"الفاو": أسعار الغذاء ارتفعت 45% خلال 9 أشهر
يرى خبراء دوليون أن الارتفاع الحاد في أسعار الأغذية الأساسية والمحروقات يفضي إلى صدامات يسقط فيها قتلى في الدول الفقيرة، ويرجح أن يتواصل لفترة لا بأس بها من الزمن.
وأعلن جاك ضيوف المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة أن مشكلة ارتفاع أسعار الأغذية هي مشكلة "خطيرة في جميع أنحاء العالم، ومرد ذلك إلى قفزة خطيرة في الأسعار. وقد شهدنا اضطرابات في مصر والكاميرون وهايتي وبوركينا فاسو." ومضى قائلا: "هناك خطر بأن تنتشر هذه الاضطرابات إلى البلدان، حيث تمتص الأغذية نسبة 50 إلى 60 في المائة من المداخيل."
وتعزو منظمة الأغذية والزراعة ارتفاع أسعار الغذاء إلى مجموعة من العوامل من بينها انخفاض الإنتاج بسبب التغير المناخي، إلى مستويات متدنية لا مثيل لها ومشكلة ارتفاع الأساس من مخزون الغذاء، وارتفاع استهلاك اللحوم والألبان في الدول ذات الاقتصادات الناشئة، وزيادة طلب إنتاج الوقود الإحيائية، والجفاف، والتكلفة الأعلى للطاقة والنقل.
وقال ضيوف في مؤتمر رئيس في نيودلهي إن أسعار الأغذية العالمية زادت بنسبة 45 في المائة خلال الأشهر التسعة الماضية وإن ثمّة نقصا حادّا في كميات الأرّز والحنطة والذرة الصفراء. وأفادت المنظمة كذلك بوقوع أعمال شغب أهلية في كل من إندونيسيا وساحل العاج وموريتانيا وموزامبيق وبوليفيا والسنغال وأوزبكستان كان مردها غلاء أسعار الغذاء.
أما البنك الدولي في واشنطن، فيقدّر بأن 33 دولة تواجه تململا اجتماعيا بسبب القفزة في أسعار الغذاء والطاقة.
وقال رئيس البنك الدولي روبرت زاليك في خطاب أخير: "يجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان ودول أخرى أعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن تعمل في الحال لسدّ الفجوة، وإلا فإن عددا أكبر من الناس سيكابدون وسيموتون جوعا." وتابع القول: "سياسات الأغذية يجب أن تستأثر باهتمام أعلى المستويات السياسية لأنه لا يوجد بلد بمفرده أو مجموعة بلدان وحدها تقوى على التصدي لهذه التحديات المترابطة بعضها ببعض ."
ولا تزال الولايات المتحدة أكبر مساهم بالمعونة الغذائية العالمية. وتدير وكالة التنمية الدولية التابعة للحكومة الأميركية، مثلا، برنامج الغذاء للسلام الذي مضى على إنشائه 54 عاما، وذلك لتوفير مساعدات غذاء إنسانية للدول النامية. وفي ميزانية السنة المالية 2008 خصصت الولايات المتحدة ما يزيد على 1.4 مليار دولار لبرامج مساعدات الغذاء، واستضافت وزارة الزراعة الأميركية ووكالة التنمية المؤتمر الدولي السنوي لمعونات الغذاء في كنساس سيتي، في ولاية ميزوري، في فترة خلال الأسبوع الجاري، لمعالجة قضايا النقص الأكثر إلحاحا في الغذاء التي بدأت تبرز في الأسابيع الأخيرة في العالم.
وقد طلب الرئيس بوش من الكونجرس اعتماد مبلغ 350 مليون دولار إضافي لتلبية المساعدات لإقليم دارفور وغيره من مناطق محتاجة.
وفي حالة الاضطرابات الأخيرة في هايتي، شرع جنود حفظ السلام هناك بإزالة المتاريس التي طوقّت القصر الرئاسي يوم 10 الجاري، وذلك بعد أن عاد الهدوء ليخيم على العاصمة بورتو برينس وشرع بتنظيف الشوارع من الركام بعد ثلاثة أيام من أعمال العنف والنهب، وكلها نبعت من أسعار الغذاء المرتفعة. وقد نهب المتظاهرون مستودعات حكومية ورجموا المحال بالحجارة. وقال مسؤولون أمميون إن أسعار المواد الغذائية الأساسية في هايتي مثل الأرز والفول والفاكهة والحليب المجفف، زادت بواقع 50 في المائة خلال العام الماضي في حين تضاعفت أسعار المعكرونة. وقد حثّ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بلدان العالم على توفير معونات طارئة.
كما ناشد برنامج الغذاء العالمي الأسرة الدولية كي تقدم أموالا طارئة دعما لعمليات البرنامج بهايتي. وقالت جوزيت شيران المديرة التنفيذية للبرنامج: "إن أعمال الشغب بهايتي تؤكّد الحاجة الإضافية إلى مساعدات حيوية وحاسمة. ونحن بحاجة إلى أن نتكاتف مع شعب هايتي وغيرها من البلدان التي أثر فيها غلاء أسعار الغذاء أكثر من غيرها."
وفي الشهر الماضي أطلق برنامج الغذاء العالمي نداء لتوفير 500 مليون دولار إضافي استجابة للزيادات العالمية الهائلة في أسعار الغذاء والوقود التي قفزت بنسبة 55 في المائة منذ حزيران (يونيو) 2007. ويقول البرنامج إنه تلقّى نسبة 13 في المائة فقط، أي 12.4 مليون دولار، من أصل مبلغ الـ96 مليونا الضروري لمساعدة 1.7 مليون نسمة بهايتي.
وقالت شيران: "ما تشهده هايتي هو ما نشاهده في كثير من عملياتنا في العالم، ارتفاع الأسعار الذي تترتب عليه كميات غذاء أقلّ للجياع. وقد بدأ يلوح وجه جديد للجوع. فحتى حينما يكون الغذاء متوافراً على رفوف المحال تظل هناك أعداد أكثر وأكثر ممن لا يقدرون على تحمّل أثمانه."
وفي مصر منحت الحكومة دفعات إضافية إلى العمال بعد أعمال شغب دامت يومين بسبب ارتفاع أسعار الأغذية وتقلّص الرواتب. وقال جون هولمز مدير عمليات الأمم المتحدة الإنسانية: "إن التداعيات الأمنية يجب ألا يقلّل من شأنها مع الإبلاغ عن اضطرابات غذائية حول العالم."
إلى ذلك، ذكر تقرير للبنك الدولي أن أسعار القمح العالمية زادت بمعدل 181 في المائة على مدى الأشهر الـ36 التي سبقت شباط (فبراير) من هذا العام، فيما ارتفعت أسعار الغذاء العالمية بنسبة 83 في المائة مقارنة بما كان عليه الحال قبل عام من الزمن.
ثم خلص تقرير البنك الدولي إلى القول: "يتوقع أن تبقى أسعار المحاصيل الغذائية مرتفعة في عام 2008، وفي عام 2009 لتبدأ بعدها في الانحدار، لكن يتوقع أن تظل أعلى بكثير من مثيلاتها في عام 2004، وحتى عام 2015، بالنسبة لغالبية المحاصيل الغذائية."