إلغاء "المركزية".. هل يقود للتساهل؟!

إلغاء "المركزية".. هل يقود للتساهل؟!

لا أدري من أين أبدأ وكيف أنتهي؟ هل أبدأ بما اتخذته الوزارة من قرار إلغاء المركزية أم أنتهي بما انتهى إليه طلابنا خاصة في الصف الثالث الثانوي.
في هذه الأيام تشهد المدارس زخما كبيرا وتخبط كبير في وضع الأسئلة للصف الثالث الثانوي بعد إلغاء المركزية، وتبدأ فصول هذا الزخم ابتداءً من إدارات التعليم ثم في مراكز الإشراف، حيث وضعت آلية لكتابة الأسئلة تملى على كل معلمي الصف الثالث الثانوي، وكأن الوزارة رجعت إلى عهدها السابق في وضع الأسئلة ولكن في هذه المرة جعلتها مكشوفة بوضع تعاميم وأوراق لكيفية كتابة الأسئلة، وكأن لسان حالها يقول إن الأسئلة لن تخرج عن هذه التعاميم والأوراق المرسلة لكل مدرسة، وبطريقة غير مباشرة لإعلام الطلاب بالأسئلة أو شكلها مسبقا.
هنا نتساءل هل وجود المركزية كان خاطئا، وتخرجت فيها كوادر قليلو معرفة ليدخلوا جامعاتنا ولم يتفوقوا في مسيرتهم وكلنا نقول إن الجيل السابق بوجود المركزية كان أفضل وكانت فرص القبول أكثر ومقننا، ولكن إلغاء المركزية في هذه السنة سبب عديدا من المشكلات بدت معالمها ومنها: إشغال أولياء الأمور بمطاردة البنوك لأخذ موعد لبناتهم وأولادهم لاختبار القدرات، إشغال المعلمين بوضع الأسئلة للثانوية العامة بدلاً من متخصصين وبالتالي إشغال 50 ألف معلم في جميع مناطق المملكة بوضع أسئلة تتفاوت من مدرسة لأخرى، وقد لا تحقق العدالة بينهم على مستويات المملكة، مطاردة الطلاب لمعلميهم يومياً في الشوارع وفي المنازل لأخذ دروس خصوصية بقصد إعطائهم الأسئلة أو التلميح لهم بها، الحذف للطلاب ما قد يكون صعبا عليهم من قبل معلميهم، فبدلاً من تحديد الأهداف يتم تحديد المنهج بعشر ورقات وحدث ولا حرج، ناهيك عن مراكز خدمات الطالب وما يقدم فيها من ملخصات ومذكرات يعدها معلمون لمساعدة الطلاب على المذاكرة واختصار المنهج، إشغال الطلاب بخمس أو أربعة اختبارات قدرات بدلاً من إشغالهم بالمذاكرة والإبداع في موادهم، زيادة أعباء المعاهد والكليات والجامعات بالأعداد الهائلة والمتخرجة في هذه السنة وبنسب عالية، فبدلاً من تقدم ما يقارب 30 طالبا بنسبة 95 في المائة لكلية معينة سابقاً الآن تتضاعف هذه القيمة، لتكون فرصة الحصول على قبول ضعيفة بتزايد عدد المتقدمين من ذوي النسب المتقاربة، وبالتالي تزيد أعداد العاطلين، إضافة إلى إلقاء مسؤولية الأخطاء السنوية التي تقع فيها الوزارة على عاتق المعلمين بدلا من السابق من تحمل وزارة التربية نفسها مثل هذه الأخطاء، كما أن وزارة التربية والتعليم تحمل المسؤولية كاملة للمعلم الذي وضع الأسئلة، وبالتالي تتحول الوزارة من دور المنافح إلى دور المُسائل !!
إن مثل هذه القرارات لا تزيد التعليم إلا تراجعا، ولا تزيد طلابنا إلا تكاسلا، فبدلاً من مراجعة ومذاكرة مناهجهم وفهمها فهماً سليماً، نجد الآن من طلابنا مصطلحات تطفو على السطح لم تكن موجودة، مثل حذف، تقليل، تحديد، اختصار، تساهل، تلميح، وغيرها. لتجد منهم التخاذل وعدم الجدية وعدم المبالاة، لأنه أيقن في قرارة نفسه أنه معتمد على معلمه في إعطائه الأسئلة، أو التعاون معه بشكل أو بآخر.

- معلم

الأكثر قراءة