ما مدى جدوى التدريب عن طريق الدوائر التلفزيونية المغلقة؟
ما مدى جدوى التدريب عن طريق الدوائر التلفزيونية المغلقة؟
وصل إلينا السؤال التالي من أم أحمد، وهي إحدى المتدربات تقول فيه:
ألاحظ أن هناك إقبالا على برامج التدريب في السنوات الأخيرة، خصوصا من قبل النساء، وقد تعددت وتنوعت برامج التدريب، كما تعدد المدربون والمدربات. ومن خلال تجاربي كمتدربة في التدريب خلال السنوات الثلاث الأخيرة في عدة معاهد ومراكز وأكاديميات تدريبية، فقد لاحظت كثرة التدريب عن طريق الدوائر المغلقة، بحيث ينقل كلام المدرب صوتا وصورة بواسطة شاشات التلفزيون المغلقة من قاعة المدرب إلى قاعة المتدربات.
كما لاحظت أن عدد المتدربات في القاعة الواحدة أحيانا يزيد على 30 متدربة، ما يسبب عدم القدرة على متابعة المدرب أو طرح الأسئلة والنقاش، بسبب الضجيج أو ضيق الوقت، وغالبا ما يتحول المدرب إلى محاضر فقط، ولا يحقق التدريب الهدف المطلوب منه، بسبب عدم قدرة المدرب على ضبط القاعة التدريبية، كما أن التمارين أو الحالات المقدمة في التدريب لا يتم إنجازها حسب المطلوب، بسبب كثرة المتدربات المشاركات أو عدم قدرة المدرب على المتابعة الدقيقة للمتدربات، على الرغم من وجود منسقات أو مساعدات تدريب في القاعة نفسها.
وأتساءل: ما مدى جدوى أسلوب التدريب عن طريق الدوائر التلفزيونية المغلقة؟ وهل هناك حلول أخرى؟
الإجابة
اختنا العزيزة أم أحمد
أشكرك على هذه الملاحظة وهذا السؤال المهم، وأفيدك أنني أشاطرك الرأي حول زيادة الإقبال على التدريب من قبل الأخوات في السنوات الأخيرة، وهذا عائد إلى أهمية التدريب وزيادة الإقبال عليه بشكل عام وفي جميع أنحاء العالم، ونحن جزء من هذا العالم الذي يتطور في مجال التعليم والتدريب، وهذا - في تقديري ـ مؤشر صحي للمجتمعات المتطورة والمنجزة.
بالنسبة للملاحظة والسؤال أقول إنه مع زيادة الحاجة إلى التدريب للرجال والنساء، ظهرت أشكال شتى لأساليب وتقنيات التدريب، من ضمنها التدريب عن طرق الدوائر المغلقة ـ النقل التلفزيوني ـ للمدرب أو المحاضر، غير أن التدريب الفعلي هو تفاعل حقيقي ومباشر بين المدرب والمتدربين سواء كانوا رجالا أو نساء، وذلك لأن من شروط التدريب الفاعل هو التكامل بين المدرب والمتدربين ومعرفة ما يدور داخل قاعة التدريب والتفاعل مع التمارين والحالات أو المقاييس والاختبارات المقدمة في التدريب، ومعرفة نتائج التدريب وفاعليته على المتدربين أولا بأول.
كما أن التدريب الحقيقي يعني زيادة في المعلومات والمعرفة وتعديلا في القدرات وتطويرا في الاتجاه و المهارات أي "تغييرا في السلوك". وهذا لا يتحقق غالبا عن بعد أو من خلال التدريب عبر الدوائر المغلقة التي قد تنجح في أسلوب التعليم.
والتعليم والتدريب عن طريق دوائر التلفزيون المغلقة هو نوع من أنواع التعليم والتدريب تلجأ إليه الجامعات ومعاهد ومراكز التدريب لتلبي احتياجات تعليمية خاصة مثل: بعد مكان المتدربين عن مقر التدريب، أو كثرة المتدربين وتعدد قاعات التدريب، أو وجود النساء من ضمن برامج التدريب.
ويعد التدريب عن طريق دوائر التلفزيون المغلقة تدريبا غير مكتمل، لأن المدرب لا يعرف بشكل دقيق تفاعل المتدربين معه وهذا يفقد التدريب فاعليته، كما أن عدم قدرة المدرب على متابعة سير التدريب، خصوصا في حالات التمارين وفرق العمل والعصف الذهني ولعب الأدوار التي تشكل أهم عناصر التدريب الفاعلة، يجعل التدريب ناقصا في رأينا.
إن استخدام هذا النوع من التدريب يضعف برامج التدريب ويقلل من فاعليتها نتيجة للأسباب المذكورة، لكن الجامعات تلجأ إليه في بعض برامج التعليم، خصوصا عند تعدد قاعات التعليم أو التدريب أو في تعليم وتدريب الطالبات أو النساء بشكل عام، كما تلجأ إليه بعض أكاديميات ومعاهد ومراكز التدريب، لوجود متدربات من النساء أو بعد مسافة قاعات التدريب عن بعضها، أو وجود فروع لها في مدن أخرى أو نتيجة قلة المحاضرين ونحو ذلك.
والتدريب عبر دوائر التلفزيون المغلقة هو تدريب يستخدم للضرورة، غير أنه ليس تدريبا كاملا يحقق من خلاله المدرب والمتدربون جميع أهداف التدريب المرغوبة.
وهذا الأسلوب في التعليم والتدريب قد يكون مفيدا في التعليم والمحاضرات، "لأن التعليم هو نقل معلومات ومعارف"، أما في التدريب فهو أسلوب تدريب غير فاعل.
وفي رأيي أن على معاهد ومراكز التدريب أن تبحث عن حلول تدريبية أفضل من دوائر التلفزيون المغلقة، لضمان جودة العملية التدريبية، وتحقيق أهدافها المرسومة.
وعلى الرغم من تطور أساليب التقنية والاتصالات الحديثة ومحاولاتها توفير شاشات كبيرة وواضحة وكاميرات متقدمة، وقاعات تدريب شبيهة بالقاعات الحقيقية، يتوافر فيها ميكرفونات ووسائل تقنية وماسحات ضوئية تنقل جميع ما يقدمه المحاضر أو المدرب من شرائح وعروض وأفلام، إلا أن المدرب يظل غير قادر على متابعة تفاعل المتدربين أثناء التمارين وفرق العمل والعصف الذهني والتطور والتغير في سلوك المتدربين أثناء ساعات ودقائق التدريب.
وفي تقديري أن التدريب المباشر بين المدرب والمتدربين هو الأسلوب المناسب والمطلوب، ويتم تحقيقه لبرامج تدريب النساء، إما بتوفير مدربات مؤهلات وكافيات لبرامج التدريب المقامة بالنسبة للنساء المتدربات، أو أن يقوم المدرب إذا كان رجلا بالتدريب بشكل مباشر وفي القاعة نفسها، مع استخدام الحجاب الإسلامي للمتدربات ليتحقق الهدف الأساسي من التدريب، ولكي يكون المدرب على اطلاع وثيق بنشاط وفاعلية التدريب.
أما الأسلوب الحالي للتدريب عبر التلفزيون والدوائر المغلقة فهو تدريب غير فاعل.
أما بالنسبة لكثرة عدد المتدربات في القاعة الواحدة فهي مشكلة أخرى يقع فيها العديد من جهات التدريب بالنسبة للتدريب النسائي، وذلك لإفادة أكبر عدد من المتدربات في البرنامج التدريبي الواحد، غير أن واقع التدريب الحقيقي هو عكس ذلك، لأن العدد المطلوب في برنامج التدريب الواحد يجب أن يكون بين 15 و18 مشاركة أو متدربة بحيث لا يزيد على 20 متدربة في البرنامج الواحد، وذلك لإتاحة الفرصة للنقاش والحوار وطرح الأسئلة، وعمل ثلاث أو أربع مجموعات نقاش أو فرق عمل، أما إذا كثر عدد المتدربات فينعكس ذلك سلبا على نتائج البرنامج التدريبي.
فاكس 4615653
[email protected]