مصنع في المدينة المنورة يشغل النساء في عمليات إنتاج التمور

مصنع في المدينة المنورة يشغل النساء في عمليات إنتاج التمور

استفادت بعض المصانع الوطنية من قدرات المرأة في مجال التصنيع، وأتاحت أمامها فرصا تتناسب مع طبيعة المرأة وللأسر الراغبة والمحتاجة إلى العمل، وتمثل هذه التجارب بالرغم من قلتها خطوة أولى في هذا المجال.
فالتحقت المرأة بعملية الإنتاج الحديثة في المصانع والمعامل، كما حصل تغيير كبير في ذهنية المجتمع السعودي الذي بات يشجع عمل المرأة وفق الضوابط الشرعية، ومن ثم أصبحت مؤهلة للقيام بالمهمات الإدارية والصحية والتربوية والتعليميةة، وأخرى متنوعة.
واستطاع عدد من المصانع الوطنية بالتعاون مع عدد من الجمعيات الخيرية من توفير وظائف للمرأة التي تلقت التدريب والتأهيل اللازمين من قبل هذه الجمعيات في مجالات العمل في المصانع.
"المرأة العاملة" زارت المصنع الوطني لتعبئة التمور في المدينة المنورة الذي يقتصر العمل فيه على النساء، والتقت مالك المصنع ومديرته والعاملات فيه للتعرف على بيئة العمل في المصنع، وكيفية تعبئة وتصنيع التمور، وتقييم تجربة عمل المرأة في هذا المجال، وكيف استطاعت أن تعطي وتنتج وسط بيئة عمل مناسبة، وفي أجواء من الخصوصية المطلقة.
ويقول محسن الحيدري مالك المصنع، "إن استثمار الأيدي العاملة النسائية في الصناعة، لم يأخذ حقه من التطبيق بما يتناسب مع أعداد الباحثات عن العمل في المملكة حتى الآن، وأشار إلى أنه رغبة منه في مساعدة الأسر الراغبة في تحسين ظروفها الاجتماعية عبر الحصول على فرص عمل لبعض أفرادها من النساء، حصل على تصريح لإنشاء فرع نسائي للمصنع يتولى مهمة نزع النوى من التمور ومن ثم حشوها، وتم توفير الأيدي العاملة من النساء بالتعاون مع الجمعية الخيرية للخدمات الاجتماعية في المدينة المنورة، وبدعم مباشر من الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة (أمير منطقة المدينة المنورة والرئيس الفخري للجمعية سابقاً) حيث وجه حينها أمانة المدينة المنورة بإصدار الترخيص للقسم النسائي للمصنع عملاً بمضمون حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام "خير كسب الرجل من عمل يده" أو كما قال".
وبين الحيدري أن المصنع الجديد الذي يتم إنشاؤه حالياً، سيتضمن إن شاء الله، توسيع العملية التصنيعية التي تمارسها النساء في المصنع بدلاً من اقتصارها على نزع النوى وحشو التمور.
من جهتها قالت مديرة المصنع، إن فكرة التشغيل النسائي للمصنع، نبعت من توفير فرص عمل للنساء من ذوات الدخل المحدود بالتعاون مع الجمعية الخيرية للخدمات الاجتماعية في المدينة المنورة.
وبينت مديرة المصنع أن التوظيف لا يقتصر على النساء اللاتي لا يحملن مؤهلات علمية أو خبرات مهنية، بل امتد ليشمل العديد من الخريجات اللاتي لم يحصلن على وظائف تتناسب مع مؤهلاتهن، غير أن الأولوية في التعيين لمن لا يحملن مؤهلات علمية نظراً لمحدودية فرص التشغيل أمامهن مقارنة بالمؤهلات علمياً، إضافة إلى أن العمل لا يتطلب حصول العاملات فيه على شهادات علمية أو خبرة عملية لبساطته وإمكانية أدائه من قبل أي شخص راشد.
وأوضحت مديرة المصنع، أن أجور العمل في المصنع تتحدد بحسب الكمية التي تنتجها العاملات، حيث خصص مبلغ ريال واحد لكل كيلو جرام تنجزه العاملة، ويقدر ما تنتجه كل عاملة يومياً بنحو 80 كيلو جراما، أي ما يعادل 80 ريالاً في اليوم. وقالت "لذا فالأجر يتحدد بحسب حجم العمل، واجتهاد العاملة، كما يمنح هذا التحديد للأجور الفرصة للعاملات بالغياب عن الحاجة دون أن يخصم من أجورهن شيئاً، وأقل راتب تحصل عليه العاملة في الشهر نحو 700 ريال، فيما تصل أجورهن إلى 1500 ريال خلال الشهر".

ويبدأ العمل في المصنع في ورشة الإنتاج، حيث تقوم النساء بإخراج النوى من التمور، ومن ثم حشوها بالمكسرات. ونظراً لكون هذه المهمة لا تتطلب خبرات أو تخصصا علميا، فقد كلف بأدائها عدد من السيدات اللاتي لا يحملن أي مؤهل علمي أو خبرة مهنية سابقة، سوى كونهن ربات بيوت.
وتقول إحدى العاملات في ورشة الإنتاج، إنها حصلت على شهادة إتمام الدراسة في المرحلة المتوسطة، وتلقت دورة في لغة الإشارة للصم، كما انضمت إلى دورات في الخياطة، غير أن هذه الدورات لم تشفع لها في الحصول على عمل لمساعدة أسرتها وتحسين ظروفها اجتماعياً، وبعد بحث وانتظار حصلت على هذا العمل الذي لبى جزءا من طموحها.
وتضيف عاملة أخرى في الورشة، أنها تحمل شهادة المرحلة الثانوية، والتحقت بالمصنع عبر الجمعية الخيرية للخدمات الاجتماعية، وأشارت إلى أن القطاع الصناعي فيه فرص واسعة لعمل المرأة، وبالأخص في أعمال الإنتاج والتعبئة، وقالت إن طبيعة عملها تتحدد بحسب الموسم الزمني للتمور، ففي كل فصل تعمل في تعبئة التمور التي تجنى في هذا الفصل، ويزداد العمل كثافة في شهري شعبان ورمضان، نظراً لكثافة الطلب وارتفاع حجم الإنتاج.
عاملة أخرى في المصنع متخصصة في مجال الكمبيوتر، قالت "في ظل قلة ومحدودية الوظائف النسائية، لم أجد عملاً إلا تفريغ التمور من النوى وحشوها باللوز، وبالرغم من كون هذا العمل لا يحقق طموحي ولا يتناسب مع مؤهلي العلمي والمهني، إلا أنني سعيدة بالحصول عليه، بدلاً من البقاء دون عمل في المنزل" واقترحت زيادة ساعات العمل في المصنع باستحداث فترة مسائية، لزيادة الإنتاج وتطوير طريقة أدائه.
واعتبرت العاملات في المصنع أن وجود مصنع متخصص في تشغيل النساء في قطاع صناعة التمور، يعد نقلة نوعية في مجال تشغيل المرأة في المملكة من شأن تكرارها في مناطق مختلفة لتوفير وظائف عديدة للمرأة في ظل محدودية فرص العمل أمام المرأة في البلاد حالياً.
وقلن إن تأهيل النساء للعمل وتدريبهن على أداء أعمال بسيطة تشكل لهن مصادر دخل يعنّ بها أسرهن، وتكفيهن المسألة وطلب المساعدة، أفضل بكثير من تقديم المساعدات العينية والمادية من قبل الجمعيات الخيرية والاجتماعية.
ويشترط المصنع في العاملات فيه، حصولهن على شهادة صحية من أمانة المنطقة، والتزامهن بشروط النظافة في المصانع الغذائية، وإثبات موافقة ولي أمر العاملة على العمل في المصنع، إضافة إلى الالتزام بأخلاقيات ومعايير العمل. وتمتد ساعات العمل في المصنع حالياً ما بين الثامنة صباحاً حتى الثانية ظهراً.

الأكثر قراءة