على الجميع أن يصبحوا وزراء مالية في حكومة ميركل

على الجميع أن يصبحوا وزراء مالية في حكومة ميركل

عندما ارتقت الأمينة العامة ميركل منصب رئيس الحزب المسيحي الديموقراطي، كان السؤال المطروح على الأغلب هو : ما هي المهام المناطة بها؟ وحتى حزبها لم يكن يعرف كيف يقيم المرأة الآتية من الشرق (شرق ألمانيا)، وكان ينقصها سنين التعليم والتنقل التي تبدأ في مرحلة الشباب للحزب الديموقراطي المسيحي.
وكانت هذه البروتستانتية الباردة قادمة من الشرق دون رؤية واضحة يمكن أن يشمها المرء في الغرف الخلفية للدوائر الانتخابية والمراكز المعنية بالانتخاب. وحلت هذه المرأة اللغز العام في مؤتمر الحزب الذي عقد في مدينة لايبنريج حول شخصية وطابع رئيسة الحزب. وهناك وجدت ميركل موضوعها كسياسية إصلاح تطمح بكل شجاعة للتغيرات الجوهرية في الدولة الاجتماعية المثقلة. وبهذا البرنامج الذي جسده باول كيرشهوف، خاضت انتخابات مجلس النواب "البوندستاج"، وأحرزت فوزاً كان بطعم هزيمة، حيث إن الحكم على ميركل لم يكن موجوداً بالفعل، كما أن ارتقاءها لمنصب المستشارة الاتحادية محاط بالمشاكل. فما الذي يمكنها تنفيذه في ظل هذا المنصب المهم الذي تقلدته؟
والواقع أن حسابات نتائج الانتخابات السيئة التي حصلت عليها ميركل من شرودر، ومن ضغوطها الخاصة بها في الحزب الذي تنتمي إليه، ستؤثر عليها. كما أن نصف مناصب مجلس الوزراء، بما في ذلك أهم مناصب في الحقل الاجتماعي، ومنصب وزارة الخارجية، ووزارة المالية، يجب التنازل عنها للحزب الاجتماعي الديموقراطي، إضافة إلى إعلان الاستغناء عن جزء من الإصلاح الضريبي المخطط له، كما أن الجناح اليساري في الحزب الاجتماعي الديموقراطي يشم الفرصة ورائحة الحريق. كما أن الحزب يتهدده خطر مطلب التمثيل الوحيد للحزب الاجتماعي الديموقراطي في مواضيع العدالة الاجتماعية. فإلى أين سيميل مونتي فيرينج في حالة أن شرودر ركز على الجزء القديم تماماً؟
إن القلق حول المسار المستقبلي للحزب الاجتماعي الديموقراطي هو الذي يساور قلق ميركل، ويجب أن تعمل من أجله. والنقطة الأخرى هي مشاكل حزبها الذي تنتمي إليه، والثالثة هي الحزب المسيحي الاجتماعي، حيث أن شتوبير انتهز فرصة الهزيمة، وأعلن صراحة عمّا انتزعه من ميركل في النزاع حول الإصلاح الصحي. وحتى قبل بدء مفاوضات الائتلاف، فإن قوى التحالف المسيحي الديموقراطي ظهرت في وضح النهار مؤثرة على المستشارة ميركل للحد من اختصاصاتها، وذلك لأن السلطة داخل التحالف المسيحي الديموقراطي مقسمة على مساحات واسعة. وهذا يعد نعمة ونقمة في الوقت نفسه للنجاح في انتخابات البرلمانات الخاصة بالولايات الألمانية.
إن ربط رؤساء الوزارات في مباحثات الائتلاف سيجعل من الصعب عليهم الزعم فيما بعد بأنه لم تكن لهم أي علاقة بما اتفق عليه. وبالطبع، فإن أحداً لن يرى من خلال المشاركة في المباحثات بأن حقه القادم في المشاركة أصابه الإجحاف. وكان واحد منهم اعترف لنفسه بحق الخطاب والقرار بشكل خاص، بالرغم من أنه بعد إتمام هذا الائتلاف سوف لا يبقى رئيس وزراء ولاية، بل وزير فقط. ولكن شتوبير سيبقى رئيساً للحزب المسيحي الاجتماعي، ورؤوساء هذا الحزب لديهم دائماً تطلعات لانتخاب برلمان الولاية المقبل. وبالنسبة لميركل، يظهر العنصر البافاري تعقيداً إضافياً في متوازي أضلاع السلطة لتحالف الحزب المسيحي الديموقراطي. فعلى سبيل المثال، يجب عليها بإلحاح من شتوبير أن تعين هورست سيهوفرفي مجلس الوزراء، حيث كان خلال النزاع حول أهم مشروع يتعلق بالنظام في شؤون التأمين الصحي معارضاً وقف ضده. وبالنسبة لشتوبير، فإن ذلك يمكن أن يكون شعبياً في بافاريا، ولكن سيهوفر، الذي من الصعب أن يحسب له حساب خارج مجلس الوزراء يمثل مخاطرة. وربما يكون زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي فضل تحمل الصعاب والمخاطر بإجبار ميركل على تعيين سيهوفر في مجلس الوزراء. وكان الأفضل لها ترك منصب وزارة الدفاع للشخص الذي يوثق به، وهو ميخائيل جلوس الذي يبقى بفضل شتوبير في منصب رئيس المجموعة الحزبية في الولاية.
وسوف تقوم المستشارة ميركل المحاطة بالتحالفات بالدفاع عن نفسها ضد المحاولات من كافة الجهات، لوقف حماسها الإصلاحي. ولا تقف في ذلك وحدها فقط. حيث إنه بعد الـ 18 من أيلول (سبتمبر) الماضي، لم تعد تظهر داخل تحالف الحزب المسيحي الديموقراطي قوى مريدة للإصلاح. ويمكن أن يكون فولفانج شويبله الذي يعتبر قصة هزيلة في تاريخ الحزب، إحدى الدعامات الأهم لميركل. وعلى صعيد الحزب الاجتماعي الديموقراطي، تتحرك روح التحالف عندما يتم تعداد سيهوفر وشتوبير كتاسع وعاشر ديموقراطي اجتماعي في مجلس الوزراء، حيث يجب بعد ذلك سحب وزير المالية شتاين بروك من هذا الحساب على الأقل. ومن الصعب إخفاء ضغط الوضع الذي تمثله حالة صناديق الدولة والصناديق الاجتماعية على الحكومة الاتحادية الجديدة. وفي حكومة ميركل يجب على كل عضو في مجلس الوزراء أن يكون وزير مالية، حيث لا مهرب لشتوبير من هذا الخط.
والآن على ميركل، وبمقياس ليس أقل على مونتي فيرينج، توفيق حزمة من المصالح المتفاوتة التي تدبر ائتلافاً قادراً على التعامل مع القضايا الشائكة. والأسباب المحيطة بفشل هذه المخاطرة كثيرة، وأحدها هو التناقضات السياسية والشخصية للحكومة المشلولة، وهي آخر ما تحتاج إليه هذه الدولة الآن.

الأكثر قراءة