المخاوف من التضخم تلقي بثقلها على المستهلكين في أمريكا.. وآسيا تتحسن
استمرت المخاوف من التضخم في أن تكون خلفية مقلقة تقوم عليها الأسواق المالية يوم الثلاثاء، على الرغم من تراجع أسعار النفط.
وكانت هناك أخبار سيئة حول الجبهة الاقتصادية الأمريكية الأرحب في الوقت الذي هبطت فيه ثقة المستهلكين إلى أدنى مستوى لها منذ 15 سنة، في الوقت الذي أظهرت أسعار المساكن علامات قليلة على أنها وصلت أدنى مستوى لها.
هبط مقياس ثقة المستهلكين الذي يضعه مجلس المؤتمر ليصل إلى 57.2 في أيار (مايو) بعد أن كان 62.8 في نيسان (أبريل)، وهو أدنى مستوى له منذ تشرين الأول (أكتوبر) 1992.
ذكر بول آشويرث من كابيتال إيكونومِكس أن مليارات الدولارات من الرديات الضريبية التي أصدرتها وزارة المالية الأمريكية إلى المواطنين هذا الشهر أخفقت في تحسين المزاج العام لدى المستهلكين.
"كان هناك أمل بأن الإضافات الضريبية ستعمل على تعزيز إنفاق المستهلكين، على الأقل ولو بصفة مرحلية. ولكن الذي حدث بدلاً من ذلك أنه يبدو على نحو متزايد أن الأسر الأمريكية ستسعى لادخار ما بقيت من الإضافات مما لم تأت عليه الأسعار المرتفعة للبنزين والمواد الغذائية".
من جانب آخر، سجل مؤشر ستاندارد آند بورز/كيس شيلر 20 مدينة لأسعار المساكن هبوطاً قياسياً بنسبة 14.4 في المائة في السنة المنتهية في شهر آذار (مارس)، وهو الشهر الخامس عشر على التوالي من حالات الهبوط المقيسة بالمعدل السنوي.
قالت ميشيل ماير، وهي اقتصادية لدى بنك ليمان براذرز: "على الرغم من الهبوط الحاد في أسعار المساكن، إلا أن الطلب على المساكن ظل متدنياً، وهذا من شأنه أن يخلق عدداً هائلاً من البيوت العالقة للبيع في السوق".
"ومن هذا الباب فإننا نتوقع أن تهبط أسعار المساكن بنسبة أخرى مقدارها 10 في المائة حتى آخر عام 2009، في الوقت الذي تعمل فيه السوق على نحو بطيء ومؤلم على التخلص من العدد الهائل من البيوت العالقة دون بيع في السوق".
لم يشعر المحللون بالتحسن من البيانات التي أظهرت ارتفاعاً غير متوقع مقداره 3.3 في المائة في مبيعات المساكن الجديدة في الشهر الماضي. قال ديمتري فليمنج، من آي إن جي: "هذه القفزة في المبيعات هي نتيجة التعديلات إلى الأدنى عن الأشهر السابقة. وهذا لا يعدو كونه ارتداداً إلى الأعلى بعد عدد من الانخفاضات الكبيرة المتتالية".
وتمتعت الأسهم الآسيوية بتعويض واسع عن الخسائر، في أعقاب عملية كبيرة في التخلص من الأسهم يوم الاثنين. في طوكيو ارتفع مؤشر "نيكاي 225" بمقدار 1.5 في المائة، وارتفع مؤشر "سيئول" بمقدار 1.4 في المائة، و"هونج كونج" بمقدار 0.6 في المائة.
ولكن المساعي التي تقوم بها البورصات الأمريكية والأوروبية للتعويض عن الخسائر بعد عمليات البيع الكبيرة في الأسبوع الماضي كان نصيبها الإخفاق. بحلول منتصف اليوم في نيويورك هبط مؤشر "ستاندارد آند بورز 500" بمقدار 0.1 في المائة، في حين أن مؤشر "فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300" هبط بمعدل 0.4 في المائة.
ذكر بينيت باتِل، الاقتصادي لدى بنك جولدمان ساكس، أن الخلفية التي قامت عليها عمليات البيع الكبيرة في الأسهم في الأسبوع الماضي شبيهة بالبيئة التي كانت سائدة قبل الجيشان في الأسواق المالية، الذي حدث في شهر أيار (مايو) 2006.
وقال: "إن جيشان السوق الذي حدث قبل سنتين كان يدور حول الجوانب المتعلقة بتباطؤ النمو في الاقتصاد الأمريكي الذي كان قائماً على المخاوف من التضخم".
ولكنه أضاف: "في حين أن أعيننا ستظل مفتوحة على أنه من الممكن أن تكون أحداث أيار (مايو) في سبيلها إلى الحدوث من جديد، إلا أن هناك اختلافين أساسيين في البيئة الاقتصادية الكلية توحي بأن المخاوف حول التضخم في الولايات المتحدة يمكن أن تكون مبالغاً فيها.
"الأول هو أن النمو في الولايات المتحدة هو الآن أضعف على نحو لا يستهان به من النمو قبل سنتين. الثاني هو أن آفاق النمو الضعيفة توحي بأن حركيات التضخم في الولايات المتحدة هي الآن في وضع أفضل مما كانت عليه الحال في أيار (مايو) 2006."
ظلت أسواق السندات الحكومية تشعر بالقلق من مخاوف التضخم. ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بمقدار خمس نقاط أساس ليصل إلى 3.90 في المائة، والعائد على السندات لأجل سنتين بمقدار ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 2.48 في المائة. كذلك لاحظ المتداولون عدداً من عمليات البيع السابقة على مزاد السندات لأجل سنتين وخمس سنوات الذي سيعقد في وقت متأخر من هذا الأسبوع.
في أوروبا ارتفع العائد على سندات الحكومة الألمانية بمقدار نقطتي أساس ليصل إلى 4.31 في المائة، في حين أن العائد على السندات الحكومية لأجل عشر سنوات ارتفع بمقدار نقطتي أساس ليصل إلى 1.76 في المائة، وهو أعلى معدل له منذ تسعة أشهر.
في أسواق العملات، تراجع اليورو عن أعلى مستوى له منذ شهر أمام الدولار، بعد أن أظهر استبيان حول الفترة المقبلة أن هناك هبوطاً في ثقة المستهلكين الألمان في حزيران (يونيو).
في أسواق السلع ساعد الوضع القوي نسبياً للدولار على دفع سعر النفط القياسي (خام غرب تكساس المتوسط) ليصل إلى 130 دولاراً للبرميل، بعد أن حلَّق في الأسبوع الماضي إلى مستوى 135 دولاراً للبرميل. وهبط الذهب إلى أدنى مستوى له منذ أسبوع.
في أسواق المال لم يُلقِ المستثمرون بالاً للمخاوف التي تقول إن النظام البنكي سيواجه حالة أخرى جديدة من الجيشان بعد أن أظهرت الأرقام الصادرة من البنك المركزي الأوروبي وجود قوة غير متوقعة في الطلب على أموال البنك المركزي الأوروبي يوم الإثنين.
ذكر المحللون أن الافتقار إلى السيولة كان مَرَدُّه إلى العطلة في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، وأشاروا إلى أن مبالغ مماثلة، وأكثر منها، تم اقتراضها في عدة مناسبات هذا العام.
حدث تغير بسيط في الفروق بين عوائد السندات الحكومية وسندات الشركات في كل من الولايات المتحدة وأوروبا. ارتفع مؤشر "آي تراكس" بمقدار نقطة أساس واحدة ليصل إلى 475 نقطة أساس، في حين أن مؤشر "سي دي إكس نورث أمريكا" بقي على حاله عند 109 نقاط أساس.