مطالب ملحة لإيجاد "صناعة متقدمة للرعاية الصحية الإسلامية" على غرار المصارف
مطالب ملحة لإيجاد "صناعة متقدمة للرعاية الصحية الإسلامية" على غرار المصارف
أكد مشاركون في منتدى المعرفة الدولي "نور" الذي تنظمه الهيئة العامة للاستثمار في المدينة المنورة، أن الحاجة أصبحت ملحة لقيام صناعة متقدمة للرعاية الصحية الإسلامية, على غرار صناعة المصارف الإسلامية ومنتجات الحلال التي ازدهرت عالمياً في الفترة الأخيرة.
وتوقعوا أن تلغي هذه الصناعة عند قيامها المشكلات الأخلاقية التي جلبها الطب الحديث ومنها الاستنساخ, مبينين أن تلعب المدينة المنورة دورا مهماً في نشر شبكة من المرافق الصحية الإسلامية خلال الفترة المقبلة.
وطالب هؤلاء بضخ مزيد من الأموال في الأبحاث والدراسات والتطوير, مشيدين بالسياسة التي اتبعتها مدينة المعرفة الاقتصادية، بعد أن اعتمدت تطوير البحوث والدراسات على رأس استراتيجياتها.
من جهته قال البروفيسور حسن كاسول من جامعة هارفارد في ورقة عمل قدمها بعنوان "دمج القيم الإسلامية", إن الحاجة أصبحت ملحة لقيام صناعة للرعاية الصحية الإسلامية على غرار المصارف ومنتجات الحلال.
وأبان أن الرعاية الصحية الإسلامية ستلغي المشكلات الأخلاقية التي جاء بها علم الطب الحديث ومنها الاستنساخ, متوقعاً قيام شبكة مرافق صحية إسلامية خلال الـ 20 عاماً المقبلة.
ولفت كاسول إلى أن المدينة المنورة قد تلعب دوراً مهما في قيام صناعة للرعاية الصحية الإسلامية, مضيفاً:" في الوقت الذي تمثل فيه سنغافورة وماليزيا وجهة سياحية، فإن المدينة المنورة قد توفر لهم مركزا للرعاية الصحية المتميزة، إضافة إلى كونها مقصداً دينياً, عبر قيام مراكز طبية إسلامية تعتمد خططها على توفير الدخل والرعاية الصحية على حد سواء".
وأشار البروفيسور في جامعة هارفارد إلى أن الرعاية الصحية الإسلامية تعتبر قيمة مضافة نظراً لأنها تنبع من المنهج الإسلامي وتتطابق مع تعاليمه, منوها إلى أنهم في البلاد الغربية ينظرون إلى المرضى على أنهم مصابون بعلة بينما في الرعاية الصحية الإسلامية ينظر إلى المريض على أنه أخ مسلم ما يعني توفير أقصى حد من الرعاية واللطف.
وتابع:" عند تطبيق الرعاية الصحية الإسلامية فإن الأطباء يعلمون المرضى طرق الصلاة وأحوالها عند المرض ويحلون لهم المشكلات الفقهية, كما يعلمونهم كيفية التعامل مع المشكلات الأخلاقية التي جلبها الطب الحديث ومنها الاستنساخ".
وذكر كاسول أن هناك اتفاقاً تم في فترة ماضية في ماليزيا يركز على تطبيق الرعاية الصحية الإسلامية, ولكنه لم يتجاوز اجتماعاً لطرح مقترحات نظرية, مستدركاً بقوله:" تبقى في هذا الجانب التطبيق على أرض الواقع, المستقبل كبير لصناعة الرعاية الصحية الإسلامية فهناك الكثير من المدارس الطبية الإسلامية في كوالالمبور وكشمير ويجب تدريب الأطباء على هذا المنهج".
من جانبه, أوضح الدكتور حسام فضل أستاذ الطب الإكلينيكي في كلية جورجيا الطبية, أن التنوع العرقي وزواج الأقارب وتجاهل الكشف قبل الزواج تعد أبرز العوامل المتسببة في زيادة الاختلالات الجينية, إضافة إلى وجود كثير من العوائل المسلمة التي تنجب في وقت متأخر ما قد يتسبب في وجود الأمراض الجينية.
وقال فضل في ورقة عمل حملت عنوان:" الاستراتيجيات الضرورية لتقليل احتمالات حدوث اضطرابات جينية" إن هناك اعتقادات دينية لدى بعض المسلمين بأن القدر لا يمكن فعل الأسباب للحذر منه ومن ذلك الأمراض الجينية, مضيفاً:" إذا نظرنا إلى أرض الواقع نجد أن الإسلام لم يمنع زواج الأقارب غير أن هناك أحاديث توصي بالزواج من غير الأقارب".
وزاد:" لعل من أسباب انتشار الأمراض الجينية في البلاد الإسلامية أكثر من البلاد الأجنبية معدل الإنجاب المتزايد عند المسلمات الذي يصل إلى 4.4 في المائة لأنهن يبدأن الإنجاب في وقت مبكر, ويجب أن نثقف الناس عن هذا الأمر لأنها قد تتسبب في الاختلالات الجينية".
وطالب فضل بالاهتمام بالتشخيص الطبي خلال مراحل الحمل الأولى وإنهاء الحمل إذا كان بالجنين اختلالات جينية, لافتاً إلى اختلاف من بعض العلماء المسلمين في مسألة إجهاض الجنين رغم وجود بعض التشوهات القاتلة فيه.
كما دعا أستاذ الطب الإكلينيكي إلى الاستثمار في الاستراتيجيات المخفضة حدوث الاختلالات الجينية والتي ستحل معاناة البشرية.
على الصعيد نفسه, أكدت الدكتور عارفة خان أستاذة علم الأشعة في كلية ألبرت اينشتاين للطب أن تكلفة الرعاية الطبية في أمريكا تزايد بشكل كبير خلال الفترة الحالية عما كان عليه قبل 20 عاما حيث كان يصل في تلك الفترة إلى 50 مليار دولار وارتفعت الآن إلى 500 مليار دولار, مبينة أن السبب الرئيس لهذه الزيادة في التكلفة هو تطور التقنية الطبية المتقدمة.
وقالت في ورقة عمل بعنوان:" الاستخدام الأمثل لتكنولوجيا الطب المتقدم" إن الوقت الحاضر يشهد تقدماً كبيراً في مجال التصوير الطبي تحديداً, ممثلة على ذلك بتكنولوجيا التصوير والأشعة التي تتقدم 9 في المائة سنوياً, بينما تتطور التكنولوجيا في الطب بشكل عام نحو 4 في المائة.
وأشارت خان إلى أن خبراء تصوير الأشعة في التخصصات الطبية المختلفة اجتمعوا في فترة سابقة وتوصلوا إلى معايير مناسبة للأشعة في كل حالة في دليل موحد للأشعة, مقترحة استفادة المملكة من هذا الدليل.
وزادت:" لو وضعنا دليلا موحدا للأشعة في المملكة على غرار المعمول به في أمريكا لوضعنا حدا لهدر الأموال, وهذا الأمر لا يكلف وزارة الصحة سوى اجتماع مع المختصين لإتمام هذا المشروع".
وفي شأن متصل, طالب فايز شيرمان العالم الرئيس في المركز العالمي لأبحاث شركة بروكتر غامبل, القطاع الخاص بضخ الأموال في تطوير الأبحاث والدراسات التي ستعود بالفائدة على تطوير المعرفة.
وتحدث شيرمان عن الأعمال التي تقوم بها شركة بروكتر غامبل التي تعد نموذجا إبداعيا في هذا المجال باستخدامها تقنية النانو, مبيناً أن الشركة تملك 400 علامة تجارية وتخدم المستهلكين في جميع الدول.
وأكد في ورقة عمل قدمها بعنوان: "الأبحاث والتطوير في القطاع الخاص" أن التحدي الذي وضعته الشركة لتجاوزه هو إيجاد 70 فكرة لتطوير أعمالنا خلال السنوات العشر المقبلة, موضحة أن الشركة تعمل بسياسة "أوصل وطور", وقد تعاقدت مع 1500 جامعة وأكثر من 500 عالم في شبكة التوريد والتطوير.
وذكر شيرمان أن برنامج " أوصل وطور" الذي تتبعه بروكتر غامبل يمكنها من تطوير منتجاتها باستخدام التقنية الحديثة ومن ذلك تكنولوجيا "النانو" التي تعد تقنيات متناهية الصغر.
ولفت إلى أهمية تطوير المنتجات باستخدام تقنيات الاتصال الحديثة, وعبر وضع حاجة المستهلك في مقدمة اهتمام المؤسسات, مضيفاً:" إحدى الاستراتيجيات المهمة في مجال الأبحاث والتطوير هي سياسة التواصل العالمية مع جميع المؤسسات التي لها علاقة بأعمال المنشأة".
وأشاد شيرمان باستراتيجيات مدينة المعرفة الاقتصادية, بعد أن وضعت المدينة من ضمن سياستها توصية بالبحث والتطوير.
من جانبه، أكد الدكتور حمد المانع وزير الصحة أن وزارة الصحة في طور زيادة عدد مستشفيات الصحة، مبيناً أنه خلال الأعوام الأربعة المقبلة سيصل عدد المستشفيات إلى 350 مستشفى، مضيفاً أن وزارة الصحة تعمل حالياً على إنهاء 97 مستشفى في مختلف مناطق السعودية، بتكلفة تتجاوز 17 مليار ريال، مشيراً إلى أن عدد المراكز الصحية بلغت 12 ألف مركز صحي.
وأضاف وزير الصحة في كلمة ألقاها خلال فعاليات اليوم الثالث من منتدى المعرفة الدولي في المدينة المنورة الذي تنظمه الهيئة العامة للاستثمار بالتعاون مع مدينة المعرفة الاقتصادية، أن أهمية الصحة تكمن في أنها تبدأ مع الإنسان قبل ولادته حيث تعتني الأم بالجنين من خلال الفحص الدوري للحمل ومتابعة صحتها بشكل دوري، مشيراً إلى أن الاهتمام بالجانب الصحي من قبل الحكومات دليل على اهتمامها بالشعب كما أنها تشير أيضاً إلى احترامها له كذلك، ولفت إلى أن الشعوب الصحية تنتج ضعف ما تنتجه الشعوب المريضة بحسب دراسات سابقة أعدت، وكلما زاد الصرف على الصحة انعكس ذلك على العائد المادي للدول.
وأوضح أن هناك بعض التحديات التي تواجه الصحة في مختلف دول العالم منها زيادة عدد السكان عالمياً وتضاعفهم، إذ إنه يولد كل دقيقة أربعة آلاف طفل، بمعدل 66 طفل يولد في كل ثانية وهو ما يزيد من الضغوط على وزارت الصحة في العالم، كما أن الاستثمار في الصحة يعتبر استثمار للدولة في المواطن.
وذكر المانع أن هناك صعوبات تواجه قطاع الصحة في السعودية من أهمها، الحجاج البالغين ثلاثة ملايين حاج والمعتمرين الذي يتجاوزون عشرة ملايين معتمر نقدم لهم الرعاية الصحية المجانية، فعلى سبيل المثال وضع للآلاف منهم منظم لضربات القلب الذي يعتبر من الأجهزة المرتفعة التكاليف، إذ يصل سعرها آلاف الريالات وتقدم دون مقابل لضيوف الرحمن، إضافة إلى الفحص الذي يقدم لهم فور دخولهم الأراضي السعودية، كما أن البعض يوجه للعناية المركزة لصعوبة حالته.
وأكد معالي وزير الصحة عن الزيادة في مخصصات علاج مرضى "الإيدز" و"الهيبانينس" والذي سيبشر بخلو الجيل المقبل من السعوديين من هذا المرض، وأشار إلى أن هناك تغيرا في نمط الأمراض كما هو متعارف سابقاً وهو ما اضطرنا إلى تطوير قطاع الطب الوقائي الذي يعتبر الأقوى عالمياً والأنشط.
وذكر أن الصحة تقدم ما مقداره 65 في المائة من الخدمات في السعودية فيما تقدم باقي القطاعات الحكومية 15 في المائة، ويمثل القطاع الخاص بالخدمات التي تقدم ما نسبته 20 في المائة من حجم الأعمال في السعودية، مشدداً على ضرورة عدم الإثقال على وزارته بالأعمال وأن نترك القطاع الخاص يتحرك في مجال الصحة، مشيراً إلى أن منظمة الصحة العالمية خلال مؤتمر عقد عام 2000 أشارت إلى قصور غالبية وزارات صحة العالم مع القطاع الصحي الخاص.
وذكر وزير الصحة أن الوزارة انتهت من تأمين نصف الوافدين للسعودية، الذين يقدرون بـ 4.5 مليون وافد، وسينتهي باقي التأمين على الباقين خلال الأشهر القليلة الماضية، ومن ثم سيتم التأمين على المواطنين بعد ذلك، مؤكداً أن هذه فرصة استثمارية لشركات التأمين التي تحتاج إلى استثمار في هذا المجال بكثرة وستتوفر فرص كبيرة في هذا المجال.
ولفت إلى أن التأمين الصحي سيساعد على زيادة كفاءة المستشفيات ولن يبقى منها إلا الأفضل والأجدر وبإمكان المواطن الاتجاه في علاجه إلى القطاع الحكومي أو الخاص.
وعن المجالات الاستثمارية التي يحتاج لها قطاع الصحة قال المانع "هي كثيرة فالاستثمار في الأدوية ما زال خصباً فالاستيراد منها يصل إلى 90 في المائة، وكذلك الأجهزة الطبية يصل الاستيراد منها ملياري ريال وهذه فقط لوزارة الصحة، ناهيك عن باقي المراكز والمستشفيات الخاصة.
من جهته أشار الدكتور أحمد السيف مدير جامعة حائل إلى أن الإنفاق السنوي على كل جامعة يصل إلى مليار ريال، وأضاف أنه كل ما كثر عدد الطلاب في الجامعة تقل الجودة وغالبية الجامعات العالمية التي تحوي أعدادا كبيرة من الطلاب تقسم إلى عدد من الأجزاء حتى تسهل إدارتها ومنها جامعة ليون وغيرها من الجامعات.
وأضاف "بعض البرامج التي تطرح في الجامعات تكون سريعة ودون دراسة مكثفة مما يعرض الخريجين إلى إشكاليات في التوظيف بعد التخرج، بل حتى حين الرغبة في الحصول على أساتذة في التخصص نفسه، ودعا الجامعات التي تريد افتتاح أقسام جديدة أن تراعي حاجة المنطقة التي سيتم افتتاح الأقسام فيها.
من جهته أكد البروفيسور عباس الجمل من جامعة ستانفورد، أن التعليم القوي هو المفتاح الأساسي لجذب المعرفة لأي مدينة أو منطقة، إضافة إلى وجود أصحاب رؤيا وافية للعاملين والقائمين على هذا المجال.
وبين البروفيسور الجمل خلال ندوة بعنوان "البنى التحتية المحفزة للابتكار" ضمن فعاليات اليوم الثالث من منتدى المعرفة الدولي "نور" أن الابتكار سلعة أساسية لجذب الاستثمار لمدينة المعرفة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الريادة لا يمكن تعلمها، إضافة إلى استخدام التنافسية لجذب العقول والاستثمار فيها.
ولفت البروفيسور الجمل، إلى أن الابتكار يتطلب إيجاد تسويق لهذا الابتكار، مع إيجاد فريق متماسك مهم للنجاح وليس فقط الخبرة وإلا سيواجه مشكلات كبيرة في الإدارة.
وأشار البروفيسور الجمل إلى أن على الحكومة أن تأخذ على عاتقها من خلال إيجاد حوافز أكبر، ومطالبا الاستثمار بالعقول البشرية.
وأوضح البروفيسور الجمل أن الاستثمار في العقول البشرية ضعيف في المملكة ويعد الأبرز من بين المعوقات التي تواجهها المدن في جذب العقول، و مشيرا إلى أنه على المملكة تشجيع التفكير الريادي و وتغيير الأنظمة القانونية والاجتماعية لجذب العقول البشرية والاستفادة منها.
وحول تجربة الصين والهند في جذب العقول البشرية، قال البروفيسور الجمل إن الهند والصين لم تكونا من الدول المتقدمة في مجال التقنية ولكنها في الوقت الراهن تعتبر من الدول المتقدمة في التقنية وذلك من خلال الاستثمار في العقول البشرية.
وأوضح البروفيسور الجمل أنه لابد من وجود خطة استراتيجية لما تخطط له خلال 25 سنة حتى يكون النجاح حليفا لك في ما تخطط له في مجال التقنية.
من جانبه قال الدكتور محمد علام من جامعة ساوث أولابما في الولايات المتحدة الأمريكية، إن الاستثمار في التعليم مازال ضعيفا في الدول الإسلامية.
وأشار الدكتور محمد علام إلى أن الاستثمار في المملكة تطور خلال عام 2006 بشكل كبير وقفز بشكل قوي خلافا على ما كان عليه عام 2004 – 2005، مبينا أن خلال هذه القفزة القوية لا يزال حجم استخدام الإنترنت في المملكة أقل من ثلاثة في المائة.