الحماية من الإفلاس الخيار الاستراتيجي للشركات الأمريكية

الحماية من الإفلاس الخيار الاستراتيجي للشركات الأمريكية

شهدت الولايات المتحدة في الأشهر الماضية، تقدم العديد من الشركات بطلب حماية طبقاً للفصل 11 من قانون التفليسة الأمريكي. ومن أكثر أمثلة على ذلك مورّد قطع السيارات، ديلفي،وشركات الطيران دلتا إيرلاين، ونورث ويست إيرلاينز. وبذلك فإنها تريد التمكن من تفعيل الهيكليات الضرورية في وضع سوق أصبح صعباً لمحاولة تطويره بشكل أفضل مما هو عليه لغاية الآن.
وإذا بحث المرء في مثل هذه الأخبار حول الشركات المحلية في السنة السابقة بعد سريان مفعول قانون الإفلاس الذي تم إصلاحه في ألمانيا، فإن ذلك يكون بدون جدوى تذكر. وهذا أمر غريب، خاصة وأن التعليمات الجديدة تقدّم إمكانيات التغلب على الأزمة التي يتضمنها القانون الأمريكي الذي تم تعديله في الشهر الماضي.
إن شركات ألمانيا التي تبحث عن "حماية دائن" يمكن أن تجد نفسها في موقف خاص من حيث إن توقيت تقديم الطلب يمكن أن يكون خلال فترة تصل إلى سنة واحدة يتم اختيارها بشكل حرّ قبل ابتداء عدم المقدرة على الدفع. وبتقديم الطلب لمحكمة الإفلاس يتم إبعاد قبضة جميع الدائنين. كما يتم تمويل أجور العاملين خلال فترة زمنية تمتد إلى ثلاثة أشهر عبر أموال التفليسة، وتعمل الشركة وتنتج في هذه الفترة بشكل حقيقي دون تكاليف الأجور. ويمكن إنهاء علاقات العمل بفترة زمنية تمتد لغاية ثلاثة أشهر، وتكون تعليمات الحماية المتعلقة بقانون العمل قد ألغيت وأوقف العمل بها. ولهذا الغرض يمكن للعقود المبرمة غير المستوفاة بعد أن ينتهي العمل بها، أن تلغى من جانب واحد عبر إعلان بسيط. وأخيراً يمكن لإعادة التنظيم أو التأهيل الكلي أن يعمل على "الإعفاء" من الالتزامات وتنفيذها في خطة إفلاس مقابل إرادة 49 في المائة من الدائنين وأصحاب المطالبات.
وإذا تمعن المرء في كتالوجات هذه الميزات الواسعة، فإنه يتساءل : لماذا على الرغم من إطار الشروط القانونية المميزة في ألمانيا، يؤدي قانون التفليسة المعاد تنظيمه كخيار استراتيجي، إلى حدوث أزمة، وأنه لا يزال ميتاً وهو حي؟ إن الجواب على ذلك هو عجز التنفيذ في ثلاثة مجالات جوهرية. وأول ملاحظة هي أنه بعد مرور مئة عام على نظام الإفلاس في ألمانيا، ينقص هذا النظام بالكامل ما يسمى "ثقافة الإفلاس"، كما هي مثبتة ومنصوص عليها في الدول الأنجلو سكسونية. وهذه الثقافة تدرك أو تفهم الأزمة وفشل الشركة على أنها ظاهرة عادية للتعامل الاقتصادي. والتفليسة هي في حقيقة الأمر الحالة الاعتيادية للنظام. وفي المقابل يراها أصحاب الشركات الألمانية كهزيمة شخصية، وهزيمة ساحقة اجتماعية. وهذا كله إخلاص للشعار القديم بأن الإفلاس هو ليس الموت للاقتصاد، بل هو أيضاً الموت المدني للتاجر. ومن أجل تجنّب مثل هذه النتيجة فإن المسؤولين في الطوابق القيادية على استعداد أيضاً من أجل التمسك بسعر الضمان الشخصي والمطاردة الجنائية على سبيل المثال، أو المماطلة في التفليسة، من أجل تجنّب الذهاب إلى محكمة الإفلاس.
وطبقاً لمعلومات أبحاث الأسباب، فإن الإهمال والتقصير تجاه العوارض الخاصة بالأزمات، وعلى مستوى الإدارة، هي أساس الأسباب المؤدية إلى العجزعن الدفع. وإن المماطلة أو تأجيل التفليسة لكثير من الأشهر هي القاعدة. ويؤدي ذلك بالنتيجة إلى أن الكثير من الشركات تقوم بتقديم طلبات الإفلاس في وقت محدد يكون في العادة متأخراً للغاية. وكثيراً لا يمكن الاستفادة من فوائد أو منافع النظام القانوني بتاتاً، وذلك لأن الشركات تفشل حتى في توفير السيولة الدنيا الضرورية.
ويضاف إلى ذلك أن محاكم الإفلاس الألمانية توظّف حالياً نحو 1200 مشرف تفليسة، يتم اختيارهم من قبل المحاكم طبقاً لمبدأ عشوائي بسبب نقص المعايير الموضوعية، وإثباتات الاختصاص بشكل واسع. ومن بين هؤلاء المشرفين الإداريين، ويتعلق الأمر بنحو 95 في المائة منهم من المحامين، فإنه طبقاً للتقديرات على أي حال، لا يزيد عدد المؤهلين بأعمال الشركات بينهم على 200 مشرف. والبقية منهم تستوفي بعض التوقعات التي ما زالت منتشرة في ألمانيا، حيث يسعون إلى نهاية الشركة.
وبذلك فإنه يمكن العيش بشكل كريم من خلال مهنة مشرف أو إداري التفليسة، ويتم أيضاً تجنّب التعامل الضعيف إذا استدعى الأمر ذلك. وهكذا يسري مفعول القاعدة القديمة هنا التي تنص على أن :"عدم العمل لمدة ثلاثة أيام يحل غالبية المشاكل من تلقاء نفسها ويتجنب المسؤولية". وطالما أن الشركة لا تحصل على ضمان، فإن الإداري الموصّى به قضائياً هو شخصية مقاول خبير ومطلع على الأزمات أيضاً. وبذلك فإن نقطة الضعف الحقيقية لقانون التفليسة الألماني تصبح واضحة. وهذه هي في حقيقة الأمر محاكم الإفلاس.
وإذا توجه المرء بالاستفسار حول أسباب القبول الأقل للتنظيم القضائي مقابل غير القضائي إلى كل من الإداري أو المشرف على التفليسة، ومندوبي الدائنين والبنوك، والمشاركين الآخرين بالتفليسة، فإن الجواب يكون بكل وضوح: عندما يدرك القضاة الألمان في 181 محكمة أن عدم الكفاءة في إدارة الأعمال والموظفين هو مصطلح مرادف للاستقلال القضائي، تتم التوصية بإداريين أو مشرفين على التفليسة غير مختصين في المجال المطلوب لإجراءاتها، وبذلك لا يتم الحصول على أي تقدم مهم بهذا الخصوص، على عكس ما هو موجود في الولايات المتحدة الأمريكية وفي دول أوروبية أخرى. ويقدّر أن 90 في المائة من قضاة التفليسة الألمان غير مؤهلين.
والتفليسة في كثير من الولايات الاتحادية الألمانية ليست مركزة في محاكم اختصاصية، بل يتم إنجازها "بشكل جانبي". وإن قانون التفليسة الألماني يمثل قاعدة قانونية واقتصادية مميزة لإعادة تنظيم وتأهيل استراتيجي للشركة، إلا أن وضعه موضع التنفيذ العملي يفشل بسبب التخوفات والتحيزات التي مازالت منتشرة، والتي يمكن التغلب عليها عندما تتوافر إلى جانب إجراء التفليسة، إجراءات مكملة أخرى. وسيفشل ذلك في حالة عدم أخذ المعايير الوحيدة الضرورية لاختيار مشرفي تفليسة بعين الاعتبار، وهي : النوعية، والنجاح، والاختصاص. ولابد من أن تصبح المحاكم من خلال التركيز والتأهيل شريكاً مختصاً ومؤهلاً للشركات.

الأكثر قراءة