انخفاض المستوى المعيشي أسهم في تحول "السرقات" إلى ظاهرة .. والحلول ممكنة
انخفاض المستوى المعيشي أسهم في تحول "السرقات" إلى ظاهرة .. والحلول ممكنة
تواصل "الاقتصادية " فتح ملف السرقات في الصيف لتبحث في هذه الحلقة (الثانية) الأسباب والإجراءات الأمنية المتبعة في مختلف مناطق المملكة، وذلك للحد من تنامي هذه المشكلة، كما تتناول مع متخصصين أمنيين وباحثين اجتماعيين ومهتمين بالشأن العام أساليب علاج المشكلة بجميع جوانبها.
رفع المستوى المعيشي .. حل
حول الحلول المطروحة للحد من تنامي السرقات والسطو تحدث الدكتور خليل الخليل عضو مجلس الشورى ورئيس لجنة الشؤون الأمنية في هذه الحلقة بقوله: "الحلول ممكنة ـ ولله الحمد ـ فبلادنا تتمتع بتاريخ سياسي واجتماعي واقتصادي مشرق، كان الأمن في المدن والقرى والبوادي مضرباً للمثل، رغم قلة الإمكانات المادية بعد تجاوز مرحلة التأسيس والوحدة، رحم الله الملك عبد العزيز الذي فرض الأمن وأخذ على يد المتمردين والسفهاء وفرض للمحتاجين – مع قلة الموارد - ما يغنيهم عن السطو والسرقات، وعاهد نفسه ألا يشبع والناس جوعى"، تتلخص الحلول في وجوب رفع المستوى المعيشي للناس أينما كانوا في هذه البلاد، والسعي لإعادة تأهيل أوساط المدن والحارات المعزولة لما ثبت أن غالبية المحترفين لجرائم السرقات نشأوا في أوساط متواضعة مادياً، ويعيشون في أوساط المدن والحارات المعزولة الفقيرة.
كذلك من المهم إعادة هيكلة قوى الأمن المعنية ودعمها بالمال والرجال لتؤدي واجبها الوطني ولتفرض الأمن بالقوة، فالعصابات في نيويورك وشيكاغو وجنوب لوس أنجلس ولندن وطوكيو وغيرها من المدن المكتظة بالسكان في العالم موجودة وقوية، ولكن قوات الشرطة أكبر وقوى الأمن أقدر للوصول إلى المستهترين بالحقوق والمعتدين على الأنفس والأموال والبيوت والممتلكات في أوقات قياسية، ثم العقوبات الرادعة التي توجب عليهم أن يفكروا مرات عديدة في العواقب قبل الإقدام على الجريمة الفردية أو المنظمة بصرف النظر عن الأسباب.
لا تكفي المواعظ والخطب والنصائح لردع المجرمين، وإنما لابد من إعداد جيش أمني يكفل الحفاظ على الأنفس والأعراض والأموال والممتلكات ويفرض الأمن بالقوة، وأنا على يقين أن بلادنا ـ بإذن الله ـ قادرة على هزيمة الجريمة أياً كان نوعها وبصرف النظر عن بواعثها وأذرعها.
جهود أمنية على مدار الساعة في مكة
وهنا قال الرائد عبد المحسن الميمان المتحدث الأمني لشرطة العاصمة المقدسة، إنه تم إعداد خطة أمنية لمواجهة سرقات الصيف، بناء على توجيه مدير شرطة العاصمة المقدسة اللواء تركي القناوي، شملت جميع مراكز الشرطة والبحث الجنائي والأمن الوقائي للعمل خلال فترة الصيف.
وزاد الميمان، "وذلك لما هو متعارف عليه في الصيف من كثرة المناسبات والاحتفالات وسفر البعض إلى مناطق داخل المملكة وخارجها مما يتطلب تكثيف الوجود الأمني على مدار الساعة".
ونصح الميمان، المواطنين والمقيمين الذين سيغادون منازلهم أن يحرصوا على إحكام غلق الأبواب وتوصية الجيران والأقارب بملاحظة منزلهم من فترة إلى أخرى، لافتا إلى أن دوريات الأمن قائمة بدورها المنوط بها في الحفاظ على الأرواح والممتلكات.
وبين الميمان، أن الخطة الأمنية تشمل تعزيز أعداد القوة البشرية والعمل على تكثيف عملها وقت الذروة لتحقيق الراحة والأمن والطمأنينة لزوار بيت الله الحرام، إذ يؤدي البحث الجنائي والأمن الوقائي دوره في منظومة واحدة.
وأكد الميمان، على زوار العاصمة المقدسة وتحديدا قاصدي العمرة، إيقاف مركباتهم في المواقف المخصصة التي تخضع لحراسات أمنية، إضافة إلى عدم ترك ممتلكاتهم من جوالات، أموال، ذهب وأغراضهم الثمينة داخل السيارة أثناء أدائهم الفرائض والعمرة، حتى لا تكون مطمعة لضعاف النفوس.
وأشار الميمان إلى أنه تم تزويد المنطقة المحيطة بالحرم بوسائل نقل ومواصلات على مستوى عال لتسهيل حركة تنقل الزائرين وتيسيرها.
انتشار السرقة
ذكر الدكتور سعود الضحيان باحث سعودي في الشأن الاجتماعي، أن السرقة في المجتمع المحلي منتشرة بشكل كبير, وبدأت تتزايد بصورة ملحوظة، إذ يعود ذلك لمجموعة من الأسباب أوجزها في: انخفاض مستوى دخل المواطن خاصة بعد الارتفاعات الهائلة في تكلفة الحياة، ارتفاع نسبة البطالة في المجتمع السعودي، تنوع المغريات للتنمية بحياة الرفاهية, وذلك من خلال ما نشهده من نمو هائل في المجمعات التجارية وكذلك الدعاية والإعلان، إسراف الطبقات العليا في المجتمع بالبذخ في الحفلات والأعراس كل هذه العوامل زادت من معاناة كثير من الأسر خاصة من هم في سن العمل ولا يجدونه.
وأبان الضحيان، أن السرقات تنتشر في الصيف بشكل أكثر لتمتع بعض الأسر في المجتمع بإجازة خارج المدينة أو خارج المملكة مما يتيح فرصة لتلك الفئة الاستفادة من سرقة تلك الممتلكات، إضافة إلى حاجة هؤلاء إلى مصدر مالي لتقليد تلك الفئة في السفر، والفراغ الكبير الذي تعانيه فئات المجتمع المختلفة وعدم وجود بدائل قضاء ذلك الوقت، ارتفاع متطلبات الحياة في الصيف مع عدم قدرات مالية لتحقيق تلك المتطلبات، ضعف التدابير الاحترازية التي يجب أن تتبعها الأسر في حالة سفرها وتركها لمنزلها، قيام بعض تلك الأسر بوضع ممتلكاتها الثمينة في منازلها وعدم الاستفادة من الخدمات التي تقدمها بعض الجهات كالبنوك التي توفر صناديق لحفظ المال والمقتنيات النفيسة.
ونصح الضحيان بتوجيه الاهتمام بالفئات التي لا تجد عملا وصرف معاشات حتى يحصل هؤلاء على عمل لهم، إضافة إلى حث القطاع الخاص على توفير عمل للشباب، مشيرا إلى ضرورة قيام الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة التربية والتعليم وكذلك التعليم العالي، بإعداد برامج للشباب والفتيات فترة الصيف لاستغلال أوقات فراغهم.
الأمن العام والحملة الصيفية
ينفذ الأمن العام خلال الإجازة الصيفية برنامج التوعية الأمنية الصيفي الذي ستبدأ فعالياته خلال شهر رجب 1429هـ. أوضح ذلك العقيد الدكتور محمد بن عبد الله المرعول مدير الإدارة العامة للعلاقات والإعلام في الأمن العام، مشيرا إلى أهمية الجهود الإعلامية والتوعوية لدعم توجه الأمن العام نحو ترسيخ الوعي الأمني والمروري وتنمية السلوك الإيجابي، وتعزيز الولاء للوطن والشراكة مع الأجهزة الأمنية لما فيه سلامة الجميع.
وأضاف المرعول، أن الأمن العام ممثلا في الإدارة العامة للعلاقات والإعلام سيدشن خلال الفترة المقبلة مع بداية الإجازة المدرسية وحلول فصل الصيف برنامجا توعويا أمنيا ومروريا مركزا يقوم على منطلقات محددة ويستهدف مواضيع معينة ورسائل مختصرة تتناول تفعيل الجوانب التالية: (سلامة الإطارات ـ حافظ على ممتلكاتك ـ سلامتك بين يديك) وهي جوانب روعي فيها التنوع في المضمون والتوافق مع المناسبة، خاصة في ظل الكثافة المرورية على الطرق السريعة وما يصاحبها من حوادث مرورية بسبب الإطارات السيئة، إضافة إلى أخذ الحيطة والحذر في الحفاظ على الممتلكات والتعاون مع الأجهزة الأمنية في البعد عن الإهمال وعدم إتاحة الفرصة لضعاف النفوس، مع طرق بعض الجوانب ذات الصبغة المرورية: كـ (السرعة, التجاوز الخاطئ, قطع الإشارة, استخدام الهاتف الجوال, التهور, الإرهاق والنعاس أثناء القيادة, وصيانة المركبة).
وقال إن هذا البرنامج يأتي امتدادا لبرنامج سابق، سواء في فعاليات الصيف أو غيرها، إيماناً من الأمن العام بتحقيق الغاية السامية التي يجب أن يقوم بها من الناحية الإعلامية واستشعار مسؤولياته تجاه سلامة المجتمع وأمنه، مناشداً المجتمع ضرورة التعاون معهم لما فيه السلامة والأمان للجميع.
توصية الجيران
من ناحيته أوضح العقيد مسفر الجعيد المتحدث الإعلامي لشرطة جدة، أنه تم إعداد خطط أمنية بناء على توجيه مدير شرطة جدة اللواء علي بن محمد الغامدي، خلال فترة الصيف, وذلك لما يرافقها من مهرجانات وفعاليات، للحد من السرقات وتأمين الراحة للمواطن والمقيم على حد سواء.
وأبان الجعيد، أن الخطة تعمل على تكثيف الرقابة في الأسواق وداخل الأحياء وعند مداخل المدينة، من قبل الدوريات الأمنية والدوريات الراجلة والدوريات السرية، مبينا أن جميع القطاعات الأمنية تعمل وفق منظومة متكاملة للحفاظ على ممتلكات المواطنين بما يخدم المصلحة العامة.
وأهاب الجعيد بضرورة تعاون المواطنين والمقيمين بالإبلاغ عن أي شخص يشتبه فيه, وذلك بالاتصال على 999 وتحديد الموقع ووصف الأشخاص المشتبه بهم بكل دقة قدر الإمكان، لأن الشخص الذي يخل بالأمن سيلحق الضرر بالجميع.
وطالب الجعيد الأسر بضرورة إغلاق أبواب منازلها أثناء سفرها للسياحة أو غيره، إضافة إلى اتباع وسائل السلامة من تجنب أخطار الإنارة والكهرباء، كما أكد الجعيد ضرورة تواصي الجيران بعضهم بعضا بالانتباه إلى منازلهم وقت غياب أي أحد منهم، مبديا تأسفه من بعض الجيران حيث يشاهد عفش ومقتنيات ولوازم منزل جاره أمامه، ولا يحرك ساكنا وكأن الأمر لا يعنيه، إذ لا يكلف نفسه حتى بالسؤال في ظل غياب التواصل بين الجيران.