الاستشارات المالية كفيلة بوضع السيولة السعودية في دائرة العمل الصحيحة
أكد لـ"الاقتصادية" خبير دولي في الاستشارات الاستراتيجية والمالية أن الرغبة في إحداث نقلة على صعيد الاستفادة من سوق الاستشارات العالمية وتطوير وجودها مرهون بمدى تقبل مجتمع المال والأعمال في السعودية لنشاط الاستشارات والاعتماد عليه في تنفيذ التوسعات والمشاريع والخطط الهائلة التي تعيشها البلاد، مشيرا إلى أن تنامي السيولة وبمعدلات عالية في المملكة ومنطقة الخليج عموما يستدعي الاستعانة بقطاع الاستشارات لدعم هذا التوجه.
وقدر كمال معمرية، وهو الشريك والعضو المنتدب لمجموعة بوسطن الاستشارية العالمية، حجم سوق الاستشارات والحلول التكنولوجية العالمي بنحو 16.6مليار دولار وفقا لآخر إحصاء دولي منها 5.1 مليار دولار للاستشارات، و11.5 مليار دولار للحلول والأنظمة والبرامج التكنولوجية، كما أن النمو في الطلب على هذه الاستشارات والحلول يتواصل بين 14 في المائة و20 في المائة خلال السنوات الثلاث المقبلة. وأوضح أن هناك أهمية كبيرة تعلقها المؤسسات والشركات على تطوير الأداء وزيادة الإنتاجية والربحية من خلال الاعتماد على الاستشارات التي تقدمها الشركات العاملة في هذا القطاع. وتناول اللقاء مع معمرية والذي يتحدث أربع لغات وعمل في أمريكا واليابان وأوروبا لسنوات طويلة عددا من الجوانب المهمة المتعلقة بعلاقة الشركات السعودية بسوق الاستشارات..وإليكم التفاصيل:
بم تقدرون حجم سوق الاستشارات في العالم ونسب نمو هذه الصناعة؟
حجم سوق الاستشارات والحلول التكنولوجية العالمي وصل إلى '' ''16,6مليار دولار وفقا لآخر إحصاء دولي منها 5,1 مليار دولار للاستشارات، و11,5 مليار دولار للحلول والأنظمة والبرامج التكنولوجية، كما أن النمو في الطلب على هذه الاستشارات والحلول يتواصل بين 14 في المائة و20 في المائة خلال السنوات الثلاث المقبلة، مما يدلل على الأهمية الكبيرة التي تعلقها المؤسسات والشركات على تطوير الأداء لزيادة الإنتاجية والربحية.
ما تقييمك لاستعانة الشركات السعودية بالاستشارات المتخصصة ؟
السعودية تشهد تطورا أكثر تجاه استخدام المؤسسات والشركات لأرقى البرمجيات والأنظمة والاستشارات المتقدمة، وهو ما يتيح لها الفرصة لتكون قائدة في مجال الأداء المؤسسي، وفيما يتعلق بسوق الاستشارات المتخصصة في السعودية فإنني أتوقع أن تواصل النمو بحيث تحقق خلال الأعوام الخمسة المقبلة زيادة في الطلب تراوح بين 14 و20 في المائة بهدف تعزيز الإنتاجية وتبسيط الإجراءات والارتقاء بالأداء وفي الوقت نفسه زيادة الربحية التي هي نتاج طبيعي لكل ما سبق في ظل اقتصاد معولم.
ولكن وللحقيقة علينا أن نقوم بتحرك أكبر إذ نحتاج إلى تعزيز ثقافة الاستعانة بشركات الاستشارات المتخصصة، إذ أنها من أنجح الوسائل التي اتبعها الغرب للربط بين الشركات الريادية والأجيال والأعمال الصغيرة، وأن يقتنعوا أن الفائدة الاقتصادية ستكون أعلى.
شاركتم في منتدى رأس المال الجري في الخليج والذي عقد في 10 آذار (مارس) الماضي في السعودية، كيف من وجهة نظركم يمكن تحفيز هذا التوجه؟
الخبرة الاقتصادية والتدريبية أهم من توافر المال، والحقيقة أن الحكومة عليها دور مهم لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة التي تقتحم مجالات عمل جديدة ومبتكرة، من خلال منحها حوافز ضريبية، وتعزيز برامج حماية الحقوق الفكرية ودعم ابتكاراتهم في الأسواق المحلية.
هل أسهمت التقنية والتواصل عبر الفضاء في التقليل من أدوار شركات الاستشارات ؟
حتى الآن لم تستطع التقنية خدمة الشركات الناشئة بطريقة صحيحة ولا تستطيع بناء علاقات عمل بين تلك الشركات المحلية والشركات العالمية العاملة في المجال نفسه، لذا أعتقد أن دور شركات الاستشارات لا يزال مهما وسيظل كذلك لسنوات أخرى مقبلة، فسوق الاستشارات يجلب الخبرات المتوافرة في العالم والتي تحدث فرقا في طبيعة السير بخطط العمل من خلال البدء من حيث انتهى الآخرون.
ولعلي هنا أجدها فرصة للتأكيد أنه وحتى الآن في أمريكا واليابان ودول أوروبية لا يزالون يستفيدون من الاستشارات العالمية ويستفيدون من العقليات الأجنبية.
ما تقييمك للبيئة التنافسية في السعودية؟
الواقع أن السعودية تقوم بخطوات جبارة في هذا الإطار إذ تسعى لتوفير الفرص وتطوير البنية التحتية اللازمة لذلك، ومتابعة الإجراءات والأنظمة التي تعزز من تنافسية الشركات محليا وخارجيا، وأستطيع القول إنه لتكون اقتصادا منافسا عليك أن تقتحم الأسواق وتغير منها.
ويمكنني القول إن هناك فرصة عظيمة أمام منطقة الخليج والسعودية في ظل عودة الأموال المهاجرة وظروف الأسواق العالمية الراهنة، وتوافر أيد عاملة شابة وضخمة للقيام بأدوار اقتصادية وتجارية عالمية أوسع.
هناك حملة غير مبررة توجه للصناديق السيادية لبعض الدول ومنه الخليجية في الدوائر الغربية ..هل لك تعليق؟
هناك نظريتان في هذا الموضوع الأولى أن الأموال الخليجية والصناديق السيادية تخدم توازن الاقتصاد العالمي، وهناك الكثير من المؤسسات الغربية ترحب بتك الأموال.
والنظرية الأخرى أن هناك انطباعا سلبيا وليس فعلا ضد هذه الأموال، وعلينا التحكم بهذا الانطباع عبر تقديم معلومات واضحة وشفافة عن توجهات تلك الصناديق وأهدافها التجارية البحتة.
ازدهرت في الفترة الأخيرة عمليات الاندماج والاستحواذ في المنطقة وكلك التحالفات الاستراتيجية .. لماذا؟ و ما الفوائد المتوقعة من ذلك؟
تنمو سوق الاندماجات والاستحواذ في السعودية بوتيرة أكثر سرعة تقترب من نحو 30 في المائة سنويا، خصوصا مع نمو الآثار المتوقعة لاندماج المملكة في الاقتصاد العالمي، وبروز الجيل الثالث من الشركات العائلية في السعودية البالغة نحو ثلاثة آلاف شركة.
ولكن يمكن أن يؤثر عدم اتباع الطرق المقننة عالميا لإجراء مثل تلك الأعمال من تعرض بعض تلك الاندماجات أو الاستحوذات للفشل، وهي ليست صفة محلية إذ أن الدراسات الدولية تشير إلى أن 80 في المائة من عمليات الاندماج تبوء بالفشل.
ومما لا شك فيه أن العالم يدخل القرن 21 في ظل نظام اقتصادي، أبرز سماته تفعيل الحرية الاقتصادية، وتدفق المعلومات، وإزالة العوائق أمام حركة التجارة السلعية والخدمية، والاستثمارات الخارجية، والاتجاه نحو إقامة التكتلات الاقتصادية الدولية، في ظل سوف تنافسية عالمية واسعة. وقد خلق هذا الواقع تحديات أمام دول العالم كافة، وخاصة النامية منها، فبدأت بانتهاج سياسات جديدة للتنمية الاقتصادية من خلال تطبيق تدابير شاملة لتعبئة الموارد الإنتاجية وتطويرها، وتعزيز كفاءة استخدامها والقيام بالإصلاحات الهيكلية، كترشيد الإنفاق، وتحرير الاقتصاد، واعتماد آليات السوق، وتدعيم هيكل الميزانيات الحكومية، وتحسين المؤسسية للاستثمار وإصلاح الإدارة الاقتصادية والنظم القانونية والتوجه نحو تخصيص المؤسسات العامة.
لذا تواجه القطاع الخاص في المنطقة تحديات، منها إعادة تأهيله وضرورة هيكلته، وكذلك ضرورة تشجيع عمليات الاندماج بين وحداته الاقتصادية، وتحويل مؤسساته من منشآت فردية إلى شركات مساهمة، لكي يستطيع قيادة عملية التنمية الاقتصادية في العالم العربي على المدى البعيد، باعتبار ذلك شرطاً أساسياً وضرورياً لخلق الظروف الملائمة للتنمية الاقتصادية العربية المستدامة.