حرب المهارات
حرب المهارات
المرحلة التي قطعتها المملكة في مجال التعليم والتدريب لم تعد محل شك أو جدال، فالامتداد الهائل لأوعية التعليم والتدريب في جميع مدن ومحافظات وقرى المملكة تؤكد حجم الاهتمام الذي يحظى به المورد البشري الوطني بوصفه أساس التنمية ومبتغاها، وإذا كانت الفترة الماضية قد تميزت بالسعي إلى التمدد العددي أو الكم في رؤية تستهدف نشر قنوات التعليم والتدريب وتوفيرهما لكل مواطن فإن المرحلة الحالية والمقبلة تشهد تركيزا متزايدا على النوعية وصولا إلى تطبيقات متقدمة في معايير الجودة في قطاعات التدريب والتعليم، فالعصر الحالي الذي أصبحت فيه التقنية عنصرا فاعلا في الإنتاج وبيئات العمل لم يعد قائما على المعارف وحدها وإنما تزايدت فيه محورية دور المهارات إلى درجة دخول مصطلح جديد في أدبيات العمل واقتصاديات الأعمال يحمل اسم (عصر حرب المهارات) وهو تعبير يعكس أهمية التسلح بالمهارات واعتبارها العنصر الأهم في المنافسة في سوق العمل والتقدم الوظيفي، والواقع أن برامج التدريب التقني والمهني التي حظيت ولا تزال باهتمام خاص من القيادة العليا في المملكة اتجهت في السنوات الأخيرة إلى التركيز على ترسيخ ورفع معايير الجودة والنوعية في برامجها التدريبية المختلفة استنادا إلى معايير المهارات الوطنية التي أنجزتها المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بالتعاون مع القطاع الخاص لضمان تقديم مخرجات بشرية مهيأة للتفاعل مع بيئات العمل في القطاع الخاص الذي أصبح دوره وبموجهات من خطط التنمية الخمسية الأخيرة فاعلا في الإسهام في التنمية والتطوير والتقدم الذي ترومه المملكة.
إن احتفالات التخريج التي تقيمها المؤسسات التدريبية والتعليمية تمثل مناسبات أفراح وطنية يزف فيها كبار المسؤولين والمسؤولات (عرسان) جددا ينضمون إلى سوق العمل المحلية بفرصها الاستثمارية والوظيفية المتعددة التي تحتاج إضافة إلى المهارة والمعرفة المهنية إلى المزيد من الجدية والإصرار والانضباط والرغبة الصادقة في دخول معترك العمل والإنتاج، وهي الصفات التي لا يخلو منها شاب/شابة سعودي لكننا بحاجة إلى زيادة جرعتها من خلال تضافر جهود الأطراف ذات العلاقة بالتربية والتعليم منذ المراحل الأولى، فبالقدر الذي نهيئ فيه لأبنائنا سبل التعلم والتدريب ينبغي على الأطراف المؤثرة في صياغة المفاهيم الجمعية ومنها الأسرة ووسائل الإعلام ومواقع التعليم والتدريب أن تسعى جاهدة إلى تجذير وغرس حب العمل والانضباط والجدية في عقول الناشئة من أبنائنا وبناتنا وتهيئتهم لمواقع العمل والإنتاج وفق المواصفات العالمية التي أصبحت مجالا للتنافسية بين الدول، فالعنصر البشري ومهما وصل التقدم التقني يظل المحور الرئيس في الإبداع والعطاء والابتكار.
إن المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وهي تحتفي وتحتفل اليوم بتخريج عدد من أبنائها برعاية كريمة ومسؤولة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض وأحد مفاخر المملكة في التخطيط والإدارة إنما تؤدي جزءا من واجبها تجاه هذا الوطن المعطاء الذي وفّق بقيادة فريدة تنطلق في أعمالها من رؤية بعيدة المدى تراهن من خلالها على الإنسان الذي هو مناط التحدي وفرس الرهان.
نائب المحافظ للتدريب المشترك