نظم أمن المعلومات من يقدرها؟!
نظم أمن المعلومات من يقدرها؟!
ما زالت سلسلة الهجمات الإلكترونية مستمرة! بل إنها لا ولن تنقطع طالما أن هناك ضعاف نفوس ذوي نوايا سيئة، تدفعهم غريزتهم الشريرة ومبادئهم المتهالكة إلى التجني على الناس وإلحاق الضرر بهم، إما بقصد التدمير وإما الابتزاز أو السرقة.
يتلذذ البعض منهم على مآسي وأحزان الآخرين، بامتلاك حصاد السنين من العمل والجهد وعناوين الاتصالات والأعمال الفكرية والتجارية لفرد ما، أو جهة معينة، بسرقة البريد الإلكتروني الخاص بهم مع كامل محتوياته، أو الاستحواذ بطريقة غير شرعية على موقع إلكتروني هو غاية في الأهمية لأصحابه، ويباشر مصالح تعد منعطف مهما في حياتهم الأدبية أو الاقتصادية.
هذا الوباء الذي يصدر من مجموعة تفرغت أذهانهم لتطوير وابتكار تلك البرمجيات الضارة بأنظمة الشبكات والأجهزة المتصلة بها، بينما أن مجموعة متمرسة تفننت في استخدام برامج الاختراق. وكان آخرها على مستوى المنطقة العربية التهجم على مواقع لها تاريخها ومكانتها على شبكة الإنترنت، كموقع قناة "العربية"، كما طالت التعديات قبلها وبعدها مواقع حكومية وتجارية وإعلامية وثقافية ومنتديات خاصة.
من أغرب التعديات على الصعيد العالمي، ما تناقلته وكالات الأنباء العالمية أخيراً، من تمكن أحد المخترقين من الوصول إلى الحساب البنكي للرئيس الفرنسي ساركوزي، وسرقة مبالغ زهيدة منه. وأيضا من أن السلطات المختصة في تشيلي أعلنت عن اختراق ملفات شخصية لستة ملايين شخص في البلاد، بينهم الرئيسة وكريمتها، وتمت هذه العملية المحبوكة بواسطة أحد قراصنة المعلومات، عرّف نفسه باسم "جبان مجهول"، الذي نجح في الاطلاع على بيانات ومعلومات عبر أجهزة هؤلاء البشر، ومن ثم سلب ما يمكن منها، وعرضها مؤقتاً على شبكة الإنترنت. حيث وصف المتحدث باسم الرئاسة أن هذا العمل يعد مسألة خطيرة وحساسة جداً.
وفي سابقة تكشف من خلالها ضعف أنظمة الحماية في الشبكات لدى القطاعات المسؤولة عن تقنية نقل البيانات المتصلة بالإنترنت، كانت هناك إضافة لهذا الحدث بأن هذه المعلومات تمت قرصنتها صباح الجمعة من خوادم تابعة لوزارة الثقافة والخدمات الانتخابية والجيش. وأبلغ الشرطة مدير موقع مختص في التقنية عن تسرب المعلومات على الإنترنت، بعد أن اكتشف رابطا إلكترونيا أخذه إلى الموقع الذي عرضت عليه المعلومات التي تم اختراقها.
هنا تكون الكارثة أن تكون مثل هذه القطاعات الحساسة والمهمة على مستوى البلاد والمنطقة مسرحاً لهذه الجريمة الإلكترونية العظيمة. وتفرعت منها مصائب أكبر لم يتضح بعد حجمها بشأن سرقة بيانات مصرفية أو مبالغ مالية. ومن أهم التفاصيل المعلنة عن هذه القضية أن بين المعلومات قائمة لطلاب حصلوا على أسعار تفضيلية للنقل العام، بينهم إحدى كريمتي الرئيسة فيرونيكا ميشال، التي قد يكون بعض الأشخاص قد تمكنوا من تصفحها وربما حفظها.
بقي أن أوضح خلاصة ما في الأمر والأشد تعبيراً، وهو ما برره الهاكرز من عملية الاختراق، بأنه كان يعتزم إظهار ضعف نظم حماية المعلومات في تشيلي، وأنه أستطاع إثبات ذلك.
وهنا أردد التساؤل الذي يدور في خلد كل من يقرأ هذا المقال: لماذا يغفل المعنيين بالأمر عن حماية الشبكة بالقدر الذي يمنع أمثال هؤلاء من إلحاق الأذى بالآخرين؟ بالرغم من أن النظم والحلول لبرامج الحماية وأمن المعلومات متنوعة ومتوافرة في متناول اليد وبأسعار معقولة بحسب أولويات نشاط كل منشأة. ولو تدرجنا على مستوى الأفراد، فهناك برامج حماية في سوقنا المحلية تفي بالمطلوب، وعلى مستوى المنشآت، فتقع المسؤولية على إدارات تقنية المعلومات والحاسب الآلي، في تدريب وتطوير موظفيها على آخر تطورات أساليب الاختراق، ونشر الوعي لدى كافة منسوبي المنشأة، وتفعيل الدعم الفني لشبكاتها على مدار الساعة.