " عندما تتزايد مخاطر ازدياد الأسعار عن المعدل المتوسّط، لابد من المعالجة". وأوضح فيبير موقفه بأن السياسة المالية المتوقّعة لا يمكن أن تركّز فقط على التطوّر المحتمل. وأوضح تريشيه وجهة نظره قائلاً: "لن ننتظر أبداً حتى تتجسّد المخاطر المتصاعدة لاستقرار الأسعار". ويفترض خبراء الاقتصاد نزاعاً ممكناًَ آخراً في المسألة، وذلك فيما إذا كان البنك المركزي الأوروبي ينوي تحريك السياسة المالية بالتصريحات أم بالأفعال. وأوضح تريشيه خلال خطابه في المؤتمر الصحافي للبنك الاحتياطي الأمريكي خلال الصيف كيفية قيام البنك المركزي الأوروبي بخفّض توقّعات التضخم عن العام الماضي، مما أدى إلى رفع معدل الحيطة والحذر.
إن إدراك المستثمرين و تقينهم أن البنك المركزي الأوروبي سيتدخل عند اللزوم ويعالج القضية دفعهم إلى عدم التدخل من جانبهم. وهو ما يقول عنه بيني سماجي عضو البنك المركزي الأوروبي بأنه نوع من الباراديجما في السياسة المالية.
من جانبه قال إيسينج في لقاء مع مجلة "يورو" إنه ربما يكون بروز التهديد مجرد مسألة وقت". وبطريقة مشابهة عبر فيبر ونوت ويلينك رئيس البنك المركزي الهولندي. وقال إيسينج، في تصريحات لوكالة أخبار السوق الدولية، إن من المفترض المحافظة على ثقة الأسواق في البنك المركزي الأوروبي. وترك إيسينج فرصة رفع الفوائد في شهر كانون الأول (ديسمبر) مفتوحة، ولكنه قال كذلك، إن توقعات التضخّم في الأسواق ارتفعت بصورة طفيفة.
ويبدو أن خوف بعض المراقبين من تصريحات تريشيه من أن البنك المركزي الأوروبي يمكنه التدخل في أي وقت لمعالجة الأمر مجرد خوف نظري وذكّر مايكل هايزي الخبير الاقتصادي بأن تريشيه اتخذ عدة
قرارات قاسية بشأن الفائدة حينما كان يتولى رئاسة البنك المركزي الفرنسي
أما توماس ماير رئيس قسم الشؤون الاقتصادية الأوروبية في البنك الألماني فيؤكد أن تريشيه رجل عملي في المقام الأول ولن يقدم على اتخاذ قرار قبل دراسته جيدا.
والواقع أن اختلافات تصريحات البنوك المركزية التي يحاول تريشيه توحيدها، تم أخذها في الأسواق المالية على محمل الجد. وعقب اجتماع المجلس الاستشاري في أثينا، حيث فتح البنك المركزي الأوروبي الباب لخفض الفائدة، ظهر القليل من التوقعات المرتفعة في السوق المالية، وذلك لأن الفوائد سترتفع في كانون الأول (ديسمبر) المقبل، أو في آذار (مارس) عام 2006.
وظهر إيسينج، وفيبير، وغيرهم مراراً في الإعلام بنبرة حادة تنتقد خيار زيادة الفائدة، وهو الشيء الذي أدى إلى زيادة توقعات المستثمرين والمضاربين في الأوراق المالية بوجود اتجاه متزايد نحو رفع سعر الفائدة.

الأكثر قراءة