300 أكاديمي وقيادي يستشرفون مستقبل المملكة عبر جامعة الملك عبدالله
300 أكاديمي وقيادي يستشرفون مستقبل المملكة عبر جامعة الملك عبدالله
احتفلت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في الـ27 والـ 28 من شهر أيار (مايو) الجاري في جدة، بالشراكة العالمية للأبحاث والندوات المصاحبة له، برعاية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية ورئيس مجلس أمناء الجامعة، من خلال مؤتمر كرنفالي حضره 300 شخصية قيادية محلية ودولية.
واشتمل الحضور على رؤساء جامعات عالمية ومحلية وباحثين من داخل السعودية وخارجها، إضافة إلى مسؤولين ورجال أعمال واقتصاد محليين، لتكريم الباحثين ومراكز الأبحاث الذين وقع اختيار جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية عليهم، كما تم التعريف بالخطط البحثية التي سيتم إطلاقها وتنفيذها من خلال البرنامج الخاص بشراكة الأبحاث العالمية.
وأكد المؤتمرون أهمية الشراكات البحثية التي أقامتها جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية مع مراكز الأبحاث في عدد من الجامعات العريقة حول العالم، والاعتماد على الشبكة البحثية في التعرف على المشكلات التي تعانيها السعودية بالدرجة الأولى، ثم المنطقة والعالم لكي تعم الفائدة على الجميع، كما شدد المؤتمر على تكاتف الجهود لبناء هذا الصرح العلمي المتفرد.
ونوه المؤتمر برؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في بناء "بيت للحكمة"، ليكون منارة للسلام والأمل والتوافق، وليخدم شعب السعودية وتستفيد منه كل شعوب العالم، حيث استحوذت هذه الرؤية الجريئة على خيال العديد من الشعوب في الشرق والغرب، وما يتطلبه بناء جامعة جديدة متميزة من جهد جريء لا يقوم به سوى مجموعة من الأفراد الجسورين.
"الاقتصادية" رصدت فعاليات المؤتمر فإلى التفاصيل:
الجامعة ستسهم في تأسيس اقتصاد المعرفة
نوه المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية بدور الجامعة في التنمية الاقتصادية في السعودية، وتناول في كلمته خلال المؤتمر تحديات تلك التنمية واعتمادها الأساسي على تصدير البترول، والحاجة إلى إيجاد فرص جديدة للعمل، كما أشار إلى التحدي المتمثل في تطوير نظم التعليم، وفرص التدريب وتنويع مصادر الاقتصاد الوطني، لتزويد الأفراد بالمهارات اللازمة والإسهام في تأسيس اقتصاد يقوم على المعرفة والتقدم التقني.
وبحسب الوزير النعيمي، فقد رسخت الجامعة أسسها لتقوم على الجدارة، والأبحاث القيمة، والارتباط بشراكات عالمية، وأن ينصب اهتمامها على إسهام الأبحاث في تطوير الاقتصاد الوطني والمصالح الوطنية. وقال في كلمته إنه لكي تستطيع أي أمة أن تستفيد من النشاط العلمي والهندسي في العالم فإن عليها أن تسهم في هذا النشاط، وأن تضيف إلى رصيد العالم من المعرفة والباحثين مشيرا في هذا السياق إلى دور برنامج الشراكة الذي اعتمدته جامعة الملك عبد الله كأحد برامجها الرئيسة.
وأكد المهندس علي النعيمي أن جامعة الملك عبد الله أسست لتكون ذات رسالة وطنية وعالمية أيضا في مجال الأبحاث والدراسات العليا بما يعود بالنفع على المملكة، إضافة إلى لاستفادة من الشبكة في استقطاب العلماء، والأفكار، والنشاط الاقتصادي، وتحقيق إسهامات عظيمة في العلم والتعليم، إذ ستلعب الجامعة دورًا رئيسًا ومهما في استراتيجية التنمية الاقتصادية الشاملة للمملكة؛ تلك الاستراتيجية التي تهدف إلى معالجة التحديات البعيدة المدى التي تواجه ازدهار الاقتصاد الوطني، حيث يعتبر البحث العلمي والهندسي الذي يُجرى في الجامعات، والمتصل اتصالا وثيقًا بالدراسات العليا، من بين أشد قوى العالم تأثيرًا في التحول الاقتصادي والتنمية الاقتصادية.
قلب واحد وعقل واحد لغد واعد
من جهته، تحدث البروفيسور تشون فونق شي رئيس جامعة الملك عبد الله المعين عن روابط التعاون الأكاديمي وتطوير الجامعة، وشدد على أن الشراكة والعمل المشترك بقلب واحد وعقل واحد هو طريق النجاح الذي تسعى إليه جامعة الملك عبد الله لتأخذ مكانتها بين أفضل مراكز الأبحاث في العالم، إذ أن أفضل العقول التي تستقطبها الجامعة من داخل السعودية وخارجها ستحمل معها أفضل الأفكار والطموحات التي ستعود بالنفع على مسيرة العلم والأبحاث وحياة البشرية، وأشار البروفيسور شي إلى الدور الحيوي الذي اضطلع به العالم الإسلامي في عصره الذهبي في خدمة العلوم، والذي تسعى جامعة الملك عبد الله لاستعادته في هذا العصر برؤى علمية تقنية حديثة.
وعبر البروفيسور شي عن غبطته بإطلاق برنامج الشراكة البحثية العالمية لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بصفته حدثا استثنائيا، وباعتباره السمة الأساسية للمهمة الاستثنائية التي تضطلع بها الجامعة ممثلة في تحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله في بناء " بيت للحكمة"، ليكون منارة للسلام والأمل والتوافق، وليخدم شعب السعودية وتستفيد منه كل شعوب العالم، حيث استحوذت هذه الرؤية الجريئة على خيال العديد من الشعوب في الشرق والغرب، ورأى أن بناء جامعة جديدة متميزة ليس بالمهمة السهلة، إذ أنها تنطوي بالتأكيد على جهد جريء يقوم به مجموعة من الأفراد الجسورين الذين لا يختلفون عن المكتشفين الأوائل الذين خاضوا عباب المحيطات المجهولة، مشيرا إلى فريق الإدارة المكلفة في الجامعة.
وأشار رئيس جامعة الملك عبد الله إلى ما تطرق إليه الوزير النعيمي رئيس مجلس أمناء الجامعة حول الأهداف الثلاثة الكبرى للجامعة، وهي دفع التقدم العلمي والتقني، وتنويع الاقتصاد الوطني، وإحداث نقلة نوعية في حياة الناس، مبدياً دهشته من ضخامة وتحديات الرؤية والأهداف التي ترمي إليها جامعة الملك عبد الله حيث الاكتشاف والإبداع والعلم والمعرفة، متمنياً أن يعمل الجميع معا بقلب وعقل واحد لتحقيق هذا الهدف والمهمة الاستثنائية بحلول عام 2040، عندما تقف جامعة الملك عبد الله في مصاف أفضل الأبحاث البحثية العالمية.
مراكز ذات طابع استراتيجي
ورأى البروفيسور شي أن تلك المهمة الاستثنائية تتطلب ثلاثة محركات لدفعها قدما وهو ما وفرته جامعة الملك عبد الله وهذه المحركات هي: الموارد، المساعدة، والبيئة الداعمة، حيث إن جامعة الملك عبد الله تمثل نقلة نوعية لإجراء بحوث ذات أثر كبير، وإيجاد نظام بيئي جديد للبحث لا تعوقه عوائق هيكلية، كما تمثل المراكز البحثية جوهر الجامعة وهي مراكز متعددة التخصصات وذات طابع استراتيجي تركز على مجالات موضوعية، وترتبط بمراكز الشراكة العالمية والباحثين والزملاء في جامعة الملك عبد الله.
الجامعة منارة للأمل والتقدم
وتعكس الأقسام الأكاديمية بحسب البروفيسور شي المجالات المعرفية الأساسية ذات الصلة بالمهمة البحثية والأكاديمية للجامعة، ومن منطلق مسؤوليتها عن المناهج وبرامج التدريس والدرجات، توفر الأقسام نوعا من الاندماج الأكاديمي بين هيئة التدريس والطلاب، ومن خلال الأقسام أيضا، ستقدم الجامعة درجات علمية في مجموعة من التخصصات الهندسية والعلوم البيولوجية والعلوم الرياضية والحسابية. ولمزيد من الدعم للمهمة الأكاديمية، ترتبط الأقسام بتحالف للتميز الأكاديمي، وهو عبارة عن شراكات بين الجامعة ومجموعة مختارة من الجامعات العالمية، وعندما يتم تجهيز الحرم الجامعي ليقف شامخا في ثول، سيكون بمثابة النبراس المضيء في عرض الماء، وقال "إنه بالنسبة لي رمز قوي وثابت للجامعة بوصفها منارة للأمل والتقدم في تقاطع الشرق والغرب، ووقتها سنقول للجميع "هنا يقوم مرفأ ازدهاركم".
وشبه البروفيسور شي جامعة الملك عبد الله بـ "ميناء جديد في سوق المعرفة العالمية" باعتبارها مكانا للإبداع المعرفي التفاعلي والابتكار والشراكات، وبمثابة مفترق طرق بين الشرق والغرب، وملتقى المواهب المتنوعة التي تجلب الأفكار الجديدة والمنهاج الديناميكي، وتوسع آفاق العلم، إضافة لأهميتها الأساسية المنصبة في التصدي للتحديات العلمية الكبرى. وأكد أن العقول المتميزة التي تقوم الجامعة باستقطابها ستأتي بالأفكار والطموحات الكبيرة ذات الأثر الفعال، معتبراً هذه الفئة المتميزة من العلماء تنضم إلى جامعة الملك عبد الله عبر مسارات متعددة عن طريق التوظيف المباشر، وتبادل المواهب والتعيينات المزدوجة، فضلا عن برنامج التحالف من أجل التميز الأكاديمي وبرنامج الشراكة البحثية العالمية، إذ يربط كلا البرنامجين الجامعة بشبكة من مراكز البحث العالمية من إنجلترا، إيطاليا، هولندا، السويد، أمريكا، كندا، اليابان وتايوان، مع مجموعة مميزة من العلماء الواعدين بفتح آفاق جديدة للعمل في مجالات ذات أهمية عالمية.
باحثون على مستوى عال
واستشهد البروفيسور شي بأمثلة من الباحثين المختارين ومنهم تيد ساجينت وهو أحد الباحثين في مجال التقنية بالغة الدقة لإيجاد خلايا شمسية منخفضة التكاليف وعالية الكفاءة غير ضارة بالبيئة، و نيكولاس هاربيرد الذي سيعمل على تطوير محاصيل غذائية اقتصادية ومستقرة تنمو في المناطق الحارة القاحلة، وتروى بالمياه المالحة، ورأى أن نموذج تيد ونيكولاس والباحثين العشرة الآخرين في جامعة الملك عبد الله هم تجسيد للأفكار الكبرى، ويمكن لعملهم أن يغير بشكل جذري في المشهد العلمي والتقني في السعودية والعالم.
وأكد البرفيسور شي أن جامعة الملك عبد الله أكثر من مجرد مجموعة من المباني البحثية الحديثة، وأكثر من مجرد مجموعة موهوبة من أعضاء هيئة التدريس والموظفين والطلاب، بل ستكون مجتمعا فكريا عالميا، في مفرق الشرق والغرب وتطلع لأن يعرف الشاطئ الغربي من السعودية في أنحاء العالم بأنه ميناء المعرفة الزاخر بالعقول المبتكرة والمواهب العالمية المبدعة.
تطور المؤسسات البحثية
وأشار البروفيسور شي إلى المرحلة التاريخية التي مرت بها المؤسسات البحثية في العالم، حيث اتخذت الجامعات طابعها الدولي بطريقتين، فحتى نهاية القرن الـ 20، وضعت الجامعات الرائدة نفسها في موضع بارز كمقاعد للعلم والمعرفة، وجذبت الأفضل والأذكى من أنحاء العالم إلى مراكز ومستودعات المعرفة فيها، سواء كان ذلك في الإسكندرية أو أثينا أو بيوت الحكمة في بغداد والقاهرة أو كامبردج، وفي طريقها إلى القرن 21، سعت الجامعات إلى توسيع نطاق البحث لديها فأخذت في إنشاء فروع لها في الخارج، وقامت هذه الجامعات عموما بنشر ثقافتها الفكرية في مواقع بعيدة، حيث انطوت استراتيجية التدويل الفكري غالبا على ترتيبات غير متوازنة كانت لها انعكاسات لا تتناسب مع مصلحة المؤسسة الأم.
ويشهد القرن 21 بحسب البروفيسور شي، بدايات تحول في التعاون العالمي في مجال البحث والتعليم العالي، حيث تركز الترتيبات التعاونية على تطوير شراكات هادفة وغير محصورة تستفيد من عناصر القوة وأوجه التكامل، حيث خلق هذا الانفتاح والتنوع الفكري نوعا من القوة والتآزر، وتمثل بقول العالم ألبرت أينشتاين "إن التبادل الحر للأفكار والاستنتاجات العالمية دون عوائق أمر ضروري للتنمية السليمة للعلوم".
تنمية الأفكار والمعارف بين الشعوب
وألمح رئيس جامعة الملك عبد الله إلى أن هذا النموذج الحديث ينمي الأفكار والمعارف بين الشعوب من ثقافات مختلفة ومن مسارات متعددة، حيث سيسهم هذا التنوع الفكري والثقافي وفرص التعاون في بناء كتلة من المواهب تتجاوز حدود الجغرافيا والثقافة، وسيشكل باحثو برنامج الشراكة العالمية ائتلافا يضم عقولاً لامعة وأفكاراً كبيرة وطموحات جريئة، وأشار كمثال إلى مركز الشراكة العالمية في أكسفورد، الذي يستخدم فرع الرياضيات التطبيقية في حقول متعددة بما فيها الأحياء ومحركات البحث على شبكة الإنترنت واستخلاص البترول، منوهاً أيضاً بمركز الشراكة العالمية في كورنيل، فهو يدخل في شراكة مع سبع جامعات بحثية أخرى للاستفادة من التخصصات المتنوعة، التي تراوح بين الكيمياء إلى الهندسة والأغشية مع تطبيقات واسعة تراوح بين فصل واستخلاص ثاني أكسيد الكربون والطاقة الضوئية، وتحلية المياه وإنتاج النفط والغاز.
ورأى البروفيسور شي أن هذا الطابع التعاوني والتعددي لبرنامج الشراكة العالمية يجسد روحا فكرية حرة، ويسمح بالتركيز على المشكلات والهدف المتمثل في تسهيل البحوث القيمة، مستشهداً بما سيتناوله كل من مركز ستانفورد ومركز جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، قيد التطوير، وهو التحدي الكبير الخاص باستدامة الطاقة، حيث ستسهل الشراكات البحثية العالمية ذلك النوع من التفكير الجديد اللازم للتصدي للتحديات العلمية الكبرى في هذا العصر بما فيها تلك المتعلقة بالطاقة والبيئة والمياه والأغذية، إذ أن مراكز الشراكة البحثية العالمية إلى جانب الباحثين والزملاء في جامعة الملك عبد الله سيعملون على إنجاز ما من شأنه أن يرقى إلى درجة تغيير البحر وتحويل الشمس من مصدر للحرارة غير المستغلة إلى مصدر غزير للطاقة المتجددة، وجعل المياه المالحة والرمال الصحراوية مصدرا للمياه التي تهب الحياة والأرض الصالحة للزراعة، وتحويل النباتات الصحراوية منخفضة الغلة إلى محاصيل غذائية ذات إنتاجية عالية، وستبشر بالخير وتعد بإحداث الفرق وتحسين حياة الناس في السعودية والعالم.
التغيير للأفضل ومرحلة البناء
واختتم البروفيسور شي حديثه بمقولة العالمة الشهيرة في علم الإنسان مارغريت "ما من شك في أن مجموعة صغيرة من المفكرين الملتزمين قادرة على تغيير العالم، بل إنها وحدها القادرة على ذلك"، في إشارة منه للمجموعة المفكرة والملتزمة في جامعة الملك عبد الله وذلك بفضل الرؤية الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين وبفضل شعب السعودية أيضا، وقال موجها خطابه للحضور "إن مجتمعنا العالمي يتطلع إلى مشاركتكم في العيش في هذا الوطن، وأن يعمل إلى جانبكم، كما أننا نتطلع إلى إسهامكم في بناء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية لتكون مرفأ للمعرفة يقع عند مفترق الطرق بين الشرق والغرب".