مصرفيون: أزمة الرهن العقاري تتراجع بـ "التوريق الإسلامي" الخليجي

مصرفيون: أزمة الرهن العقاري تتراجع بـ "التوريق الإسلامي" الخليجي

أكدت مصادر مصرفية أن أزمة الرهن العقاري العالمي قلّصت رغبة الخليجيين في التوريق، ما أدى إلى تأخير تطوير السوق التي يقدر حجمها بـ 250 مليار دولار كان يمكنها أن تحرك صناعة التمويل الإسلامي.
وفي السياق ذاته، أكدت لـ "الاقتصادية" وكالة فيتش رايتنجز أن المصارف الإسلامية عملت على حماية النظام المصرفي الخليجي من الانزلاق في تبعات أزمة الانكماش الائتماني التي يشهدها العالم حاليا. وتداول مسؤولو الحكومات ووكالات التصنيف، فيما بينهم خلال فترة قريبة توقعات بانتعاش وشيك في التوريق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أثر تلقي شحنة تسريع عالية من الارتفاع الكبير في أسعار العقارات، إلى جانب سن قوانين الرهن الجديدة، وتزايد أعداد السكان بوتيرة سريعة.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

أكدت مصادر مصرفية أن أزمة الرهن العقاري العالمي قلّصت رغبة الخليجيين في التوريق، ما أدى إلى تأخير تطوير السوق التي يقدر حجمها بـ 250 مليار دولار كان يمكنها أن تحرك صناعة التمويل الإسلامي.
وفي السياق ذاته، أكدت لـ "لاقتصادية" وكالة فيتش رايتنجز أن المصارف الإسلامية عملت على حماية النظام المصرفي الخليجي من الانزلاق في تبعات أزمة الانكماش الائتماني التي يشهدها العالم حاليا.
وتداول مسؤولو الحكومات، ووكالات التصنيف، فيما بينهم خلال فترة قريبة توقعات بانتعاش وشيك في التوريق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أثر تلقي شحنة تسريع عالية من الارتفاع الكبير في أسعار العقارات، إلى جانب سن قوانين الرهن الجديدة، وتزايد أعداد السكان بوتيرة سريعة.
وكان من المنتظر أن تكون صناعة التمويل الإسلامي التي تفضل الاستثمارات المدعومة بالموجودات الملموسة، هي المستفيد الرئيسي من التوريق، كما أن شركات الرهن والبنوك في الخليج تدافعت في العام الماضي لإعلان مبيعات سندات مدعومة بالموجودات.
غير أن سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري الأمريكي انفجرت من الداخل، مما أرغم البنوك في جميع أرجاء العالم على تخفيضات قيم موجودات أوصلت حجم الخسائر إلى 80 مليار دولار، على الأقل، كما أجبرت المقترضين على التخلي عن خطط بيع السندات.

الوقاية الإسلامية
وعلى الرغم من أن البنوك الإسلامية لا تشكل إلا نسبة صغيرة ضمن الأنظمة البنكية الخليجية إلا أن فيليب سميث, مدير أول بفيتش, قال " هناك قدر من الصحة للمقولة التي تشير إلى أن المصارف الإسلامية عملت على وقاية النظام المصرفي الخليجي من أزمة الرهن العقاري" ويتابع في مقابلته الهاتفية من مقر إقامته في لندن " لأنه من الواضح أن البنوك الإسلامية لا يحل لها الاستثمار في أوراق مالية تعطي العوائد لصاحبها عن طريق الربا".
وعن النظام المصرفي السعودي، تقول فيتش "لا يزال النظام البنكي يتمتع بالقوة، وهو انعكاس للتقييمات المعتادة التي تعطى للبنوك السعودية كل على حدة. وتواصل البنوك الإبلاغ عن نتائج قوية، مستفيدة بذلك من الانتعاش الاقتصادي الحالي، كما أن البنوك بشكل عام تدار بصورة جيدة، وتتمتع بنوعية موجودات جيدة ورسملة قوية، وقواعد مستقرة من ودائع العملاء".
وتواصل الوكالة في تصريحها الخاص لـ "الاقتصادية" "ولا تزال الإيرادات التشغيلية في وضع طيب، رغم أن البنوك شهدت انخفاضاً في الإيرادات المتحصلة من النشاطات المرتبطة بسوق الأسهم".

شكوك المستثمرين
وأصبحت السندات المدعومة بالرهن تخضع لمتابعة ومراقبة مكثفة. وقال أشرف بسيسو، رئيس اتحاد التأمين البحريني الذي يضم 39 شركة تأمين، وإعادة تامين "إننا نتعامل مع مستثمرين أشد شكاً". وأبلغ قمة "رويترز" للتمويل الإسلامي المنعقدة في المنامة قوله "يعود الناس ثانية إلى لوح الرسم لكي يتأكدوا من أن هيكل التوريق أكثر استساغة، وأعلى قابلية للبيع".

الطلب على المساكن
وكانت عمليات التوريق في الدول العربية في بداية انطلاقها حين حدثت أزمة الرهن العقاري، وقد تم بيع أوراق مالية بقيمة بلغت نحو 2.5 مليار دولار، حيث كانت مدعومة بالرهن وغيره من الأوراق المالية المدعمة بالموجودات حتى شهر تموز (يوليو)، حسب تقديرات مركز دبي للتمويل الدولي.
وكان من ضمن ذلك المبلغ بيع سندات بقيمة 350 مليون دولار في عام 2005 من جانب شركة الإمارات الوطنية للتوريق من خلال صفقة برعاية الحكومة كان المقصود منها تحريك البدء في المبيعات. وكان هنالك اعتقاد قوي للغاية بأن المنطقة بحاجة إلى تطوير سوق للقروض المدعومة بالموجودات.
وتتيح عمليات التوريق للمستثمرين شراء سندات مربوطة بصورة مباشرة بالرهن، وكذلك الحصول على قروض لشراء السيارات، أو أي موجودات أخرى مولدة للدخل. ولا تدخل هذه القروض ضمن ميزانيات البنوك، مما يمنحها حرية إقراض المزيد من الأموال، وتحريك عجلة النمو في أسواق الرهن التي تساعد بدورها في تلبية الطلب على المساكن.

ائتمان منخفض
معلوم أن أعلى نسبة للنمو الائتماني الخاص توجد في قطر، حيث وصلت إلى 51 في المائة في السنة المنتهية في شهر كانون الأول (ديسمبر)، رغم أنها تباطأت عن أعلى معدلات الذروة السابقة، حيث إن هناك نسب نموٍّ مماثلة في جميع دول الخليج الأخرى، باستثناء السعودية، التي لم تتجاوز نسبة نمو الإقراض فيها 21 في المائة في السنة المنتهية بشهر كانون الأول (ديسمبر). وترى فيتش أن مستوى الائتمان مقارنة بنسبة نموه إلى الناتج المحلي الإجمالي في السعودية بلغت 40.8 في المائة.
وتخطط السعودية التي تعتبر أكبر اقتصاد عربي لإصدار قانون للرهن العقاري للمساعدة في تمويل سوق للمساكن الجديدة، حيث تقدر شركة "تمويل" للرهن في أبو ظبي الحاجة السنوية 200 ألف وحدة سكنية.
وكانت سندات شركة "الإمارات الوطنية للتوريق" مدعومة بوديعة نقدية يمكن أن يعود إليها المستثمرون في حالة العجز عن سداد قروض المنازل التي مولوها. وعمل ذلك على إطلاق زناد سباق أول توريق "حقيقي" في الخليج.
وكان من المنتظر أن تبلغ قيمة سوق التوريق 250 مليار دولار بحلول عام 2010 كما صرح بذلك ناصر الصعيدي كبير الاقتصاديين في مركز دبي الدولي للتمويل في تموز (يوليو). وقال المسؤولون المعنيون إن هذا الاحتمال مازال قائماً، ولكن من المرجح أن تأخذ العملية فترة أطول.
ومنذ توقعات الصعيدي في تموز (يوليو)، فإن شركة أملاك التمويلية في دبي قالت إنها تؤخر خططها لبيع سندات مدعومة بالرهن بسبب أزمة الائتمان.
وقامت تمويل ببيع سندات مدعومة بالموجودات في تموز (يوليو)، ولكنها قالت الاثنين الماضي إنها ليست لديها أي خطط فورية لعملية بيع أخرى.
وعلى النقيض من البنوك، فإن شركات الرهن لا تقبل الودائع، كما أنها تتعرض لضغوط أشد لتحرير الأموال النقدية من أجل الإقراض.

توريق العام المقبل
وقال فراس كلثوم، رئيس إدارة الاستثمارات في شركة تمويل، أمام القمة التي عقدت في دبي "سوف يكون من الأمور المقلقة عدم قدرتنا على طرق أبواب سوق التوريق قبل الربع الأول من عام 2009".
وترى "رويترز" أن حداثة عهد سوق التوريق في الشرق الأوسط تجعل التطوير عملية أصعب في أوقات تجنب المخاطر. وقال دونكان سميث، رئيس النشاط المصرفي العربي للخدمات الإسلامية في المؤسسة المصرفية العربية في البحرين "هنالك سندات إسلامية خليجية قليلة تتمتع بالتصنيف الائتماني. كما أن أعداداً أقل منها مازالت مقسمة إلى شرائح تتيح لوكالات التصنيف تقييم مخاطر أنواع محددة من الموجودات بصورة أدق".
ويرى أن التراجع الناجم عن أزمة الرهن العقاري نكسة مؤقتة، في الوقت الذي أظهر استطلاع أجرته "رويترز" الأسبوع الماضي لآراء المحللين أن معظمهم يعتقدون أن عمليات التوريق سوف تكون أهم منتج للبنوك الإسلامية، مما يتوافق مع قانون إسلامي شامل حول الديون التجارية، والإقراض بفائدة.
يذكر أن فيتش تضع النظام البنكي الخليجي ضمن مصاف الأنظمة البنكية للدول المتقدمة الأمر الذي يجعلها متميزة بين الأسواق الناشئة، التي تتسم أنظمتها البنكية في العادة بقدر من الضعف. وتقول فيتش "تشتمل نقاط القوة في الأنظمة البنكية الخليجية ما يلي: كفاءة ومتانة الإشراف، والربحية الطيبة، وسلامة ومتانة الموجودات والرسملة، وقاعدة ودائع تتألف إلى حد كبير من عملاء التجزئة. ولكن النمو السريع في عمليات الإقراض يمكن أن يؤدي إلى مشاكل مستقبلية في الموجودات حين تصل قيود القروض إلى مرحلة النضج".

الأكثر قراءة