التضخم يخيف الأسواق المالية ويعرضها لهبوط قاس
التضخم يخيف الأسواق المالية ويعرضها لهبوط قاس
عاد شبح المخاوف من التضخم ليقض مضجع الأسواق المالية من جديد يوم الثلاثاء في الوقت الذي وصل فيه سعر النفط إلى مستوى قياسي جديد وهضم فيه المستثمرون البيانات القوية حول أسعار المنتجين في ألمانيا والولايات المتحدة والتعليقات الصادرة عن نائب رئيس مجلس البنك المركزي الأمريكي.
تعرضت أسواق الأسهم في الولايات المتحدة وأوروبا لهبوط قاس وحاد، مما ساعد على دفع أسعار السندات الحكومية إلى الأعلى، في حين أن الدولار قارب أدنى مستوى له منذ ثلاثة أسابيع في مقابل اليورو. ووصل سعر النفط القياسي في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي جديد قريب للغاية من 130 دولاراً للبرميل.
ارتفع مؤشر الأسعار الإنتاجية الأساسية، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية المتقلبة وأسعار الطاقة، بمقدار 0.4 في المائة في الشهر الماضي، وهو ضعف الرقم الذي كان متوقعاً، بالنسبة للفترة نفسها عند قياسها من سنة لسنة والبالغة 3 في المائة، وهي أكبر زيادة منذ كانون الأول (ديسمبر) 1991.
قال زاك باندل، الاقتصادي لدى بنك ليمان براذرز: "في حين أن قراءات أسعار المواد الاستهلاكية الأخيرة كانت حميدة، إلا أن التقارير حول مؤشر أسعار المنتجين تبين بوضوح أن الضغوط التضخمية لم تتراجع تماماً بعد".
يوم الثلاثاء قال دونالد كون، نائب رئيس مجلس البنك المركزي الأمريكي، إن السياسة النقدية للولايات المتحدة يبدو عليها أنه قد "تمت معايرتها على نحو ملائم لتعزيز أرقام التوظيف المتزايدة وتخفيف التضخم على المدى المتوسط"، رغم أنه أضاف أن "قدراً كبيراً من اللبس" يحيط بهذا الحكم.
كذلك قال كون أنه يعتقد أن أسعار السلع ستتوازن وتتراجع قليلاً، مما يساعد على تخفيف الضغوط التضخمية.
ولكن جون كيمب من سيمبرا ميتالز أشار إلى أن "كون يحمل هذا الرأي منذ أن بلغت أسعار النفط مستوى 100 دولار إلى 105 دولارات، ومع ذلك استمرت السوق في الصعود.
"تعتقد السوق أن أسعار النفط الخام تسير في منحنى صعودي لا سبيل لإيقافه طالما ظلت البنوك المركزية الغربية متخوفة من آفاق النمو وظلت محتفظة بموقف مُسايِر".
من جانب آخر، ارتفع مؤشر التضخم الكلي في ألمانيا في شهر نيسان (أبريل) بمعدل فاق التوقعات وهو 1.1 في المائة، وكان أعلى بنسبة 5.2 في المائة على مدى العام، وهو أعلى مستوى له منذ شهر آب (أغسطس) 2006.
عززت الأرقام من النظرة القائلة إن البنك المركزي الأوروبي سيبقي أسعار الفائدة مجمدة على حالها وساعدت على دفع اليورو إلى الأعلى.
تمكن المستثمرون من تجاوز الضعف غير المتوقع في استبيان ماي زو حول ثقة المستهلكين الألمان.
قالت جنيفر ماكيون من كابيتال إيكونوميكس: "إن الحقيقة القائلة إن المشاعر العامة تظل إلى هذا الحد من الضعف هي مبعث قلق للمحللين".
"على أقل تقدير فإنها تُظهِر أن مستثمري الأسواق المالية مقتنعون بأن البيئة العالمية المضطربة ستفرض قريباً آثارها على الاقتصاد الألماني، الذي أثبت حتى الآن أنه يتمتع بصلابة ومتانة أثارت الأمل في النفوس".
بالنسبة لأسواق العملات، أشعلت أسعار النفط القوية ضعفاً عاماً في الدولار، رغم أن خسائره كانت محدودة بفعل الأرقام النشطة لمؤشر أسعار المنتجين. هبط الدولار بنسبة 1 في المائة في مقابل الجنيه الاسترليني و 1.4 في المائة في مقابل الفرنك السويسري.
مُنِيت أسواق الأسهم في الولايات المتحدة وأوروبا بخسائر حادة، بعد يوم واحد فقط من الإقفال عند أعلى مستوياتها منذ أوائل كانون الثاني (يناير). وبحلول منتصف اليوم في نيويورك انخفض مؤشر داو جونز للشركات الصناعية بمقدار 1.3 في المائة، وهبط مؤشر ستاندارد آند بورز بنسبة 0.7 في المائة، حيث كانت أسهم شركات التجزئة من بين أكثر الأسهم تعرضاً للخسارة.
في أوروبا خسر مؤشر فاينانشال تايمز يورو فيرست 300 لعموم أوروبا 2 في المائة من قيمته، وهوى مؤشر فاينانشال تايمز 100 في لندن بنسبة 2.9 في المائة.
كذلك كان يوم الثلاثاء يوماً سيئاً بالنسبة للأسهم الآسيوية، حيث توقفت فجأة بعد حركة قوية ظلت مندفعة مدة ستة أيام. في طوكيو هبط مؤشر "نيكاي 225" بمقدار 0.8 في المائة، وخسرت تايبيه 2.4 في المائة.
هبطت شنغهاي 4.5 في المائة وهونج كونج بنسبة 2 في المائة إلى الأدنى وسط بروز مخاوف حول الآثار المترتبة على الزلزال الذي ضرب الصين في الأسبوع الماضي.
ساعدت البيانات الأمريكية والألمانية على دفع الفروق بين العوائد على سندات الخزانة وسندات الشركات إلى التوسع في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، حيث تراجع مؤشر آي تراكس، وهو مؤشر يتابعه المحللون عن كثب نظراً لقياسه الدقيق لمستوى الائتمان، تراجع عن مستوى 400 نقطة أساس.
عمل الوضع الضعيف للأسهم على دفع أسعار السندات الحكومية إلى الأعلى، على الرغم من اندفاع المخاوف من التضخم إلى الأعلى بقوة. هبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لآجل عشر سنوات بمقدار نقطتي أساس ليصل إلى 3.81 في المائة، في حين أن العائد على السندات لأجل سنتين هبط بمقدار سبع نقاط أساس ليصل إلى 2.34 في المائة. وفي أوروبا هبط العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات بمقدار نقطتي أساس ليصل إلى 4.19 في المائة.
هبط العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل عشر سنوات بمقدار أربع نقاط أساس ليصل إلى 1.63 في المائة. وأبقى البنك المركزي الياباني أسعار الفائدة على حالها بالأمس، وبدا على ماساكي شيراكاوا، محافظ البنك، أنه يؤكد توقعات السوق بأن البنك سيظل على وضعه المتشدد خلال الأشهر المقبلة.
في السلع، حقق خام غرب تكساس المتوسط مستوى قياسياً جديداً، حيث وصل سعره إلى 129.58 دولاراً للبرميل، في حين وصل الذهب إلى أعلى مستوى له منذ شهر تقريباً.