تاتا الهندية تستحوذ على "جاكوار" و"لاندروفر" بأكثر من ملياري دولار
بعد مفاوضات اتسمت بالسرية والتكتم على مدى شهور عديدة، نجحت شركة تاتا الهندية لصناعة السيارات في الاستحواذ على كل من: جاكوار ولاندروفر اللتان كانتا منضويتان تحت مظلة مجموعة فورد الأمريكية لسنوات طويلة، وقد بلغت قيمة الصفقة التي عقدت بين المجموعة الهندية والمجموعة الأمريكية نحو 2.3 مليار دولار، وسيتم تنفيذ بنود العقد خلال النصف الثاني من العام الحالي.
وتأتي هذه الصفقة لتؤكد التوسع الذي تشهده حالياً مجموعة تاتا الهندية التي تعد أكبر المجموعات الصناعية في الهند، وهي تأمل في التوسع خارجياً من خلال الاستحواذ على شركات أجنبية تتمتع بالتقنية العالية، حيث إن الحصول على شركتي جاكوار ولاندروفر يؤكد على نية المجموعة الهندية في الارتقاء إلى مصاف المنتجين الأكثر قدرة على تنمية القدرات التقنية في العالم.
وكانت مجموعة فورد الأمريكية قد اشترت جاكوار البريطانية في عام 1989 بمبلغ 2.5 مليار دولار، وقد ضخت المجموعة ما يزيد على عشرة مليارات دولار من أجل إعادة الروح إلى الشركة البريطانية الأصل التي عانت على مدى سنوات طويلة من التخبط الناتج عن وضعها الاقتصادي والإداري المتدهور. لكن خطط الإنقاذ والاستراتيجيات الموضوعة فشلت في تصويب أوضاع الشركة على الرغم من طرح العديد من الطرز وتوسيع مجموعة الإنتاج من خلال إطلاق طرازي إس تايب المتوسط وأكس تايب المنافس في قطاع السيارات الصغيرة المتوسطة.
أما لاندروفر التي اشترتها فورد من بي إم دبليو في عام 2000 مقابل 1.8 مليار دولار فقد حققت قفزة كبيرة على مستوى المبيعات مع تطوير مجموعة إنتاجها وطرح طرز جديدة في الأسواق، ولكن المجموعة الأمريكية أرادت الاستفادة من قيمتها المادية التي كانت الراجحة في صفقة تاتا الهندية، إضافة إلى أن فورد تهدف إلى الحد من تملكها لشركات السيارات ذات الأصل الأجنبي، حيث باعت "أستون مارتن" إلى مجموعة استثمارية كويتية قبل عام، وبقيت "فولفو" ضمن ملكية المجموعة إلى الآن مع إمكانية بيعها عند الحصول على سعر مناسب لها.
وتتضمن صفقة بيع جاكوار ولاندروفر بنداً تتعهد بموجبه فورد بدفع مبلغ يصل إلى 600 مليون دولار من أجل صناديق التأمين الخاصة بموظفي كل من جاكوار ولاندروفر.
يذكر أن نقابات العمال الخاصة بالشركتين والتي ينتمي لها ما يزيد على 16 ألف عامل وافقت على هذه الصفقة، ومن المقرر أن تقوم "تاتا" بتثبيت جميع العمال وعدم الاستغناء عن خدمات بعضهم وهو ما شكل عاملا إيجابيا شجع على موافقة إتمام الصفقة.
وتشتمل الصفقة أيضاً قيام "فورد" بتزويد "تاتا" بالمكونات الضرورية لإنتاج طرز الشركتين وذلك لمدة خمسة أعوام، مع الاستفادة من التقنيات المتوافرة لدى المجموعة الأمريكية من أجل تطوير طرز "تاتا".
ويؤكد مسؤولو "تاتا" من جهتهم أن المجموعة الهندية ستسعى جاهدة للحفاظ على الصورة العريقة لسيارات جاكوار ولاندروفر، وستعمل "تاتا" على تعزيز التعاون التقني مع صانعي السيارات في العالم من أجل المحافظة على مكانة الشركتين في عالم صناعة السيارات، حيث تعد هذه السيارات من الأفخم على مستوى العالم.
وستعمل "تاتا" خلال الفترة المقبلة على تعزيز مكانة لاندروفر في الأسواق العالمية خاصة أن الشركة حققت مبيعات قياسية في عام 2007، إذ نجحت في رفع مبيعاتها بنسبة 18 في المائة مع بيع ما يصل إلى 226.395 سيارة، كما أن مستويات الجودة تحسنت بشكل لافت في جميع طرز الشركة التي تنتج أربع طرز من سيارات الدفع الرباعي.
أما "جاكوار" فهي تستفيد من بدء إنتاج طراز إكس إف المتوسطة الذي يحل مكان طراز إس تايب الذي لم يحقق النتائج المرجوة منه. كما يجري حالياً الإعداد لتطوير الجيل الجديد من "إكس تايب"، إضافة إلى الجيل الجديد من "إكس جي" المترف الذي ينافس في فئة السيارات الكبيرة. كما تؤكد التقارير أن الشركة تسعى إلى دخول سوق سيارات الخدمات الرياضية (إس يو في) بالتعاون من لاندروفر.
أما "تاتا" التي حققت مجموعتها عائدات قياسية تبلغ 28 مليار دولار فقد استطاعت حسب خبراء اقتصاديين اختصار فترة زمنية تزيد على عشر سنوات بمجرد الحصول على التقنية العالية التي تتمتع بها كل من: "جاكوار" و"لاندروفر"، وهي ستستغل ذلك في تطوير مجموعة إنتاجها من السيارات والعمل على تطوير قدرتها التنافسية في أسواق العالم، ولا سيما أن الشركة تحتاج إلى التعامل مع مشكلات الانبعاثات الضارة التي قد تحرمها من الدخول في الأسواق الأوروبية والأمريكية بسبب القوانين الصارمة التي سيبدأ تطبيقها في عام 2010، وفي هذا المجال ترجح المصادر المتخصصة أن تتعاون "تاتا" مع فيات التي تعد من الشركات الرائدة في معالجة الانبعاثات الضارة مع العلم أن الشركتين تربطهما علاقات اقتصادية وثيقة.
من جهة أخرى، تنوي "تاتا" البدء في إنتاج سيارة صغيرة مخصصة للمدن تحمل تسمية (نانو) وهي سيارة بسيطة لا يتجاوز سعرها ثلاثة آلاف دولار، وستكون موجهة بشكل خاص إلى السوق الهندية وأسواق آسيا مع إمكانية تسويقها في القارة الأوروبية في حال نجحت في اختبارات السلامة والانبعاثات الضارة، كما سيتم تسويقها في كل من أمريكا اللاتينية التي تحظى فيها السيارات الصغيرة بسمعة عالية.
أخيراً، من المؤكد أن مجموعة تاتا الهندية تسير إلى المقدمة بنجاح، وهي تستفيد من مجموعة من العوامل أبرزها وضعها الاقتصادي المميز، إضافة إلى الخطط والاستراتيجيات الموضوعة من قبل إداريي الشركة التي تحظى بموافقة راتان تاتا رئيس مجلس الإدارة الذي يمتلك الإصرار والعزيمة على رفع اسم المجموعة التي تحمل اسم عائلته وهو يملك أيضاً الإمكانيات اللازمة للوصول إلى هدفه خلال فترة قياسية.
كما أن فورد ستعمل على الاستفادة من أموال الصفقة في تعزيز قدراتها التنافسية مقابل منافساتها في الأسواق الأمريكية في الدرجة الأولى، والعمل على رفع المبيعات هناك، حيث تعاني المجموعة الأمريكية تدني مبيعاتها على الرغم من تسجيلها أرباحاً فصلية جيدة في الربع الأول من العام الحالي.