خريطة طريق لفض الاشتباك بين المحاسبة والاحتيال
في صيف عام 2015، في جلسة تحقيق برلماني ماراثوني في أيرلندا حول أسباب الأزمة المصرفية في ذلك البلد، قدم أحد كبار مراجعي الحسابات في شركة برايس ووترهاوس كوبرز اعترافا مذهلا.
كان جون ماكدونيل منذ عام 2010 يقود فريق الشركات الأربع الكبرى في تدقيق حسابات مصرف أيرلندا، أكبر مؤسسة مالية في البلاد.
كان هناك للرد على أسئلة حول دور المدقق في إنقاذ المصرف خلال الأزمة المالية. شركة برايس ووترهاوس كوبرز، كانت الجهة التي تتولى تدقيق حسابات المصرف، في ذلك الحين مثلما هي الآن، أعطت حسابات المصرف شهادة خلو من الأمراض في صيف عام 2008، قبل أشهر قليلة فقط من لجوئه إلى الدولة من أجل خطة إنقاذ بقيمة تبلغ نحو خمسة مليارات يورو.
أراد السياسيون أن يعرفوا لماذا لم يكشف مصرف أيرلندا عن خسائر بالمليارات، لا بد أنه كان الممكن توقعها، وبالتالي المبالغة في رأسماله وتهدئة المستثمرين، ليعرضوا أموالهم للخطر عن طريق وضعها في المؤسسة المعتلة.
وسألوا كيف استطاعت هذه الحسابات الوفاء بالشرط القانوني القاضي بتمثيل صورة "حقيقية وعادلة" لمركزه المالي؟
لم ينكر ماكدونيل أن الخسائر ربما لم تكن مدرجة. وبدلا من ذلك، قال إن مستوى المخصصات تم فرضها من الناحية العملية، من قبل المعايير الدولية الجديدة التي أدخلت في عام 2005.
هذه المعايير ألزمت المصرف بتخصيص مبالغ من أجل الخسائر "المتكبدة" – بعبارة أخرى، المدفوعات التي تم تفويتها أصلا. وضع مخصصات من أجل التحوط ضد حالات الإعسار المتوقعة – حتى لو كانت ستشل حركة المصرف – كان ممنوعا.
أكد ماكدونيل أنه سواء كانت هذه القواعد مسايرة للاتجاهات الدورية بشكل خطير وأدت إلى أرقام مضللة أم لا، فليس هذا هو الموضوع. كانت القواعد منقوشة بالحجر التشريعي ولا يمكنها أن تنحرف عنه.
وقال: "عندما تكون هذه القواعد مدرجة في القانون، يجب عليك تطبيقها لتقديم وجهة نظر حقيقية ونزيهة. إذا لم تطبقها، فلا يمكنك أن تقول إن الحسابات تعطي وجهة نظر حقيقية وعادلة".
فكرة أن الأرقام التي تبلغ عنها الشركة يجب أن تعطي تمثيلا "حقيقيا وعادلا" لأصولها ومطلوباتها ومركزها المالي وأرباحها أو خسائرها، لها تاريخ طويل.
يعود تاريخها إلى أول عمليات مراجعة الحسابات في القرن الـ19، ووضعت في شكل قانون في بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
في سبعينيات القرن الماضي، تم نقلها إلى التشريعات الأوروبية. إذا كان هناك مبدأ تأسيسي يقوم عليه الضمان الذي تقدمه عمليات التدقيق، فهذا هو المبدأ.
التعريف الملموس لهذا المفهوم المرن ليس مباشرا، لكن بمعنى عام هو يعني أنه لا ينبغي على الحسابات المبالغة في الربح أو الأداء بحيث يمكن لأعضاء مجلس الإدارة "والمساهمين" الاعتماد عليها كأساس لتحديد ألا تدفع أي توزيعات أرباح من رأس المال. هذه وجهة نظر تتطلب حكما قائما على مراجعة الحسابات.
يقول تيم بوش، رئيس الحوكمة في شركة الاستشارات بيرك Pirc: "هذا أحد الأشياء التي يصعب تحديدها بالكلمات بدقة، لكنك تعرفه عندما لا يكون موجودا لديك في الأرقام. الدليل الواضح والتقليدي هو عندما تحدث الخسائر، التي كانت موجودة دائما، فجأة دفعة واحدة".
ما لا يعنيه ذلك هو التفسير الدائري الذي قدمه ماكدونيل للنواب الأيرلنديين: وهو تفسير نجد فيه أن عبارة "صحيح وعادل" تعني ببساطة التمسك بالتفسير الميكانيكي لقواعد المحاسبة، بغض النظر عما إذا كانت النتائج المالية التي تنتج عن تلك القواعد تمثل بشكل كلي مركز الشركة الحقيقي.
ويضيف بوش: "الأمر ليس خاطئا من حيث المبدأ فحسب، بل إنه في الواقع ضار جدا. فهو يوجد تناقضا بين القواعد المحاسبية، التي هي نفسها مدعومة بالقانون، وقانون الشركات نفسه".
في كثير من الفضائح المحاسبية الأخيرة، كانت هناك أكثر من إشارة تدل على هذا التضارب. لنأخذ انهيار مجموعة كاريليون على سبيل المثال، الذي حدث بعد أن أعادت هذه المجموعة البريطانية، المختصة بالاستعانة بمصادر خارجية، صياغة سلسلة من العقود التي كانت سابقا قد ضخمت فيها "بطريقة آلية" مبالغ إيرادات لا يستهان بها، على الرغم من أنها غير متحققة "وبالتالي غير موجودة في نهاية المطاف".
وكانت النتيجة هي محو أرباح السنوات السابقة من الأرباح التي تتضمن دفع توزيعات الأرباح للمساهمين. وهناك حالات أخرى مثل انهيار المصرف التعاوني في عام 2013، والأزمة التي عصفت ببنك التجزئة ستاينهوف المدرج في بورصتي فرانكفورت وجوهانسبيرج، شملت أيضا الكشف المفاجئ عن أرباح وهمية وخسائر ضخمة مخفية.
تقول ناتاشا لاندل ميلز، مديرة الإشراف في شركة ساراسين وشركائه لإدارة الأصول: "كثير من المخاوف تتركز على جودة المراجعة. هل طعن المدققون في (بيانات الشركة) محل المراجعة على نحو كاف؟ هل سألوا فعلا ما إذا كانت الحسابات تفي باختبار ’الصورة الحقيقية والعادلة‘ ذات المرتبة الأعلى؟ هذا ليس ببساطة مجرد التزام روبوتي بالمعايير المحاسبية".
المخاوف بشأن هذه الأمور أشعلت الجدال من جديد حول سوق التدقيق، وما إذا كانت شركات التدقيق الأربع الكبرى: أي كيه إم بي جي، و إي واي، وبرايس ووترهاوس كوبرز، وديلويت، في حاجة إلى مزيد من التعرض للمنافسة للحد من تضارب المصالح، ومنعها من أن تصبح مدينة بالفضل أكثر من اللازم لرؤساء الشركات.
هناك شيء أكبر على المحك، وهو ما إذا كانت القواعد تتحايل بطريقة ما على الإطار القانوني الذي يتطلب تقييما "حقيقيا وعادلا"، وبالتالي تسمح للشركات بتقديم أرقام مضللة.
تقول شارون بولز، الرئيسة السابقة للجنة الشؤون الاقتصادية والنقدية في البرلمان الأوروبي: "لا جدوى من معالجة قضية السوق دون النظر إلى جوهر ما يفعله المدققون. إذا فعلنا ذلك فإن المسألة تصبح ببساطة حالة تتمثل في استبدال السيء بالسيء".
كانت إحدى الأفكار التي تقوم عليها محاسبة القيمة العادلة هي القضاء على قدرة الرؤساء على تخزين الأرباح، لاستخدامها في مرحلة لاحقة، من خلال أحكام "تقنية إدارة الأرباح".
كان الهدف من ذلك هو منع الرؤساء من "تلطيف" نتائجهم بطرق تجعل من الصعب على المستثمرين الخارجيين التعرف على الأداء الأساسي للشركة.
كانت مثل هذه الممارسات مشكلة في الثمانينيات، عندما كانت التكتلات الاستحواذية مثل هانسون وبي تي آر BTR تستخدم أحكاما لتشويش أداء الشركات التي استحوذت عليها. في الحالات القصوى، شعر المراقبون بالقلق، وبالتالي دفعوا الأسهم لتكون أسعارها خاطئة بشكل خطير.
في حالة القطاع المالي، كان العلاج أسوأ بكثير من المرض – خاصة في منطقة اليورو. تطبيق المعيار الأساسي على محاسبة القيمة العادلة للأدوات المالية – المعيار المحاسبي الدولي رقم 39 – لم يعمل على تمكين المصارف من إخفاء خسائر ضخمة قبل الأزمة المالية، ودفع مكافآت دسمة للمديرين على الأرباح الوهمية التي استحضروها فحسب، بل جعل من الصعب التخلص من مخلفات ما بعد الأزمة.
إخفاء الخسارة لم يتوقف مع الأزمة. سمحت القواعد المحاسبية المتراخية لها بالاستمرار، مع ما يصل إلى تريليون يورو من التخفيضات غير المعترف بها "حيث كانت القيمة الدفترية للأصول أعلى من قيمتها السوقية"، التي لا تزال مدفونة في الميزانيات العمومية للمصارف في منطقة اليورو، وذلك وفقا لمجلس المخاطر النظامية الأوروبي.
يقول كورماك بتلر، وهو مستشار مالي أدلى بشهادته أمام البرلمانيين البريطانيين والأيرلنديين حول معيار المحاسبة الدولي 39: "أصول المصارف المحتفظ بها في الدفاتر بقيم مضخمة، كانت تستخدم كضمانات للحصول على قروض من البنك المركزي الأوروبي، الذي لا يستطيع من الناحية القانونية الإقراض إلى المؤسسات التي فقدت ملاءتها، وبالتالي فهو غير راغب في إطلاق عملية بيع بأسعار رخيصة للغاية، مقابل الضمانات المقدمة من المصارف. والنتيجة هي الركود وترسيخ مصارف الزومبي".
محاولات إصلاح المعيار جعلت الأمور حتى أكثر إرباكا من قبل. مجلس معايير المحاسبة الدولية، الذي من المفترض أنه من أجل تصحيح سوء الفهم حول كيفية تطبيق معيار المحاسبة الدولي رقم 39 القديم، فقد أدخل معيارا جديدا تماما: المعيار الدولي للإبلاغ المالي رقم 9.
هذا يتطلب بالتأكيد من المصارف تخصيص مبالغ من الخسائر المتوقعة، للخسائر التي يتوقعون حدوثها خلال الأشهر الـ12 المقبلة. أبعد من ذلك، يبقى الإخفاء خيارا، أو إذا وافقت على شهادة ماكدونيل، فهو التزام.
يقول أحد كبار التنفيذيين في إحدى شركات التدقيق الأربع الكبرى: "المعيار الدولي للإبلاغ المالي رقم 9 يمثل مشكلة كبيرة. أرى كثيرا من الصعوبات في المستقبل".
فك تشابك هذه الفوضى ليس بالمهمة السهلة، فهو يتطلب إعادة الاتصال مع الغرض الأصلي من التدقيق؛ وهو ضمان عدم تعرض رؤوس أموال الشركات لسوء الاستخدام من قبل المديرين المبالغين في تفاؤلهم أو المديرين المحتالين.
الاتجاه منذ الثمانينيات للابتعاد عن الحصافة التقليدية والتوجه نحو المقياس الدقيق المفترض لـ"الحياد" في قواعد المحاسبة، ربما يكون قد بدأ كمحاولة صادقة لتزويد المستثمرين بمعلومات أكثر فائدة حول التقييم الحالي للشركة.
إضافة إلى استخدام المكاسب المتوقعة في حساب الأرباح وقيم الأصول، فقد أعطى هذا مجالا كبيرا فوق الحد للرؤساء، الذين يهتمون بمصلحتهم الذاتية للدفع من أجل الحصول على تفسير قوي يعزز الأرباح على برامج مكافآتهم أو خطط الحوافز طويلة الأجل.
وهذه هي الحال بصفة خاصة عندما لا تستند التقييمات إلى أسعار يمكن ملاحظتها أو الإيرادات التي تم تحرير فواتير بها، بل على تقديرات معقدة يتم إنتاجها بمساعدة نماذج الكمبيوتر.
ونتيجة لتعرض المدققين للضغط بشدة من قبل المديرين للموافقة على عرض معين للأرقام، فقد لجأ المدققون إلى الألغاز وجوانب الغموض التي تشتمل عليها القواعد. الحكم النهائي لمراجعي الحسابات – وهو إجراء تدقيق بالغ الأهمية بشأن سلامة الشركة – أصبح بشكل متزايد يتماشى مع رغبات مجلس الإدارة.
يعتقد المراقبون أن إعادة التأكيد على هذه المهمة أمر واجب منذ مدة طويلة.
يقول كارثيك رامانا، أستاذ الأعمال والسياسة العامة في كلية بلافاتنيك للدراسات الحكومية في جامعة أكسفورد: "عادة ما يحب مديرو الشركات التحدث عن الجانب الإيجابي.
الحصافة المحاسبية هي الحل القائم على الحس السليم لحماية المساهمين وأصحاب المصلحة الآخرين.
الفكرة بسيطة – يجب أن يكون هناك عتبة أعلى للاعتراف بالأرباح المتوقعة أكثر مما هي للخسائر المتوقعة". في الوقت الحالي، يعتقد كثيرون أن العكس هو الصحيح.
هناك حاجة أيضا أن يكون هناك اعتراف بأن تدقيق الحسابات لا يتعلق جميعه بخدمة أسواق رأس المال، كما يقول المدير التنفيذي الكبير في شركة لتدقيق الحسابات من الشركات الأربع الكبرى.
وقد أدى ذلك إلى وفرة المعلومات في حسابات الشركة التي تم تصميمها لجعلها أكثر "صلة بواقع الشركة"، لكنها في الواقع تعمل على جعلها غير عملية وغير مفهومة في بعض الأحيان للقراء غير المختصين.
كما أنه ليس من الواضح أن المساهمين هم الأفراد الذين ينبغي أن يكونوا موضع التركيز عندما يتعلق الأمر بمراقبة المدققين أنفسهم.
ويضيف المدقق: "من الخطأ الاعتقاد أن المساهمين يركزون على جودة التدقيق. الحقيقة هي أنهم لا يشعرون بالقلق بدرجة كبيرة إزاء فشل الشركات.
وفي الواقع، فإنهم يرحبون بقدر معين، لأنه يحفز التقلبات، التي هي الطريقة التي يربحون بها المال ويقنعون المالكين المستفيدين أن يقدموا لهم تفويضات الاستثمار".
في المقابل، يعتقد كثيرون أنه لا يتم توجيه سوى اهتمام ضئيل لمصالح المكونات الأخرى، سواء كانوا موظفين أو مقاولين أو نظراء أعمال آخرين أو عامة الناس.
في المملكة المتحدة، اجتذب مجلس الإبلاغ المالي الاهتمام في الآونة الأخيرة عندما عين اثنين من أعضاء مجلس الإدارة "من أصل 15" لديهم خلفيات في قطاع الأعمال الخيرية.
ومع ذلك، فإن هذه الخطوة بالكاد تضعف تمثيل شركات القطاع المالي – حيث يبلغ عدد الأعضاء سبعة.
ما العمل مع الشركات الأربع الكبرى؟
يتركز كثير من النقاش حتى الآن على مسألة ما إذا كان ينبغي احتواء قوة وتأثير الشركات الأربع الكبرى.
هذه الشركات لديها قبضة هائلة على سوق الشركات المدرجة في بورصات بريطانيا والولايات المتحدة، حيث إنها تتولى تدقيق حسابات 98 في المائة من الشركات المدرجة على مؤشر فاينانشيال تايمز 350، و99 في المائة من الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 على التوالي.
ما لا يقل أهمية عن ذلك أنها تهيمن على مجالس المهنة. على سبيل المثال، هناك نحو 34 شريكا حاليا أو سابقا للشركات الأربع الكبرى، هم أعضاء في مجلس الإدارة ولجان الجهة التنظيمية في المملكة المتحدة، أي مجلس الإبلاغ المالي.
في الفترة التي سبقت الأزمة المالية وخلالها، كان رؤساء الحسابات السابقين في شركات برايس ووترهاوس كوبرز وكيه إم بي جي أعضاء في مجلس إدارة المجلس.
ينقسم المراقبون حول المدى الذي ستؤدي فيه التخفيضات في القوة السوقية للشركات الكبيرة إلى تحسين جودة التدقيق، لكن معظمهم يعتقدون أن وجود مزيد من الخيارات سيكون مفيدا، خصوصا من حيث التراجع المقلق في ثقة الجمهور في الشركات.
كما أنه سيقلل من نطاق عدد قليل من المنظمات القوية للتأثير على القواعد التي يديرونها هم أنفسهم بعد ذلك. تقول السيدة لانديل ميلز: "هذا التضارب هو الذي أدى في جزء منه إلى التخفيف من مفهوم ’الحقيقي والعادل‘."
في بريطانيا، هناك مجموعة منسقة من قبل معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز، أو ICAEW وتضم أكبر شركات مراجعة الحسابات، تنظر الآن في اقتراح فرض سقف على حصة سوق الشركات المدرجة في البورصة التي تستطيع الشركات الأربع الكبرى الاستحواذ عليها، بحيث لا تتجاوز 80 في المائة، ردا على تهديدات بإحالة القضية إلى الجهاز المنظم للمنافسة.
يبقى المراقبون متشككين فيما إذا كان هذا سيعيد التوازن إلى المهنة بما يكفي لتخفيف تأثير الشركات الأربع الكبرى. وعلى الرغم من كل التعقيدات التي قد تترتب على عمليات التفكيك الكاملة، لا يزال كثيرون يعتقدون أنها الطريقة الوحيدة لترويض هذه الشركات العملاقة.
إطار
الحل .. تعزيز دور شركات التحدي
إذا أريد تعزيز المنافسة، فستحتاج الشركات المسماة "شركات التحدي" - أي التي دون الشركات الأربع الكبرى - إلى بناء قدراتها.
مايكل إيزا، الرئيس التنفيذي لمنظمة آي سي أيه إي دبليو ICAEW، يقترح أن تشارك بعض الشركات المفيدة، مثل شركات التحدي، في منصات التكنولوجيا الكبيرة للشركات الأربع الكبار لفترة معينة، أو حتى أن تنفذ "عمليات تدقيق مشتركة" إلى جانب الشركات الكبرى من أجل اكتساب خبرة أوسع عن الشركات الكبيرة والقطاعات المدرجة.
ويقول: "ربما تراجع جزءا معينا من الميزانية العمومية، لكنهم لن يوقعوا بالضرورة على المراجعة الكاملة". كما تستطيع الهيئات العامة والحكومية أيضا تعزيز الطبقة الثانية، من خلال توجيه العمل بعيدا عن الشركات الأربع الكبرى نحو شركات أصغر.
التحدي الأكبر هو استعادة هيمنة قانون الشركات ومعه فحص "حقيقي وعادل" للصحة المالية. التنظيم الذاتي من قبل شركات التدقيق الكبرى، بمساعدة مجموعات المصالح الخاصة مثل قطاع الخدمات المالية، أدى إلى ثقافة منحرفة كانت الصناعة تسعى فيها في بعض الأحيان إلى منح قواعد المحاسبية الأولوية على القانون.
أحد أحكام التدقيق الرئيسة هو حول ما إذا كانت الأرباح التي تحققها أي شركة "تتحقق" بشكل قانوني "أي أنها إما تحولت إلى نقود أو اقتربت من القيمة النقدية بحيث لا يعود بينهما فرق يذكر"، وبالتالي باتت متاحة لتوزيعها على المساهمين.
في عام 2005، اقترح مجلس الإبلاغ المالي إلغاء هذه الصلة القانونية الإلزامية، واصفا إياها بأنها "جامدة" و"عائق لا لزوم له" للحسابات ذات المغزى.
كان حلهم هو إزالة أي متطلبات قانونية من أي نوع، ما يجعل من الأسهل على الشركات دفع أرباح الأسهم من رأس المال الخاص بحاملي الأسهم والجهات الدائنة الذين هم في وضع سلبي – شيء كانت عمليات التدقيق الأولى مصممة لوقفه.
تقول البارونة بولز: "لفترة طويلة، سمح لمهنة المحاسبة بتخفيف القانون خلسة بطرق قد تحمي مصالحها، لكنها لا تفعل كثيرا من أجل الآخرين". "يجب علينا استعادة أهمية القانون، وجعل المنظمين يعملون على إنفاذه". ووفق ما أضاف: "الثقة في أعمال التدقيق والشركات تتقوض بسبب هذا الكلام الفارغ من النوع الذي يتعامل مع التقييمات المتصاعدة، على أنها أرباح مشروعة ويتجاهل الخسائر المتوقعة. يحتاج المدققون إلى ممارسة حكمهم إذا كانت الطمأنة الصادرة عنهم تعني أي شيء".
التحقيق البرلماني الأيرلندي في الأزمة
• سياران لينش، نائب رئيس لجنة التحقيق: إذن يا سيد ماكدونيل، عند البدء في اعتماد معيار التدقيق الدولي، المعيار المحاسبي الدولي رقم 39، فهل كان هذا يعني أن البيانات المالية التي خضعت للمراجعة لا تعود مضطرة للامتثال لمعيار ’الحقيقي والعادل‘ الذي كان موجودا... ضمن المعايير المقبولة سابقا؟
• جون ماكدونيل، شريك في "برايس ووترهاوس كوبرز": السيد الرئيس، في الواقع أنا أقول العكس. بمجرد اعتماد معيار المحاسبة الدولي 39 بموجب قانون الاتحاد الأوروبي، أصبح جزءا من الإطار المالي الذي يجب تطبيقه.
إذا كانت لديك معاملات إقراض جوهرية، فيجب عليك تطبيق نهج الخسارة المتكبدة، وأعتقد أنه إذا لم تطبق نهج الخسارة المتكبدة، فلا يمكنك القول إن البيانات المالية تعطي وجهة نظر حقيقية وعادلة.
إذا قمت بتطبيق نهج الخسارة المتكبدة، فيمكنك تقديم مثل وجهة النظر المذكورة. حين تتحول هذه القواعد لتصبح قانونا، فلا بد من تطبيق القواعد المذكورة من أجل إعطاء صورة حقيقية وعادلة. إذا لم تطبق القواعد، فلن تستطيع القول إن الحسابات تعطي صورة حقيقية وعادلة.