قراصنة الصومال يرتدون ملابس أنيقة بربطات عنق ومساكنهم راقية
قراصنة الصومال يرتدون ملابس أنيقة بربطات عنق ومساكنهم راقية
حين تخرج كلمة من أفواه القراصنة بأنهم استولوا على سفينة أخرى في منطقة، بونتلاند الصومالية، تبدأ أمور أغرب من الخيال في الحدوث.
هنالك اندفاع كبير إلى ميناء "إيل" – Eyl، حيث يُحتفظ بأغلب السفن المخطوفة تحت إشراف عصابات القراصنة المسلحة على نحوٍ جيد.
ويرتدي الناس ربطات عنق، وملابس أنيقة. ووصلوا بسيارات الدفع الرباعي الضخمة يحملون كمبيوتراتهم الشخصية المحمولة، ويقول أحدهم إنه محاسب القراصنة، وآخر كبير المفاوضين لديهم.
وبمزيد من السفن الأجنبية المختطفة قبالة الساحل الصومالي، يمكن أن يُقال إن عمليات الاختطاف في المنطقة أصبحت أمراً وبائياًَ.
وارتفعت دفعات التأمين على السفن المبحرة عبر خليج عدن النشط نحو عشرة أضعاف، ما كانت عليه العام الماضي بسبب القراصنة، وأغلبهم ينحدرون من المنطقة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي لبوتلاند.
وفي إيل، هنالك الكثير من الأموال التي يمكن إحرازها، والجميع متحمس للحصول على نصيب منها.
ويراوح المعدل الحالي للدفعات مقابل تحرير الرهينة بين 300 ألف و 1.5 مليون دولار (أي 168 ألف إلى 838 ألف جنيه استرليني).
وأوضح زائر جديد إلى البلدة كيف أنه حتى رغم ذلك فإن عدد القراصنة الذين يشاركون في عمليات الخطف صغير نسبياً، وتشمل الصناعة الحديثة للقرصنة بأكملها عدد أكبر بكثير من الناس.
"إن عدد الأشخاص الذين يشنون الهجمة الأولى صغير، ويراوح في العادة بين سبعة إلى عشرة"، كما قال.
#2#
"خرجوا بزوارق بخارية قوية للغاية، مسلحين بأسلحة ثقيلة. ولكن بمجرد أن يستولوا على السفينة، يبقى نحو 50 قرصاناً على سطح السفينة. ونحو 50 قرصاناً آخرين ينتظرون عند الساحل في حالة لم تسر الأمور على ما يرام".
ونظراً إلى أن جميع الناس الآخرين منخرطون في صناعة القرصنة، بمن فيهم أولئك الذين يغذون الرهائن، أصبحت القرصنة دعامة أساسية في اقتصاد بوتلاند. وأصبح ميناء إيل بلدة مجهزة للقراصنة، ورهائنهم. كما أُفتتحت مطاعم خاصة لإعداد الطعام لطاقم السفن المختطفة. ولأن القراصنة يريدون الرهائن، فهم يحاولون رعاية رهائنهم.
وحينما حررت الفرق العسكرية الفرنسية بحارين فرنسيين اُختطفا قبالة الساحل الصومالي، قال نيكولاس ساركوزي إنه أعطى الضوء الأخضر للعملية حين تبيّن أن القراصنة توجهوا إلى إيل، حيث كان من الخطر جداً تحريرهم من هناك.
وإن البلدة ملاذ آمن، حيث إنه نادرا ما يقوم أحد بشيء لوقف القراصنة، الأمر الذي يؤدي إلى الإشارة إلى أن البعض، على الأقل، يربطون بين حكومة بونتلاند وما بعدها بالقراصنة.
وإن العديد منهم ينحدرون من العشيرة نفسها، عشيرة ماجرتين التي ينحدر منها رئيس حكومة الصومال الاتحادية الانتقالية، عبد الله يوسف. ويعيش إقليم ساحل بونتلاند في حالة من الازدهار.
وتشهد المنطقة بناء منازل فاخرة، وشراء سيارات باهظة الثمن، وكل ذلك في دولة لم تحظ بحكومة مركزية ناجحة لنحو 20 عاماً.
ويقول المراقبون إن القراصنة حققوا نحو 30 مليون دولار جراء أموال الفدية العام الماضي، أي أكثر بكثير من الميزانية السنوية لبونتلاند، التي لا تعادل سوى 20 مليون دولار.
وحين سئُل رئيس بونتلاند، أدي موسي، بشأن الثروة المقرر عنها للقراصنة وحلفائهم، قال: "ذلك أكثر من صحيح".
ولكونهم يحققون الكثير من الأموال في الوقت الراهن، فإن قراصنة القرن الـ 21 يمكن أن يتحملوا نفقات أسلحة أكثر تطوراً، وزوارق بخارية سريعة.
ووذلك يعني أنه إذا لم يتم بذل المزيد من الجهد لوقفهم، فسيواصلون سلب خطوط الشحن النشطة عبر خليج عدن.
وهم يستهدفون حتى السفن المحمّلة بالمساعدات لإطعام أبناء بلدهم، بما يعادل نحو ثلث السكان. وتخرج السفن الحربية القادمة من فرنسا، كندا، ماليزيا، وغيرها، في جولات تفقدية قبالة الساحل الصومالي لمحاولة صد هجمات القراصنة.
وأوضح مسؤول في منظمة النقل البحري الدولية كيف أن القراصنة المسلحين يزدادون شجاعة وجرأة. وإن ما يزيد على 30 في المائة من النفط العالمي يتم نقله عبر خليج عدن، وبرغم ذلك يفتقر القراصنة إلى الوسائل التي تساعدهم على اختطاف الحاويات الضخمة، بينما هنالك تقارير تفيد بأنهم أطلقوا النيران صوبها.
"ما هي إلا مسألة وقت قبل أن يحدث أمر مروع"، كما قال أحد المسؤولين.
"فإذا تمكن القراصنة من إحداث خرق في الناقلة، وسال النفط على سطح البحر، فإن من الممكن أن تحدث كارثة بيئية ضخمة".
وعلى الأرجح أن القرصنة ستستمر في كونها مشكلة قبالة ساحل الصومال طالما أن العنف والفوضى قائمين على الأرض اليابسة.
ويمكن للنزاع أن تكون فرصة جيدة للغاية بالنسبة لأنواع معينة من النشاطات العملية، وبالطبع، فإن القرصنة واحدة منها. ومن السهل الحصول على الأسلحة، ولا توجد سلطة ناجعة لمنع ذلك، لا على اليابسة ولا على البحر.