البنوك الإسلامية تؤسس غرفة عمليات لمتابعة الأزمة
البنوك الإسلامية تؤسس غرفة عمليات لمتابعة الأزمة
قررت البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية أمس في جدة تشكيل فريق عمل يتألف من عدد من المتمرسين والخبراء يكون بمثابة (غرفة عمليات) مستمرة يعهد إلى هذا الفريق متابعة نتائج منتدى جدة، والتطورات الناشئة عن الأزمة المالية، ويطلع هذا الفريق جميع البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية على الجوانب التي تهم الصناعة المالية الإسلامية والمساعدة على إجراء التحليل الصحيح للأزمة.
وأوضح الدكتور أحمد محمد علي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية في مؤتمر صحافي عقب انتهاء المنتدى، أن فريق العمل الذي سيشكل يقوم أيضاً بإعداد ورقة عمل لتقييم الوضع الحالي، والمشاركة بها في جميع المنتديات والاجتماعات على مختلف المستويات الحكومية والأهلية إقليمياً وعالمياً. ولفت الدكتور أحمد إلى أن مجموعة البنك الإسلامي لم تتأثر بأي شكل من الأشكال بالأزمة المالية العالمية، لكنه أكد أن هناك تأثيراً محتملاً على الاقتصاد الحقيقي بسبب الكساد الذي سيصيب الاقتصاد العالمي في الفترة المقبلة.
وأضاف رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية "كذلك يقوم فريق العمل بتحديد الفرص المتاحة أمام الصناعة المالية الإسلامية، وإطلاع البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية بها".
وأكد الدكتور أحمد إلى أن منتدى جدة خلص إلى إعادة النظر في مستوى التعاون بين البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية.
وقال "تبادل المعلومات بين البنوك والمؤسسات الإسلامية هي نتيجة حتمية لمستوى التعاون بيننا، للأسف مستوى التعاون الحالي ليس ما نطلبه ونسعى إليه، كما نؤكد وجوب الامتثال لمقاصد الشريعة وقواعدها في جميع تعاملاتها". وأردف رئيس مجموعة البنك الإسلامي "الوقت الراهن يحتم علينا إيجاد مرجعية شرعية قطرية للبنوك الإسلامية ونلتمس من جميع السلطات المعنية بهذا الأمر تسهيل إنشاء هذه المرجعية القطرية في مرحلتها الأولى، على أن نصل في النهاية لأن تكون لدينا مرجعية شرعية عالمية للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية".
وكان المنتدى قد بدأ بكلمة افتتاحية للدكتور أحمد محمد علي تطرق فيها إلى أثر الأزمة المالية العالمية على الصناعة المالية الإسلامية وقال "نلتقي اليوم في ظل ظروف عالمية غير معتادة، لقد بلغ مجموع خسائر المصارف والمؤسسات المالية بسبب أزمة الائتمان العالمية أكبر من تريليون و 400 مليار دولار بنهاية أيلول (سبتمبر) 2008، أما أسواق رأس المال العالمية فقد خسرت مطلع هذا العام إلى نهاية أيلول (سبتمبر) نحو 30 في المائة من قيمتها، وأكثر من 18 تريليون دولار، وما زالت تداعيات الأزمة وآثارها لم تكتمل فصولها".
وأضاف الدكتور أحمد "إن استمرار واستقرار الصناعة المالية الإسلامية يتطلب أن تكون الأدوات والمنتجات التي تقدمها تجمع بين سلامة الصيغة وصحة الهدف والمآل، وليس سلامة الصيغة فحسب، وهو ما دعا إليه علماؤنا حسب القاعدة المعروفة (العبرة بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني) وقاعدة (الأمور بمقاصدها)".
وأشار رئيس مجموعة البنك الإسلامي إلى أن الأزمة المالية العالمية غيبت عدداً غير قليل من أبرز البنوك الاستثمارية الدولية، واستطرد "ومن هنا بات لزاماً على الصناعة المالية الإسلامية اغتنام الفرص التي أتاحتها هذه الأزمة، وذلك بإنشاء بنوك استثمارية عالمية تحقق رسالة الاقتصاد الإسلامي وتقدم للعالم رؤية جديدة ومنهجاً مختلفاً في إدارة الأصول واستثمار الأموال".
من جانبه، دعا الشيخ صالح عبد الله كامل رئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة علماء ومفكري الأمة الإسلامية والمؤسسات الداعمة للعمل المصرفي الإسلامي إلى اغتنام الفرصة وطرح البديل الإسلامي بشكل علمي واقعي مدروس يوضح مزاياه الحقيقية وإمكاناته الكبيرة، ليحل بديلاً عن النظام المالي العالمي المنهار.
وحدد الشيخ صالح في ورقة العمل التي يطرحها اليوم أمام ممثلي معظم البنوك والمؤسسات الإسلامية خلال منتدى جدة الذي دعا إلى البنك الإسلامي للتنمية، عدة محاور لتحقيق هذا الهدف من أهمها، أن تكون المؤسسات المالية الإسلامية على قدر التحدي وتتحلى بالمسؤولية التامة في هذه المرحلة المصيرية وتقوم بتغيير منهجي شامل في أنشطتها الاستثمارية والخدمية ومنتجاتها المالية بحيث لا تكون مجرد صدى لنظام ربوي غربي أثبت إفلاسه.
وأضاف رئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة "المحور الثاني يتمثل في العمل المشترك، حيث إن التحدي الماثل يتطلب تغييراً تاماً في إدارة العمل المصرفي الإسلامي، بحيث ينتقل من نزعة الفردية إلى روح الجماعة والعمل المشترك ومن التشرذم والتقزم إلى التوحد والعمل الاستراتيجي المتقن، فيما المحور الثالث هو الترويج لمبادئ الاقتصاد الإسلامي وقواعد المصرفية الإسلامية، وذلك أن ما طبق حتى الآن لبعض صيغ الاستثمار الإسلامي من قبل بعض فروع كبريات المصارف العالمية لا يزال دون الطموح المنشود، والأمر يتطلب الاتفاق على خطة ومنهجية لإبراز الاقتصاد الإسلامي كنظام علمي مدروس".
وأكد الشيخ صالح أن المحور الرابع لجعل النظام الإسلامي جاهزاً بشكل واقعي هو الأحكام والفتاوى الشرعية، وقال "لابد للنظام الإسلامي الذي نعده ليكون بديلاً للنظام المالي المنهار أن يظل أصيلاً مستقى من الأحكام الأساسية، وليس صورياً وتابعاً للتقليدية".
إلى ذلك، طالب الدكتور محمد القري الخبير في الاقتصاد الإسلامي بعدم التباكي على الرأسمالية، مؤكداً عدم جدوى أي فعل من جانب العالم الإسلامي ما لم يتم التحدث بصوت واحد وإفهام الغرب البعد الحقيقي للاقتصاد الإسلامي حتى يتقبلوه.
وأضاف "دعونا ننسى الخلافات البينية حول مشروعية البنوك الإسلامية ومدى التزامها بمقاصد الشريعة في الوقت الراهن، ونركز على نقاط الوفاق بيننا لتقديمها للمشاركة في إعادة بناء النظام المالي العالمي الجديد".
في غضون ذلك، أكد السيد براد بورلاند المستشار الاقتصادي لشركة جدوى للاستثمار أهمية دور الحكومات في وضع القرارات وتنظيم القطاع المالي، مشدداً على أنه يجب على البنوك الإسلامية أن تلعب دوراً محورياً في عمليات من هذا القبيل.