دعوة حكومات الخليج إلى عدم تجاهل الاقتصادات الإسلامية من المشاريع الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط
لعل العالم أصبح متعوداً على (إن لم يكن مرتاحاً لِـ) بلوغ سعر النفط رقماً مكوناً من ثلاث خانات، ولكن اقتصادات منطقة الخليج ما زالت تتكيف مع هذه الأوضاع الاقتصادية المزدهرة. فيكفي الإشارة هنا إلى أن قيمة إنتاج المنطقة من النفط للسنة الحالية ستكون أكبر من قيمة إنتاجها في السنوات الخمس الأولى من هذا العقد، أو أكبر من إنتاجها في كامل ثمانينيات العقد الماضي - ويعد هذا تحولاً للثروة ما زالت المنطقة تتكيف معه حتى الآن. وفي هذا التقرير تناقش "الاقتصادية" كيفية استفادة اقتصادات الصناعات الإسلامية من الطفرة النفطية التي تعيشها المنطقة.
محمد الخنيفر من الرياض
دعا خبير غربي دول الخليج لتسخير جزء من ثروات البترودولار في دعم تنمية صناعات الاقتصاد الإسلامي الناشئة وعدم تجاهل قطاعات الصيرفة الإسلامية والتأمين التكافلي ومشاريع التمويل الإسلامية، مشددين على أهمية عدم إغفال هذه الصناعات في ديناميكية إعادة تدوير الثروة النفطية.
وتزامنت تلك التصريحات مع الانتعاش السريع في الإنفاق الحكومي الذي ترافق مع هذه الطفرة. وهنا يقول بول ووترز مستشار لمكتب "بينير" للمحاماة: "إن صناعة التمويل الإسلامي بشكل خاص والاقتصاد الإسلامي ككل في حاجة ماسة إلى رأس المال البشري والمالي من أجل أن تنمو أكثر بصورة مناسبة". وجاء تصريح الخبير التركي على أثر التقرير الذي وزعه مصرف HSBC على عملائه حول ثورة الخليج النفطية.
يقول سايمون وليامز الخبير الاقتصادي لدى البنك "بناء على متوسط سعر خام برنت 130 دولاراً للبرميل في هذه السنة، وعلى تعديل الأرباح الخاصة بحسومات الخام المحلي والتغيرات المتوقعة في الناتج، فإننا نقدر أن تصل قيمة النفط الذي تنتجه دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2008 إلى نحو 750 مليار دولار، أي أربعة أضعاف قيمة الإنتاج النفطي في عام 2003، ونحو 12 ضعف قيمة الإنتاج النفطي قبل عقد من الزمن"، ويواصل "وإذا قدرنا أن أسعار النفط ستكون أكثر اعتدالاً في المدة المتبقية من هذا العقد، فإننا نتوقع مع ذلك أن تزيد قيمة إنتاج المنطقة من النفط، خلال الفترة من عام 2006 إلى 2010،على قيمة ما أنتج من النفط في السنوات الـ 25 السابقة مجتمعة. وإذا حافظ السعر الفوري السائد هذه الأيام على مستواه، عندها ستكون قيمة الإنتاج النفطي لمنطقة الخليج 4.3 تريليون دولار في الفترة من عام 2008 إلى 2012، أي أنها تزيد تسعة أضعاف الداخل على المنطقة من النفط في الفترة من 1998 إلى 2002، وبما يوازي 30 ألف دولار أمريكي للفرد الواحد في منطقة الخليج".
وحول خطط الإنفاق الحكومية التي تجري بخطى سريعة، يقول ووترز خلال مقابلته الهاتفية مع "الاقتصادية": "إن التحدي الكبير الذي تواجهه دول الخليج يكمن في تخصيص مبالغ كبيرة من أجل استقطاب الخبراء الذين لديهم الحوافز الصحيحة لتعزيز قطاعات الصيرفة الإسلامية والتأمين التكافلي بالقدر الممكن. فضلا عن قطاع التعليم المتعلق بهذا الجانب".
يقول تقرير البنك البريطاني، الذي حصلت "الاقتصادية"على نسخة منه، "ورغم أنه لا يتم الإبلاغ عن البيانات إلا في وقت متأخر، فإننا نقدر أن الإنفاق المالي ارتفع على نحو أسرع بخمس مرات في المتوسط في الفترة ما بين 2003 و2007 عما كان عليه في فترة السنوات الخمس السابقة لتلك الفترة. ويبدو أنه ما زال أمام عملية التكيف طريق طويل. فرغم النمو القوي في الإنفاق الحكومي بأسعار الدولار، فإن إنفاق البلدان كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي سيكون أكثر من 23 في المائة بقليل في عام 2008، مقارنة بنحو 35 في المائة في عام 2002. وفي المجمل، وصل الإنفاق الخليجي في عام 2002 إلى نسبة 99 في المائة من إجمالي الإيرادات التقديرية".
ويتابع الخبراء الاقتصاديون لدى HSBC "أما في هذا العام، فسيصل الإنفاق الكلي إلى 40 في المائة فقط من الواردات الإجمالية، ما يترك للحكومات الخليجية فائضاً إجمالياً يوازي أكثر من 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي ـ وهذا مبلغ هائل سيشجع على زيادة الإنفاق في السنوات المقبلة".