"مهرجان صيف طيبة 29" .. هل كان في الإمكان أفضل مما كان؟
لا أحد يقول أن أبناء المدينة المنورة يطمحون في أن تتحول مهرجاناتهم الصيفية إلى مهرجانات مشابهة لتلك التي في قرطاج أو دبي، أو تلك التي كانت يوما ما في جرش الأردنية، وذلك تعقيبا على مناقشات ثقافية تناولت طموحات الأهالي من إقامة مهرجانات تدعم السياحة في المدينة المقدسة.
يرى العديد من الشبان وكذلك كبار السن في المدينة المنورة، أن فكرة إقامة فعاليات متنوعة لأفراد العائلة بمختلف أعمارهم، هي بحد ذاتها عمل كاف إذا ما تحقق عدد من الشروط اللازمة لتنفيذه على ما يرام، في مدينة يلزمها المحافظة على نفسها من ركوب موجة التقليد لغيرها من المدن.
ولا يخفي بعض المثقفين في المدينة المنورة انزعاجهم من عدم مواكبة مهرجانات المدينة المنورة الصيفية مهرجانات أخرى في مناطق مجاورة، تحتضن فعاليات أكثر جذبا للمتابعين - خصوصا المتسوقين - وأقوى وقعا للصدى الإعلامي، غير أن البعض الآخر يرى في المدينة المنورة مدينة لا تقبل التقليد.
يلوم الكاتب عبد الغني القش، الشركات المسوقة في ضعف إقبالها على دعم مهرجانات الصيف في المدينة المنورة، ما يقود في رأيه إلى تأثير سلبي في فعاليات المهرجان الذي يستهدف الأسرة المدينية البسيطة، والتي لا تجد سوى مدينتها مكانا للعمل و للتصييف معا.
مثقفون آخرون يرون أن الفعاليات التي كانت قائمة أخيرا في "صيف طيبة 29" كافية لخلق ترفيه بريء لأبناء المدينة وزوارها، والذين "يقنعون بالحرم النبوي وسيلة جذب لا تعدلها وسيلة في اجتذاب السياح للقدوم والبقاء في كنف المسجد الذي يحمل رفات خير من وطئت قدماه الأرض" بحسب تعبير عادل محمد عبده مدير عام مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية.
وما بين المتذمرين من مستوى "هش" لفعاليات المهرجانات الصيفية، والمبالغين في نجاحات هذا النوع من المهرجانات، تقف الأفواج الكبيرة التي كانت حاضرة فعاليات "صيف طيبة 29" شاهدة على أنهم المواطن "البسيط" لفعاليات تنشط إيقاعه الصيفي حتى وإن تفاوتت آراء الحضور في مستوى الفعالية من ممتاز إلى ما دون المتوسط.
"مهرجان صيف طيبة 29"، تضمن فعاليات تستهدف الطفل بالدرجة الأولى، من خلال أنشطة تستخرج مكامن الإبداع لديه كمرسم الطفل، ونجم الصغار، والمسابقات الثقافية والإنشادية، إلى جانب مسرح ترفيهي يعاب عليه رغم وفرة الحضور الدائمة، طريقة تقديم بعض مقدميه والتي لا ترقى لهدف البرنامج في الترفيه والمشاركة مع التسرع أحيانا في الانتقاء، في حين نجحت أكثر فعاليات الفلكلور أو الفنون الشعبية في اجتذاب العديد من الأطفال بعائلاتهم إلى المسرحين المفتوحين في حديقتي النخيل والملك فهد.
أسواق شعبية حاولت اجتذاب بقية أفراد العائلة الذين ما زالوا يملكون بقية من حنين لذكرى الماضي، ومولعين بمعرفة أسرار الحرف القديمة والصناعات اليدوية، إلى جانب ركن يقدم مأكولات شعبية بطريقة تحاكي طريقة تقديمها سابقا، وأكثر مرتادي هذه الأركان والأسواق الشعبية من النساء وكبار السن، إلى جانب بعض الشبان المولعين بالماضي، ويرون في هذه الفعاليات انسجاما كاملا مع طبيعة المدينة الثقافية والتاريخية.
ولم تجد الفعاليات الشبابية وفرة الحضور الكافية في فعاليات أخرى لأفراد العائلة، وتنوعت بين ترفيهية وتدريبية تحت سقف واحد بين جدران الخيمة المهنية التي ظلت معلما واضحا من بعيد للقادمين لحديقة الملك فهد خلال شهر كامل.
ومع أن الفن لم يغب في مهرجان المدينة المنورة، إلا أن المهرجان ظل محافظا على طبيعة كونه معبرا عن طيبة الطيبة، وعن طبيعة شعاره "المدينة ...سكينة" الذي اختاره له الأمير عبد العزيز بن ماجد أمير منطقة المدينة المنورة، فيما يشير الدكتور يوسف المزيني المشرف العام على المهرجان ورئيس جهاز السياحة في المدينة المنورة، إلى دور العديد من الجهات الحكومية أبرزها الأمانة في تفعيل أهداف المهرجان السياحية، وإضفاء صبغة المدينة الثقافية، إضافة إلى دور الشركات والمؤسسات الخاصة التي أسهمت في تحقيق نجاح المهرجان.