نقل المعرفة: استخدام النماذج لتمرير أفضل الممارسات مبدئياً

نقل المعرفة: استخدام النماذج لتمرير أفضل الممارسات مبدئياً

مع تطلع الشركات للتوسع إلى الخارج، من خلال الامتيازات، أو إسناد المهام إلى جهات خارجية، أو إقامة مصانع ومكاتب في أماكن أخرى، فإنها تنقل أفضل الممارسات للمحافظة على قدرتها التنافسية. ولكن ما أفضل طريقة للقيام بذلك؟ وكيف ينبغي عليها تكييف تلك الممارسات التشغيلية للظروف المحلية؟
ووفقاً لدراسات أجراها جبراييل زولانسكي، أستاذ الاستراتيجية في إنسياد، بالتعاون مع سيدني ونتر من جامعة بنسلفانيا وروبرت جنسين من جامعة بريجهام يونج، فإن على الشركات تحديد وتثبيت أمثلة فعلية أثبتت أنها تسفر عن نتائج.
ويقول المؤلفون إنه يجب تقليد " قوالب" أو معايير أفضل الممارسات بالحد الأدنى من التعديلات أو التغييرات إن وجد، على الأقل في المرحلة الأولية من عملية نقل المعرفة.
ويبين زولانسكي إن الشركات " لا تعلم ما تفعله حقاً " وهي " تدرك ذلك عندما تحاول نقل ممارساتها."
ويضيف: " إنها ستبدأ في العادة فقط بتقليد الأشياء التي تعتقد أنها مهمة، لتكتشف فيما بعد بأنها تركت الأشياء المهمة وكذلك قلدت الأشياء التي ليست غير ضرورية فقط، وإنما تكون هزلية في بعض الأحيان." ويقول إن السبب في ذلك هو أنه قد يكون هناك قدر معين من الغموض حول العوامل الدافعة في الواقع لنجاح ممارسة معينة. ويضيف: " إن إحدى الطرق لكي تكون قادراً بالفعل على الحصول على الأداء في التقليد هي من خلال تقليد الأصل بالضبط ومن ثم العودة إلى الأصل ومقارنته مع ما قمت به."

استخدام القوالب لإنتاج نتائج " مذهلة"

ويقول زولانسكي: " وهكذا، إذا لم يكن لديك نموذج ونعني به مثالا عمليا، فإن الحصول على النتائج التي تريدها يكون حينها أكثر صعوبة.". ويمكن للنتائج التي تتمكن من الحصول عليها أن تكون مذهلة. ويضيف: " في الكثير من الحالات، فإن الفرق في الأداء بين أقسام المنظمة نفسها لا يصدق. ونحن نتحدث عما معدله 200 في المائة من الفرق بين الحالة الجيدة وأفضل ممارسة والممارسة غير الجيدة. وفي بعض الحالات، شهدت فروقاً تصل إلى عشرة أضعاف!" ويضيف أن زيادة الفعالية في الوقت الحالي قد تكون نحو 30 - 50 في المائة، ولكن ذلك لا يزال مؤثراً.
وفي ورقة عمل تسمى " استخدام النموذج وفعالية نقل المعرفة" يبحث زولانسكي وجينسين في جهود شركة زيروكس أوروبا Xerox Europe لنقل الممارسات داخل الشركة خلال فترة استمرت على مدى ثماني سنوات.
وقد كانت " الموجات" الأولى والثالثة من النقل ناجحة، في حين فشلت الجولة الثانية، حتى على الرغم من أن الموجات الثلاث جميعها حصلت على دعم متساو من الإدارة العليا. وعلى ما يبدو، فإن التعقيد لم يكن يشكل مشكلة كذلك. ويقول زولانسكي" كان الأمر مذهلاً بالنسبة لنا. والسبب الرئيس ( وراء فشل الجولة الثانية) هو عدم وجود نموذج لها، وهذا يعني، أنها لم يكن لديها مثال ناجح على الممارسة التي تريد تكرارها"، ما زاد من صعوبة توجيه الموظفين في بلدان أخرى، وإظهار ما يجب فعله في العمليات الجديدة.
ويؤكد زولانسكي أن الناس قد يعملون كذلك على اصطناع المصلحة لمسايرة مشروع الإدارة المحبوب الذي يرى كما لو أنه " نكهة الشهرة"، وخصوصاً إذا كانت الشركة "في حالة من عدم اليقين فيما يجب القيام به" في ذلك الوقت. وبالتالي، فإنها يمكن أن تصطنع الحماس والتنفيذ حتى يتحول اهتمام الإدارة إلى المبادرة التالية وتتوقف عن الاهتمام بهذا المشروع بالذات."
ولتجنب تكرار الممارسات السيئة التي تعد بالنجاح إلا أنها تفشل التي قد تكون ناجحة لفترة قصيرة، ولكن من خلال الحظ الجيد لا من خلال الأساسيات، ينبغي على الشركات أن تهدف إلى إثبات أفضل الممارسات، والتأكد من نقلها حرفياً، على الأقل في المرحلة الأولى من النقل.
بعض التعديلات قد تكون ضرورية، ولكن لا تقم بها مسبقاً

يذكر زولانسكي: " نحن نعتقد أننا في النهاية بحاجة إلى القيام ببعض التعديلات، لأن كل بيئة تختلف عن غيرها. ولكن ما نعتقده هو أن القيام بذلك مسبقاً لا يتسم بالذكاء، لأن عليك فهم الممارسات في سياق جديد. لذا فإنهم يأخذونها إلى مكان آخر، ويجدون أن التفاعل بات معقداً ولن تنجح تلك التعديلات."
فعلى سبيل المثال، من المحتمل أن تفشل شركة أمريكية تسعى إلى نقل المهام التشغيلية إلى الصين إذا حاولت تعديل ممارساتها مسبقاً، وعلى الأخص إذا كانت "ستفهم الصين بشكل خاطئ". وهكذا، فعندما تحاول جلب الممارسة على الصين، فإنها ستجري تعديلات وعندما لا تجري الأمور بالشكل الصحيح، فإنها لا يمكنها إلا مقارنتها مع المثال الأصلي، ولكنهم لن يكونوا متأكدين إذا كانت التغييرات صحيحة أو (إذا ما جرى) التطبيق بشكل خاطئ. " ولذا، فإننا ننصح بألا تقوم بتقليد الأصل بالضبط ومن ثم رؤية ما هو منطقي، وما هو غير منطقي وإجراء التعديلات وفقاً لذلك."
ويشير زولانسكي إلى أن مقاهي ستاربكس، مثال جيد آخر على ذلك. فعندما تم إنشاء ستاربكس في سياتل، قامت فقط بنقل تفاصيل مثل موسيقى الأوبرا، وأماكن الوقوف عن نموذج إيطالي. ولم يكن بإمكانك الحصول على قهوة دون الحليب الخالي من القشدة. ويقول: " لذا قامت في البداية بنقل كل شيء، ولكن عندما نظروا بتدقيق إلى ما هو غير منطقي فعلاً في البيئة الأمريكية، شرعوا بإجراء التعديلات. لذا فإننا ننصح بالقيام بعملية مشابهة. عليك أن تجري التعديلات، ولكننا ننصح بأن عليك أولاً أن تأخذ كل شيء، وأن تقلد الأصل، وأن ترى كيف يعمل في البيئة الجديدة وبعد ذلك يمكنك إجراء التعديلات."
ويوضح أن الأمر نفسه يجري على إسناد المهام إلى جهات خارجية. حيث كانت شركة تويوتا، على سبيل المثال، ناجحة في تدريب مزوديها على تلبية معاييرها لقطع غيار معينة، حتى تتمكن من المحافظة على ضبط الجودة وقدرتها التنافسية.
ولدى بناء مصانع أشباه الموصلات في أماكن أخرى، ستقوم شركة إنتل بتقليد تصميم المصنع الأصلي، حتى على الرغم من أن هذا يمكن أن يكون قد تم تطبيقه إلى درجة شديدة.
ويضيف زولانسكي: " قاموا بتقليد كل شيء في المصنع الجديد ، بما في ذلك الباب حتى إن لم يكن مؤدياً إلى أي مكان ( أما في التصميم الأصلي، فإن الباب كان يؤدي إلى مبنى آخر). ويجادل زولانسكي إنه بينما قد يبدو ذلك متطرفاً إلى درجة كبيرة، من الصعب الجدل في النتيجة".
اعرف ما الذي تفعله، قبل إجراء التعديل
يقول زولانسكي إن على الشركات أن تنقل أفضل ممارساتها، وأن تتأكد أنها قامت بذلك حرفياً، في البداية. ويضيف: " إن الشركة غير مضطرة إلى أن تظل على هذه الحال، لأن التعلم مهم. وما نقوله هو أنك قبل أن تقوم بالتفصيل، والتغيير، والتعديل، عليك أن تعرف ما الذي تقوم به، ومن ثم الحصول على شهادات لإجراء التغييرات."
وهكذا، إذا كانت الشركة تتطلع إلى الاستفادة من المعرفة التي تمتلكها بالفعل، بدلاً من إنشاء واحدة جديدة، فإنها بحاجة إلى مثال عملي لفعل ما تريد نقله، على الأقل مثال تجريبي. ويقول: " ما إن يكون لديك نموذج، فإننا ننصح بأن تقوم بنقل ذلك النموذج بالضبط للبدء به، وما إن تكون لديك تجربة بالموقع الجديد، فإنك تبدأ في التعديل، بحيث تتاح لك الفرصة لمقارنة الأصل بالتقليد حتى إذا ما جرى شيء ما بصورة خاطئة يكون تشخيصه أسهل بكثير".
ويستشهد زولانسكي بمثال لشركة كيماويات ألمانية، قامت في الآونة الأخيرة بفتح مصنع جديد في تايلند. وعلى الرغم من أنها قامت حرفياً بتقليد جميع عملياتها، الا أنها واجهت مشكلات غير متوقعة. ولكن لأن الشركة قلدت العمليات بالضبط، فإنها كانت قادرة على تحديد سبب المشكلات بسرعة، وهي اختلاف نوعية المياه في تايلاند مقارنة مع نوعية المياه في ألمانيا. ويقول: " إن لم يقلدوا ( العمليات) بالضبط، فإن تحديد السبب الرئيس للمشكلة واستبعاد التفسيرات البديلة كان سيستغرق وقتاً أطول بكثير".
ويضيف: "إن امتلاك نموذج في المقام الأول هو أمر جوهري. ولكنه أيضاً طريقة إقناع قوية جداً، لأن الناس يقولون إنه لا يمكن القيام به، وأنت تقول: نعم يمكن، دعوني أريكم، وهذا هو جوهر قوة إقناع النموذج".

الأكثر قراءة