إدارة الأحياء السكنية وظاهرة السرقات في الصيف
إدارة الأحياء السكنية وظاهرة السرقات في الصيف
أقبل الصيف وأقبلت معه أكبر الإجازات السنوية وأكثرها عرضة لمشكلات السرقات. وقبل الصيف انتهت توصيات منتدى المدن الإنسانية ورديفه منتدى إدارة الأحياء السكنيةَ في الشهر الماضي وهما يدعوان إلى وضع الأسس والرؤية المستقبلية لفكرة إدارة الأحياء السكنية, التي هي حلقة الربط بين السكان في الحي والمجاورة في المجلس البلدي ثم أمانة المنطقة والإمارة. وفي ظل ما وصلت إليه أحياؤنا من مشكلات السرقات المتعددة أو السلوكيات والتصرفات السيئة للمراهقين والإرهابيين لدرجة أصبحنا نعاني فيها قلة الأمن والأمان. وإدارة الأحياء السكنية عرف دولي وموجود في معظم دول العالم المتحضر, وتوجد لها منظمات ومؤسسات في معظم دول العالم ولها برامج مختلفة مثل برنامج مراقبة الأحياء السكنية في الولايات المتحدة ومراقبة الحي في بريطانيا.
السرقات هي أكبر المشكلات التي تؤرق المواطنين, فهي سواء كان يقوم بها محترفون أو طائشون أو مدمنون أو خدم وسائقون فهي في النهاية تهديد للأمن وتخويف للمواطن من أن تتطور الأمور لتصل إلى مرحلة جرائم جنائية كالقتل والاغتصاب.
سبق أن تطرقت في الصيف الماضي إلى احتياطات الحد من السرقات بصفة عامة وركزت على سرقات في وقت الإجازات أو الصيف. واليوم أحببت أن أحدث ما سبق أن أشرت إليه للمنفعة العامة, وهو يصب في الموضوع نفسه وشاهد على أهمية إدارة الأحياء. فلو كانت لدينا إدارة جيدة للأحياء لمكنتنا من الحد من السرقات. كما أنه ليس لديه بدهيات البحث والتحري وعلم البحث الجنائي لمسرح الجريمة Forensic investigation سواءَ الطرق القديمة لكشف البصمات أو الحديثة لمطابقة DNA وكذلك تاريخ لكل مجرم. ومع أن العالم يتقدم في هذا المجال حيث تم أخيرا ربط أكثر من 50 ولاية في أمريكا بقاعدة معلومات مشتركة للبصمات والأحماض الوراثية. فإننا ما زلنا نفتقد التدريب الكافي وقاعدة معلومات للمقارنة، حتى لو من باب إيهام اللصوص وتخويفهم بوجودها. وبناء على ذلك فإن علينا كمواطنين اتباع بعض الاحتياطات الوقائية. السرقات التي تحدث عادة في فصل الصيف وأثناء الإجازات مصدر بعضها من العمالة الأجنبية ولا أستثني بعض المعارف أو السائقين أو الخدم أو أصدقاء السوء. ولعلي هنا أحاول أن أدلو بدلوي لتوعية القراء إلى أهم الوسائل والاحتياطات التي تساعدنا على تجنب تلك الخسائر. وأهم تلك الاحتياطات ما يلي:
الأجهزة الأمنية والكاميرات: توجد في الأسواق أنظمة إنذار ومنع للسرقات متعددة ولكن يجب الحرص على النوع الجيد منها ولو غلا ثمنها, وتطورت بحيث يمكن تركيبها دون تمديدات أو تكسير. فهي الآن أجهزة لاسلكية وتكلفتها للمنزل الواحد في حدود ثلاثة آلاف ريال. وتطورت هذه الأجهزة لدرجة أنه يمكن ربطها بأجهزة الهاتف الجوال ليرن جوالك أينما كنت في العالم وينذرك بدخول أحد بيتك أو مكتبك, ولتستطيع وبسرعة الاتصال بأحد أقاربك أو أصدقائك لمراقبة الموضوع وتلافيه. وهي متعددة من أجهزة وأنظمة توضع على النوافذ والأبواب إلى أشعة الليزر الحساسة التي توضع على بداية السور ونهايته أو في الحديقة وتلتقط أي حركة لتشعل أجراس الإنذار والأنوار التي في حد ذاتها كافية لذعر اللصوص وهروبهم, ولخوفهم من فزعة الجيران ( وما أقلها), إلى كاميرات المراقبة وأجهزة الفيديو لتسجيل متوال للأحداث وتخزينها.
شركات الأمن: وهي كثيرة ويمكن الاستعانة بها, خاصة وهي مكلفة ولكن لو اجتمع أكثر من جار وتعاونوا للمشاركة في التكلفة لحراسة الحي خاصة في إجازة الصيف لأصبحت أقل تكلفة, وطبعاً لا بد من التأكد من مصداقية الشركة. أو أن يقوم الجيران فيما بينهم بالاستعانة بأحد السكان أو الأقارب الذين سيكونون موجودين أثناء غياب الأكثرية مقابل مبلغ من كل بيت في حدود ألف ريال. فإن ما سيسرق قد يكون أضعاف ذلك بكثير غير ضياع الوقت للبحث عن بديل. وهي فكرة للمسؤولين عن تدريب الشباب في الصيف إلى إشغالهم بمثل تلك الأعمال وتحت إشراف ومراقبة.
التأمين ضد السرقة: وتختلف أنواع التأمين اليوم وهي شركات تعج بها السوق من التأمين على المقتنيات الثمينة إلى السيارات والمباني وغيرها.
أجهزة الإيهام: وهي أجهزة توهم اللصوص بوجود أحد في المنزل. وهي عبارة عن جهاز مبرمج لإشعال بعض الأنوار الخارجية والداخلية وفق ساعات محددة يومياَ. كما يمكن الاستعانة بقريب أو صديق يمر دقائق في الصباح والمساء ليشعل بعض الأنوار ويعتني بالنباتات الداخلية والخارجية.
التأكد من إحكام إقفال المنزل: خاصة الأبواب الخارجية وأبواب الخدم والشبابيك وخاصة أبواب وشبابيك السطوح. ووضع عصي أو قضبان حديدية أسفل منزلقات أو مجاري شبابيك الألمنيوم. وإذا أمكن وضع سلاسل حديدية وأقفال, وهي احتياطات رخيصة وتبقى للاستعمال مرات أخرى.
تخزين المقتنيات الثمينة: مثل المجوهرات وبعض الأجهزة الثمينة والسيارات, حيث يمكن وضعها لدى بعض الأقارب الذين لن يسافروا. أو في خزانة البنك والسيارة في بعض المستودعات أو الاستراحات بمبلغ رمزي, أو في كراج خاص, لأن أقل ما يسرق من السيارة هي الكفرات بحديدها وهي تكلف الآلاف.
الاحتياطات الصيفية: وهي احتياطات أمنية ليس من اللصوص وإنما لما قد يتعرض له المنزل من الخسائر وتشمل: إطفاء بعض الطبلونات مع الإبقاء على التيار للثلاجة والفريزر إذا كان فيها مواد غذائية. إطفاء السخانات وقفل محابس المياه في دورات المياه والمغاسل، وإذ أمكن محبس الخزان العلوي, إطفاء جميع مخارج الكهرباء للتلفزيون والرسيفر. ولا تنسي أنك في حاجة إلى شخص للعناية بالحديقة والنباتات الداخلية والحيوانات الأليفة, وهي مهمة يمكن الاستعانة فيها بقريب أو صديق يمر ساعة كل ثلاثة أيام.
كلاب الحراسة: ومع أنني لا أحبذها إلا أن للضرورة أحكاما, فالكلب قد يكون أفضل من اللص وله دور رادع للصوص ولكن يجب أن يكون لديه التدريب الكافي وإلا فإن مخاطره سرشة على الأطفال وحتى الكبار.
الاحتياط الأخير هو أن تعطي الجيران الذين تثق بهم رقم جوالك أو من يتصلون به لو رأوا أحدا يقتحم منزلك أو لو نشب حريق لا قدر الله ـ أثناء غيابك. وأن تحرص وتحرصهم ألا يبلغوا أحدا غيرهم أنك مسافر أو غائب, خاصة الخدم أو السائقين لديهم.
ولا تنسي ألا توضح للسائق أو الخدم الذين سيبقون في منزلك عن موعد قدومك ودائما أبلغهم أنك ستعود قريبا وفي وقت أبكر وحاول أن تفاجئهم بقدومك. فهذا قد يخرب عليهم أي خطة ينوونها. بل حتى لو أرادوا التنسيق أو سألهم السائقون الآخرون عن موعد قدومك فلن يعلموا.
وهذه الاحتياطات ليست الحل ولكن في ظل عدم وجود إدارة وتعاون بين سكان الحي فإنه يحب علينا تدارك هذه الظاهرة والاستفادة مما سبقتنا إليه تجارب غيرنا من المدن الكبرى في العالم. أو على الأقل أن نحيي موضوع العسة وعلى شكل دوريات لكل وقت صلاه يقوم فيها هؤلاء بمراقبة الحي.
ولعل هذه الأحداث تكون شاهداً على أننا يجب أن نعطي إدارة الأحياء دورها في الحفاظ على الأمن. كما أن البحث العلمي يؤكد أن نجاح إدارة المجاورة السكنية أو العمل الاجتماعي فيها يساعد على تقليل الجريمة وزيادة صحة المجتمع عقليا وجسدياَ, كما انه يساعد على حياة أفضل لأطفالنا ويساعدهم على الإبداع.