قلة الدعم والخوف من الفشل يجهضان روح الابتكار لدى السعوديين
العقل هو المصدر الوحيد غير الناضب، والاستثمار في العقول والابتكار والاختراع هو الاستثمار المضمون لتنمية مستدامة تعد سمة للمجتمعات المعرفية المتطورة. والاختراع والابتكار غيّرا ترتيب الدول الأكثر تقدما، وهذه القفزات سببها مخترعات تحولت إلى منتجات اقتصادية وصناعية غير مسبوقة، أضافت هذه المنجزات للمخترع ولوطنه الشيء الكثير اقتصاديا ومعرفيا. وفي تقرير لمنظمات الأمم المتحدة ذات الشأن بيّن أن دولا تتقدم على أخرى كانت تسبقها حضاريا وتقنيا بسبب دعمها البحث العلمي، ما رفع عدد وحجم المخترعات الجاهزة لسوق العمل لديها، فتحسنت اقتصاداتها بشكل سريع ومتتابع. وإشكالية توطين التقنية لدى مجتمعات الدول النامية كبيرة تحتاج إلى جهود على مستوى الأوطان للتغلب على معوقات توطينها، وستحدد المعرفة والابتكار وقدرة المجتمعات على التعامل معها وإنتاجها على مدى تقدم هذه المجتمعات وتحديد مستقبلها. من أجل ذلك جمعت "الاقتصادية" نخبة من أهل الاختصاص لوضع الآليات والتوصيات والحلول لتوطين التقنية وخلق بيئة اختراع وابتكار سعودية إلى الندوة:
ما العمل الذي يطلق عليه ابتكار أو اختراع؟
السبتي: يتميز الابتكار بالوصول إلى شيء جديد وتكون له إضافة علمية وقيمة اقتصادية ويكون له استخدام بشكل أو آخر، أما الاختراع قد يميز عن الابتكار بأنه قابل للتسجيل كبراءة اختراع وغير مسبوق وقد لا يستلزم أن تكون له قيمة اقتصادية. المالك: الابتكار فكرة جديدة والاختراع هو تكملة للابتكار وكلاهما يجب أن تكون له قيمة إضافية على مستوى الفرد والمجتمع والفرق بينهما أن الابتكار هو الفكرة والاختراع هو ما أنتجته هذه الفكرة لسوق العمل. المهندس: أعتقد أن الابتكار هو تحويل الأفكار إلى تطبيقات بدون أن يمر بمرحلة التسويق، ويمكن أن ينتج في هذه الحالة منتجات أو معارف أو خدمات، لكن الاختراع هو عمل شيء جديد كليا ويستحسن دائما أن يكون الاختراع حاصلا على براءة حتى يكون له تطبيق عملي، ومن خلال الاختراع تنتج عنه معلومات جديدة، والابتكار قبل مرحلة الاختراع وفرق الابتكار عن غيره يجب أن يكون ناتجا عن فكره لم تصل بعد إلى مرحلة التطبيق أي تطبيقات أولية، وعندما يصل الإنسان إلى الاختراع يكون قد وصل إلى مرحلة متقدمة من الابتكار ويمكن في هذه الحالة أن يسجل هذا الاختراع على شكل براءة اختراع ثم بعد ذلك يمكن تصنيعها وتسويقها مستقبلا.
الأنصاري:الاختراع عبارة عن صناعة شيء جديد لم يكن موجود سابقا، سواء أتى كحل جذري جديد لشيء معين أو كحل تحسيني، والابتكار شيء شوهد بمعنى أنه تم اختراعه ثم ذهب في عملية تطوير تطبيق دراسة حيث يكون الشخص العادي وغير المتخصص شاهده كمبتكر، عند النظر إلى العمليتين، الاختراع عبارة عن مخترع أخرج شيئا جديدا وحصل عن طريقه على براءة اختراع، والابتكار سواء توصل إلى اختراع عن طريق عدة عمليات حتى وصل إلى منتج أو أنه أخذ فكرة جديدة من خلالها توصل إلى منتج أكثر تطويرا، وبعيدا عن التسميات بين ابتكار أو اختراع حيث التسمية العربية حتى هذه اللحظة لم تفرق بين الاختراع والإبداع وعملية التقسيم بينهما، لكن المفهوم العام للاختراع هو خلق فكرة جديدة يمنح عليها براءة اختراع، والابتكار سواء أخذ الفكرة وطبقها إلى حد إعطائها قيمة مضافة أو فكرة ليست بالضرورة أن تكون اختراعا وأخذت عدة عمليات حتى شاهد منها ابتكارا جديدا.
الفوزان: الابتكار يعرفه "موريس"بأنه الشيء الجديد أو صناعة فكرة جديدة، والابتكار هو مرحلة ما بعد الاختراع، هل كل ابتكار اختراع وكل اختراع ابتكار؟ هذا سؤال يجب أن ننظر إليه، إذا نظرنا إلى تسلسل العملية الذهنية وأيضا الصناعية لعملية الفكرة، حيث تكون البداية بفكرة ثم تنضج حتى تخرج إلى شيء واقع ملموس ممكن كتابته إذا كان جديدا يحصل على براءة، والفرق بين فالاختراع هو التأثير الفني في عملية الإبداع الذهني وتوليد الأفكار، والابتكار هو العملية الاقتصادية بمعنى إنك تأخذ اختراعا وتحوله إلى منتج ذي قيمة مضافة، هذا هو الفرق بين الاختراع والابتكار. خورشيد: قدمت تعريفات جيدة للاختراع والابتكار لكن لا أريد أن نقصر موضوع القيمة المضافة للابتكار على القيمة الاقتصادية فقط، هناك قيم يمكن أن تكون لها قيمة اجتماعية. الاختراع إيجاد شيء لم يكن موجودا والابتكار يمكن أن يبتكر طريقة جديدة لاستخدام شيء معين ويكون لهذه الطريقة قيمة مضافة وهذه القيمة المضافة ليست اقتصادية فقط ممكن أن تكون قيمة اجتماعية وقد يكون المردود الاقتصادي لها ضعيفا. ما أهمية الابتكار للتنمية المستدامة؟
السبتي: المجتمعات الحديثة تمر بمرحلة تحول إلى مجتمع المعرفة والصناعات القائمة على المعرفة ومن مميزات وسمات هذه المجتمعات هي الاعتماد على المعرفة والإبداع والاختراع والابتكار، وأساس هذه المجتمعات والمحرك الرئيسي لها هو الابتكار والمعرفة بشكل أو بآخر، وستحدد المعرفة والابتكار وقدرة المجتمعات على التعامل معها وإنتاجها وصياغتها على مدى تقدم هذه المجتمعات، وتعتبر شيئا أساسيا وجوهريا للتنمية المستدامة ولتحديد مستقبل المجتمعات. المالك: انتقلت بعض دول غير المتقدمة إلى متقدمة ومتحضرة، وعلى سبيل المثال سنغافورة التي أصبحت الآن في مصاف الدول المتقدمة وكوريا وأيرلندا وفنلندا وهذه أربع من الدول التي أخذت الابتكار كأساس وسبقت كثيرا من الدول المتقدمة في ابتكارات جاهزة لسوق العمل، فأضافت ليس فقط على مستوى الفرد أو المجتمع، بل إضافتها على مستوى الوطن كاملا إلى أن قفزت اقتصاديا وسبقت كثيرا من الدول الصناعية مثل أمريكا وفرنسا وبريطانيا، وتركز كثير من الدول على موضوع الابتكار لأنه أساس التنمية المستدامة. المهندس:توجد مقولة هناك ما يسمى ربيع الشعوب وشتاؤها حيث الشتاء عندما تقل كمية الأفكار و الابتكارات في أي دولة من الدول، لكن الربيع عندما تزدهر الأفكار ويصبح لديك مجتمع معرفي بشكل واضح وتزيد كمية الاختراعات والأشخاص القادرين على تنفيذ هذه الابتكارات، والتنمية المستدامة هي تنمية مستمرة متطورة لا يحصل فيها أي نوع من الفجوات التي تؤدي إلى مشكلات سواء كانت بيئية أو غيرها وتشمل كل جوانب التنمية، والإنسان هو أساس التنمية المستدامة، ولو طالعنا في تقرير التنمية الذي صدر في عامي 2004و2005 نجد أن هناك كثيرا من الدول العربية لم تنتج سوى 370 براءة اختراع في أمريكا في الفترة نفسها سجل مخترعون داخل الولايات المتحدة الأمريكية نحو 16328 براءة اختراع، وكوريا الجنوبية لم تكن تصرف سوى 3 في المائة وأقل أما الآن فإنها تصرف أكثر من 3 في المائة من إجمالي دخلها القومي على الأبحاث العلمية وقفزت في الوقت الحاضر إلى المركز الخامس من حيث الاختراعات والابتكارات الموجودة وهذا هو الفرق مابين الشعوب وما يسمى بربيع الشعوب وشتائها. الأنصاري: موضوع توطين التقنية مهم جدا وهناك إشكالية كبيرة حيث إننا دائما نسمع عن أشخاص عملوا تحسينات على تقنيات أو أجهزة أو معدات جلبت من الخارج وبعد سنة أو أقل أو أكثر وبعد مخاطبة الشركة الأم نجد أن هناك سبعة أو ثمانية تحسينات عملت وتم صناعة الجهاز المحسن وهو جاهز للبيع، إشكالية توطين التقنية ونقلها داخليا أو خارجيا لم نصل إلى المسار الصعب أن نخترع ونحمي ونوطن، حيث بدل من شراء وتطوير تقنياتهم نعمل منافسا لها ويصبح تبادل تقنيات، واليابانيون عندما طرحوا فكرة المسابقة التقنية مع أمريكا في الستينيات الميلادية قالوا نعمل "كوبي" تقليد لكل الصناعات حتى الثمانينيات أخرجوا صناعات متفوقة ومبتكرة تضاهي أمريكا بل تتفوق عليها، وفي الثمانينيات ابتدأ الكوريون في صناعة السيارات وقلدوا اليابان وأمريكا ووصلوا لمرحلة التفوق مع غيرهم في هذه الصناعة، والصين الآن وسنرى بعد خمس أو ست من السنين وستصبح صناعتهم في السيارات وغيرها، منافسة ومتفوقة، صحيح بدأوا بالتقليد الذي بينه وبين الاختراع والتحسين شعرة ولكن التقليد المنتج والمفيد أن أقلد وأغير وأعمل شيئا جديدا مفيدا.
ما أهم المراحل في توطين التقنية؟
الأنصاري: تهيئة الكادر البشري والموارد الكافية وجميع احتياجاته و"أرامكو" بدأت منظومة الابتكار والإبداع عام 2000 من ذلك الوقت حتى الآن حصلنا على أكثر من 60 براءة اختراع نحو تسع منها تم ترخيص بعضها لشركات محلية وخارجية وفي "أرامكو" عندما نخترع شيء نصل من خلاله لحل مشكلة قائمة ويعني هذا تقليل التكاليف وحسنا الأداء جهزنا قيمة مضافة،ومردود الاختراعات في "أرامكو" مفيد جدا للشركة ومثال على ذالك منقي شعلة الغاز في السابق كانت شعلة الغاز لعدم وجود اختراع جيد يجعل الخليط من المواد الكربونية يخرج شعله سوداء تضر البيئة بخروج غازات النيتروجين والكبريت فالمخترعين في "أرامكو" السعودية أنتجوا تقنية مكنتهم من تقليل انبعاث الغازات السامة. وهناك اختراع من "أرامكو" السعودية وطبق في العديد من معاملها وبالاشتراك مع شركات أمريكية والآن يباع الجهاز عالميا من قبل الشركة
الفوزان: المصدر الوحيد غير الناضب هو العقل، والاستثمار في العقول والابتكار والاختراع هو الاستثمار الذي يغذي التنمية المستدامة، والتطور التاريخي بدأ من التطور الزراعي ثم الصناعي وكان في فترة السبعينيات والثمانينيات كان 75 في المائة من أصول الشركات مادية أو صلبة مصانع و معدات ثم أتت فترة التسعينيات وهي فترة المعرفة والاقتصاد المعرفي المبني على المعلومات والعلم وأصبحت العملية مقلوبة حيث وصلت نسبة أصول الشركات هي اختراعات والعلامات التجارية و5 في المائة فقط هي الأرض والأصول الثابتة.
خورشيد: العلاقة بين الابتكار والتنمية المستدامة إذا أردنا أن ننمي أو نطور شيئا معينا، أريد أولاً أن أسأل لماذا نتوقع من غيرنا أن يساعدنا والمفروض أن يكون هذا التطوير والتنمية داخليا، ويكون الاستثمار في عقول البشر، وهذا الاستثمار غير قابل للنضوب ومع الوقت الموارد تقل والعقول كلما استخدمتها تزيد الفائدة منها والتحدي الوحيد هو كيف تتم الاستفادة من هذه العقول، ولا بد أن تنشأ البحوث من احتياجات المجتمعات الاقتصادية والاجتماعية، وإذا وصلنا إلى مرحلة الإنتاج، هذا المنتج كيف يتم تطوره، إذا أحضرنا الأجهزة ودربنا عليها الناس وتشغيل ونقل التقنية يبدأ من تصنيع جزء وصولا إلى الكل.
ما مدى جاهزية منظومة الابتكار المحلية؟
السبتي: منظومة الابتكار تشمل عناصر مختلفة وتشمل كذلك إجراءات وآليات،من عناصر منظومة الابتكار والجهات التعليمية والبحثية والحاضنات وشركات القطاع الخاص القائمة على الابتكار والصناعة وجهات تمويلية وجهات تقدم خدمات تكميلية لدعم المخترع للوصول إلى السوق المحلية والعالمية، إضافة إلى القوة البشرية المهيأة القادرة على المساهمة في العملية الابتكارية في جميع جوانبها، والقوة البشرية لابد أن تكون قادرة على الإبداع وتعرف آلياته وأساليبه وقادرة على الابتكار وتكون ثقافة الإبداع منتشرة في أوساط المجتمع، والأسرة تكون راعية للإبداع وكذلك المدرسة. هذا بالنسبة للمنظومة، أما جاهزيتها حيث المنظومة موجودة في المملكة فيها بعض جوانب القوة وجوانب النقص والقصور، وتوجد جهود حالية لتقويتها وتكميلها ويبدو أن هناك دراسة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لوضع استراتيجية لنظام الابتكار الوطني، والمنظومة موجودة، فقط تحتاج إلى تقوية كي نصل إلى الهدف المنشود، والتقوية تكون من عدة جوانب أولا بإضافة العناصر المفقودة وثانيا بتقوية العناصر الضعيفة وأيضا تقوية الشراكة بين هذه العناصر، من العناصر التي هي في مراحلها الأولى حاضنات التقنية، ونحن في السعودية الآن تنشأ خمس حاضنات في مختلف العلوم، وتم إنشاء حاضنتين في بعض الجامعات السعودية، وهناك أمر مهم هو أننا نفتقد شركات كبيرة تعتمد على صناعات معرفية قائمة ومعتمدة على البحث والتطوير المحلي ونأمل في المستقبل القريب أن تنشأ شركات على نمط "أرامكو" وسابك قائمة على الصناعات المحلية وتكون معتمدة على الابتكار ويكون نظامها الأساسي قائما على الإبداع والابتكار والاستفادة من مراكز البحث الوطنية والحاضنات وكل منظومة الابتكار الوطني، وتركز على السوق المحلية والإقليمية والعالمي، ومثلما نجحت "أرامكو" في مجال النفط نجاحاً باهراً وكذالك نجاح "سابك" في مجال البتروكيماويات، نحتاج إلى شركات في الصناعات المختلفة قد يكون في تركيز على التقنيات الإستراتيجية التي تم تحديدها من قبل الخطة الوطنية للعلوم والتقنية، حيث تم تحديد 11 استراتيجية، من ضمن المجالات التي قد تكون لها احتمالية نجاح كبيرة، هي التقنيات ذات العلاقة بتحليه المياه، حيث توجد أكبر سوق عالمية لتحلية المياه في المملكة والخليج، والتوجه قوي من الجهات ذات العلاقة باستثمار هذه السوق، ومن ضمن الأشياء التي يمكن عملها ولها أهميتها نشر ثقافة الابتكار على جميع مستويات المجتمع المختلفة وإعطاء حوافز للشركات الصغيرة والمتوسطة وإنشاء الشركات الكبيرة لدعمها وتقوم على الإبداع والابتكار.
المالك: منظومة الابتكار المحلية ومدى جاهزيتها أنا أعتقد أن المنظمة تحتاج إلى قيادة وهي موجودة وفعلت أهمية الابتكار بشكل كبير جدا. خادم الحرمين الشريفين حفظه الله من الأساسيات التي بناها دعم الابتكار بجميع مراحله، حيث أعطى الجامعات ميزانيات إضافية بشكل كبير جدا إضافة إلى مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لدعم كل ما هو مطور للإبداع والابتكار وأيضا التعليم إضافة إلى ذلك إنشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية أنا أعتقد أن هذه نقلة حضارية كبيرة جدا ونقل المملكة من بلد مستورد للمعرفة إلى بلد مصدر لها، لا يمكن بناء مجتمع معرفي في يوم وليلة، يحتاج بناء المجتمع المعرفي المرور بمراحل عدة، وقد بدأنا في الوقت الحاضر في وضع منظومة الابتكارات المحلية ونقل المملكة إلى مجتمع معرفي. هناك بوادر خارج منظومة الدولة، مثلا مجموعة الأغر ذات فكر استراتيجي تطرح بعض الأفكار وأنا أعتقد أن لها دورا إيجابيا في خلق ما يسمى في المجتمع المعرفي بالتنمية المستدامة دعم الابتكار ودعم الإبداع، مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع وتحول تسميتها إلى (موهبة) هذه كلها مؤشرات تدل على أن السعودية تتجه اتجاها صحيحا نحو المجتمع المعرفي وبخطوات سابقة لكثير من الدول العربية والدول المحيطة. كيف نصل إلى مرحلة إنتاج التقنية والتفوق فيها وغيرنا له خطوات سابقة ولاحقة؟ المالك: دعم الجامعات والقطاع التعليمي وإنشاء حاضنات التقنية ودعم الابتكار والإبداع، نشر ثقافة الوعي وتثقيف المجتمع في أهمية الابتكار والإبداع هذه هي الأساسيات، وأيضا خلق أهمية الإبداع والابتكار والتدريب والتطوير داخل المؤسسات الحكومية وبدأنا نرى الكثير من الوزارات تتجه إلى هذا الاتجاه.
المهندس: الابتكار المحلي مهم جدا والمملكة صرفت مبالغ كبيرة جدا على التعليم، وهذا سيؤدي إلى تحسين البيئة التعليمية في السعودية، ولكن يبدو أننا لم نلتفت كثيرا إلى أهمية الابتكار في المجتمع وأيضا التفكير العلمي والثقافة العلمية، ومن السهل أن تعلم أكبر عدد ممكن ولكن تنتشر الأمية الثقافية وأمية الابتكار والاختراع، الآن لدينا نقص كبير جدا في نقص ثقافة الابتكار والاختراع، التفكير العلمي في كثير من أجزاء المملكة مازال يقوم على الأشياء الخيالية والأسطورية أو السحر وما زال مجتمعنا يؤمن بالخرافات إلى حد ما في بعض الجزئيات، والمملكة الآن بدأت تخطو خطوات كبيرة جدا في إيجاد بيئة ابتكارية محلية والجامعات خطت خطوات كبيرة بالنسبة للبحث العلمي، والشراكة العلمية مع مراكز علمية عالمية متقدمة لخلق منظومة إبداعية وابتكارية، وبدأت شركات من القطاع الخاص للالتفات لهذا الجانب.
الأنصاري: منظومة الابتكار جاهزة ولكن هل هي بالمستوى الذي نريد الوصول إليه؟ وهل توجد جميع الآليات التي تساعد منظومة الابتكار التي نتمناها؟ الجواب لا، ومنظومة الابتكار جاهزة وقابلة للتطبيق وتوجد لدينا مراكز تميز في المملكة في جميع نواحيها ولدينا مراكز أبحاث ولدينا شركات رائدة ولدينا الإمكانيات ويبقى التنفيذ. الفوزان: منظومة الابتكار مجموعة من العناصر تتكامل وتتناغم وتتواصل مع بعضها بعضا لتحقيق هدف سام واحد وهو التنمية، هل عناصر هذه المنظومة فعلا قادرة على تحقيق المعايير المطلوبة .. السؤال يحتاج إلى دراسة وتحليل ولكن المشاهد وجود بعض القصور وهناك بعض المجالات التي تتطلب مزيدا من التحسين والتطوير ولكن كأسماء وعناصر نعم موجود وتحتاج إلى مزيد من التواصل والتقوية، العناصر البشرية والمالية والتنظيمية والتشريعية هذه أهم عناصر المنظومة، يبقى سؤال: هل العنصر البشري متوافر أم لا؟ الجواب: نعم ولا في الوقت نفسه، معروف أن مجتمع المملكة مجتمع شاب ولديه عناصر بشرية جيدة تحتاج إلى مزيد من التطوير والتوجيه، التعليم العام والتعليم العالي يحتاجان إلى الوسائل والأدوات التي تعين على جعل منظومة الابتكار تعمل كما ينبغي.
خورشيد: أنا سعيد باسم منظومة ولا نظاما وهو لدينا غير منظم، لكن المنظومة عبارة عن عناصر منفصلة عن بعضها بعضا .. كل عنصر له خصوصيته ونشاطه، العناصر موجودة بعضها ناضج وله وجود على مستوى عالمي وليس على مستوى محلي أو إقليمي فقط، لكن الرابط بين هذه العناصر المختلفة إلى حد ما لدينا فيها خلل، مثلا رأس المال الجريء أو رأس المال المغامر أو المخاطر هذا غير موجود لدينا كثقافة في السعودية، جميع الموجود من الصناديق حتى الحكومية منها تعتمد على أسلوب القرض، أعطيك ألف ريال ومن ثم ترجعها على أقساط، هناك بعض العناصر ناضجة لكن هل علاقتها والروابط مع بقية العناصر المختلفة صحيحة، البعض صحيح ومعقول لكن للأسف كلها تعتمد على المعرفة الشخصية، وهذا ليس عيبا، ولكن الأحسن أن يحول من جهد فردي إلى مؤسسي بحيث أنظر لهذه المنظومة وكأنها مؤسسة قائمة وليس أنا مثلا أتحكم في الذي تعمله شركة مثل "أرامكو" أو هيئة الاستثمار تتحكم في مدينة الملك عبد العزيز أو غيرها، أحيانا كل جهة تعمل بشكل منفرد وبعيد عن التناغم مع الجهات الأخرى، التعليم العام والعالي المراكز البحثية سواء الحكومية مثل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ومراكز البحث الخاصة وهي قليلة والمشرعين للخدمات المختلفة مثل هيئة الاتصالات لهم أهميتهم في منظومة الابتكار، المسؤولين في البنية التحتية الموصلات سكك الحديد المواني كل ما ذكر هم عناصر في منظمة الابتكار، مكتب تسجيل براءة الاختراع عنصر بالغ الأهمية وكل العناصر السابقة لابد أن يكون بينهم تفاعل، بحيث أي عنصر من العناصر يكون غير نشيط مثل البقية النشطة يؤثر في المنظومة كاملة، وعند طرح سؤال ما هدفنا؟ هل هو سبق الدول المتقدمة نعم نستطيع أن نسبق الدول المتقدمة بشرط النظرة الواقعية للأمور حيث الدول الأخرى لم تتوقف عن البحث والتطوير بل هي سائرة في برامج متطورة، لم ولن تكون الدول بنفس ترتيبها التقني، كل الدول تتسابق ومن تكون استعداداته وبرامجه وإمكانياته أفضل سيصل لكل أهدافه، إذا هدفنا ليس محليا أو إقليميا بل عالميا وبرامجنا وإمكانياتنا ترتقي لذلك سنصل إلى النجاح المأمول.
ما المعوقات المحلية والعالمية للابتكار وطرق حلها؟ السبتي: أي عملية ابتكارية لها متطلبات، حيث أي عملية ابتكارية تتطلب ثقافة تقدر وتحترم وترعى الابتكار والاختراع والإبداع، ومن وجهة نظري أن الثقافة العامة هي العنصر رقم واحد في نجاح أي دولة في مجال الابتكار والاختراع والإبداع، جزء من الثقافة احترام العملية الابتكارية وعدم الانتقاد وعدم الخوف من الفشل. ممن هذا الخوف؟ السبتي:الخوف من المجتمع والأصدقاء ومن أفراد العائلة والمدرسين، وأيضا من الشارع والإعلام، المفاهيم السائدة في المجتمع قد تحرم الوطن من الإنتاج المحتمل من المبدعين والموهوبين إذا كان المجتمع يعاقب الفشل ولا يدعم المبادرة سواء في المنزل أو المدرسة وأيضا الإعلام والشارع المحلي، سيكون تأثير هذا الأمر سلبيا إلى حد كبير حتى لو توفرت كل آليات النجاح الأخرى، فالثقافة مهمة جدا وتحتاج ثقافتنا المحلية إلى تغيير في هذه المجالات، الأمر الثاني طرق التعليم والتعلم حيث نحتاج إلى تغيير هذه الطرق كي تدعم الموهوبين والمخترعين بشكل قوي، وهناك مشاريع في هذا الخصوص الآن في المملكة، من المعوقات الأساسية لا يوجد حلقات وصل بين المبتكرين والموهوبين والقطاع الخاص، ضعف الشراكة بين القطاع الخاص ومراكز البحوث والمخترعين والمبتكرين، ضعف تطبيق نظام المحافظة على حقوق الملكية الفكرية، إذا كان النظام غير مطبق بشكل قوي سيكون هناك تخوف لدى المبتكرين والشركات لتقديم ابتكاراتهم، بسبب عدم وجود الحماية وبالتالي لن يكون هناك عائد على الاستثمار بشكل قوي، ضعف آلية التمويل حيث توجد صعوبة كبيرة جدا في المملكة في الحصول على قرض بناء على صناعات معرفية غير ملموسة، حيث لا يقبلون إلا أشياء ملموسة مثل قطع الأراضي أو مصانع وأجهزة، وبهذا يصعب على الصناعات المعرفية الحصول على تمويل، وتفتقد منظومة الإبداع والاختراع لدينا رأس المال الجريء الذي يعد الطريق والوسيلة الأهم في تمويل الأمور القائمة على الابتكار بشكل كبير، وتوجد صعوبات كبيرة في الوصول إلى السوق وفجوة كبيرة بين مراكز الأبحاث والسوق حيث جزء كبير من السوق المحلية هو سوق استهلاكية، حيث نحتاج لتنمية السوق المحلية الإنتاجية لننطلق منها إلى الإقليمي والعالمي.
المالك: أنا أعتقد أن ثقافة المجتمع في السعودية هي ثقافة رياضية دينية أدبية وليست ثقافة بحثية علمية، من المعوقات قلة الدعم أحيانا، التقليل من الفكرة يأتي طفل أو شخص بفكرة معينة وتجد أنه يحبط بسبب الزملاء في العمل أو الأهل أو حتى من المؤسسات، تعقيد الإجراءات وعدم وجود مركز محدد لتسجيل آلية الاختراع، القطاع الخاص لا يدعم الابتكار والاختراع وهو مفقود في هذه العملية، وهذا دائم عائق حيث تجد في الدول الأخرى أن القطاع الخاص هو الداعم الأساسي لكثير من مشاريع الابتكار والاختراع، والسبب كل اختراع أو ابتكار ينتج منه منتج أو شركة جديدة، وأعتقد أن القطاع الخاص يجب أن يكون له دور أساسي في عملية الابتكار والاختراع وألا يطلب من القطاع العام أن يتولى كل هذه المشاريع ويدعمها، بل يجب أن تكون هناك شراكة لأن قيمة العائد يجب أن تكون للقطاع الخاص، ومن الحلول صندوق المئوية حيث خطا خطوات سباقة بدعم مجموعة من الشباب والشابات في إظهار بعض الاختراعات، ونقطة أساسية من الحلول في المدارس حتى في الابتدائية والحضانة محاولة إيجاد بيئة علمية بحثية ابتكارية عند الطفل لخلق الموهبة والطفل هو الأساس أطلق العنان لفكر الطفل كي يبدع ويفكر. المهندس: البيت مهم جدا لخلق بيئة ابتكار واختراع، شخصية الإنسان تتكون في السنوات الست الأولى بنسبة 80 في المائة منها، حيث إن السنوات الست الأولى تشكل 80 في المائة من قدرات الإنسان ومواهب الإنسان وإذا لم نهتم في البداية بالطفل في هذه السنوات أعتقد أننا سنخسر كثيرا وهذه من الأشياء التي لا بد من التركيز عليها، بالنسبة لثقافة الابتكار والاختراع أيضا تكاد تكون منعدمة في المجتمع، صحيح موجودة في بعض الأمور الخاصة بالنواحي الدينية أو الأدبية، والتعليم إلى الوقت الحالي هو تعليم تلقيني، بمعنى آخر يطلب من الطالب أن يحفظ أو يدرس كما كبيرا جدا من المواد التي الغرض منها الحفظ وفي نهاية السنة يتكلم عما حفظه، وربما في المستقبل يلتفت إلى موضوع تشجيع التفكير العلمي في المجتمع حتى لو كان في الحديث أو في الرياضة لابد أن يكون هناك جزء جيد من المنطق هذه مهمة جدا ونعود الطفل على أن يفكر تفكيرا علميا لا يخجل لا يهاب يحاول أن يتكلم بوجهة نظره الشخصية لا يخاف من مدرس أو من والده أو من مدير مدرسته وتعليمه التواصل العلمي مع الآخرين تواصلا علميا وليس عاطفيا، ألاحظ من خبرتي في الجامعة يطلب منك أحد الطلاب أن تعطيه درجات إضافية في بعض المواد، والإشكالية أنه لا يفكر تفكيرا سليما وأنه يجب لكل عمل أو فعل رد فعل، يجب على الطفل والشاب أن يتعلم أبجديات التفكير العلمي ويجب أن يشجع التفكير العلمي ونميز المدرسين العلميين وغيرهم الذين يتجهون إلى ناحية الابتكار والإبداع، هناك بعض الأمور التي حدثت في السنوات الماضية، حيث هناك إشكالية في دمج كليات مثل الزراعة والغذاء وتوسيع قسم الآثار وجعله كلية مستقلة، والأولى التركيز على العلوم، وكان قسم الفلك قسما مهما جدا في إحدى الجامعات الكبرى وعلى الرغم من قلة الطلاب كان من الأولى بقاء هذا القسم ليؤدي خدمة كبيرة للمملكة، الآن دمج قسم الفلك مع الفيزياء، ومن المعوقات القطاع الخاص يكاد يكون بعيد عن ثقافة الاختراع، حيث يريد مخترعا جاهزا للتطبيق، ولا يحب أن يخاطر بأي وسيلة كانت، ولو نظرنا للدول المتقدمة نجد القطاع الخاص يمول من 80 إلى 90 في المائة من تكاليف الاختراع والابتكار، ولدينا العكس حيث الدولة تدفع المبلغ الأكبر إلا بعض الشركات في المملكة وهي قليلة، ومن المفترض أن يدفع القطاع الخاص المبلغ الأكثر لأنه هو المستفيد الأول من الاختراعات والابتكار عموما، وهذه المعوقات تمنع المبتكرين من محاولة الابتكار والاختراع، أساتذة الجامعات والباحثين ما زالوا ينتظرون مزيدا من الدعم كي يستمروا في أبحاثهم، وكادر التدريس منذ ثلاث سنوات وهو في مكانه لم يطرأ على وضعه أي تغيير للأحسن، باختصار لا بد أن يزداد الدعم المالي للمفكرين، الآن السعودية تصرف ما بين 4 و5 في المائة من إجمالي دخلها القومي على البحث العلمي ومن المؤمل بعد خمس سنوات أن يصل إلى 1.6 وهذا المبلغ أقل من المفترض، والحل الأكثر عملية هو الالتفات للتعليم. مع الأسف الشديد على الرغم من الدعم الكبير في المملكة لقطاع التعليم بقي لدينا تعليم للتعليم، فليس لدينا تعليم للابتكار، نحن مازلنا في مكاننا وأنا أعتقد أنه من الضروري جدا أن يلتفت لمسألة البحث العلمي والإنفاق على البحوث وعلى الابتكارات بشكل جيد، وبدأت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية حيث سيصل الدعم فيها للبحث العلمي إلى 1.6 في المائة من إجمالي الدخل القومي لعشر سنوات مقبلة، المخترعون والمبدعون كانوا مهمشين في المجتمع السعودي وداخل منازلهم، والآن بحمد الله نشهد اندفاعا جيدا جدا من المراكز المضيئة للعلوم، كان مجتمعنا يملك كما كبيرا من الاستقلالية عن الأجنبي في مجال الصناعات، تصنع أشياء كثيرة من حاجياتنا في داخل مجتمعنا، ولآن المجتمع اعتماده كلي على الغير، متى استطعنا أن نتغير من مجتمع استهلاكي إلى مجتمع منتج، كل الإشكاليات ستحل سواء محليا أو عالميا.
الأنصاري:عدم وجود بيئة الاختراع والابتكار سواء في المنزل أو المدرسة حتى في العمل، أنا في نظري أن أهمية بيئة الابتكار غير موجودة وإذا كانت موجودة فهي غير متعمقة وغير موجودة على مستوى واسع أيضا، عملية التلقين وليس الفهم وهذه ليست في المدرسة فقط بل في المنزل أيضا (أنا أكبر منك أنا أعرف منك يا ولد اسكت الكبار يتكلمون) هذه التعبيرات تقتل الموهبة لدى الطفل، وموضوع التلقين مقارنة بالفهم هذا موضوع مهم جدا، وللأسف المدرس لدينا يحس أنه محور الكون وكل شيء يدور حوله، ومقولة التعليم أخذ وعطاء صحيحة، أنا أتعلم من ابني وصديقي يتعلم مني، الأمر الآخر وجود الآليات هل الآليات الموجودة لزيادة المردود من الابتكارات والاختراعات موجودة بالمستوى الذي نتمناه؟ الإجابة قد تكون أننا محتاجون لتفعيل آليات أكثر. الفوزان: الابتكار غالبا يمر من خلال ثلاث بيئات، المنزل والمدرسة وبيئة العمل، لا بد أن يخرج الابتكار من هذه البيئات الثلاث أو يتأثر بها، المعوقات لا بد أن تأتي من إحدى هذه البيئات،الحاجة أم الاختراع والسوق هو الأصل،الحاجة نابعة من السوق حيث إذا وجدت الحاجة إذن وجد الاختراع،أما إذا تحدثنا عن إيجاد اختراع، من ثم نوجد الحاجة هذه إشكالية،يوجد في الغالب نوعان من أنماط تنمية أي عمل،نظام الدفع ونظام السحب،الحاجة أم الاختراع نظام جلب أي هناك حاجه إذن نرجع للبداية ونوجد الآلية لعمل الابتكار ثم نحتاج لتمويل فنوجد له التمويل وهكذا،الأسلوب الآخر نقول دعونا نوجد الأفكار ثم نوجد السوق لهذه الأفكار،لكن في الآخر المعوقات قد تأتي من هذه البيئات الثلاث أو إحداها.
خورشيد: المعوق الأساسي هو الخوف من الخطأ، وبسبب الخوف يكون عملك تقليديا تنظر إلى الناس وتقلدهم، دائما أهم ما يشغل المبتكر هو الهدم الخلاق عمل مبتكر لأمر معين جديد أفضل من القديم المعمول به، والناس في مجتمعنا يخافون بشدة من الخطأ، والذي يخطئ يأخذ لقب فاشل، بينما في البيئات التي تنتشر فيها ريادة الأعمال والمبادرون يعتبر الفشل جزءا من النجاح، والمبادر دائما يحمل روح العناد ولا يرضى بالفشل ويكرر حتى يصل إلى النجاح، وأهم عائق لدينا الخوف من الفشل، والمعوقات من ناحية المؤسسات سواء الحكومية أو الخاصة حيث ليس لديها رأسمال مخصص للاستثمار في مجال الابتكار وهو رأس مال جريء،الأمر الآخر كل عملنا قائم على القروض حيث الممول يريد أن يسترجع رأسماله بغض النظر عن نجاح الاستثمار من عدمه،والحل تجاوز مرحلة الخوف من الفشل لأن الفشل إحدى محطات النجاح. هل نقص الذكاء في مجتمع معين يعتبر أحد معوقات الابتكار؟ خورشيد: قدم لدينا بروفيسور يقول لديكم ميزة أن تفكير السعوديين عميق وهل هذا هو بسبب الصحراء أم ماذا؟ الذكاء لدينا مقارنة بغيرنا نحن لدينا ذكاء عال جدا وزملاؤنا الذين درسوا مع غربيين كانوا من المتفوقين على الأمريكان وعلى الهنود والصينيين لكن إذا رجعوا للوطن للأسف البيئة لا تساعدهم، والحل يكمن في التغيير ويبدأ من الطفولة دع للطفل حريته حتى وهو يكسر أشياءه لعله يفكر كيف تتحرك هذه الألعاب وكيف يعيد تركيبها كي تنمو فكرة الاختراع منذ البداية، منهج المدرسة أحد معوقات الاختراع ولا نخلط بين التلقين والحفظ، الحفظ في كثير من الحالات جيد إنما غير الجيد هو التلقين،هناك معوقات اجتماعية للاختراع وأسرية مثل مقولة (أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة)، وهذا معناه أنك لن تسبقني مهما حاولت مدى الحياة، ولا أقصد أننا نحل إرثنا الاجتماعي بدعوى خلق بيئة ابتكارية، إنما نبذ ما هو سيئ كي نصل إلى بيئة ابتكار واختراع وتطور. ازدواجية المسؤوليات لدى بعض الجهات تعوق القرار والرقابة.. ما الحل؟
السبتي: لا بد أن يكون هناك فصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، هناك خلط في بعض الأمور، ولا بد أن يكون هناك فصل بشكل كامل إذا توافرت إمكانية هذا الفصل، وضرورة وجود جهة تضع التشريعات وأخرى السياسات وجهة أخرى تنفذ، ويبدو لي أن هذا هو التوجه المعمول به في المملكة الآن، على سبيل المثال هيئة الاتصالات السعودية هي الجهة التنظيمية للسوق، ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات هي جهة خاصة بالسياسات، لا تنفذ بل الذي ينفذ هو القطاع الخاص، وهيئة الاتصالات من أنجح الهيئات لدينا الآن وسجلت قصة نجاح على مستوى العالم، واستطاعت جذب أكثر من 40 مليارا خلال سنتين.