التنظيم الدقيق كفيل بإعادة تعبئة رفوف 8 آلاف متجر يومياً
تعود المحلات والأسواق التجارية ممتلئة من جديد في كل صباح، حيث تعرض هذه الأسواق الفواكه والخضراوات الطازجة للبيع، والأجبان الطازجة، والحليب الطازج. ويتعجّب بعض الزبائن، كيف تتم تغطية ثغرات اليوم الماضي، من خلال تعبئة الرفوف والخزائن أثناء الليل. والواقع أن سد ثغرات التوزيع باستمرار هي وظيفة اللوجستيين مثل شركة بفينينج. ''نحن نزود كل ليلة ثمانية آلاف محل تجاري من مدينة فلينزبورج في أقصى الشمال حتى جارميش باتين كيرشين في أقصى الجنوب''، هذا ما يقوله كارل مارتين، رئيس الشركة، بكل فخر. ويتابع قائلاً: ''ونواصل عملنا من مساء الأحد الماضي لمدة أسبوع بهذه الطريقة''.
مسألة المرونة
ولا يريد مارتين امتداح موظفيه فقط على أداء مهامهم. ففي هذا الالتزام ترى شركة بفينينج سبباً لنجاحها. والمرونة هي السبب الرئيسي في توجّه كبار الزبائن إلى البحث عن شركاء لوجيستيين متوسطين. وتظهر هذه المرونة كذلك في المهام الشخصية، والوسائل السريعة والفعالة لاتخاذ القرارات.
زبائن محددون
تُدعى بفينينج شركة اللوجيستيات المتعاقدة، حيث تنطلق يومياً من الشركة في مدينة فييرنهايم 800 شاحنة نقل كبيرة عبر طرق ألمانيا السريعة والأرياف. ولا يوجد هناك طلب لاستدعاء شاحنة من منطقة أ إلى منطقة ب مثلاً. حيث لا تعمل بفينينج سوى مع زبائن محددين عددهم 150، إذ يتم إجراء عقود طويلة الأمد معهم. ''في السابق كنا عبارة عن شركات نقل تقليدية في قطاع البضائع الطازجة، ومنذ عشرة أعوام تحوّلنا إلى سلع الخدمات، والمحور الأساسي هو اللوجستيات''. ويصف بفينينج مراحل تغيرالشركة مؤكداً أن عمليات النقل الخالصة لم تعد هي الأساسية، بل نقل السلع لزبائنه و إدارتها، وتخزينها. وأهم الزبائن لدى بفينينج هي التجارة الفردية، وذلك لسببين أحدهما أن الشركة تعمل في قطاع المواد الاستهلاكية الغذائية، حيث بدأ جدّه بالعمل على شاحنة نقل الحليب، فعلم الحفيد أن التجارة تنمو بصورة أسرع من الإنتاج. وهو يبدو مقتنعاً، ''بأن السابقين قد حددوا الطريق''، حيث لم يتحوّل منذ منتصف السبعينيات إلى الإنتاج، بل اتجه إلى التجارة. ويتبع كل التجّار الفرديين إلى دائرة شرائية معينة، حيث تتلقى بفينينج السلع المطلوبة من المنتج، وتنقلها إلى بعض المتاجر حسب العقد. وشاحنات النقل ليست من الشاحنات أو الناقلات العادية، حيث تضم مساحات للتبريد الخاصة بمنتجات الحليب، والفواكه، والخضراوات الطازجة. ويقول بفينينج: ''إن كل ما نقوم بنقله اليوم، هو في الحقيقة معلب ومغلف''.
صناعات أخرى
وهذا لا يسري فقط على التجارة التي يعود إليها 80 في المائة من حجم المبيعات البالغة 170 مليون يورو (ما تم تخطيطه لعام 2005) ويسري أيضاً على الصناعة الكيميائية. صناعة السيارات تمثل القطاع الثالث. وتتعامل شركة بفينينج بالمواد الخام لزبائنها من قطاع الكيمياء، حيث تنظمها و تخزنها، وتتخلص من فضلات المواد، وتخزّن المواد المصنّعة كذلك. أما بالنسبة للمواد الغذائية، فتعتبر شركة بفينينج أكبر رابع شركة لوجيستية في ألمانيا عقب شركات ناجيل، وداشير، وبروفريش للمنتجات الطازجة، ويمكنها كذلك نقل مواد التنظيف. والخبرة مع شركات الصناعة الكيميائية يمكن أن تجلب المزيد من الزبائن ضمن هذا القطاع. وحسبما أعلنت شركة بفينينج، فإنها تشتري الشركات المتخصصة للتوسع في أداء المهام اللوجيسية، إذ لا ترى أي نهاية في مراحل التطوّر، حيث سيتجاوز حجم المبيعات في هذا العام الحجم في العام السابق الذي بلغ 140 مليون يورو بنحو 20 في المائة. ومنذ عام 1997، توسعت شركة بفينينج بشراء شركة النقل التعاونية لوج سبيد، وارتفع عدد الموظفين من 250 إلى 1350 موظفا في الوقت الراهن. وهناك أعداد كافية من الزبائن حسب إحصائيات الشركة التي تحاول تهيئة القطاع للزبائن المختارين. لكن ضعف التأهيل يسبب للشركة بعض القلق. لأن التقليص يُعد أمراً جيداً للموظفين المؤهلين المهنيين المستعدّين لحمل مهام الشركة. وستقوم الشركة بتدريب المزيد من الشباب للعمل في مستودعات السلع والبضائع في الإدارة الإنتاجية. وسيصبح لدى الشركة العديد من الشباب الخريجين المؤهلين في هذا المجال. الأرباح تأتي من خلال المنافسة على الأسعار والتعاون المشترك.لكن الحاجة ما زالت كبيرة للمزيد من العمالة المتخصصة في القطاع اللوجستي. وليس من المعروف للكثيرين أن 7 في المائة من كافة العاملين المستقلين لهم صلة بطريقة أو أخرى بشركة بفيننج.
تحرك المنافسين
وإذا كانت الشركة تقوم بتدريب هؤلاء الشباب، فإنه يمكن أن يتم أخذهم لاحقاً من قبل شركات أخرى. ومع هذا تلتزم الشركة بالتدريب المتقدم من خلال تأسيس أكاديمية التشغيل في مانهايم. ويبرز دور التدريب حين يلتحق الموظف لإتمام تأهيله بعد الدراسة ليعود للعمل في المنشأة. وعلى الموظفين العمل لمدة عام واحد قبل الالتحاق بالدراسة. ''في ظروف ألمانيا، يمكن للمرء أن يعيش''، حسب ما يقول مارتين، ويقدّم سبباً لذلك، '' لا توجد أي دولة لديها اللوجيستيات والبنية التحتية الجيدة مثل ألمانيا ''. ولهذا خاض العديد من الشركات الدولية الناشطة التجربة للتعامل مع اللوجيستسيات الألمانية في الخارج وبفينينج تتخذ هذا الطريق، ''طالما أن هذا ما يريده الزبائن على الدوام''. وتمثّل شركة الشحن المتوسطة هذه نفسها في بعض الأسواق في رومانيا، وهنغاريا. ''ولكن في بولندا لم تتم مساعدتنا بصورة كافية''، والهدف اللاحق في التوسّع الدولي وهو مجموعة الشركات العاملة في بلغاريا. وكذلك يرمق رئيس الشركة روسيا بنظرات ساخنة، وهو الشيء الذي يعني تمثيل شركته في موسكو لاحقاً.
لرد الادعاء
أما عن القول إن المرء يصنع زبائنه من خلال الاستثمارات في سلاسل اللوجيستسات، ومن خلال المخازن وتكنولوجيا المعلومات، فإن مارتين لا يوافق على هذا الرأي. والحقيقة أنه، لا يوجد زبون واحد كبير للغاية، وأن العقود تتضمن فترات زمنية مختلفة. وقبل عامين قامت بفينينج بشراء شركة أخرى لأول مرة بعدد من الموظفين يعادل 180 موظفاً، حيث جرى التعاون مع الزملاء الجدد على نحو رائع. وحول الوضع المالي يقول إن شركته حققت ربحاً جيداً. ويؤكّد أنه كان بالإمكان دفع ضرائب الطرق، حيث لا يؤمن البتة بشكاوى العديد من المدن حول ضريبة استخدام شوارع الاتحاد و الأرياف: ''وسائل نقل الشاحنات تنتمي لطرق النقل السريع''.
على الصعيد الشخصي
وُلد كارل مارتين في 26 تموز (يوليو) عام 1950، وهو يعمل في الشركة التابعة لأسلافه منذ 30 عاماً. وهذا لا يعني أنه لا توجد حياة لقيم التشغيل المؤهّلة خارج الشركة. ''ولكن دون الشركة فإن كل شيء لا يعني شيئاً''. وهو أب لثلاثة أطفال، ويعيش منذ 12 عاماً مع شريكة حياته، ماري اليزابيث التي تعمل معه في إدارة الشركة. ويجذب اهتمامه كل شيء له علاقة بالكرة: كرة اليد، وكرة القدم، والجولف، والتنس.