تصاعد مخاطر الهجمات البحرية على السفن مقارنة بخطف الطائرات
تصاعد مخاطر الهجمات البحرية على السفن مقارنة بخطف الطائرات
حين تمكن قراصنة مسلحون بأسلحة تزيد قليلاً على بنادق AK-47، وسلالم مصنوعة من الحبال، من احتجاز ناقلة نفط عملاقة الأسبوع الماضي، فإنهم أظهروا مدى سهولة مهاجمة سفينة، وهو انكشاف يمكن للقاعدة أن تستغله لمهاجمة الاقتصاد العالمي.
ويقول المحللون الأمنيون إن السهولة التي استطاع القراصنة الصوماليون الاستيلاء بها على طيف واسع من السفن تظهر زيادة المخاطر الكبرى التي تتعرض لها الملاحة العالمية من قبل الهجمات الإرهابية، بأكثر ما تتعرض له صناعة الطيران التي حسنت الكثير من جوانب أمنها بعد هجمات 11 من أيلول (سبتمبر) 2001.
وسبق للقاعدة أن شنت عدداً من الهجمات البحرية في السابق، بما فيها الهجوم على السفينة الحربية الأمريكية كول، عام 2000، الذي أسفر عن مقتل 17 بحاراً أمريكياً.
وجاء بعد عامين هجوم على ناقلة النفط الفرنسية العملاقة، لمبورغ، حيث قتل أحد أفراد طاقمها، وتسرب 90 ألف برميل من النفط في خليج عدن. وكان هنالك جدل بأن الإرهابيين ليست لديهم القدرات التقنية اللازمة لاختطاف سفينة. إلا أن ما شهده الصومال يظهر أن الأمر ليس بحاجة إلى كثير من المهارات كما يقول إيان ستوري، زميل البحث في معهد سنغافورة لدراسات جنوب شرقي آسيا، وهو كذلك خبير في القرصنة "أظهرت هذه الأمور مدى سهولة الخطف".
إنه درس تعلمته القاعدة بالفعل، حيث أصدرت بعد قصف لمبورغ، بياناً تفاخرت به بأنه أمكن إصابة سفينة كبرى بالشلل من خلال هجوم متدني التقنية. وإذا استطاع قارب لم تصل تكلفة تجهيزه إلى ألف دولار، تدمير ناقلة نفط كبرى، فما عليك سوى تخيل التهديدات التي يتعرض لها شريان الحياة التجاري الخاص بالغرب، وهو النفط.
قال بيتر شالك، محلل مخاطر الإرهاب في مؤسسة راند الفكرية، في تقرير له حول القرصنة والإرهاب، تم نشره في حزيران (يونيو) الماضي، "كان هنالك تصاعد معتدل، وإن كان بالغ التأثير، في الهجمات البحرية الإرهابية خلال السنوات الست الماضية".
قنبلة عائمة
يمكن أن تكون السفينة المخطوفة مصدراً مالياً لإثراء جيوب الإرهابيين، أو أن تتحول إلى قنبلة عائمة يمكنها تدمير ميناء بأكمله. وتنبهت الحكومات إلى ذلك منذ عدة عقود، ولكن المحللين يقولون إن ما تم فعله إزاء ذلك كان قليلاً للغاية.
وإن كثيراً من عوامل الانكشاف التي شجعت تطور معدل متصاعد من هجمات القراصنة في البحر، تنطبق كذلك على الإرهاب، بما في ذلك نقص الرقابة على الشواطئ، وضعف الأمن في الموانئ، والانتشار الواسع للأهداف، والاعتماد الكبير على النقل البحري ضمن نطاق نقاط بحرية ضيقة، والميل المتزايد إلى تزويد وسائل النقل البحري بأعداد أكبر من البحارة. وتوفر هذه الفجوات والأخطاء فرصاً كبيرة لتحركات المتطرفين،والاختباء، والهجوم بطريقة سهلة نسبياً.
تأثرت أسهم صناعة النقل البحري بصورة سلبية بالفعل من خلال الأزمة المالية ووقعها السيء على النقل البحري، وكذلك الطلب على السلع. وتتم المتاجرة الآن بأسعار موجودات متدنية. وقال جيوفرى شنغ، المحلل في معهد دايوا للأبحاث، إن شركات التأمين رفعت رسومها بما يتراوح بين 12و15 في المائة هذا العام. وفي ظل عمل عدد من شركات النقل البحري بخسارة في الوقت الراهن، فإنها تحرق الأموال بالفعل.
إن من شأن هجوم إرهابي بحري أن يزيد رسوم التأمين أكثر فأكثر. ويظهر أثر القرصنة الصومالية في هذه الرسوم إلى الدرجة التي يمكن أن تتصاعد فيها رسوم التأمين البحري. وتقدر شركة أمن الشركات، BGN RISK، أن رسوم التأمين الإضافي على سفينة عابرة لخليج عدن قفزت إلى 20 ألف دولار، مقابل 500 دولار فقط في السابق.
وإن من شأن هجوم بحري يؤدي إلى إغلاق ميناء رئيسي، مثل ميناء سنغافورة، أو إقفال ممر بحري مهم مثل مضيق هرمز الذي يمر منه 40 في المائة من تجارة النفط العالمية، إلحاق أشد الأذى بالاقتصاد العالمي. وأدى الهجوم على لمبورغ إلى مضاعفة رسوم مخاطر التأمين الإضافية على السفن، ثلاث مرات، لدى المرور بخليج عدن، حيث تراجع مرور سفن الحاويات في تلك المنطقة بنسبة عالية للغاية.
عدم استقرار شامل
تزود الهجمات البحرية الإرهابيين بوسائل بديلة لإلحاق الأذى الشديد بالاستقرار الاقتصادي، كما قال شالك. ومن شأن الأذى الذي يمكن أن يلحق بالنقل البحري، التوسع، بحيث يتسبب في سلسلة متتابعة من الخسائر المالية، وبالذات في عمليات ميناء بحري تجاري رئيسي.
وهنالك جدل حول مدى الأثر الذي يمكن أن تحدثه القنبلة العائمة، حيث توجد اختلافات بين الخبراء حول مستوى الدمار المتوقع.وبينما يرى بعض المحللين أن الناقلات المحملة بالنفط الخام، أو الغاز الطبيعي، يمكن أن تكون خطيرة للغاية، فإن ستوري يرى أن النفط الخام بطيء الاشتعال، كما أن ناقلات الغاز الطبيعي مزودة بأنظمة حماية بالغة التقدم.
غير أن الناقلات التي تحمل نترات الأمونيا أشد خطورة، حيث إن هذا السماد الكيماوي يصبح سريع الانفجار، حين يتم خلطه بالنفط الخام، إذ استخدم في تفجيري مدينة أوكلاهوما، وجزيرة بالي. و حين انفجرت ناقلة تحمل الأمونيا في ميناء مدينة تكساس عام 1947، فإن ذلك تسبب في موجات بحرية بارتفاع خمسة أمتار، وقتل في ذلك الحادث 567 شخصاً، كما أصيب أكثر من خمسة آلاف بجراح. وتم كذلك تدمير مئات المنازل، إضافة إلى انفجار طائرتين صغيرتين في السماء. وكان ذلك أسوأ حادث صناعي في التاريخ الأمريكي.
وسبق للمحللين أن حذروا منذ فترة طويلة من مخاطر احتمال ضم الإرهابيين والقراصنة جهودهم معاً، الأمر الذي يمكن أن يزيد مخاطر الهجمات البحرية. وسبق كذلك لمجموعة أبو سياف في الفلبين أن قتلت أكثر من مائة شخص في هجوم لها على عبارة بحرية في خليج مانيلا عام 2004، حيث كان ذلك أكثر الهجمات البحرية تسبباً في القتل.
غير أن شالك، وستوري، قالا إن المخاوف إزاء الاتحاد بين القراصنة، والجماعات المتطرفة، مبالغ فيها. ولا تزال مسألة الاتحاد بين طرفي هذه المعادلة الإرهابية خاضعة للتساؤل، وقال شالك "لم تتوافر لغاية الآن أدلة كافية تدعم توقعات مثل هذا الاتحاد في عمليات الطرفين، حيث إن من المهم أن نتذكر أن أهداف هاتين الجهتين لا تزال متباعدة".