من حكايات العباقرة..!

يروى أن أوسكار وايلد المؤلف والمسرحي والروائي والشاعر الآيرلندي عندما وصل إلى ميناء نيويورك سأله موظفو الجمارك عن إن كان يحمل معه ممنوعات فأجابهم بقوله: " نعم .. أحمل معي عبقريتي!" في إشارة ساخرة إلى ما يمكن أن تشكله العبقرية من خطر في أذهان البعض!
طبعاً لا يخفى على كثير منكم مدى الدور الذي تلعبه ظاهرة الخوف من المفكرين والعباقرة والفنانين على مر التاريخ باعتبارهم أشخاص مثيرين للريبة في مجتمعاتهم نظراً لعدم اتساق تصرفاتهم غالباً مع السائد اجتماعياً وجرأتهم الناتجة عن ثقتهم بأنفسهم والتي تصطدم مع كل شيء في البيئة التي يعيشون فيها مما يؤدي بهم إلى النظر للعالم بنظرة ساخرة والتعامل معه على هذا الأساس.
في سنة 1609م تقريباً كتب جاليليو جاليلي العالم الفلكي والفيلسوف والفيزيائي الإيطالي كتابا تحدث فيه عن ملاحظاته ونظرياته، وقال إنها تثبت أن الأرض كوكب صغير يدور حول الشمس مع غيره من الكواكب، وشكا بعض أعدائه إلى سلطات الكنيسة الكاثوليكية بأن بعض بيانات جاليليو تتعارض مع أفكار وتقارير الكتاب المقدس، وذهب جاليليو إلى روما للدفاع عن نفسه وتمكن بمهارته من الإفلات من العقاب لكنه انصاع لأمر الكنيسة بعدم العودة إلى كتابة هذه الأفكار مرة أخرى، وظل ملتزما بوعده إلى حين، لكنه كتب بعد ذلك في كتاب آخر بعد 16 سنة الأفكار نفسها، وأضاف أنها تتعارض مع شيء مما في الكتاب المقدس. وفي هذه المرة أرغمته الكنيسة على أن يقرر علانية أن الأرض لاتتحرك على الإطلاق وأنها ثابتة كما يقول علماء عصره فاستجاب ووقع بالبنط العريض دون مبالاة!
طبعاً ثبت بعد سنوات طويلة أن الرجل كان صادقاً لكن عبقريته تسببت له في المتاعب فلو كان جاليليو فلاحاً لا يشغله إلا زراعة أرضه لما تعرض لكل ما تعرض له!
ومن طرائف العباقرة ما روي عن آينشتاين الذي كان لا يستغني عن نظارته أبداً .. وعندما ذهب ذات مرة إلى أحد المطاعم ، واكتشف هناك أن نظارته ليست معه.. أتاه (الجرسون ) بقائمة الطعام ليقرأها ويختار منها ما يريد.. فطلب منه أينشتاين أن يقرأها له فاعتذر الجرسون قائلا:
"إنني آسف يا سيدي ، فأنا أمي جاهل مثلك"!
ويروى أن الكاتب الأمريكي (مارك توين) كان مغرما بالراحة حتى أنه كان يمارس الكتابة والقراءة وهو نائم في سريره ، وقلما كان يخرج من غرفة نومه وذات يوم جاء أحد الصحافيين لمقابلته, وعندما أخبرته زوجته بذلك قال لها : (دعيه يدخل).. غير أن الزوجة اعترضت قائلة : هذا لا يليق .. هل ستدعه يقف بينما أنت نائم في الفراش؟ فأجابها بقوله عندك حق ، هذا لا يليق اطلبي من الخادمة أن تعد له فراشا آخر!
أما الفنان التشكيلي الرائد ( بيكاسو ) فقد عاد إلى بيته يوماً ومعه أحد الأصدقاء فوجد الأثاث مبعثراً والأدراج محطمة ، وجميع الدلائل تشير إلى أن اللصوص اقتحموا البيت في غياب صاحبه وسرقوه وعندما عرف ماهية المسروقات ، ظهر عليه الضيق والغضب الشديد فسأله صديقه:
هل سرقوا شيئا مهما؟
فأجاب: كلا .. لم يسرقوا غير أغطية الفراش!
فعاد الصديق يسأل في دهشة :
إذن لماذا أنت غاضب؟
فأجاب وهو يشعر بالمرارة:
يغضبني أن هؤلاء الأغبياء لم يسرقوا شيئا من لوحاتي!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي