التأسيس للاقتصاد المعرفي.. المسؤولية تقع على المؤسسات التعليمية والتدريبية

التأسيس للاقتصاد المعرفي.. المسؤولية تقع على المؤسسات التعليمية والتدريبية

دعا متخصصون في صناعة المعرفة المؤسسات التعليمية والتدريبية إلى التركيز على البرامج التي يتطلبها الاقتصاد المعرفي منذ السنوات الأولى من التعليم,
وأكدوا في الجزء الأخير من ندوة "الاقتصاد المعرفي" التي نشرتها "الاقتصادية" في ثلاثة أجزاء، أن هذا النوع من الاقتصاد يحتاج إلى برامج شراكة بين القطاعين العام والخاص، مشيرين إلى أن التوجه الحالي للمؤسسات التعليمية والتدريبية في السعودية يتناسب والدخول في الاقتصاد المعرفي، ولكنه في حاجة إلى المزيد من التركيز والتخصص.
وأشاروا إلى أن منتدى الاستثمار المعرفي الذي يعقد في المدينة المنورة بعد غد يمثل فرصة سانحة للاستفادة من الخبراء والمتخصصين الذين سيشاركون في طرح أفكارهم وخبراتهم، داعين إلى الاستفادة من هذا المنتدى ونتائجه.

شراكة استراتيجية
يقول الدكتور فهد الدهيش: نحن في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بدأنا في مشاركة القطاع الخاص لجلب المعرفة، وخير مثال مدينة المعرفة، فالآن وقعنا اتفاقية مع مدينة المعرفة لإنشاء معهد تقني في تقنية المعلومات IT والمؤسسة ستتكفل ببناء المعهد والورش والشريك الأجنبي هو الذي يقدم التشغيل والتطوير للمعاهد، وهذا واحد من المعاهد.
عندنا أيضا معهد في خدمات البترول، ومعاهد في تصنيع السيارات، ومعاهد في تحلية المياه، ومعاهد في تقنية المطاط Rubber ، وأكثر من 18 معهدا الآن في الطريق كلها تصب في توطين المعرفة، نحن بدأنا الآن وشمرنا عن سواعدنا في جلب المعرفة التي ليست عندنا، طبعا الكليات تدرس، لكن معرفة جديدة لبناء هذه المهارة لدى خريج الثانوية للدخول في السوق إن الجهات التعليمية في التدريب التقني والمهني ووزارة التعليم العالي أعتقد أنها مهيأة ولكن نحتاج إلى انطلاقة والنظام يسمح للانطلاقات.

الشهادات المتخصصة
فيما قال الدكتور بدر البدر: وجدنا من خبرتنا في السوق السعودية، أن جانب المعرفة موجود وهذا يقاس بالاختبارات، اختبارات نهاية السنة، واختبارات التخرج والشهادة الجامعية إلى حد كبير تقيس جانب المعرفة، ولكن لا تقيس جانب المهارة، لذا كان ما ركزنا عليه في برامجنا وهو تكميل لمَن لديهم المعرفة، تكميل المهارات لديهم، وسبق الحديث عن بعض المهارات التي نكسبها للخريجين، والآن نحاول أن نطبق هذا البرنامج وننشره في الجامعات السعودية، وأود أن أركز إلى الحاجة أو إلى الشهادات العالمية المتخصصة والتي تقيس مهارات الشخص مثل شهادة رخصة الحاسب، والشهادات المتخصصة من شركات مثل شركة سيسكو، هذه الشهادات تضمن أن الشخص المتخرج لديه الحد الأدنى من المهارات المطلوبة للمشاركة في سوق العمل، ولدينا شراكة قوية جدا مع المؤسسة العامة للتدريب الفني والتقني، أغلب الطلاب الذين ندربهم في السعودية هم طلاب يدرسون في كليات التقنية ومعاهد التقنية والاتصالات، فإدراك المؤسسة والآن الجامعات بأهمية المهارات أدى إلى تركيز على هذه الشهادات المتخصصة، وأرى أن يكون هناك تركيز أكثر وأكثر عليها لأنها تضيف جانبا غير موجود لدى خريجي الجامعات إن لم تركز على التركيز النظري.

عناصر رئيسة
من جهته, يقول الدكتورأحمد يماني: الحقيقة أرى أربعة عناصر لقدرة المؤسسات التعليمية على تزويد السوق بالكوادر القادرة على قيادة الاتجاه المعرفي في الاقتصاد.
الأول: المعرفة، أن يكونوا مستعدين، فمخرجاتنا التعليمية دليل قدرتهم على المنافسة في كثير من المؤسسات التعليمية، فلا أرى قصورا لدينا في الناحية المعرفية.
الثاني: المهارات التكميلية، وهذه عند أبنائنا قصور فيها في المؤسسات التعليمية، لكن بدأ اتجاه واضح جدا في جميع المؤسسات التعليمية لتعويض القصور في المهارات التكميلية، وهذا يؤتي ثماره خلال السنوات القليلة المقبلة.
العنصر الثالث المهم، هو الاتجاه التجاري عند أبنائنا في الجامعات، هذا غير موجود ولا أرى اتجاها واضحا من المؤسسات التعليمية إلى ردم هذه الفجوة وليس صعباً ردم الفجوة التجارية في أذهان أبنائنا.
العنصر الرابع: الإبداع، فالحقيقة فيه قصور جدا لا يبدأ في المرحلة الجامعية وإنما يبدأ من مراحل الطفولة، وأظن أن هذا القصور هو نتاج لبعض الأفكار المغلوطة في مجتمعنا.
يقول الدكتور عوض الأسمري: هناك توجه قوي جدا لدى وزارة التعليم العالي على أن يكون هناك خريجون لديهم معرفة ولديهم مهارة، يعني المهارة والمعرفة، في السابق كانت هناك معرفة ولكن المهارات ما كانت موجودة، فالتوجه قوي وجامعة الملك سعود أكبر مثال بوضع جامعات قريبة جدا من منطقة الرياض، الخرج، الزلفي، المجمعة، وهذه الجامعات على أساس تكون جامعات أقل في المستوى وتستوعب الطلبة الذين ليس لديهم التميز والمهارات والمعرفة.. وزارة التعليم العالي لديها توجه قوي جدا، لديها المراكز الجديدة للتميز.

منتدى المعرفة
حول أهمية عقد المنتدى الدولي للمعرفة بعد غد في المدينة المنورة.. يقول الدكتور سالم المالك: منتدى الاستثمار المعرفي في المدينة المنورة يمثل فرصة سانحة لكل الجامعات السعودية والمؤسسات العلمية ورجال الأعمال للاستفادة من وجود هذه الكوكبة من العلماء في مجالات كثيرة وبالذات في القطاعين الصحي وتقنية المعلومات. أنا أتمنى أن يكون هناك حضور فعال للاستفادة من هذه الكوكبة من العلماء والاستفادة أيضا من خلق فرص استثمارية مع هؤلاء العلماء سواء عن طريق جامعاتهم أو عن طريق أعمالهم الخاصة إن كان لديهم ذلك، وألا يكون هذا المؤتمر فقط مجرد مؤتمر نستمع فيه لعالم يلقي محاضرة، دون الاستفادة منها، اتمنى أن تكون هناك جلسات جانبية تستغل من قبل الجامعات السعودية، المؤسسات العلمية، والقطاع الخاص لعقد اتفاقيات علمية استثمارية مستقبلية.
يضيف: نود أن يكون هناك حضور مميز لرواد الفكر سواء كانوا في الجامعات، في المؤسسات التعليمية، في القطاع الخاص، لأن هذه فرصة قد لا تتكرر بشكل أو بآخر، وإذا اطلعت على المحاضرين في المؤتمر ستجد أنهم من جامعات عالمية مثل: ستانفورد، هارفارد، كولورادو، وغيرها.. وجامعات شهيرة أخرى من باكستان وماليزيا وغيرها، وهذه فرصة قد تكون مهمة لأن يكون هناك حضور من الجانب التعليمي والقطاع الخاص.
ولعلي أوصي بأن تقوم الجامعات السعودية، و المؤسسات العلمية الأخرى والقطاع الخاص بتكثيف ورش العمل في التركيز على الصناعات المعرفية حسب ما تراه مناسبا في أي تقنية تراها مناسبة، ولا يمنع أن يكون هناك عشرات الندوات العلمية التي تطلق الصناعات القائمة على المعرفة كأحد أهم الأساسيات لديها، أتمنى أن يكون هذا المؤتمر بداية انطلاقة للاتجاه إلى مسار اقتصاد جديد يركز على المعرفة التي هي أساس التقدم والرفاهية.

مركز للبحوث
ويقول الدكتور فهد الدهيش: بالنسبة لحضور العلماء عندنا، أتوقع أنه لا بد أن يكون لدينا اقتراح جاهز ومقدم وهو تأسيس أو إنشاء مركز للبحوث في الاقتصاد المعرفي، لتنمية البحوث وللاقتصاد المعرفي، لأنني أعتقد أن الاقتصاد المعرفي أو المعرفة ليست محصورة في موقع واحد، فالمملكة كلها ستكون فيها إبداعات وبحوث ومبدعون وليس في المدينة فحسب، لكن مثلما تفضل الدكتور سالم بقوله: إن المدينة هي الإشعاع وسميّ هذا نور، فلو عمل هذا المركز على أساس أن يكون جاهزا ومبلورا للتطبيق في أثناء المؤتمر، بحيث لما يأتي العلماء والمفكرون سواء للأوراق التي يقدمونها أو مجرد الزيارة يرون أن فيه جاهزية لمؤسسة قائمة تحتضنهم وتبدأ في التنفيذ، الآن فيه صناعة كبيرة في السعودية يحتاجون إلى مركز بحوث هائل، وأعتقد أن مدينة المعرفة في هذه المدينة ستكون هي الأساس لمركز البحوث لهذه الصناعة وستخدم قطاعات كبيرة خارج المدينة المنورة حتى لو كانت صناعات بعيدة، حيث إن مدينة المعرفة سوف تقدم خدماتها لجميع مناطق المملكة، فالاقتراح أن يكون هناك مركز للبحوث في الاقتصاد المعرفي في المدينة المنورة، على الأقل يؤسس مذكرة تفاهم، علاقات مع العلماء أو جامعاتهم في خارج المملكة لبناء شركات طموحة.

إدارة للتوصيات
فيما قال الدكتور علي الشايع: من المؤكد أن استقطاب الهيئة العامة للاستثمار لهؤلاء العلماء والخبراء ووجودهم في المملكة هو في حد ذاته مكسب، وخروجهم بتوصيات بأوراق علمية هذا مكسب كبير جدا، وبما أن فيه منتدى سنويا معناه أن هناك آلية للخروج بتوصيات ولتطبيق هذه التوصيات على أرض الواقع، لذلك أنا أقترح تأسيس الهيئة العامة للاستثمار سكرتارية دائمين للمنتدى ووجود إدارة حاضنة للتوصيات ووضع آلية لتنفيذ للتوصيات والتفكير في التنظيم للمنتدى المقبل، وتغير الخبراء والعلماء الذين يأتون للمنتديات المتتالية زيادة للإثراء المعرفي بصفة عامة ومكسب كبير جدا لدعم الاستثمار المعرفي في السعودية.
والمؤتمرات عادة تنتهي وتنسى الأوراق العلمية المقدمة ولا يمكن الرجوع إليها إلا إذا كانت مسجلة في موقع إلكتروني خاص بالمنتدى ويتابع فيه تنفيذ التوصيات أولا بأول، ونحن نعرف أن موضوع الاستثمار المعرفي شيء جديد، فالمفترض أن يكون هناك موقع تعريفي ينطلق مع المنتدى ويعرف فيه المعرفة واقتصاديات المعرفة، والاستثمار المعرفي والمجتمع المعرفي، والأوراق العلمية المقدمة، فإذا كانت الأوراق العلمية باللغة العربية فهذا جيد، وإذا كانت الأوراق العلمية باللغات الأخرى فيفضل لو تترجم على أساس الناس يتناقلونها فيما بينهم، وهذه واحدة من الأشياء المهمة جدا التي دائما نحن بعد ما ننتهي من المؤتمر ننسى الأوراق العلمية وننسى كل شيء عن المؤتمر.

تلاقح الأفكار
يقول الدكتور أحمد يماني: تعقد المنتديات والمؤتمرات في الغالب لأحد السببين الأساسيين: الأول، جمع الناس يفكر بنفس الأسلوب في مكان واحد هذا يساعدهم على تلاقح أفكارهم وعلى تحسين معرفتهم، وعلى بحث المستجدات في مجالاتهم، فأنت تأتي لمجموعة من المختصين في مجال معين وتضعهم في مكان معين يفكرون معا، الهدف الثاني هو استغلال الناس الموجودين في نفس المكان كحاوية فكرية، ونحن الحقيقة واضح أن اتجاهنا في هذا المنتدى هو الآخر، فنحن نستغل هؤلاء الناس، لأنه لو تنظر إلى تخصصاتهم فليست بالضرورة متقاربة جدا من بعض، ولكننا استهدفناهم لاستغلالهم لتحديد الاتجاهات الصحيحة لمدينة المعرفة الاقتصادية بشكل خاص وللاستثمار المعرفي بشكل عام في المملكة، وهذا الحقيقة هو الهدف الأساسي والواضح من قدرات الناس المشاركين، إنهم سيثروا هذا التوجه.
الجانب الأهم والشيء الذي يجمع هؤلاء الناس هو عاطفتهم القوية تجاه المدينة، وهذه الحقيقة المفروض نستغلها إلى أبعد حد ممكن في استجلاب أفكارهم في كيف نستطيع أن ننفع مدينة المعرفة الاقتصادية والمدينة المنورة بشكل عام لتحسين مناخها الاستثماري والاقتصادي.
وبالنسبة للتوصيات فإن أغلب العلماء المشاركين جاءوا بأفكار وابتكارات وبعضهم اختراعاتهم وبعضهم بادروا لمجرد أنها مقامة في المدينة المنورة، حبا في مدينة الرسول، فهذا أيضا يستوجب من القطاع الخاص المحلي، والشركات السعودية تعزيز دورها في المسؤولية الاجتماعية، حيث تشارك بفاعلية وتدعم الابتكارات والاختراعات بحيث تتبناها، لأن العلماء عندهم أفكار وعندهم ابتكارات واختراعات، فإذا لم يوجد الاستثمار والمال لدعم هذه الاستثمارات فلن تطبق على أرض الواقع بالشكل الفعال .
وممكن أن نقيم مسابقة بين أبنائنا في الجامعات في تقديم خطة عمل لأي فكرة من الأفكار التي كانت مطروحة في المؤتمر ويتم تقييمها من قبل لجنة تحكيم مثلا بعد المؤتمر بستة أشهر أو بتسعة أشهر أو بأيام قبل مؤتمر العام التالي، وفي مؤتمر العام التالي يحضر إعلان النتائج مجموعة من رجال الأعمال حتى تتاح لهم فرصة الاستثمار في بعض خطط الأعمال المقبلة.

متابعة النتائج
ويقول الدكتور عوض الأسمري: الحقيقة أن حياتنا كلها مؤتمرات حقيقة، وأنا أعتقد أن عملية نجاحنا كل سنة يعد نجاح كبير جدا تعتمد على وجود أشخاص يتابعون نتائج هذه المؤتمرات والندوات لكي تبقى حية، لأن الحقيقة أن نتائج المؤتمر دائما بعد انتهائه يموت كل شيء، وهذه جربناها، لكن عندما تكون هناك مجموعات متخصصة يتم إيجادها من خلال المؤتمر نفسه، ويرأس هذه المجموعات شخص حيوي، فإن النتائج ستفعل وتطبق ما دامت متابعة.
فيما قال الدكتور بدر البدر: عقد هذا المؤتمر في المدينة المنورة والتي هي مهد مدينة المعرفة، أكيد أنه ليس من قبل المصادفة، فتوقعي من هذا المؤتمر أن يساعد في بلورة فكرة مدينة المعرفة، ما التخصصات التي ستركز عليها وما هي المشاريع التي ستتخصص فيها، وكيف ستسهم مدينة المعرفة في نشر المعرفة، فالمؤتمر قد يكون هو أحد أهم الوسائل التي يستخدمها القائمون على المدينة في تطوير المدينة.

الأكثر قراءة