التسوق الكاذب.. مرض قديم يتجدد مع متسوقي الرياض

التسوق الكاذب.. مرض قديم يتجدد مع متسوقي الرياض

ما إن ينتهي الأئمة في مساجد الرياض المختلفة من أداء صلاة التراويح، إلا وتجد أعدادا كبيرة من سكان العاصمة يتواجدون بكثافة في الأسواق، ورغم عدم ممارسة نسبة كبيرة منهم للتسوق وشراء السلع المعروضة، إلا أن وجودهم قد يستمر إلى أوقات متأخرة من الليل، ويبقى بعضهم حتى يهم حرَاس السوق بإغلاق أبوابه، هذه العادة التي تجري على الكثيرين يعود سببها الأساسي إلى أن الأسواق الآن لم تعد مقصدا للتسوق فقط، بل تمثل لهم وجهة ترفيهية بعد التغير الذي طرأ على مفاهيم التسوق في المجتمع السعودي.
"الاقتصادية" تجولت في أحد الأسواق الحديثة في غرب الرياض، وذلك لسؤال المتسوقين أنفسهم عن سبب تحول المفاهيم الأساسية للتسوق، وكانت المشاهدة الأولى لنا تركزت في أن أغلب المتسوقين لا يحملون أكياسا معهم، وهذه إشارة مهمة توحي بأن التسوق لديهم هو تغيير للأجواء فقط، ولا يتطلب الأمر شراء أي شيء.
يقول محمد بن جربوع، مستشار تربوي وأسري، إن أغلب الموجودين في السوق للأسف يهدرون أوقاتهم دون شراء أي غرض، بل إن البعض قد يذهب إلى المركز التجاري ولا يعلم ما الذي ينقصه، وأضاف: قال الرسول صلى الله عليه وسلم "أحب الأماكن إلى الله المساجد، وأبغضها إليه الأسواق"، وأشار الجربوع إلى أن البقاء في الأسواق ولفترة طويلة قد ينتج عنه بعض الأمور المخالفة من معاكسات وتحرشات بين الجنسين.
وشدد بن جربوع على ضرورة كتابة الأشياء المهمة في ورقة قبل الذهاب للسوق، حتى يكون لذهابه أهمية، أما قصده ودون تحديد الأغراض المطلوبة، فهو مضيعة للوقت، مضيفاً يعاني حرَاس الأسواق من بعض المضايقات بسبب وجود عدد كبير من المتسوقين رغم أن وجودهم ليس له هدف معين، لافتاً إلى البعض قد يرى في التسوق وسيلة للترفيه وهذه النظرة خاطئة إذا علمنا بوجود المتنزهات بكثرة داخل العاصمة.
وقدم المستشار التربوي والأسري بعض النصائح لمن ينشغل قلبه بالتسوق في شهر رمضان المبارك، وقال لا تُضيعوا ليلة القدر والتي هي عن ألف شهر بشراء ثوب أو فستان، ومن يريد الشراء فهناك أوقات مناسبة مثل وقت الظهيرة، وأضاف هذا الشهر شهر رحمة ولا بد من الوقوف مع الأسر المحتاجة ومساعدتها، وأن لايقف تفكير البعض عند نفسه، مشيراً إلى القصة التي رواها النبي عليه الصلاة والسلام "رحم الله بغيا سقت كلباً، فشكرها الله وأدخلها الجنة"، وفي هذه القصة دليل على عظم أجر مساعدة الآخرين، ومؤكداً على وجود فقراء يحتاجون إلى مستلزمات ضرورية ولا بد من الوقوف معهم.
وأكد المواطن سعد العصيمي على أن وجوده في السوق هو لغرض الشراء، وتفادياً من الوقوع في الازدحام المنتظر مع تسلم الرواتب لموظفي الدولة، وأضاف نشاهد وجود أكثر من شاب في السوق ولا أعلم كيف استطاعوا الدخول إليه، وفي وجودهم مضرَة للأسر المتسوقة، مشيراً إلى ضرورة التشديد على حراس الأمن بمنع دخول الشباب حتى لا يكون هناك اختلاطاً بين الجنسين وقد ينتج عنه ما لا يحمد عقباه.
وأوضح المواطن عبد الله بن فارس على أن الأسواق الحديثة المصممة على أحدث ما يكون ساعدت على فتح شهيته هو وزوجته للتسوق، حيث التكييف الحديث وسهولة التنقل بين جنباته، لافتاً إلى احتواء السوق على بعض وسائل الترفيه من ألعاب وغيرها ساعدت على تغيير الروتين اليومي لأبنائه الصغار.
وقال عبد الفتاح محمد محاسب في أحد المحال إن محله يشهد حركات بيع لا بأس بها، مضيفاً قد يستغرق وجود البعض في المعرض وقتاً طويلاً دون شراء أي من الأغراض، وهؤلاء نعرف مقصدهم جيداً حيث يوجدون بكثرة، لافتاً إلى أن البعض قد يوجد لمعرفة الأسعار ومدى ملاءمتها لإمكاناته المادية.
وأبدى المواطن عبيد المساعد عن استغرابه من الذين يؤكدون على وجوب الذهاب للسوق لمرَة واحدة، وقال التنقل بين الأسواق يساعد على اختيار السلعة ذات الجودة والسعر المناسبين، وأضاف لقد قمت بشراء أحد الفساتين لزوجتي بعد أن قمت بزيارة أكثر من سوق، وفي النهاية وقع الاختيار على فستان مناسب لإمكاناتي المادية، مشيراً إلى ضرورة الاهتمام بالأسواق القديمة حتى تواكب التطور الملحوظ في الأسواق الحديثة، ومتوقعاً هجرها ما لم يحدث أي تغيير فيها سواء من ناحية التوسعة أو التكييف.

الأكثر قراءة