تحويل مسار الملاحة إلى رأس الرجاء يعرض عائدات مصر إلى خطر
تحويل مسار الملاحة إلى رأس الرجاء يعرض عائدات مصر إلى خطر
يخيم شبح القراصنة الصوماليين في خليج عدن على قناة السويس، المحور الاستراتيجي للتجارة العالمية ومصدر العائدات الحيوي بالنسبة إلى مصر.
وكانت شركات ملاحة بحرية قد أعلنت أنها ستبدل مسار سفنها بحيث تعبر جنوب إفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح، متفادية القناة التي تربط البحر المتوسط بالمحيط الهندي.
وقال عماد جاد المحلل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية "هذا أمر خطير بالنسبة إلى مصر التي لا يمكن أن تقبل بتعريض مصدر عائداتها الثالث للخطر".
وتدرك القاهرة أن القراصنة الصوماليين تجاوزوا خطا أحمر منذ 15 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، مع احتجازهم ناقلة النفط السعودية "سيريوس ستار" بعدما شنوا أكثر من 90 هجوما منذ بداية 2008.
ولكن حيال هذا التهديد المتصاعد لمصالحها، خرجت مصر خالية الوفاض من اجتماع الدول العربية المطلة على البحر الأحمر، الذي كانت دعت إليه الخميس الماضي.
وأضاف جاد أن "الدول العربية عاجزة ولا تعرف ماذا تفعل للتصدي لعدم الاستقرار في الصومال، مصدر المشكلة"، معتبرا أن "لا خيار أمامها سوى طلب مساعدة القوى الكبرى".
وتعبر نحو 18 ألف سفينة سنويا قناة السويس التي يبلغ طولها 190 كيلو مترا، ما يوازي 90 ألف مليون طن و7.5 في المائة من التجارة العالمية.
من جانبه، قال سمير رضوان مدير منتدى البحث الاقتصادي "منذ أزمة النفط الأولى عام 1973، ازدادت أهمية القناة بالنسبة إلى مصر يوما بعد يوم".
كل صباح، تضخ القناة 15 مليون دولار في خزانة الدولة المصرية، أي أكثر من خمسة مليارات دولار كانت متوقعة عام 2008 ونحو 3.3 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.
وبعد قرار زيادة تعرفة العبور بنسبة 7.1 في المائة في نيسان (أبريل) الماضي، حققت عائدات القناة مستويات قياسية حتى تجاوزت نصف مليار دولار في آب (أغسطس)، بحيث تضاعفت خلال ستة أعوام.
كذلك، باتت قناة السويس معبرا حيويا لمنتجات الصين والهند، وتعد عائدات عبورها مؤشرا إلى استقرار التجارة العالمية.
والواقع أن تصاعد أعمال القرصنة في خليج عدن بات يرخي بتأثيراته السلبية على النمو العالمي.
وأكد محمود عبد الوهاب المتحدث باسم إدارة القناة أن عائدات هذا المرفق في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي كانت 467 مليون دولار، وهي الأدنى منذ ستة أشهر، لتباطؤ التجارة العالمية.
لكنه تدارك "هذا الأمر لا يمت بصلة إلى أعمال القرصنة، فلم نبلغ بإلغاء عمليات عبور لهذا السبب"، لافتا إلى أن المعدل اليومي للعبور في الأيام الأخيرة بلغ 70 سفينة.
وحتى لو بادرت سفن تجارية إلى تفادي عبور القناة، وهي فرضية غير واقعية، فإن القطع البحرية العسكرية المتوجهة إلى الخليج أو العائدة منه ستظل تعبرها، ما يؤمن عائدات كبيرة لمصر.
ففي عام 2006، بلغت تكلفة عبور حاملة الطائرات الفرنسية كليمنصو ذهابا وإيابا 2.6 مليون دولار.
من جهته، حذر رئيس المنظمة الدولية للملاحة البحرية من "سلسلة من التداعيات السلبية". إذا اضطرت السفن لتغيير مسارها والدوران حول جنوب إفريقيا لتجنب القرصنة في خليج عدن.
وقالت شركة إيه. بي. مولر مايرسك الدنماركية وهي واحدة من كبريات شركات النقل البحري في العالم اليوم إنها ستسير عددا من ناقلات النفط حول رأس الرجاء الصالح. وقال اتحاد انترتانكو للناقلات إن كثيرا من شركات النقل البحري الأخرى ستحذو حذو الشركة الدنماركية.
وأبلغ افثيميوس متروبولوس الأمين العام للمنظمة الدولية للملاحة البحرية
مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أنه إذا اضطرت السفن المتجهة من دول الخليج المنتجة للنفط الى أوروبا للدوران حول إفريقيا فإن "سلسلة من التداعيات السلبية ستنشأ عن ذلك".
وأوضح أن المسافة في رحلة عادية من ميناء رأس تنورة النفطي في السعودية إلى مضيق جبل طارق ستتضاعف تقريبا وستستغرق 12 يوما إضافية وهو ما سيؤخر سد النقص في مخزونات النفط الأوروبية والأمريكية.