شركات التمويل الإسلامي انعزلت عن أزمة القروض السكنية فانتعشت بقوة

شركات التمويل الإسلامي انعزلت عن أزمة القروض السكنية فانتعشت بقوة

هذا الأسبوع في لندن احتوت كلمات المتحدثين في مؤتمر قمة "رويترز" للمصرفية والتمويل الإسلامي على عدد لا بأس به من الكلمات التي من قبيل "إيجابي"، و"نمو"، و"فرصة".
في المقابل، فإن الأحداث الأخيرة في عالم التمويل التقليدي اتسمت بالمحادثات التي يتم تبادلها همساً وتنضح بأفكار حول القضاء المحتوم. وقد أشارت بعض المذكرات الصادرة حديثاً من بنك الشركة العامة سوسييتيه جنرال حول الإستراتيجية الائتمانية إلى "الكوارث" و"الغثاء اليومي من الأنباء السيئة الذي رزئت به الأسواق منذ شهر تموز (يوليو) من العام الماضي".
وتمر شركات التمويل الإسلامي الآن في مرحلة انتعاش وقوة، حيث إنها معزولة إلى حد كبير عن أزمة القروض السكنية لضعاف الملاءة وإن لم تكن محصنة تماماً، فقد توسعت الفروق بين أسعار البيع والشراء للمنتجات الائتمانية -أي السندات في الغالب- وتباطأت عمليات الإصدار.
وقال نور محمد يعقوب، الوزير الثاني للمالية في ماليزيا: "في الوقت الذي ينحدر فيه النظام المصرفي التقليدي في هوة الانقباض الائتماني، ستكون هناك فرصة للنظام المالي الإسلامي للتوسع والتعويض عن الانخفاض في حجم الائتمان والسيولة في النظام الغربي".

التدفقات العكسية
وقال يعقوب: "قبل عشرة أعوام وأثناء الأزمة المالية الآسيوية كانت هناك تدفقات من الأموال من النظام المالي الغربي في آسيا ساعدت نوعاً ما على التغلب على الأزمة، الأمر المثير للاهتمام هذه المرة هو أن التدفق النقدي يسير باتجاه مضاد، ذلك أن حركة الأموال الآن هي من آسيا والشرق الأوسط".
وقال آفاق خان، رئيس قسم المصرفية الإسلامية في بنك ستاندارد تشارترد "هناك فرصة عظيمة للصناعة الإسلامية بصورة عامة، ليس لاستغلال ضعف الآخرين، وإنما للعب دورها اللازم في تقديم رأس المال حيث يلزم استخدام رأس المال".
وأشار خان إلى أن الأحكام الشرعية يمكن أن تساعد الصناعة على تجنب المشاكل التي يعاني منها الآن المصرفيون الغربيون، ومن بينها الاستخدام المفرط للديون الثقيلة، والاستخدام المتزايد لأدوات المشتقات في سبيل المضاربات وليس للاستثمار في اقتصادات الدول، وأن هذين النوعين من الاستثمار تحرمهما الشريعة الإسلامية.
ومن المعروف أن الإسلام يحرم الربا ويقضي بأن تكون التعاملات مبنية على أصول ملموسة، بمعنى أنه لا يمكن تحقيق الربح المالي من المال فقط.

الفقاعة الوهمية

وقال رئيس قسم المصرفية الإسلامية في بنك ستاندارد تشارترد: "ليس معنى هذا أن المصرفية الإسلامية لا يمكن أبداً أن يساء استعمالها، ولكن خلق فقاعة في صناعة التمويل الإسلامي هو أمر أصعب بكثير من الصناعة التقليدية".
إذا كانت هناك صفقة تعتبر من "أعلام" التمويل الإسلامي وتظهر قدراته، فهي الصفقة التي تبلغ قيمتها 300 مليون دولار من السندات القابلة للتحويل من شركة تمويل، وهي ثاني أكبر شركة للقروض السكنية في الإمارات، وقد أطلقت في كانون الأول (ديسمبر).
وفي الوقت الذي تترنح فيه شركات القروض السكنية الأمريكية، ووجود كثير من الشركات الغربية التي لم تتأثر بأزمة القروض السكنية، إلى جانب أن أسواق التمويل مغلقة، قالت شركة تمويل إن عدد عمليات الشراء للسندات التي أصدرتها، والتي تهدف إلى تمويل التوسع، فاق الكمية المعروضة من السندات "خلال ساعات من إطلاقها".
وأشار متحدث بعد آخر في القمة إلى هذا الإصدار باعتباره دليلاً على الكيفية التي يمكن فيها للتمويل الإسلامي أن يقدم التمويل الكافي المسبق.
وقالت روزيتزا هاريتوفا، وهي محللة للسندات الأوروبية القابلة للتحويل لدى بنك نومورا إن "المثال الممتاز هو صفقة تمويل". وذكرت أن الشركة تمكنت من جمع التمويل بأسعار تقل عن سعر الاقتراض بين البنوك المعروف بسعر ليبور، تماماً كما كان مخططا، رغم الجيشان في أسواق المال. وأضافت "أرى بالتأكيد أن هذا العام سيكون عاماً قوياً".
كل ذلك يمكن أن يغري المستثمرين الدوليين للدخول في سوق التمويل الإسلامي، سعياً وراء الاستقرار بعيداً عن عاصفة القروض السكنية لضعاف الملاءة وسعياً وراء الحصول على نوع من الراحة وتخفيف الضغط.
وقال أرول كانداسامي، رئيس قسم التمويل الإسلامي في بنك باركليز كابيتال Barclays Capital: "نحن نتلقى كلاماً إيجابياً كثيراً من المستثمرين الدوليين حول الائتمان في الشرق الأوسط، مثل تمويل".

الحماسة البطيئة
ويشعر أصحاب الملايين المسلمون بالحماس بصورة بطيئة للاستثمار الإسلامي، على حد قول مسئول كبير في بنك HSBC، حيث يقتفون أثر عملاء التجزئة الذين يهمهم تماماً أن تكون تعاملاتهم المصرفية ملتزمة بالأحكام الشرعية.

حين يشعر أصحاب الملايين في الشرق الأوسط بصورة عامة برغبة في الاستثمار الإسلامي فإن هذا سيكون فألاً طيباً بالنسبة لصناعة المالية الإسلامية حديثة العهد، حيث تتنافس 300 بنك إسلامي للحصول على تعاملات من المستثمرين المسلمين، بعد أن كان عددها صفراً تقريباً قبل 30 عاماً.
وقال بيير بيسالو، الذي يرأس قسم الشرق الأوسط لبنك HSBC الخاص (سويسرا) " إنه فيما مضى كان انتشار المصرفية الإسلامية في الطبقات العليا من الأعمال المصرفية الخاصة متواضعاً، ولكن توسع نطاق المنتجات، بما في ذلك صناديق التحوط، مناسب الآن بصورة أكبر حتى للعملاء من أصحاب الملايين الذين يتطلبون معاملة استثمارية خاصة. "
وقال بيسالو إن ما بين 8 إلى 10 في المائة من العملاء يضعون أموالهم في التمويل الإسلامي في القسم الذي يديره، وهو يقل كثيراً عن النسبة التي تصل إلى الـ 20 في المائة والتي غالباً ما تذكرها البنوك الأخرى، التي تقدم التمويل الإسلامي لجمهور من أصحاب الأموال الذين تقل ثروتهم عن ثروة أصحاب الملايين.
بصورة عامة فإن البنك السويسري الخاص لبنك إتش إس بي سي توجد لديه أموال تبلغ 182.5 مليار دولار في موجودات للعملاء.
وقال بيسالو: "يمكن للمرء أن يتصور تطوراً تدريجياً نحو التمويل الإسلامي. مع ذلك فإنني أرى أنه ملحوظ بصورة أكبر بين العملاء الأثرياء وعملاء التجزئة. والطلب هو أقوى في قطاع الحسابات الصغيرة."
يذكر أن بنك إتش إس بي سي يعرف العملاء الأثرياء بأنهم العملاء الذين يمتلكون موجودات حرة قابلة للتحويل تبلغ قيمتها ما دون مليون فرنك. والعملاء بحاجة إلى عشرة ملايين فرنك على الأقل للتعامل مع البنك الخاص في إتش إس بي سي.
كذلك فإن هذا البنك البريطاني هو من أكبر البنوك التي تقدم التمويل الإسلامي من بين البنوك الغربية، وهو يقدم هذه الخدمة من خلال الوحدة التابعة له والمعروفة باسم "أمانة".

الأكثر قراءة